الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنبياء ليسوا فوق النقد أو القانون

جهاد علاونه

2014 / 9 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما يثير دهشتي وغرابتي أكثر هو أن المسلمين لا يفهمون لا التوراة ولا الإنجيل وتكاد أن تكون 99% من بيوت المسلمين خالية تماما من التوراة ومن الإنجيل أو لنقل من العهد القديم ومن العهد الجديد , وبالأخص يجهلون قصص الأنبياء والرسل الواردة في العهد القديم, فمثلا التوراة بمفهومها العام تعتبر أن كل الناس تحت النقد وليسوا فوق النقد بما بهم الأنبياء أنفسهم, والانجيل يعتبر الجميع خطاة وجاء المسيح ليكفر عن الناس أخطائهم وليحمل عن المتعبين أحمالهم الثقيلة إلا القرآن الذي جاء ليدين العالم كله والناس كلهم, فالمسيحية تقول بأن المسيح جاء ليفدي العالم كله وجاء إلى المرضى قبل أن يجيء إلى الأصحاء , القرآن جاء ليدين كل إنسان وليكفر كل إنسان وليحمل كل إنسان أوزاره جميعها أما الإنجيل فجاء أو المسيح جاء ليحمل عنا جميعا, والمهم والأهم في الموضوع أن التوراة تعتبر الجميع تحت النقد إلا القرآن الذي جعل أناساً فوق في الأعالي, فوق التقاليد السائدة في تلك المجتمعات وفي تلك العصور, القرآن جاء ليدين وليقطع الرؤوس وليقتل الخطاة ولم يأت ليحمل عنهم أو ليساعدهم على تخطي الأزمات, وحتى الأنبياء في التوراة تحت النقد وتظهر أخطاءهم الكثيرة إلا القرآن نقل أو حاول أن ينقل قصص الأنبياء من التوراة وليرفع الأنبياء عاليا معتبرا أنهم منزهون جدا فوق النقد ولم يسمح القرآن لأحد بأن يجرح في قصص الأنبياء, وتعدى القرآن هذه الظاهرة حتى وصلت إلى الخلفاء الراشدين, فالخلفاء الراشدون في الثقافة الإسلامية فوق مستوى النقد ولا يمكن أو من غير المسموح به نقدهم أو تجريحهم واعتبارهم كلهم(عدول) وهذا هو الخطأ, فالتوراة كتاب نقدي جدا وديمقراطي يسمح بتناول قصص الأنبياء والرسل ونقدها نقدا علميا, وبغض النظر عن سرد القصص في التوراة فهي معروفة ومن بينها قصة النبي لوط الذي شرب الخمر...إلخ.

ففي التوراة لا يوجد أحد فوق مستوى النقد إلا القرآن جعل ثلة من الناس فوق مستوى النقد بما فيهم الصحابة الذين يعتبرونهم السنة أجلاء ما عدى الشيعة الذين ينتقدون الصحابة بالتجريح ومن غير التجريح, وهذا الشيء وضع الإسلامي السني في خانة التعصب والتشدد الديني, فالسنة متعصبون جدا بسبب تقديسهم الكبير للصحابة وللخلفاء الراشدين وللأنبياء علما أن كل هؤلاء كانوا يخطئون أكثر مما يصيبون في آرائهم وكان الأنبياء يتراجعون في كثير من الأمور عن بعض القرارات التي كانوا يتخذونها في حياتهم, لا يوجد أحد فوق مستوى النقد فالكل يخطئ ويصيب ونحن جميعنا بشر خطاءون بما فينا الأنبياء والرسل, والمسيح وحده في الديانة المسيحية من جاء من غياهب علم الله ليكفر عنا أخطاءنا شريطة أن نتقبل المسيح في حياتنا , ولذلك من النادر جدا أن نرى مسيحيين متعصبين ومتشددين في دينهم, ومن النادر أن نرى يهودا متعصبين ومتشددين في دينهم, وحين نقول من النادر فهذا لا ينفي صفة التشدد من الديانة المسيحية واليهودية فهنالك اعتراف ضمني من عندي بالتعصب ولكنه ليس بالمفهوم الشامل في القرآن وعند جماعة السنة والشيعة الإسلاميتين, فالتشدد في الديانة الاسلامية كبير جدا وهو قد أدى بالتالي في النهاية إلى المذابح وإلى المجازر في معظم الدول العربية, وقاد المنطقة إلى حافة الهاوية ونكد على الناس صفو حياتهم بالكامل.

فمثلا لا يمكن أن يقبل المجتمع الذي أعيش أنا به كلمة نقد واحدة بحق خالد بن الوليد وكأن خالد بن الوليد نبيا أو رسولا معصوما عن الخطأ, غير أن الأديان السماوية الأولى مثل اليهودية جعلت الجميع تحت النقد وليسوا فوقه بما فيهم الأنبياء والرسل والقديسين والصالحين, إلا المسلمين كانوا وما زالوا حتى ساعة إعداد هذه المقالة يقدسون الأنبياء والرسل والصحابة أي أصدقاء محمد , ولو سلمنا جدلا بنزاهة الأنبياء والرسل فما بال الصحابة !!!! إنهم ليسوا بأنبياء وقد يخطئون جدا جدا في سلوكياتهم وتصرفاتهم, وليس من الضروري تقديس كتاب(رياض الصالحين) وهو الكتاب الأكثر بيعا في الوطن العربي ويأتي بعده كتاب(تفسير الأحلام) ل(ابن سيرين), فهؤلاء مع صحيح مسلم ومع صحيح البخاري ليسوا فوق النقد.

إنه ما يعرف اليوم بمصطلح(فوق القانون وتحت القانون) فالإسلام مثلا جعل الصحابة فوق القانون والأنبياء فوق القانون, والتوراة جعلت الأنبياء والرسل والمؤمنين بهما تحت القانون, والإنجيل جعل الجميع خطاة والرب جاء ليخلص هؤلاء من أخطائهم ليكفر عنهم ويدخلهم الجنة شريطة أن يقبلوا المسيح في حياتهم, فنحن مثلا كبشر قد نقتل وقد نسرق وقد نزني وقد نظلم ولا يمكن أن نتحكم بأنفسنا تحكما كاملا لذلك كان يعرف الرب طبيعة الإنسان وسلوكه من ناحية سيكولوجية, فمن ناحية سيكولوجية نحن لا نستطيع أن نمنع أنفسنا أحيانا من عمل الشر, لذلك جاء المسيح ليكفر عنا أخطاءنا شريطة أن نقبله في حياتنا.

وفي الأعمال التلفزيونية الدرامية والسينمائية يرفض أهل السنة تمثيل أدوار الأنبياء والخلفاء الراشدين لأنهم يعتبرونهم منزهين إلا أنه في الآونة الأخيرة قبلوا بتمثيل دور عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين, وهذا من باب آخر وخطوة رائدة في النقد, ولكن المفهوم العام ما زال أمامنا فيه الكثير من المغالطات, ومن هنا القرآن تحدى التوراة وتحدى الإنجيل وخالف المفهومين معا, خالف التوراة وخالف الإنجيل, لذلك ليس من الغريب أن يستجيب اليهود والمسيحيون للديمقراطية وللحرية في النقد قبل المسلمين بل وأسرع منهم, وتفسير عملية رفض المسلمين للحرية وللديمقراطية نابعٌ من طبيعة تصورهم أن هنالك نخبة من البشر والناس فوق النقد أي فوق القانون, والدرس المستفاد من هذا المقال هو أن المسلمين لا يقرئون الإنجيل ولا التوراة ليتفهموا طبيعة النقد ومسألة أنه لا يوجد أحد فوق القانون الوضعي أو القانون الإلهي , ولو تقبلنا جدلا أن الأنبياء والرسل وعلى رأسهم محمد تحت النقد وتحت القانون الإلهي لدخلت إلينا التكنولوجيا الاجتماعية بسرعة ولتغيرت أخلاقنا ولتبدلت معاييرها التي تختلف من عصر إلى عصر ومن بيئة إلى بيئة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لو سمح الاسلام بنقد الانبياء لفتح باب كبير
مروان سعيد ( 2014 / 9 / 11 - 20:02 )
اهلا بعودتك ثانيا الى ساحة الحوار المتمدن اخي جهاد
وتحيتي للجميع
مقالك رائع ولا يوجد دولة تقدمت بدون النقد والنقد الذاتي ولذا تجد المسلمين وكما تفضلت لاتكنلوجيا ولا تتطور حتى وقد نجحو بشيئ واحد تصدير الدواعش والجهل
وتصور معي اخي جهاد ان يسمحوا بعمل فلم لمحمد وصحابته لكان اكبر واطول فلم جنس بالعالم ولااخذ جائزة الدعارة الاولى
ومن السيرة النبوية كان يطوف على نسائه بغسل واحد بسنن الترمزي
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=56&ID=257
اراْيتوا النظافة وفسره
قوله : ( كان يطوف على نسائه في غسل واحد ) أي يجامعهن ثم يغسل غسلا واحدا ، ولأحمد والنسائي في ليلة بغسل واحد
ويقول بنفس المصدر انه اشهى واطيب
فكيف تريد منهم فتح باب النقض انها مصائب وكوارث
ويستنكرون عمل لوط وهذه العملة كانت قبل الوصايا وقبل التشريع وقد حسبنا بناته بان الدنيا خربت ولم يتبقى رجال ففكروا بعمل نسل جديد وليس تفكيرهم بالاشتهاء والجنس
وللجميع مودتي


2 - في القران ورد انتقاد الأنبياء بمن فيهم خاتمهم
عبد الله اغونان ( 2014 / 9 / 11 - 23:16 )
في القران المقدس ورد نقد الأنبياء بمن فيهم محمد الحبيب المصطفى من طرف الله تعالى في ايات عديدة
وورد ماقاله الكفار عن الأنبياء
بل ورد كلام الشيطان عليه اللعنة
في الأناجيل كيف ينتقد يسوع انه اله وابن اله؟؟؟؟

يظهر أن تلميذك المبشر السعودي قد سحب منك المعلقين


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 12 - 01:09 )
تابع :
محاكمة (يسوع الناصري) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432375