الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإله الحائر

عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)

2014 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإله الحائر

يحملون إلاههم و يسيرون به في الأسواق .. يلقونه على الأرصفة ليستريحوا قليلا من عناء حمله .. أحدهم يشير إليهم أن لا يعترضوا الطريق المار إلى بضاعته فينظرون شزرا إلى بعضهم البعض .. تأكلهم لحاهم فيحملون إلاههم و يهوون به على رأس هذا المعترض و باسم الإله يمزقون جسده و يحتفظون برأسه لساعة لهو يلعبون بها .. و بضاعته حلال لهم غنيمة حرب من طرف واحد
يحملون إلاههم و يسيرون به يحين وقت الصلاة فيدخلون به لساحة الصلاة يركنونه بجانب أحد الأعمدة و يذهبون للاغتسال من حمى الزلل و يقومون بين يدي إلاههم ...يقيم الإمام الصلاة و هم خلفه يرددون ما تنزل من فيض الآيات " وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ... اثخنوا عليهم و شدو الرقاب ... قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ..." ثم يسجدون مسبحين بحمد الإله و بفضله
يقوم أحدهم على استحياء ينادي أين ذهب عقلكم ما بال الآيات تفيض رحمة و أنتم عنها معرضون ، ما بالكم تأولون من كتاب الله ما تريدون و تنزعون الآية من معناها لتصيبوا عرض الحياة الدنيا و تطلبون دمارا لم يطلبه منكم الله ألم تقرؤوا ألم تعووا "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين .... يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ-;- وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ-;- إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.... وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين .... يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون و لا أنتم عابدون ما أعبد و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم و لي دين ... ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ... وإن جنحوا للسلم فاجنحوا لها " يستمر الرجل في التلاوة رغم ما ينهالون به على رأسه بعد أن حطموا جزء من إلاههم يضربوه به .. يرفع أحدهم عقيرته أن كفاكم لم الضرب و السيف حااضر يجز به عنق الرجل و لا ينسى أن يأخذ معه الرأس ليضيفها لمن سبقه فالعدد لم يكتمل بعد
يرفعون ما تبقى من إلاههم و يخرجون من ساحة الصلاة بعد أن حمدوا الإله و أثنوا عليه و شكروه على نعمائه التي لا تعد و لا تحصى .. يسيرون قليلا و أثناء سيرهم يلقفون االإله لبعضهم البعض ليساعدوا بعضهم في حمل ما تبقى منه فرغم ذلك كم هو ثقيل الوزن
يقفون أمام وجه بكر تلوح أنوار الحياة فيه يغمزون إلى بعضهم البعض فالآن ساعة االراحة يتنادون هلم الآن لنأخذ بعضا من راحة فإن لجسدك عليك حق و بكل خشوع يضعون الإله بجانب أحد الأرصفة المهدمة خشية أن يتدحرج هنا أو هنا فيضيع و يضيعون خلفه ..
يلتفون حول الوجه يمدون إياديهم يلمسون ما لا يحق لهم فتذعر الفتاة ... تجري صوب بيتها لكن أين البيت و الأهل و الجيران جميعهم هناك متفرقون ما بين سليب أجهز على حياته و جزت رقبته و ما بين مختبئ هناك بين الشعاب يموت في اللحظة مئات المرات و ما بين مختطف هناك تحت الراية ... تصرخ الفتاة فيطربون لأجمل ألحان صراخها
يسمون باسم الإله و يمزقون الحياة بداخلها و عندما ينتهون يلقونها هناك تلحق بمن سبقتها تحت الراية ثم يحين موعد الصلاة فيغتسلون و باسم الإله يقيمون صلاة الشكر
يلتف بعض الصبية حول الإله المسنود إلى خراب الأرصفة يهمون بالإمساك به ، ظنوه أحد الألعاب التي بترت من أيديهم و هم يركضون ذعرا لكن أحدهم ينتبه فيقوم باتجاههم و في لحظات معدودة يقطفون كل صوت صغير يصرخ .. يلقونهم في أجولة معدة للصيد
يحملون إلاههم و يذهبون باحثين عن سهل يجلسون إليه فلا يجدون ... أي ضفة نهر... شربة ماء ... شجرة ... نخلة ... زيتونة ... لوز .. تفاح ... رمان مما وعدوا به.. يتساءلون بينهم أين ذهبت الحياة ؟ ماذا حل بالأرض ؟ أيكون غضب الإله ألم يطبقوا حرفيا كل ما فهموا أنه أراده منهم ؟ ينطق إلاههم هذه جنتي التي وعدتكم بها و هنا لا خوف عليكم و لا انتم تحزنون فذوقوا مما وعدتم و سبحوا و احمدوا و قعوا لي ساجدين

عايده بدر
9-9-2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah