الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية لدعائم الحاكمية الإسلامية لدي ألمواردي

علي رمضان فاضل علي

2014 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة نقدية لدعائم الحاكمية الإسلامية لدي ألمواردي
أبو الحسن ألمواردي من فلاسفة المسلمين الذين ذاع صيتهم بسبب وجهات نظرهم وأرائهم التي تربط الدين بالسياسة ويرفض الفصل بينهما , فالدين لدية له دورة الهام في كافة مناحي الحياة ولا ينفصل بحال من الأحوال عن أي جانب من جوانبها , والمواردي صاحب المؤلفات والكتب الكثيرة في السياسة الشرعية وما ينبغي أن يفعله الحاكم أو الخليفة المسلم تجاه الرعية, وما هي الدعائم التي تقوم عليها السياسة الشرعية . وأهم دعائم النظرية السياسية عند ألمواردي:
أولاً - وجوب الحكم الإسلامي ( الحاكمية الاسلامية)
يعرف ألمواردي الإمامة بقولة : " الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم. " هذا التعريف يعني أن الإمامة لها وظيفتان الأولي: تدبير أمور البلاد و العباد والثانية: حماية الدين من الأهواء و البدع، لكي يكون صالحا لحكم العالم. من وجهة ألمواردي أن صلاح الدنيا والدين لا يكونان إلا إذا توفرت ستة دعائم أساسية هي:
1 - دين مّتبع
2 - سلطان قاهر
3 - عدل شامل
4 - أمن عام
5 - وخصب دائم
6 - أمل فسيح
ويحدد أبو الحسن ألمواردي وظائف السلطان فيقول : " والسلطان القاهر، تتآلف برهبته الأهواء المختلفة، وتجتمع بهيبته القلوب المتّفرقة، وتتكف بسطوته الأيدي المتغالبة، وتنقمع من خوفه النفوس المتعادية، لأّنه في طباع الناس من حب المغالبة والمنافسة على ما آثروه، على ما آثروه، والقهر لمن عانده، مالا ينكفون عنه إلا بمانع قوي، ورادع, ومن هذه الوجوه وجب إقامة إمام يكون سلطان الوقت، زعيم الأُمة، ليكون الدين محروسًا بسلطانه، والسلطان جاريًا على سنن الدين وأحكامه"
من هذا الكلام يمكن القول أن الخلافة أو الإمامة إذا لم تكن وفق أحكام الإسلام, ونصوصه فإنها لا تكون خلافة بل تكون ملك دنيوي صرف. وهنا يتمسك ألمواردي بالحاكمية الإسلامية ويجعل من يتبعها يتبع الإسلام ومن يخالفها يخالف الإسلام ويتضح كذلك أن الإمامة منصب دنيوي يستند علي دعائم دينية وعقائدية فوظيفته الأساسية راعية شؤون الناس وحماية الدين من الانحراف وهنا يمكن أن تثار أسئلة كثيرة منها:
1 – هل للأمام أن يراعي اختلاف الزمان والمكان في تنزيل الأحكام الدينية علي الواقع ؟
2 - إذا تعارض النص الديني مع الواقع المعاش فأي منهما يمكن الاعتماد علية ؟
3 - مع اختلاف المذاهب الدينية في الوقت الحالي فعلي أي مذهب يمكن أن تقوم الإمامة والخلافة؟
تلك الأسئلة وغيرها الكثير والكثير تثار في أذهان المهتمين والمنشغلين بنقد الفكر الفلسفي السياسي الإسلامي, علي أساس عدم مواكبة هذا الفكر للظروف الحياتية في عصرنا الحالي. والذي سوف نلاحظه من دراستنا لفلسفة ألمواردي أنها قائمة علي:
1 – المواعظ والوصايا التي لا تغني الفرد , والتي تجعله يتخلي عنها حال تعارضها مع مصالحة الدنيوية العاجلة.
2 - عدم موائمة أفكار ألمواردي السياسية للعصر الذي نعيشه.
ثانيا - آليات وإجراءات إقامة الحكم الإسلامي
قبل أن يحدد ألمواردي آليات وإجراءات إقامة الحكم علي أسس إسلامية يسرد لنا الآراء الفقهية حول وجوب اختيار الإمام فيقول : " الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع؟ فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين وهمجاً مضاعين وقالت طائفة أخرى: بل وجبت بالشرع دون العقل، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوناً في العقل أن لا يرد التعبد بها ، فلم يكن العقل موجباً لها، وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع. ويأخذ بمقتضى العدل التناصف والتواصل، فيتدبر بعقل لا بعقل غيره، ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين، قال الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".

من كلام ألمواردي يتضح أن حكم اختيار الإمام وطاعته واجب شرعي بإجماع الفقهاء ولم يشذ عن هذا الرأي سوي بعض الفقهاء , وهذا الوجوب مستنداً علي الكثير من الآيات القرآنية , والأحاديث النبوية التي أوردها الموادري . وبعد أن عرفنا أن اختيار الإمام , أو الخليفة واجب علي كل مسلم علينا أن نتعرف علي كيفية اختيار الإمام ؟
هناك الكثير من الآليات والإجراءات التي حددها الموردي من اجل إقامة الحكم الإسلامي ومن هذه الإجراءات .
1 – الترشح للإمامة أو الخلافة
الإمامة حكمها فرض كفاية علي كل مسلم يجد نفسه أهلا لرعاية شؤون الناس, وحراسة الدين وحدد ألمواردي شروط فيمن ينبغي أن يرشح نفسه للإمامة فقال: " وأما أهل الإمامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة:
• العدالة على شروطها الجامعة
• العلم ليؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام
• سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصبح معها مباشرة ما يدرك
• سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض
• الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح
• الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو،
• النسب وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه، ولا اعتبار بضرار حين شذ فجوزها في جميع الناس، لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه احتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة عن المشاركة فيها حين قالوا منا أمير ومنكم أمير تسليماً لروايته وتصديقاً لخبره ورضوا بقوله نحن الأمراء وأنتم الوزراء، وقال النبي صلى الله عليه مسلم: قدموا قريشاً ولا تقدموها."
الملاحظ أن تلك الشروط في اغلبها صفات أخلاقية بعيدة كل البعد عن المؤهلات التي ينبغي ان تتوفر في الحاكم في هذا العصر والشرط الأخير يعني أن الإمامة لا تكون إلا في قريش وهذا استناداً علي نصوص دينية, قاطعة استند إليها ألمواردي. هذا الشرط خالفه الكثير من الخلفاء المسلمين علي مدي التاريخ الإسلامي, فالخلفاء العثمانيون الأتراك علي سبيل المثال لم يكونوا من قريش. نعود فنقول أن التطورات الحضارية, والتاريخية تجعل الناس تقفز فوق النصوص الدينية في حال تعارضها مع المصلحة.
إذا توفرت تلك الشروط السابقة في الإمام انعقدت له الإمامة (اي أصبح حاكماً علي المسلمين عن طريق :
2 - البيعة وتعني: مبايعة من توفرت فيه شروط الإمامة عن رضا وقناعة وبدون جبر أو إكراه علي أن يكون هو الحاكم, أو الخليفة وهذه البيعة تلزم الإمام برعاية شؤون الناس, وتلزم الناس بطاعنة. والبيعة تنعقد بها الخلافة في حال ما إذا كان هناك مرشح واحد وتوافرت فيه الشروط السابقة ورضية الناس خليفة عليهم . أما إذا كان هناك أكثر من مرشح فالأمر يختلف وهذا ما سوف نعرفه .
3 - أهل الحل والعقد
قبل التطرق لمعرفة هذا الاجراء علينا ان نعرف من هم اهل الحل والعقد؟ وما هي الشروط الواجب توافرها فيهم ؟


أ – تعريف أهل الحل والعقد
اختلف العلماء والفقهاء المسلمون حول تعريف أهل الحل والعقد تعريفاً جامعاً يدخل فيه كل من يستحق أن يكون من جماعة أهل الحل والعقد, ومانعاً يمنع كل مالا يستحق أن يدخل تحت زمرة أهل الحل والعقد. فمن الفقهاء من قال بأنهم العلماء, وأصحاب الرأي والفقهاء, ومنهم من قال بأنهم ذوي الجاه والسلطان والمنعة والعصبية حتى يكون كلامهم ملزم لمن تحت أيديهم, ومن الفقهاء من قال بان أهل الحل والعقد هم الأمراء والحكام, وجامعي الضرائب والأجناد.
هذا الخلاف الفقهي الجذري حول تعريف آهل الحل والعقد يجعل هذه الجماعة عرضة لدخول مالا يستحق وصاحب ألهوي والغرض تحت زمرتهم وتكون هذه الجماعة متساوية في العصر الحديث لجماعة ( أصحاب المصالح) والذين لا يؤتمنون علي تشريع عام للناس . فما بالك بتوكيلهم عن الأمة في اختيار من يمثلهم .
لأصباغ الصبغة الإسلامية علي حكم بعض الدول مثل السعودية وإيران فأنهم يعتبرون المجالس النيابية, والتشريعية التي يختارها الناس و مجالس الوزراء هم بمثابة أهل الحل والعقد في البلاد وهم من ينوبون عن الأمة في الكثير من القضايا. ولكن في الواقع فأن هذا الإجراء في أساسة إجراء علماني ومختلف تماماً عن آليات إقامة الدولة الإسلامية.
ب - الشروط الواجب توافرها في أهل الحل والعقد
حدد ألمواردي شروط إذا توافرت في المسلم يصبح من أهل الحل والعقد فقال: " فأما أهل الاختيار فالشروط المعتبرة فيهم ثلاثة:
• العدالة الجامعة لشروطها.
• ألعلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.
• ألرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوم وأعرف.
تلك الشروط التي حددها أبو الحسن ألموردي تعتبر صفات أخلاقية يمكن أن تتوفر في الكثير من المسلمين, وفي هذه الحالة يدب الخلاف الناتج عن تضارب المصالح , والذي يمكن أن ينتج من اختلاف الطبقات , والقبائل ,والعرقيات في المجتمع ويصبح هذا الإجراء غير مجدي في اختيار الحاكم من أساسة. والفقهاء اختلفوا في الكثير من المسائل منها: عدد أهل الحل والعقد الذين تنعقد بهم البيعة, هل أهل الحل والعقد في العاصمة المركزية هم من تنعقد بهم البيعة أم ينبغي انتظار كل أهل الحل والعقد في الأمصار الإسلامية ؟ وتلك القضايا لم يحسمها الفقهاء المسلمون حتي وقتنا الحالي .
3– وظائف أهل الحل والعقد
أهل الحل والعقد في الحكم الإسلامي لهم وظائف منها:
• تنظيم أمور المسلمين الاجتماعية و السياسية و الدينية
• الأشراف على تحقيق أهداف المجتمع الإسلامي و الدولة الإسلامية
• تمثل الأمة الإسلامية في اختيار حكامها، و ولاة أمرها، و رئيس حكومتها، و قائد دولتها، سواء سمي الخليفة أو أميرا للمؤمنين أو رئيسا للدولة.
مما تقدم يمكن تلخيص الإجراءات التي تقام عليها الدولة الإسلامية وهي علي الترتيب , الترشح للحكم وبعدها تأتي البيعة وذلك في حالة ما إذا كان هناك إمام واحد فقط وهنا البيعة تكفي وتنعقد بها الإمامة , أما إذا كان هناك أكثر من إمام فيجب الاختيار بينهم والذين يختارون بينهم ويفاضلون بينهم هم أهل الحل والعقد .
السؤال الذي يطرح نفسه هنا من الذي يختار أهل الحل والعقد, من الذي ينصبهم ليكونوا وكلاء عن المسلمين يختارون لهم حكامهم, ويقررون لهم مصائرهم؟
من الملاحظ أن إرادة الناس في حال النزاع بين أميرين أو خليفتين يدعي كل منهما أنة الأحق بالخلافة تكون غائبة ويحل محلها مجموعة صغيرة يطلق عليها أهل الحل والعقد , وهنا كما قلنا تدخل الأهواء والمصلحيات الحزبية ,والقبلية والعرقية واللونية ويقع الاختيار علي الرجل الغير مناسب
رابعاً : عزل الإمام
اتفق جمهور العلماء من السنة والشيعة علي عدم الخروج علي الحاكم والصبر علية حتى ولو كان ظالماَ أو فاسق . ويري ألمواردي أن هناك شرطان لعزل الإمام هما: الجرح في عدالته , ونقص في بدنه
الخلاصة
من العرض السابق يمكن القول أن الدعوة الإسلامية لدي ألمواردي دعوة روحية لسمو الروح والرقي بها إلي درجات العلي , ودعوة دنيوية لحراسة الدين , وتدبير شؤون الناس السياسية والاجتماعية والاقتصادية بناء علي الإحكام والنصوص الواردة في الكتاب والسنة ففي رأي ألمواردي لا يجوز الفصل بين الاثنين فهما كيان واحد. لذلك يري ألمواردي أن الإمامة واجب شرعي. وإذا انعقدت البيعة لشخص فلا يجوز عزلة إلا إذا ثبت علية عدم العدل أو أصابته آفة في بدنه تمنعه عن مزاولة شؤون الرعية. ومن العرض السابق يمكن القول :
1 – أن أفكار ألمواردي قائمة علي المواعظ والوصايا
2 – الغموض في تحديد وتعريف ( أهل الحل والعقد)
3 - إجراءات تبادل السلطة في الحكم الإسلامي وبناء علي وما أوردة ألمواردي إجراءات تؤدي في الغالب إلي التوريث
4 – تجاهل عامل الزمان والمكان في فلسفة وفكر ألمواردي
الهوامش
ابو الحسن المواردي : ادب الدنيا والدين , دار الكتب العلمية بيروت لبنان , 1989 م ص 113
ابو الحسن المواردي : ادب الدنيا والدين , دار الكتب العلمية بيروت لبنان , 1989 م ص 113
نفس المصدر : ص 4
نفس المصدر : ص 3
نفس المصدر : ص 2
نفس المصدر : ص 12








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 16 - 23:40 )
يقرر (مارسيل أ. بويسارد) في دراسة مستقلة , أن أصول (القانون الدولي الحديث) مستمدة بالأساس من (دواوين الفقه الإسلامي).
كما أن تشريع (نابليون) مُستمد من (الفقه المالكي).
كما تم الاعتراف بـ(الشريعة الإسلاميه) ؛ كمصدر عالمي للتشريع و القانون في عدد من المؤتمرات الدولية العلمية منذ عام ( 1932م) منها:
1- القانون المقارن الدولي في (لاھاي) عام 1932م.
2- مؤتمر (لاھاي) المنعقد في عام 1937م.
3- مؤتمر القانون المقارن في (لاھاي) 1938م.
4- المؤتمر الدولي عام 1945م بـ(واشنطن).
5- شعبة الحقوق بالمجمع الدولي للقانون المقارن 1951م بـ(باريس).
و قد صدرت عن ھذه المؤتمرة قرارات ھامة ھي:
- اعتبار التشريع الإسلامي مصدرًا رابعًا لمقارنة الشرائع.
- الشريعة الإسلامية قائمة بذاتھا لا تمت إلى القانون الروماني أو إلى أي شريعة أخرى.
- صلاحية الفقه الإسلامي لجميع الأزمنه و الأمكنه.
- تمثيل الشريعة الإسلامية في القضاء الدولي و محكمة العدل الدولية.

اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_