الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتنزه الإلهي

محمد ابداح

2014 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جاء مبكراً هذا اليوم ، والليل لم يشعل بعد شموعه، والقمر لم ينر بعد قنديله، جلس بقربي كعادته الحنين، دق قيثاره الحزين ..، وغنى بألم .. ألا بعداً للنوم .. وردّدت خلفه يا ويح قلبي، متى أنجب حلمي كل هذا الأنين ..
لقد سمعتهم يقولون ان أردت أن تبدع ، فهذ يعني ان تترك معسكر الدين، وانت تبحث لك عن وطن جديد، وكنت قد وصلت إلى هنا باحثًا عن السكينة لرؤيتي الخاصة، وقد فرغت للتوّ من صلاتي، ولكنّي أشعر بأني ما زلت ضالا، ولا أدري كيف ومتى ولماذا بدأت المعركة.
تجلّت فكرتي بالحصول على بعض القبلات لليلتي المقبلة، والتي بالرغم من شعوري بالذنب، كنت قد شطبتها من مفكّرتي ، وكأنّي لم أشارك في رحلة قسرية، ولا كنت جزءًا من العالم ، لأنّني أدرك بأنّني سأغادره لامحالة ، وكلّ هذه العملية لن تستغرقني سوى أول يوم من ايام الخلق، وربع ألم ونصف بكاء وثلث حيرة وبقية بين أحلام وديون ربوية تدعى الفرح.
الساعة الآن الثالثة فجرا بتوقيت الماضي، وسأكون قد بلغت هدفي بعد قليل، وسأقوم بسكب نخبي الأول، وربما سأحتاج لسماع أغنية الصبر ، لكنّي وخلال ذلك، يمكنني أن أصبّ المزيد وأرتشف لحظة من العمر كي أكتشف نفسي من جديد، وهكذا فإن كأسي يتّسع لأيام الخلق الستة، ويبقى متسعاً في رأسي لأصب فيه ما تبقى من ايام الخلق ، ولكني حتماً سأشربها كلها قبل موتي ، شرط أن أسمح لنفسي بتذوق كأس اليوم الأول.
ويبدو أن على ترفيه نفسي في نهاية المطاف، مما يعني، أن أنسى الماضي ، وستنتهي ساعة المتعة ما بين النخب الأول والثالثة فجرا ، وحينها سأكون قد أنهيت درسي مع ما تيسر لي من النساء كي أتعلم متعة ثاني ايام الخلق، وإن كنّ بغايا شريفات يحملن مضغة الإنسانية في قلوبهن فهن قد ضجرن حتماً من وقر الضمير في آذانهنّ، وطوق الظرف يميل بخبرة إلى القول بأنهنّ بريئات مكبّلات بثياب الحاجة.
خلفي شفق يبقيني منشغلاً دوما بحوار حميم مع الله ، والملائكة تحوم حولنا كطائرات ورقية ، تقصف بالنور مساحات شاسعة لكن مجهولة تختفي كسراب بعد الوصول إليها ، وتغيّبها ظلالٌ وارفة لغابات من الأمل طويلة المدى ، ولست أدري كيف يشعرني هذا الأمر بحماسة شديدة ، لدرجة أني قد ألف رباط حذائي حول الأرض، وأقدمها بما فيها قرباناً لدخول الجنة.
أرى في ثالث ايام الخلق الأمهاتِ قانتات عابدات صابرات ساكنات في مدن الصمت، وبعد أن وهبن الحياة المضرجة بالدم ، اعتزلن العيش في قرى ريفية نائية ، لم تصلها الكهرباء بعد، إلا أنك في نهاية كل يوم ، تود العودة إليها قبل الغروب، ولو مشياً على الأقدام، حافياً عارياً ، لايهم ، المهم كم من المتع تفتقدها هناك ؟! ، وما بين الحدود الفاصلة بين الموت والحياة ، قد تقف قليلاً على طرف الطريق، ربما كي تفكر او تقرر ، يسار ام يمين ؟ ، وقبل أن تستفيق وتعلم ما تريد، ستجد بأنك قد ضللت الطريق.
في رابع ايام الخلق ، أذكر اني كنت طفلا ألعب في فناء ذاكرتي البريئة، فوجدت تلك الفجوة الغامضة في الحديقة الوطنية للمتنزّه الإلهي ، وبعد أن أمضيت الكثير من الليالي فيها ، وجدت الحكمة ، ونلت العلم، وتخرجت وأن أعرف تقريباً كل شيء، وأكتب دون حاجة لورقة وقلم وأفسر الظواهر دون تعب ، بل كنت أثمل لمجرد فكرة تمر بي ، ولذا فقد أتقنت التبصير.
من كتاب الأشياء الخفية ، محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح ما المراد بالروح في قوله تع


.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة تجيب عن -هل يتم سقوط الصلوات الف




.. المرشد الأعلى بعد رحيل رئيسي: خيارات رئاسية حاسمة لمستقبل إي


.. تغطية خاصة | سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال عهد رئ




.. تربت في بيت موقعه بين الكنيسة والجامع وتحدت أصعب الظروف في ا