الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا صَمَتَ الفقهاء ….. فالينطق الحكماء

صادق إطيمش

2014 / 9 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مشكلتنا مع الخظاب الديني الذي يتبناه الإسلام السياسي اصبحت على مساس مباشر بحياة الناس اليومية، بعد ان كانت في غالبها تشكل جدالاً، يصل حد الخصومة احياناً، بين مروجي الخطاب الديني هذا ومعارضيهم من المفكرين والمصلحين الإجتماعيين الذين يمثلون مدارس فكرية تسعى للفصل بين الدين والدولة، وبالتالي تحجيم دور الإسلام السياسي كوسيلة من وسائل التسلق على الفكر الديني وتوجيهه نحو تحقيق اهداف سياسية وذاتية نفعية لا علاقة لها ولا حتى بالدين الذي يدعو له الإسلام السياسي نفسه.
اما اليوم فقد تغير الأمر منذ ان برزت قوى الإسلام السياسي داعية للإنتماءات الطائفية التي تمخضت عنها ميليشيات عسكرية تقاتل بعضها البعض تحت راية " الله اكبر "أو " لا إله إلا الله " وما شابه ذلك والتي يحملها البعض على رايات خضراء وبعضها سوداء وحتى بيضاء يتوسطها احياناً سيف او سيفان او بندقية قتال حديثة او اي شيئ آخر يرمز للعنف من خلال الصورة او الكلمة التي تتجلى بشكل واضح في شعار الأخوان المسلمين الذي يتضمن الآية القراآنية :" واعدوا لهم ". لقد اصبح الجو السائد اليوم جواً حديثه الإسلام والإسلام السياسي بشكل خاص والذي جعل من مادة هذا الدين موضع تساؤل مشوب بالشك قبل اليقين حول ماهية هذا الدين الذي لم يزل كثير من المتمسكين به في حيرة من امرهم . فمَن يصدقون والكل يستشهد بالقرآن والسنة في كل الحالات التي يجري فيها الحديث عن السلم او الحرب، عن الإيمان والكفر، عن العقاب والثواب، عن الرحمة والقسوة، عن الحلال والحرام وعن اشياء اخرى تتعلق بحياة الناس بحيث يجعل البعض كفراً ما يسميه البعض الآخر ايماناً ويصنف البعض القسوة على انها رحمة إلهية والكل يستشهد بهذه الآية القرآنية او ذلك الحديث النبوي الذي يبرر به فعله، مهما كان نوع هذا الفعل رحمة للآخر او نقمة عليه. مشكلتنا اليوم هي ان نعي ما يُقال باسم الإسلام وما يُفسر من افعال يقوم بها المسلمون ، وكل هذه الأقوال والأفعال تنتج مفاهيم غريبة على ثقافة إنسان القرن الحادي والعشرين وبعيدة كل البعد عن مفهومه للحياة. فهل لنا، نحن مسلمو اليوم علاقة بهذه الحياة، ام اننا نسير في واد وهي واهلها في واد آخر؟ حتى اصبحنا اليوم، ليس كمسلمين فقط، بل وكعرب ايضاً حملة راية الإسلام الأول وخير امة اخرجت للناس، نقف على آخر صف المتسولين للغذاء والدواء ولكل منتجات الحضارة العالمية التي يرفضها فقهاؤنا، على انها من انتاجات دار الكفر، في نفس الوقت الذي يتقاتلون فيما بينهم على إقتناءها. نعم اصبحنا في الصف الأخير من المتسولين لما ينتجه الغير وما علينا إلا الإستهلاك الذي لا نجيد سواه. فلماذا كل ذلك؟ لماذا اصبحنا متخلفين عن الآخرين بكل شيئ؟ لماذا نعيش على احلام تراث انقضى ولم يعد ولا يمكنه ان يعود بالشكل الذي يتغنى به البعض؟
قد يكمن الجواب، او جزء من هذا الجواب، على سبب تخلفنا عن امم العالم بغياب الإصلاح الديني الذي اصبح ظاهرة ملازمة للتقدم الذي احرزته الأمم الأخرى. ومراجعة بسيطة لتاريخ هذه الأمم سواءً في آسيا كاليابان والهند والصين مثلاً. او في اوربا كألمانيا او سويسرا او فرنسا او انكلترا، ترينا اهمية هذا الإصلاح ودوره الفعال في انتقال هذه الأمم إلى مواقع اخرى غير تلك المواقع المتخلفة التي توقفت عندها حينما وقفت على حرفية النص الديني بعد ان تجاوز قروناً عديدة من تاريخ مسبباته. وحينما ندعوا إلى الإصلاح الديني في الإسلام فإننا على يقين بأن فقهاء الإسلام السياسي او حتى غيرهم من الذين يحسبون انفسهم اوصياء على الدين سيصفون مثل هذه الدعوات بمعاداتها للدين ودعوتها إلى الكفر والإلحاد وما شابه ذلك من الهرطقات التي يعج بها قاموس الإسلام السياسي وقواميس تجار الدين. ولطمئنتهم نقول لهم بأننا، نحن العلمانيون، احرص منكم على الدين واكثركم احتراماً له ودفاعاً عنه حينما نعمل على إبعاده عن اسواق تجارتكم به وقبولكم بابخس الأثمان لبيع بضاعتكم الدينية هذه التي نرى اليوم ما تجود به من إرهاب وقتل ودمار منذ ان اسلمتم راية البعثفاشية لتغيروا نجماتها فقط ولتمارسوا نفس محتواها الإجرامي تحت شعار " الله اكبر " هذا الذي جعلتموه بطاقة مرور إلى كل اختلاساتكم وفسادكم وسرقاتكم وحتى احاديثكم الكاذبة دوماً وإن بدأتموها بالبسملة والحوقلة والصلوات وكل ما يصدر عنكم من اكاذيب لم تعد تطيقها النفس البشرية السليمة.
الإصلاح الديني يعني اول ما يعني امتلاك الشجاعة الكافية لولوج هذا المجال الواسع والمعقد من مجالات حياتنا اليومية والتعامل معه بما يحفز إنسان اليوم على ان يعمل بجد وإخلاص وقناعة لمواجهة متطلبات حياته ودفعه نحو الأحسن دوماً من خلال تبني التجديد الفكري والتعايش مع مكتسبات الحضارة التي هي ملك الجميع وليس ملك الأمم التي انجزتها فقط . وبما ان اكثر شيوخ الدين يعتبرون كل تجديد بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة بالنار، فإنهم لا يبالون فيما إذا عاش إنسان القرن الحادي والعشرين ليتحكم بحياته فقهاء قرون الإسلام الأولى بفارق زمني قدره اكثر من الف سنة. إذ ان ما يهم هؤلاء الشيوخ والفقهاء هو ان تظل كلمتهم التي يعتبرونها شريعة الله على ارضه هي العليا وصوتهم هو المسموع. وفي هذه الحالة لابد من تحرك النُخب التي ترى في رسالتها الإنسانية باباً اوسع وارحب لإستقبال الجديد والتعامل معه وبه ايضاً لوضع هذا الجديد موضع التفعيل الإجتماعي وذلك من خلال استعمال مختلف الوسائل السلمية والعلمية المتاحة لإيصال هذا الجديد إلى تلك المجاميع البشرية التي تنتظره وانقاذها من كينونة "هذا ما كتب الله لنا " التي سخرها فقهاء السلاطين لتكون بديلاً عن الحياة الإنسانية الكريمة التي لم تأت الأديان في جوهرها إلا لتحقيقها في عصور انتشرت فيه افكار كانت تعتمد على القوة والغلبة والقتال واحتقار الضعيف والتي لم تتعرف على وثائق حقوق الإنسان التي تبنتها كثير من امم اليوم.
والخطوة الأولى التي ينبغي تحقيقها في هذا الإصلاح هي الموقف من العنف في النص الديني والذي اصبح الحجة التي تطرحها الحركات الإرهابية على مَن يعترض على تسخيرهم للعنف كوسيلة من وسائلهم لنشر الدين الإسلامي او للدفاع عنه. يعيش الإنسان اليوم عصراً يطالب بالتعامل مع وقائع تستند على الإقناع. ورفض مشايخ الإسلام السياسي وغيرهم من فقهاؤه لإرهاب المنظمات الإرهابية بقولهم " إن ذلك ليس من الإسلام بشيئ " لا يكفي لرد الحجة التي يأتي بها الإرهابيون من القرآن نفسه ومن الحديث، وهم فخورون بان يطلق عليهم البعض صفة " إرهابي " إذ انهم ، وهذه حجتهم ، يمتثلون لقول الله ورسوله في آيات واحاديث عدة تبيح لهم قتل الآخر المخالف مثل :
( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّاللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ( الأنفال 60
او: ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُالْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُواالصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌرَحِيمٌ(التوبة 5
او: ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) النساء 89
او : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَقَوْمٍ مُؤْمِنِينَ(التوبة 14هذه الآية يقدمها الإرهابيون كحجة قرآنية تسمح لهم بتعذيب اسراهم قبل قتلهم.

او : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُواأَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ )الأنفال65
وآيات اخرى كثيرة تدعوا إلى القتال او تحرض عليه كما في : البقرة 216 ـ 217 ، 244، النساء 74،76،84، المائدة 33، الأنفال 12، 17، 39، التوبة 12 ـ 13، 73 ، محمد 4 ، 35
وقد يقع المسلم المرتبط بدينه عاطفياً في اشكالية الشك حينما يُقال له ان الإسلام هو دين سلام ورحمة وسماح استشهادا بالآيات : "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(199) الأعراف. " لكم دينكم ولي ديني " (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا)." ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ". (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)، (لا إكراه في الدين)، ( من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر) وكثير من الآيات الأخرى التي تدعو إلى التسامح والسلام وقبول الآخر. فكيف يفسر فقهاء وشيوخ الإسلام للناس البسطاء هذه الآيات التي يدعوا كل منها إلى نقيض ما يدعو له القسم الآخر؟
والأنكى والأمر من كل ذلك هو استعمال النص القرآني لقتل تابعي الأديان الكتابية والأديان الأخرى، كما حصل مؤخراً للمسيحيين والإيزيدين في العراق. وهذا ما يحتاج إلى شرح مفصل اكثر من القائمين على الدين الإسلامي، إذ ان القوى الإرهابية للدولة الإسلامية يقتلون تحت راية : الله اكبر ، وراية: لا إله إلا الله . فمن خلال توظيف الآية :( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَاللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواالْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29، قتل مقاتلوا الدولة الإسلامية المسيحيين والإيزيدين والشبك الذين لا شك بإيمانهم بنفس الإله الذي يؤمن به المسلمون وهناك آيات قرآنية كثيرة تشير إلى ذلك، سنتطرق لها لاحقاً. او الآية التي اعطت لمقاتلي الدولة الإسلامية وتحت راية لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، الحق في قتل وسبي ومصادرة اموال وعقار اهل الكتاب في الموصل وسهل نينوى وجبل سنجار وغيرها من المناطق التي دخلتها هذه الراية: ( وَأَنْزَلَ الَّذِين َظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (الأحزاب 26 و 27.
فكيف يمكن للمسلم اليوم ان يوفق بين هذا العنف ضد اهل الكتاب وبين آيات من نفس القرآن الذي استل فقهاء الدولة الإسلامية مبررات ارهابهم منه والتي تقول: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة 62 .
وفيما يتعلق بالمسيحيين بشكل خاص والذي وضع جنود الدولة الإسلامية على بيوتهم حرف النون إشارة إلى (نصارى)، فإن هؤلاء النصارى بالذات يذكرهم نفس قرآن الدولة الإسلامية بالقول : ( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) المائدة 82 ، فإذا كان الاقرب مودة للمسلمين يُعامَلون من قبل هؤلاء المسلمين بهذه الدرجة من القسوة وبهذا الكم من الجرائم باسم الإسلام، فكيف ستكون معاملة الأقل مودة للمسلمين إن كان هناك ما يجيز هذا التصنيف؟
لا نريد ألإسهاب في تناول الآيات الداعية إلى العنف والداعية إلى السلم والتسامح من نفس المصدر القرآني والتي يقف امامها المسلم البسيط عاجزاً عن فقه محتواها امام صمت الفقهاء والمشايخ الذين لم يعطوا الجواب الشافي لحد الآن في كل تفاسيرهم التي تناولت هذا الموضوع ، بل جُل مع عملوه هو اللف والدوران حول الموضوع. والسؤال الذي نطرحه اليوم بكل صراحة ووضوح ولا نريد عليه إلا جواباً واحداً من القائمين على الإسلام ، وبدون اي تأويل او لف ودوران هو: هل ان آيات العنف والقتل في القرآن لا زالت سارية المفعول حتى في زماننا هذا، العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين من تاريخ البشرية؟ الجواب الذي نريده فقط " نعم " او " لا " وبكل بساطة. اما التفسيرات والتأويلات لنعم او لا فيمكن الإتيان بها بعد إعطاء الجواب. أما إذا استمر السكوت المُبرمج حول هذا الموضوع، كما هو عليه اليوم، فليس امام حكماء هذه الأمة ومثقفيها ونخبها المتنورة إلا ان تأخذ هذه المهمة على عاتقها وانقاذ مجتمعاتها من التخبط في الهذيان الديني الذي يمارسه الإرهاب تماماً كما يمارسه فقهاء الإسلام السياسي. وعن هذا وذاك يصمت اولئك الذين يدعون تمثيلهم للدين الحقيقي الذي لا نعرف اين هو اليوم.
وحينما يجري الحديث عن الإصلاح الديني في الإسلام الذي هو ليس عيباً او مثلبة على الدين، فقد دعى له مسلمون مؤمنون لا يجادل احد في ايمانهم مثل عبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وسعد زغلول وجمال الدين الأفغاني والأزهري علي عبد الرزاق والشيخ جمال البنا وغيرهم الكثيرون الذين يتعاملون مع الدين الذين يؤمنون به تعاملاً علمياً فلسفياً ينطلق من التغيير الذي يطال كل مجتمعات الأرض، وما المجتمعات الإسلامية بمعزل عن هذه المجتمعات.
وكذلك حينما يجري الحديث عن الإصلاح فإنه يجب ان لا يقتصر على مسألة العنف في الدين الإسلامي، بل انه يشمل محاور اخرى تتعلق بحياة الناس في المجتمعات الإسلامية بقدر تعلق الدين والمبادئ الدينية بهذه الحياة. ولإعطاء صورة مختصرة جداً عن محاور هذا الإصلاح، لا اجد ما اختم به هذا الحديث افضل مما كتبه المفكر التونسي الراحل، خريج أزهر تونس، جامعة الزيتونة، الأستاذ عفيف الأخضر في كتابه : " إصلاح الإسلام ، بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان " من منشورات دار الجمل لعام 2014، ص. 76 ، والذي انصح كل من له اهتمام بهذا الأمر الإطلاع عليه، والذي جاء فيه :
" يهدف الإصلاح الديني ايضاً إلى تطهير الإسلام من العنف الشرعي حدوداً او جهاداً ومن اقصاء المرأة وغير المسلم من حقوق المواطنة الكاملة. كما ينبغي تطهيره ايضاً من العنف ضد الذات، اي عقاب الذات، كتعبير عن المازوشية الأخلاقية التي هي الشعور غير المُبَرَر بالذنب......ومن الضروري ايضاً إعادة النظر في المحرمات الغذائية غير المُبَرَة طبياً ، وإلغاء العادات الوحشية مثل ختان البنات والذكور، الذي يعلمنا تاريخ الأديان المُقارَن انه طقس فرعوني."
وأضيف على ذلك القول بضرورة مراجعة العملية التربوية الدينية بدءً بالبيت ومن ثم بكل المراحل التعليمية من الروضة حتى الجامعة وتبني مناهج تعليمية تتماشى مع ما يتتظر الطفل في حياته القادمة تجعله ساعياً للتفاعل معها لا باحثاً عن الهروب منها ، وذلك من خلال تنظيم علاقاته بعباداته الخاصة به حصراً، وعلاقاته الإجتماعية العامة بغيره مهما اختلف عنه هذا الغير.
إذا كان المسلمون الساعون لتحقيق مقولة : " الإسلام صالح لكل زمان ومكان " فما عليهم إلا جعل هذا الإسلام يتفاعل مع كل المتغيرات التي طرأت على الزمان والمكان وعدم تبني قوانين القرن السادس الميلادي للقرن الحادي والعشرين من عمر البشرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايمكن إصلاح الإسلام.
أحمد حسن البغدادي. ( 2014 / 9 / 13 - 02:40 )
تحية أستاذ صادق.
نقول لايمكن إصلاح الإسلام،
لماذا؟
لأن الإسلام ليس قرآن فقط، بل هو قرآن وتفاسير وأسباب نزول وأحاديث محمد وسيرة محمد،
وعليك إصلاح هذه المنظومة الإرهابية كاملة،
في حين أن الإصلاح الديني في أوروبا كان سهلا، وقام به رجال من الكنيسة نفسها، حيث إعتمدوا على العهد الجديد، وإعتبروا العهد القديم قد إنتهى مفعوله بقدوم السيد المسيح، وإلتزموا بتعاليم السيد المسيح، ملك السلام والمحبة والشرف والطهارة في جميع تعاليمه وحياته،
أما في الإسلام، سنجد العكس،
فلو إتبعنا آخر آيات القرآن، وهي مدنية، ستجد إن الإرهاب كله في الآيات المدنية، ونسخت جميع آيات السلم المكية حسب آية 106 من سورة البقرة.
ولو أخذنا أحاديث محمد، سنجدها أكثر إرهابا وفسقا من القرآن،
أما سيرة حياة محمد، فهي سيرة مجرم سادي عديم الإنسانية، مهووس جنسيا.
إذا كيف يتم تغيير الإسلام؟
هناك حل واحد فقط،
هو؛
مزبلة التاريخ،
كما فعلت شخصيا وتركت الإسلام، من خلال دراستي للإسلام مبكرا ً كي أصبح رجل دين؟؟

تحياتي...


2 - الأستاذ احمد
صادق إطيمش ( 2014 / 9 / 13 - 11:33 )
الأستاذ احمد المحترم، شكراً لمرورك وتعليقك. الإصلاح الذي ادعو اليه، سيدي الفاضل، هوالمحاولة الأخيرة التي قد يستفيد منها القائمون على الدين ، خاصة من قوى الإسلام السياسي ، قبل ضياعهم وضياع دينهم. تعلم بلا شك بأن هناك الملايين من المسلمين الذين يرتبطون بدينهم ارتباطاً عبادياً عاطفياً لا علاقة له بالمفهوم العلمي التاريخي للدين ولتطور الأديان بشكل عام. إن ولوج باب الإصلاح الذي قد يقود إلى التغيير سيعطي الفرصة لكثير من هؤلاء ان يطلعوا على ما اخفاه شيوخهم عنهم منذ مئات السنين. وقد يساعد هذا الإطلاع على تبني موقف من الدين يتسم بقناعة اكثر سواءً كان هذا الموقف سلبياً ام ايجابياً. لقد تفضلت وذكرت بانك حسمت امرك مع الدين الإسلامي بتخليك عنه.قناعتك هذه ، اخي الكريم، هي موضع احترام مَن يحترم الفكر والرأي والقناعة. إلا ان مثل هذا الظرف ، واعني به اتخاذ مثل هذا القرار، غير متوفر للملايين من الناس المرتبطين بالدين وذلك بسبب عدم تفريقهم بين الدين كتاريخ والدين كظاهرة مرافقة للحياة في مراحل تختلف مع مسار التاريخ ، وبالتالي وجوب اختلاف المفهوم الديني في هذه المراحل المختلفة. .......يتبع


3 - الأستاذ احمد 2
صادق إطيمش ( 2014 / 9 / 13 - 11:44 )
إن مثل هذه القناعة غير متوفرة لدى الكثيرين الذين لا يجرأون على اتخاذ مواقف حاسمة وذلك بالنظر لما يضعه كثير من فقهاء الإسلام ومشايخه من حدود ( عقوبات) على من يجرأ ان يفكر بذلك. كحد الردة بالقتل مثلاً الذي ابتكره هؤلاء الفقهاء. المسالة التي اعنيها هي توظيف الدين لعرقلة مسيرة المجتمع والتي سببها كل التفسيرات والتأويلات التي تناولت النص الديني وافرطت بالبحث عن السلبيات وهي كثيرة فعلاً ولم تجرأ لحد الآن على التعامل مع هذه السلبيات من منظلق الحداثة. وما تفضلت به عن المسيحية فإنها سبق وإن تم استغلالها ايضاً من مشايخها لمئات السنين، والحروب الصليبية الشبيهة بالغزوات الإسلامية مثال واحد على ذلك. إلا ان المسيحية اليوم ادركت مدى همجية مثل هذه الحروب التي ابدت اسفها وندمها عليها. وما نريده من فقهاء الإسلام هو بعض الإجراءات المماثلة للتخلي عن سلبيات الماضي والتعامل مع الحداثة، كما فعلت الأديان الأخرى، مع اطيب التحيات


4 - الأستاذ صادق أطيمش.
أحمد حسن البغدادي. ( 2014 / 9 / 13 - 14:54 )
شكرا ً أستاذ صادق على التعقيب على تعليقنا،
ولنا تعليق،
نعم إن تجربتي خاصة، تركت الإسلام عن دراسة، بعد أن كنت أريد أن أصبح رجل دين، ووجدت الفضائح في كتب الإسلام، والتي لم يتحدث بها شيوخ الإسلام للمسلمين، ولم يجيبوا على أسئلتي، بل هددوني بالقتل لو تحدثت بها لعموم المسلمين،
وهذا ما أثار الريبة والشك لدي بحقيقة الإسلام، كيف لدين يدعي إنه جاء بأفضل من غير الأديان، ولاتجد جوابا ً لأبسط سؤال، بل تعاليمه أسوأ من الأديان جميعا.
فإتخذت قراري الحاسم بترك الإسلام، وإتخذت من السيد المسيح رمزا ً للطهارة والسلام،
ولم يعرف ذلك سوى صديق كردي، كان دكتور معي بنفس المستشفى، فقال لي نصا ً ؛
(إنك أخذت القرار الصحيح، وإرتقيت درجات في سلم الإنسانية)،
ووجدته فاهم خفايا الإسلام أكثر مما توقعت.

نعم أمامنا طريق صعب وطويل للتخفيف من ضرر الإسلام، لكن أعتقد إن الشعوب الإسلامية بدأت تستيقظ على حقيقة الإسلام، وماهي إلا مسألة زمن لتبديد الغشاوة عن عقول الناس التي طال أمدها 1400عام بحكم السيف.

يقول السيد المسيح:
( جميع الذين يأتون بالسيف، بالسيف يؤخذون)

تحياتي...


5 - هذا الإسلام السياسي لماذا الآن؟
صادق البلادي ( 2014 / 9 / 13 - 21:15 )
هذه الأيات والأحاديث المتناقضة موجودة في القرآن والسنة منذ قرون، قد يكون أنه أضيفت
لها بعض الأحاديث تباعا، وحسب حاجة الحكام والسلاطين. فالوعاظ موجودون ، كما هم
فئة المثقفين الإنتهازيين،المنتظرون دوما في باب الحاكم عند الطلب ، ولا يمكن الزعم أن الجهاديين لا يربطهم شئ بالإسلام ، ولكن ثمة سؤال يمكن طرحه ، لماذا بدأ دور الإسلام
السياسي يتزايد ويشتد الأن، هل لهذه البربرية والهمجية الدينية علاقة بالعلاقات الإقتصادية
المعولمة، وبسيظرة الناتو ؟...
في ألمانيا يقدر جهاز الأمن - حماية الدستور عدد الإسلاميين الراديكاليين بأكثر من43000
شخص، وصارت ألمانيا ودول اوربية أخرى في مرمى الخطر بعد رجوع ما صار يطلق عليهم
العائدين، من الذين شاركوا في القتال ضمن صفوف الجهاديين؟
محاربة دولة الإسلام تحتاج الى جهود أقليمية ودولية مشتركة، ولكن لماذا ليس بقوات من الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن ، بدل تجميعهم بقيادة أوباما؟
حق طبيعي للأخ احمد حسن البغدادي أن يغير دينه أو يتخلى عن أي دين، فهو حق كفلته لائحة حقوق الإنسان، كمل يكفله الدين الإسلامي الحق، وقد غير عدد من المسلمين في الكويت دينهم، يتبع


6 - تتمة التعليق
صادق البلادي ( 2014 / 9 / 13 - 21:36 )
القبول بتغيير الدين في الكويت يعنب عدم الإعتراف بوجود ما يسمى بحد الردة.
كما ان المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا كان قد أصدر وثيقة عام 2002
اعترف فيها بحرية الدين بمافيه حرية تغيير الدين ، او عدم تبني أي دين
وعلينا ونحن نرى جرائم الإسلاميين اليوم أن لا ننسى الحروب الدينية التي حدثت في أوربا،
ومحاكم التفتيش ، او الحروب الصليبية. ذكر ماحدث باسم الدين المسيحي لا يعني تبرير
ما يحدث باسم الإسلام من جرائم. بل للنظر للأمور تاريخيا ، وأن ما في الإسلام من تناقض
نجد لها شبيها في الإنجيل كذلك. في انجيل متى يرد مثلا : - لا تظنوا أني جئت أحمل سلاما
الى الأرض. ما جئت لأحمل سلاما ، بل سيفا. جئت لأجعل الإبن يختلف مع أبيه، والإبنة مع .. أمها ، وزوجة الإبن مع حماتها.- متى 34/10.


7 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 13 - 21:44 )
فائده ثقافيه :

• الآيات القرآنيه محسومه سلفاً , فهي آيات دفاعيه , راجع :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678

• محاكمة (يسوع الناصري) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432375

• فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد) :
http://antishobhat.blogspot.com/2012/11/blog-post_2522.html


8 - شكراً للدكتور صادق البلادي
صادق إطيمش ( 2014 / 9 / 13 - 22:53 )
شكراً للدكتور صادق البلادي على مداخلته القيمة وايضاحاته الرصينة التي اضافت إلى الموضوع معلومات ذات اهمية كبيرة

اخر الافلام

.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم


.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم


.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟




.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟