الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور التعليم التلقيني في اعتقال العقل المسلم -الجزء الثاني

نبيل هلال هلال

2014 / 9 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل قرن مضى، أدرك المفكر أديب إسحاق( مفكر سوري كاثوليكي ) كيف يمكن عن طريق التعليم اللاحوارى إحكام استبعاد العقل وقتل حرية المتعلم، فيقول " وعن طريق تعلم الإنسان، يتم استبعاده وقتل الحرية فيه، فإن سادته لا يسعون إلى توسيع نباهته، ولكنهم يشربونه فهماً جديداً، حتى صار التهذيب عبارة عن إفساد الذهن وتضليل القوة الحاكمة، فالأستاذ لا يعرض تعليمه ليؤخذ اختياراً، ولكنه يوجبه ليحمل اضطراراً، وبذلك تأيدت الأغلاط، واستمرت الجهالة على مرور الأيام ".
وهكذا يمكن وصف الفرق بين مفهوم التعليم كخبرة من أجل الحرية، ومفهوم التعليم كوسيلة للسيطرة، بأنه الفرق بين التعليم الحواري والتعليم التلقيني. وطريقة التعليم التلقيني هي التي تعد الإنسان المروضَّ، وتخدم ظروف القهر وتعمل على ترسيخها. وانظر إلى طرق التعليم التى اتبعها المسلمون منذ أجيال وأجيال، تجدها وسائل تلقينية بحتة غير مسموح فيها بالحوار والمناقشة. إذ يعتبر فيها الحوار وتقليب الآراء على أوجهها من قبيل الصفاقة والاجتراء، فكل ما يقوله "الفقيه" " وهو أيضاً مروَّض تعلم بأسلوب تلقيني غير حواري" هو من قبيل المسلمات التى لا تحتاج إلى إثبات، ومن غير الممكن مناقشتها، فضلاً عن تخطئتها. فانكمش العقل المسلم وتم اعتقاله بعد القرن الرابع الهجري، إذ تم اعتبار كل منجزات السلف منجزات مقدسة لا يجوز نقدها أو الخروج عليها، واعتبر المنهج الحواري منهجاً اجترائياً لا يجوز أن يأخذ به مسلم صادق الإيمان. وفى مثل هذا المناخ يترعرع التمذهب والتعصب والتحجر. لذلك لم يتواصل العطاء العقلى والفكري للعقل المسلم مثلما كان عبر القرون الأولى "القرن الثامن الميلادي والتاسع والعاشر" ، فالجدال والمناقشة هما وسيلة إنتاج وتمحيص الحقائق فى منهج التعليم الحواري، وتثمران أفضل النتائج خصوصاً فى ظل الحرية التامة، فمن شروط الحوار التسليم بعدم احتكار الحقيقة، وأن استكشاف العالم ليس من حق الصفوة وحدهم، بل يسع الكل البحث عنها، وأن الحوار فى حد ذاته لا يعنى تهديد ذات المُحاور أو الحط من مكانته فى ما لو أفضى الحوار إلى خلاف ما يعتقده، فالحقيقة ليست حكراً على أحد وما أعتقده قد يكون صواباً أو خطأ، وكذلك معتقد الآخر، والحوار هو الآلية الفاصلة فى تمحيص الخطأ والصواب وتقليب الأمور على أوجهها كافة. ومن يمنعون الحوار هم فى الحقيقة لا يستهدفون سوى فرض الحقيقة التى يعرفونها على الآخرين . انتهى المقال الثاني ويتبعه الثالث إن شاء الله تعالى-من كتابنا :اعتقال العقل المسلم ودوره في انحطاط المسلمين -رابطه :http://www.4shared.com/office/8CDyPl3Z/___online.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة