الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة كالخاس الجزائري 11

مزوار محمد سعيد

2014 / 9 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



فلسفة كالخاس الجزائري 11
مشاريع الفرد الإنساني لا تتوقف، فهو يحاول ويحاول من أجل بلوغ هدف ما، وعندما يصل إليه يبحث عن هدف جديد، بمتاعب جديدة، وكأنه بهذا الفعل هو يقوم على مصارعة ما يصبوا إليه، إذ أنه قادر على مجادلة الأيام، وهي من ناحيتها لا تبخل عليه بمكافأته كلما استحق هو ذلك، وبالتالي: علينا احترام الإنسان، فقط لأنه لا يستسلم.
تتيه المواضيع بين كل ما يملكه الفرد الإنساني من وجاهة، فيستريح الإنسان في حضن الألم أو الوجع، إنهما سيان في معاملة الفرد الذي يلقي بذاته إليهما، إنهما متفقان تماما، وهما يسردان على مسامع الدهر قصة الفرد الذي أحب الصراخ، وعمل على ملازمته، إنهما يعودان إلى ملجأ المشاكل كلما أعاد النصر زفاته إلى صورة الحياة، وبهذا يكون على المرء تجديد وجوده كلما طاله الصدأ، إنها لغة لا يفهمها من يريد سيادة العالم، لكن يفهمها جيدا من يريد سيادة نفسه.
كون الإنسان قادر على الحب، فلما لا يحب؟ حتى أنّ الحب صار جريمة يعاقب عليها قانون مجتمعنا دون غيره، وانا في هذا المقام أتحدى ان يجهر أحدهم بحبه لزوجته أمام العلن؟ أتحداه!! لا أحد يفعل ذلك، لأنّ العنف والغضب يسيطر على ذواتنا الثقافية، لقد علمنا منذ صغرنا ان التواصل مع الجنس الثاني هو مبني على أفضلية سلطوية، ومن يتخلى عن سلطته من الذكور لصالح الإناث يهان بطريقة تشبه من يلاقيه المجرمون، لدا لا أحد من الذكور يفضل التخلي عن صلاحياته البالية، وبالتالي وفي المقابل، لقد سلك الإناث مسلكا آخر خطير للغاية، إذ أنهنّ يكن للذكور كيدا، حتى أنهنّ يتظاهرن بالرفق على سبيل الفاتنة القاتلة، وبالتالي تحولت العلاقة الشرعية-القانونية إلى علاقة بروتوكولية فارغة من روحها، أي أننا نواجه أزمة تجانس قبل أن نواجه أزمة جنس.
ما يمكن تصوره في مقام العلاقة لا يمكن أن يكون صادقا، كون أن النفس البشرية تلتزم بما أنها تملك الكثير من مقومات البقاء وفق ما تعودت عليه، إنها قادرة على الخروج من عدمها على طريقة العنقاء، وهذا نادر الحصول، إلا إذا دخلت أزمة ضاغطة، أي أنها تسير وفق الرؤى التي تلازم العديد من التصورات التي تحبس الكثير من البشر في قفص محاكم التفكير.
لا يهم الكثيرين ما يقوم به الفرد، لكن ما هو مهم أنّ العالم ليس بالمكان الذي ترتاح فيه النفس بمجملها طول الوقت، وعلى هذا الأساس تكون العمليات التي تحث على التفكير ضربا من المجون أو الجنون، تكون لامعة قصد التوصل إلى قشة تبعث الروح في نفسية الفرد المتعالي في كدماته التصويرية، إذ يتفلسف العاشق على حسب هواه، وعندما يضغط عليه المجتمع ينفجر على طريقة الخونة، وبالمقابل ينحوا الناجح مساره المثالي أمام المجتمع بينما يعاني من غربة ذاتية لا نظير لها في القرون التي سبقت، فيتجه في آخر عمره إلى الاكتئاب، في أحسن الظروف إلى الانسحاب؛ إنها أزمة "قناعة" وأزمة "تعقل".
لقد تكلم وكتب الكثيرون من العرب الجدد عن الفراغ الروحي الذي أصاب ويصيب النسيج الاجتماعي العربي في العصر الراهن، لكن مع ذلك بقيت كتاباتهم، أشعارهم ونصوصهم في خانة الجمود والنسيان، هذه مشكلة أساسية يمكن العودة إلى تفحصها من خلال إعادة طرحها، خاصة وأنّ الأزمة الفكرية والفلسفية التي تطول الجسد العقلي للعرب الجدد، هي أوّل جدران الحلول التي من شأنها نقل هذه القومية من حالة التبعية إلى حالة الحرية، طبعا! هي لا تمثل خطوة سحرية تعالج الصورة الشاملة لواقع عربي مهلهل، وإنما هي مكمن كل ما يتصل بما هو خارج التاريخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لقد اصبح البشر عبارة عن أرقام، وإلقاء نظرة سريعة على ما هو موصد من وراء باب غوانتنامو يفسر الكثير في بلد عالي الحرية والديموقراطية، فما بال البلدان التي لا تدخل في دائرة حقوق الإنسان-الديموقراطية وفلسفة الحياة، ما مصير هؤلاء البشر؟ هل هم بشر؟؟
من المبكر للغاية الحديث عن عنوان إنساني في الحالات التي تطارد الأفراد خلال الألفية الثالثة، لأنّ جواهر العملة الفلسفية لا تعدوا عن تابعة طيعة لكل ما يلزمها من مساندة، وهي بذلك تبقى غريبة عن وسط تقليدي، فالعقل لا يجد كل مهامه في وسط تقليدي وجاف فكريا.
تلتزم الأرواح التي من شأنها اللجوء إلى العقول بما لها من فكرة قاسية التأثير على ما يمكن للفرد الإنساني أداءه، لا يمكن الرجوع إلى القضية التي تحفز الفكر الإنساني، فإن لم يتغذى العقل البشري من الفلسفة فإنه سيتغذى من الثقافة الشعبية، كون أنّ العقل هو يحتاج إلى الغذاء مهما كلّفه من صعوبات، وما أنتن الغذاء العقلي الجاهز منذ قرون.
من مصائب العقل الإنساني أن هناك عقولا سبقته حددت حدود تحركه، وبما انّ الكثير من الأفراد يجدون صعوبة في القيام بالتفكير، فإنه يجد مستحيلا أمامه يحاول كسره، ذاك الذي يضعه في زنزانة السابق عنه، وبالتالي تتكوّن حرب شرسة بين الحرية والعفوية.
زخرف الحياة لا ينتهي عند ما تعود الفرد الإنساني على القيام به، كما انّ رونقها لا تحده العوامل التي تحصر قوانينها المتعلقة بما هو مثالي في إيمان جماعات لقنت ذلك، وإنما على العالم أن يدرك بأنّ العقل هو الذي يصنعه، والبؤس كل البؤس من عقل يستورد عالمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو