الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظمآن يقنع بيسير الماء -قبل انضمامك إلى جماعة إرهابية ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء التاسع

نبيل هلال هلال

2014 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


والإسلام , شأنه في ذلك شأن سائر الأديان السماوية , يلفظ الديكتاتورية والطغيان والظلم , إذ تنطوي تعاليمه على أسس العدالة والمساواة والحرية ومناهضة الفساد , لذا كان على المستبد- بل من أولوياته- التدبير للتحايل على الإسلام أو معاداته في صراحة . فمن آليات الفرعون اصطناع التناحر وإثارة الجدل بين الطوائف والطبقات لشغل بعضها ببعض وإضعافها جميعا وصرفها عن التفرغ لمواجهته , ويكون هذا الجدل دينيا في ظاهره (قضية خلق القرآن أيام المأمون , أو وجوب الحجاب أم النقاب , والأحاديث النبوية بين القرآنيين ومعارضيهم ,أو القول بالتعجيل بتطبيق الحدود الشرعية , ومن له القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أو اقتصاديا (الربا وفوائد البنوك ودورها في الاقتصاد بين الإنكار والتأييد) ,أو فكريا (رواية وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر وحق المؤسسة الدينية في الاعتراض على الأعمال الإبداعية وإن كانت غير دينية) وهي أمور لا ينتهي الحديث عنها ولا يخبو أوار الخلاف بشأنها . ويراد بهذا كله امتصاص طاقات الغضب والاستنكار لدى الناس , وصرف اهتماماتهم إلى قضايا ليس من بينها مراجعة الحاكم أو انتقاده أو النظر في إعادة توزيع السلطة والثروة .
والمستبد يصور لشعبه زمانه على أنه زمن السكوت وملازمة البيوت والاكتفاء بذكر الحي الذي لا يموت , أو أنه أوان الترقب والإعداد لخوض معركة فاصلة مع العدو الغاشم , أو وقت حشد الجهود لبناء الوطن وزراعة الصحارى وتجديد البنية الأساسية ...., فيوهم الناس أن أمامهم أمورا مصيرية أَوْلى بالاهتمام والعناية من المطالبة بالعدالة والمساواة والحرية والوفرة والديموقراطية , وبذا يكون المُطالِب بها معطِّلا للمسيرة وبرامج التنمية ومخذلا عن منازلة العدو فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة , أي معركة.وبذا يَقنَع الناسُ من السلطان بأقل القليل , فالظمآن يقنَع بيسيرالماء .
وسلطة الأغلبية هي حجر الزاوية في أمر الحكم والإدارة في الإسلام , فالشورى والاختيار والمبايعة ,كلها أمور تؤكد سلطة الأغلبية .
وحديث الله لعباده في القرآن موجَّه للأغلبية:" يا أيها الذين آمنوا ","يا أيها الناس , وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم- وليس ولي الأمر . ولا مكان للانفراد بالسلطة , ولا إمكان لتهميش الأغلبية سواء بانفراد المستبد بالنفوذ أو بتضليل هذه الأغلبية وصرف انتباهها بعيدا عن مصالحها . ومظاهر الاعتداد بفعاليات الجموع والأغلبية في الإسلام عديدة :كتجمُّع الحج , وصلاة الجمعة, وصلاة الجماعة , وإذا لم تكن السلطة في يد الأغلبية لوقع الظلم عليها بفعل الإقطاع والطبقية والرأسمالية .
ولم يتدرب الناس على التحرك الجماعي. فالإدارة الجماعية هي أشد ما يخيف المستبد إذ لا يقوى على مواجهة الناس دفعة واحدة , بل يهزمهم إن واجَههم فرادى , فيحرص على تفرقتهم إذا اجتمعوا , فحرَّم المظاهرات , وحنَّط الجامع , وجرَّم ممارسة النشاط السياسي في الجامعات , وضيّق على النقابات المهنية , ومنع تشكيل الأحزاب.
ويتم تضليل الغالبية بأنها فاعلة ومشاركة في حكم نفسها بسن دساتير تنص على حريات موهومة لا تحظى بالتنفيذ , أو بتشكيل هيئات ومجالس شيوخ وشورى , وكلها كيانات هشة ومؤسسات من ورق تسيطر عليها مجموعات المصالح وحراس مكاسب السلطان وبطانته والطبقة التي ينتمي إليها أو تسانده . ويوهمون الأغلبية بأنها تعيش في نظام ديموقراطي تديره الأغلبية لمصلحة الأغلبية , وتنطلي هذه الحيلة على الأميين فهم جهلة لا يعلمون . وفي واقعنا المعاصر يُشاع أن المواطن العادي هو صاحب السلطة , ولكنها سلطة لا يعترف لها أحد بالسلطة ! وليس الشعب إلا نائما في صورة يقظان , وهو كزيد وعمرو في كتب النحاة , إذ تجري عليهما الأفعال وهما لا يشعران . من كتابنا (خرافة اسمها الخلافة -قراءة في سقوط الدولة الدينية)-لنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا




.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين