الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي و تناقضات الممارسة

عبد العالي كركوب

2014 / 9 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعود بروز العمل السياسي في العالم العربي الإسلامي تاريخيا إلى عهد الخلفاء الراشدين، فبعد مرحلة الرسول (ص) الذي أكد المؤرخون و المتتبعون للتاريخ الإسلامي أنه كان رجل دين و رجل دولة؛ أي استطاع الجمع بين الدين و السياسة، فإن من تلوه غلبوا جانبا على الجانب الآخر... باستثناء شخصيتين: الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب، و الخليفة العباسي عمر بن عبد العزيز.
لنبدأ بمرحلة ما بعد وفاة الرسول (ص) هناك قصة غريبة وقعت في سقيفة بنو ساعدة، حيث اجتمع الأنصار يتداولون مسألة الخلافة... التحق أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب بالمجمع بعد أن بلغهم الخبر، فبدأ أول صراع على الحكم في تاريخ الدولة الإسلامية، فالأنصار يرون أنهم الأولى بالحكم بناءا على شرعية دينية، فهم مسلمون و استقبلوا الرسول (ص) و من معه... و المهاجرين كذلك يرون أنهم الأولى بالحكم بناءا على شرعية دينية أيضا، فهم مسلمون و فيهم أول من اسلم و اتبع رسالة محمد (ص)... فانتهى الصراع إلى اختيار أبي بكر الصديق.. بعد أن كان سينتهي بحرب.. و الغريب في الأمر هو كيفية اختيار أبي بكر، فلقد قام أحد الأنصاريين و هو ابن عم المرشح للخلافة من جهة الأنصار "سعد بن عبادة" بمبايعة أبي بكر حسدا لابن عمه..
سيشتد الصراع أكثر في عهد عثمان بن عفان و عهد علي بن أبي طالب، و يمكن الجزم بأن البداية الفعلية للسياسة المحضة التي تتبنى الدين كوسيلة لبلوغ السلطة و توظف المكر و الخداع كانت مع معاوية بن أبي سفيان و بداية الدولة الأموية... و اتضحت معالمها أكثر مع الدولة العباسية...
إن التاريخ السياسي الإسلامي هو تاريخ صراع و حروب، و لازال، و سيستمر كذلك.
و بناءا على المنظور السالف، فدعاة العلمانية لا يرفضون الدين، و لكن يسعون إلى إزالة الوسيلة الوحيدة التي يقصدها العديد لبلوغ السلطة...
إن المجتمعات الإسلاموية - أي التي تدعي إتباعها للشريعة الإسلامية كما هو منصوص عليها في القرآن و السنة - لم تعرف مرحلة النهضة؛ مرحلة الحسم مع الثابت الأخروي و التفكير في المتغير الدنيوي، فهي لم تكثرت للأبحاث السياسية، الأخلاقية، و الاجتماعية... الوفيرة التي وضعها المفكرين القدامى أو المعاصرين، فأغلب هؤلاء المفكرين تم تكفيرهم و تهميشهم...
إن هدف ولاة السياسة في المجتمعات الإسلاموية تكريس الجهل و التبعية لرجال الدين اللذين يخدمون مصالح السلطة السياسية.
و كما أكد الفيلسوف العربي ابن رشد فالإسلام يدعو إلى التعقل، و أن للمعرفة طريقين: النقل؛ أي ما جاء به القرآن و السنة، و العقل؛ الذي يعتبرا مكملا للأول، و محددا لأمور دنيوية، يقول ابن رشد "الحق (العقل) لا يضاد (النقل) بل يوافقه و يشهد له".
و للتوضيح، فهذه الأسطر التي كتبتها لا أحارب بها الدين، بل أحاول من خلالها نشر الوعي التنويري العقلاني الذي يحارب مستغلي الدين و يفضح ممارساتهم، فالإسلام و غيره من الأديان الأخرى، إذا كان مبنيا على علاقة روحية بين الإنسان و ربه ليس في الأمر مشكلة، لأن هذا هو المغزى من الدين و هنا يكون غاية، لكن إذا كان ثوبا يختبئ وراءه انتهازيين يستغلون محتواه لتنمية ثرواتهم و بلوغ مراتب عليا في السلطة، فهذا مرفوض قطعا.
إن البحث عن الوحدة يجعل من الدين أمرا شخصيا، و إذا أردنا التشتت فكل منا يتشبث بمعتقده و يكفر من خالفه أو يقتله.. و مآل هذا انتشار الحروب و الاقتتال، فلكم الاختيار يا أهل الأديان.

عبد العالي كركوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال