الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل :الاستيطان والغرب المتوحش

فضيلة يوسف

2014 / 9 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عندما كانت أنظار العالم مركزة على الأزمة الأوكرانية / الروسية ،وعلى داعش في سوريا والعراق ، وانتشار الايبولا في غرب أفريقيا، قررت الحكومة الإسرائيلية الاستيلاء على 1000 فدان من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالقرب من بيت لحم. تحملت حكومة نتنياهو بهدوء مخاطر استعداء ليس فقط السلطة الفلسطينية بل أيضا حلفاء إسرائيل في أوروبا وأمريكا الشمالية فيما شكّل سابقة واستخفافاً صارخاً بالقانون الدولي .
قبل الذهاب بعيداً جداً من المهم أن نذّكر القارئ بأن الاستيلاء على الأراضي من قبل الدولة المحتلة محظور بموجب القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى هذا الأساس، على سبيل المثال، تم انتقاد ومعاقبة الحكومة الروسية في وقت لاحق بسبب سيطرتها على شبه جزيرة القرم، على الرغم أنه يمكن القول أن شبه جزيرة القرم كانت تتبع تاريخياً للأراضي الروسية . ومع ذلك، اعتبر المفهوم الدولي القرم جزءاً من الأراضي السيادية لأوكرانيا، وفي غياب استفتاء شعبي بإشراف دولي، كان ضم شبه جزيرة القرم لروسيا غير قانوني.
تقوم الحكومة الإسرائيلية بتوسيع بطيء ولكنه مستمر للمستوطنات وتطرد الفلسطينيين من أراضيهم التي احتلتها منذ حرب حزيران 1967 بين إسرائيل وجيرانها العرب، ،وكان الاستيلاء على الأرض بالقرب من بيت لحم الأكثر توسعية في أكثر من ثلاثين عاماً.
انتقدت الولايات المتحدة هذا الاستيلاء على الأراضي بشكل لاذع ، وعلى الرغم من ذلك تم الاستيلاء على الأرض، كان الرد أقل من المتوقع قليلاً ، جزئياً بسبب التعاطف الساحق في الكونجرس مع إسرائيل الذي يمكّنها من القيام بأي شيء ترغب فيه بغض النظر عن التبعات القانونية والبشرية والثمن الباهظ الذي يدفعه الفلسطينيون. فشلت إدارة أوباما في اتخاذ موقف مبدئي ضد حكومة نتنياهو بخصوص سياسة الاستيطان وبالتأكيد بخصوص الحرب العدوانية ضد غزة ، إما بسبب الدعم الواعي لها أو خوفها من التصادم مع اللوبي الصهيوني. فلتت المؤسسة السياسية الإسرائيلية من "العقاب" بشكل مريح في كلتا الحالتين، بسبب دعم الولايات المتحدة ومنع الجهات الفاعلة الدولية الأخرى التي ترغب في التدخل.
لم يكن الرد الأمريكي الهادئ على مصادرة الأراضي مسألة هدوء نسبي حكومي ، فقد مرّ ببساطة دون أي غضب من جزء كبير من المؤسسة السياسية ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة. بينما اقترب المعلقون في وسائل الإعلام الأمريكية من الهستيريا في الأزمة الروسية / الأوكرانية، على سبيل المثال، فالصحفي في الواشنطن بوست Anne Applebaum ، اقترح على أوكرانيا وأوروبا الشرقية التحضير لحرب شاملة ضد روسيا. وإذا نحّينا جانباً جنون هذا النهج في العصر النووي، فلم يكن هناك أي شيء يقترب من هذا الغضب ضد العمل العدواني الإسرائيلي السافر.
من أجل فهم أفضل للصمت النسبي في الولايات المتحدة الأمريكية لا يكفي التركيز على جماعات الضغط للوبي الصهيوني، مثل AIPAC ، التي لها دور كبير مسّلم به في السياسة الأميركية. وأحد مخاطر التركيز المفرط على اللوبي الصهيوني أنه يمكن أن يقع في أيدي أولئك الذين يعبّرون عن كابوس معاداة السامية في تفسير السيطرة اليهودية المزعومة على الولايات المتحدة. الواقع مختلف تماماً ، ويشير إلى التعايش الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمؤسسات السياسية الإسرائيلية. و يشير أيضاً إلى شيء يتردد صداه على المستوى الشعبي: التراث المشترك للاستيطان.
نشأت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل كدول من خلال الاستعمار الاستيطاني، وكنوع معين من الاستعمار الاستيطاني. لم يهتم المستوطنون في 13 مستعمرة في أمريكا الشمالية التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية ، ولا المستوطنون الصهاينة في المستوطنات في فلسطين التي أصبحت فيما بعد أكبر جزء من فلسطين التاريخية في التوصل إلى أية تسوية مع السكان الأصليين. كان موقفهم واحد (السعي لإزاحة السكان الأصليين ، بأية وسيلة ضرورية ). لم يهتم الاوروبيون عندما اجتاحوا أمريكا اللاتينية في التزاوج مع السكان الأصليين. ولم يكن هناك أي رغبة أو حاجة للبريطانيين في أمريكا الشمالية (وفيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية) أو للمستوطنين اليهود في فلسطين، في خلق شريحة من "سلالة مختلطة" من الشعوب.
هناك أسطورة شائعة حول عملية إزاحة المواطنين الأصليين من أراضيهم ، ويظهر هذا في فيلم Shane. وهو فيلم (عام 1953) ل Alan Ladd عن مقاتل متقاعد في منطقة جبال روكي في الولايات المتحدة . الفيلم مقنع، مشاهدته جميلة جداً، ومع ذلك هناك مجموعة من الشخصيات المفقودة بشكل ملحوظ في هذا الفيلم : الهنود الحمر /المواطنون الأصليون . تدور أحداث الفيلم حول التناقضات بين المزارعين ورعاة الماشية، جميع الشخصيات من البيض وليس هناك حتى ذكر للهنود الحمر، على الرغم من أن هذه الأرض كانت مأهولة بالسكان من مختلف القبائل الأمريكية الأصلية / الدول التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين. لا يوجد تفسير معين لعدم وجود الأمريكيين الأصليين. يؤخذ الأمر ببساطة من قبل صناع الأفلام والمشاهدين أن الهنود إما لم يكونوا هناك أبداً أو أنهم ببساطة ليسوا هناك، هم ببساطة، خارج الموضوع.
يجسد Shane الأسطورة حول نمو وتوسّع الولايات المتحدة الأمريكية. كان الافتراض ببساطة أن الأرض موجودة لاستيطانها وفي أحسن الأحوال، كان الهنود عنصراً متعباً. توجد نفس هذه الأسطورة الآن عند الصهاينة. فالرواية الإسرائيلية الشهيرة تزعم أن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب قبل عام 1918و تنتظر شعباً بلا أرض .نفس الصورة في Shane . كانت الأرض هناك تنتظر المستوطنين، ويزعمون أنها ممنوحة لهم من الله ،وهي نقطة استخدمت مراراً وتكراراً في تبرير التوسع الاستيطاني في كل من أمريكا الشمالية و فلسطين.
يساعدنا فهم الإرث الاستعماري الاستيطاني الأوروبي المشترك على تفسير الصمت في وجه العدوان الإسرائيلي، لم يكن هذا الصمت من قبيل الصدفة ولا نتيجة لمؤامرة يهودية. يوجد حسّ بين البيض في أجزاء كبيرة من أمريكا ، والحق يقال في بعض أجزاء أخرى من الولايات المتحدة الأمريكية ككل يتضامن مع المشروع الإسرائيلي التوسعي، بوعي أو بدون وعي، نظراً لأن الولايات المتحدة كجمهورية قامت على المستوطنين البيض. رغم أن اللوبي الصهيوني لعب على كراهية الإسلام والعنصرية ضد العرب (اسلام فوبيا )، وما إلى ذلك، فلم ينجح على المستوى الجماعي لأن ذلك لا يرتبط بشيء أعمق بالتأكيد.
تقع أسطورة الاستيطان في مركز الخبرة للمستوطنين . تجربة السكان الأصليين، سواء في أمريكا الشمالية أو فلسطين غير مريحة ، السكان الأصليون هم مصدر إزعاج، من وجهة نظر المستوطنين، وأكثر من ذلك هم يقفون في طريق تقدم المستوطنين، يتكلمون بشكل مختلف عنهم. ويلبسون بشكل مختلف؛ ديانتهم وثقافتهم مختلفة. وبصفة عامة، لا يوجد أشياء مشتركة بينهم وبين المستوطنين.
ينظر الأمريكان إلى فلسطين عبر المحيط الأطلسي، فيبدو لهم أن التوسع الإسرائيلي مواز لتجربة الولايات المتحدة في بناء الدولة والتقدم. ومن المفترض أن يحاول الاوروبيون إلى حد كبير "تمدين" منطقة الإرهاب. عند تقديم الموضوع وفهمه بهذه الطريقة، يبدو الصمت في الولايات المتحدة أمراً مفهوماً بقدر بشاعته .
على هذا النحو، لا يمكن مواجهة غياب تحدي البناء العنصري للمشروع الإسرائيلي وكذلك بناء المشروع المعروف باسم الولايات المتحدة الأمريكية. اوضح الأمر بطريقة أخرى، السلالة لا تقل أهمية في العرف الإسرائيلي، وفهم طموحاتها، كما أهمية السلالة في ظهور الولايات المتحدة الأمريكية .ولتحطيم رواية الاستيطان علينا معالجة مفهوم السلالة.
ويساعدنا ذلك أيضاً في فهم أن توصيف إسرائيل (واحتلالها) باعتباره شكلاً من أشكال الفصل العنصري غير دقيق. وإنما يربط التجربة الإسرائيلية في الاستيطان ليس فقط مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما أيضاً مع دولة المستوطنين في جنوب أفريقيا قبل عام 1994. وقد ساهم هذا التقييم التاريخي والاستراتيجي لصعود ناجح، على مدى السنوات القليلة الماضية، فيما يسمى (المقاطعة / سحب الاستثمارات / العقوبات) (BDS) باعتبارها وسيلة عالمية لتحدي نظام الاستيطان الإسرائيلي. بغض النظر عن النوايا، ساعدت حركة BDS على مناقشة هذه المسائل التي أُزيحت جانباً إلى حد كبير.
وجدنا في الولايات المتحدة، أن تحدي أسس الاستيطان من بين أصعب المهام التي تواجه التقدميين. وهي مصدر إنزعاج عميق للمستوطنين وأحفاد المستوطنين، والتي يمكن وصفها ليس فقط في الجهود الرامية لأسطرة تاريخ الولايات المتحدة ولكن لحظر أية مناقشة مفتوحة وصادقة لواقع تجربة الولايات المتحدة. يسمي الإسرائيليون هذا "تقويض الشرعية" .
ينبغي لنا أن نفهم ما علينا فعله : "سرد الحقائق."
مترجم
Bill Fletcher








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإجراءات الدستورية في حال وفاة رئيس الجمهورية في إيران


.. بعد إعلان إيران موت الرئيس بحادث تحطم طائرة.. من هو إبراهيم




.. مصادر إيرانية تعلن وفاة الرئيس الإيراني بحادثة تحطم مروحية|


.. إيران تؤكد رسمياً وفاة رئيسي وعبد اللهيان.. في تحطم المروحية




.. إيران تودع رئيسها الثامن.. من هو إبراهيم رئيسي وكيف وصل إلى