الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في اللادينية – 2 - ما قبل َ مأسسة الدين.

نضال الربضي

2014 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في اللادينية – 2 - ما قبل َ مأسسة الدين.

------------------------------------------------------
إن "فكرة" الإله لم تكن كذبة،
لكن آلية ً (جهازاً، صناعةً) لـلاوعي يحتاج علم النفس أن يفك تشفيرها (يحللها).
لم يكن الإله الشخصي سوى شخص َ أبٍ تم تمجيده (تقديسه).
نشأت الرغبة في وجود "كيان إلهي" كهذا
من شوق الطفولة الأولى لأب ٍ قوي ٍ حام ٍ
من الشوق للعدالة و الاستقامة
و من الشوق لأن تستمر الحياة للأبد.
إن الإله هو التعبير عن (إسقاط، انعكاس) هذه الرغبات،
تخافه و تعبده البشر بدافع إحساسهم الملازم بعجزهم.
ينتمي الدين إلى (مرحلة) الطفولة الأولى للجنس البشري،
و لقد كان مرحلة ً مهمة ً أثناء الانتقال من الطفولة المتأخرة إلى النضوج.
شجع الدين قيما ً مهمَّة ً للمجتمعات،
لكن الآن و بعد أن بلغت الإنسانيةُ أشدها (تمام نضجها)،
يجب أن نتركه وراءنا.
------------------------------------------------------
(من كتاب: تاريخ الإله، للعالم الطبيب مؤسس علم النفس التحليلي: سيجموند فرويد، الترجمة: لكاتب المقال)

قدَّمت ُ في الجزء الأول من هذه السلسلة الإلحاد كوريث ٍ شرعي للدين، من حيث ُ أن الدين خدمَ في المجتمعاتِ الحضارية ِ الأولى مُهمَّة َ تقديم الإجابات عن ماهية الكون، و نشأة الكائنات، فقدَّم َ ما استطاع َ لكن بأدوات تلك الفترة(ات) التاريخية و بعلومها و حضاراتها، فجاء ما قدَّمه على اتساع المساحة المعرفية لم يتجاوزها. و أبرزتُ كيف أن الإلحاد َ اليوم يتخذُ ذات المنهج الديني القديم، من حيثُ بحثُهُ عن الحقيقة و رغبتُهُ في الكشف عنها، لكن بعلوم اليوم و قُدرات التكنولوجيا الحالية الهائلةِ في نوعية و كمية ِ مساهمتها الحضارية، و بذلك َ جعلت ُ من الإلحاد القيّـِم الأمين َ المُخلص على التوق البشري و الفضول الإنساني و الدافع الغريزي للمعرفة و الاستكشاف، و لقد حقَّ على كل البشر أن يتخلصوا من الموروثات و المُسلـّــَمات الدينية لولا المؤسسةُ الدينية و سادنها الذي يستلُّ النصوص خمارا ً للعقول و قفصا ً للقلوب. لكن يا تُرى ما الذي يجعل ُ السادن بهذه القوَّة و النصَّ صاحب تلك السيطرة؟ هاتين اللتين بدونهما ما كان ثمانون بالمئة من سكان كوكبنا الأرضي ليعرِّفوا عن أنفسهم بأنهم "أصحاب ُ دينٍ" على اختلاف الأديانِ الموجودة!

إننا نعرف الدين اليوم على شكل مؤسسات، فللأديان الإبراهيمية الثلاث مؤسساتها، و للأديان الوثنية مرجعياتها كذلك، و تشتركُ جميعها في وجود التنظيم الهيكلي، سواء ً كان تنظيما ً مركزيا ً كالكاثوليكية و الأرثوذوكسية المسيحية، أو غير المركزي و الذي يصحُّ أن نسميه "مركزية ً محلية كما في الإسلام، و في وجودِ قائمين أو سدنة يستديمون هذه المُنشآت و المؤسسات، و يقومون على خدمتها و خدمة المؤمنين و تعزيز معتقداتهم و تثبيتها و نشرها و ضمانِ متانةِ سطوتها و تأثيرها. جدير ٌ بالتَّأمُّل ِ و التفكير حقيقةُ كونِ هذه المؤسسات "حديثة ً نسبياً" مقارنة ً بعمر الجنس البشري بشكله الحالي (لا أتطرق ُ هنا لمن هم أقدم من الإنسان العاقل Homo Sapiens) و الذي تُخبرنا العلوم ُ بأنه تجاوز المئة ألف عام ٍ بقليل، بينما هذه الأديان لا تتجاوز الخمسة َ آلاف ِ عام.

لكن َّ السابق لا يعني أن الإنسان َ كان َ بلا دين، أو أن دينه أتى "مُؤسَّساً" منذ البداية، فالإنسانُ في عصوره الحجرية كان "ذا دينٍ" بدائي، و يورد المفكر السوري الكبير، و الباحث في الأنثروبولوجيا الدينية فراس السواح مراحلا ً ثلاثة ً للدين هي: الدين الفردي، الدين الجمعي، و الدين المؤسسي (أنظر الفصل الثاني: تبديات الظاهرة الدينية، كتاب: دين الإنسان، المؤلف: فراس السواح)، فالدين الذي نعرفه اليوم هو مرحلة ٌ متطوره هي الأخيرة من مراحل النضج ِ الديني، أي مرحلة َ المؤسسة الدينية.

لذلك فإن الإجابة على السؤال الذي أوردتُهُ في الفقرة الأولى من هذا الجزء من السلسلة لا بدَّ أن يعودَ بنا إلى عصور ٍ سحيقة، عصور التقاط ٍ و صيد، عصور ٍ حجرية ٍ قريبة ٍ من عصورِ الزراعة، لكن قبلها، تلكَ العصور ِ التي بدأ فيها الإنسانُ ينتبه إلى امتلاكه لهذا الحسِّ الذي يتميزُ به عن الحيوانات، و هو "الحسُّ الديني". و بحسب هذا الإحساس و كما تُخبرنا الكشوفات الأنثروبولوجية فقد بدأ الإنسان يدفنُ موتاه، و يضع معهم الزهور و الأدوات البدائية الملونة، و يمكننا أن نستنتجَ فنقول أنها كانت بدايات َ تفسيرهِ لرؤية ِ أحبائه في المنام بأنهم "مُستمرون" و التي أصبحت السبب الأصيلَ للاعتقادِ بوجود "الروح"، هذا الكيانِ الشبحي الذي يعادل الشبحية و الدخَّانية الشفافة للرؤية المنامية للأحباء و الخِّلَّان بعد موتهم.

في تلك َ العصور ِ السحيقة كانت مواردُ الماء ِ و الطعام ِ شحيحة ً، و كان تحصيل ُ القوت ِ و الغذاء عملا ً شاقَّا ً يتطلب من الرجال ترك مُخيَّم ِ المجموعة ليوم ٍ أو أيام للصيد، بينما تجمع ُ النساءً الأعشاب و تتعرَّفُ على خصائصها و تأثيراتها. و عند عودة ِ الرجال و طبخ ِ الطعام تجتمع ُ الأطفالُ حولهم، تتأملُ في هذه الرموزِ القويةِ التي تتسلَّحُ بفؤوسها الحجرية و رماحها البدائية و سكاكينها الصُّوانية، مُلطَّخة ً بدماء ِ الطرائد، شواهد َ على قوة ٍ تقهر ُ ما استطاعت من الطبيعة، و تُوفِّرُ الغذاء للجوعى من هؤلاء ِ الأطفال، ثمَّ تجتمعُ حول النار ِ في الليل كبيرة ً في قدرها لا يضاهي عظمتها سوى تلك َ البدائية ِ و الوحشية ِ و الشراسة ِ التي تتميزُ بها، و التي تختفي مع الأطفال ليحلَّ مكانها حبٌّ غريزي و عطف ٌ أبوي، فترتسمَ الرجالُ في مخيلة ِ الأطفال ضمانات ٍ للقوة و الكفاية و الطمأنينة و الاستمرار ِ في عالم ٍ لا شئ فيه ِ طيِّبٌ أو حنون ٌ.

أمَّا إحساس الإنسانِ بالقوَّة ِ المُحرِّكة للأشياء و المُسبـّـِـبة ِ للأحداث فهو وليدُ غريزة ِ البقاء ِ لديه، و هي الغريزة ُ التي طبعتها في الجينات تراكماتُ المسار ِ التَّطوري، عبر مليار ٍ و نصف المليار (1500 مليون) عام ٍ منذ تاريخ ِ ظهور ِ خلية ِ اليوكاريا الأولى (حقيقات النوى). تحتاجُ جميع الحيوانات إلى غريزة ِ البقاء حتى تستطيع َ الدفاع عن نفسها تجاه الأخطار المُحيطة ِ و المُحدقة، فصوتُ حفيف ِ الأشجار قد يعني وجود مُفترسٍ رابضٍ يتحرَّكُ بمكرٍ و حذر ٍ خاناه عندما احتكَّ بأغصانها، و قد تكونُ الرياحُ في جوبانها فسيح َ الأرضِ، و قد يكونُ الوهمُ الذي يُفرِزُه الخوف!

أمَّا في الحيوان، فيكفي أن يهربَ من الموقع ِ حين يسمعُ الصوت المُريب، أو إذا كان مُفترسا ً أن يمضي لاكتشافِ مصدر ِ الصوتِ، أو أن يزأر َ أو يعوي مُعلنا ً قبول التحدي، ثم ينتهي الموقفُ بمواجهةٍ إن استدعتِ الظروف، أو بمجردِ مضيِّ هذا الحيوانِ في يومِه أو ليلهِ إذا ما كانت الريح فقط أو هرب َ من فضحتهُ الأشجار. لكنَّ الإنسانَ ذا العقل ِ و الفكرِ و الخوف و الذاكرة لا يكتفي بما للحيوانِ من سلوك، فيختزنُ عقلُه ُ الصوت، و تسترجعهُ الذاكرة، و يجترُّ الموقف مرارا ً و تكرارا ً، باحثا ً عن معنى، في ما لا يتطلَّب ُ في طبيعتِهِ وجودَ معنى، ليقلَّبَ الأمر، و يبحثَ عن علَّةِ الصوت، و معنى هبوب ِ الريح، و القوَّةِ التي ساقتها، و مشيئةِ هذه القوة، و علاقته مع هذه القوة، و رد الفعلِ الذي يجبُ أن يسلك بحسبه ردا ً على سلوك القوة التي ساقت الريح إليه، فهو نرجسيٌّ في تفكيره و في سلوكه و في علاقاته مع الطبيعة ِ و المجموعة ِ البشرية، لأن حاجاته البدائية َ من طعام ٍ و شراب ٍ و مسكن ٍ و ملبس ٍ و أمن ٍ و حماية ٍ و اطمئنان ٍ تُلحُّ عليه بفعل ِشحِّ الموارد و بدائية الأدوات و انعدام ِ العلوم ِ و التكنولوجيا و وحشية ِ الطبيعة، فهو لا يملكُ إلا أن يكون نرجسياً و إلا أن يكونَ هو مركزَ الوجود، و إلا أن يحاول فهم كل ما حوله من خلال علاقة هذا "الكل" مع ذاته و وجوده، فهكذ تفرض الطبيعة و هكذا يُملي العوز.

إن محيطه المحدود لم يكن ليعطيه من الخبراتِ سوى تلك َ المُتعلقة َ بتأمين الحاجة، و بالخوف، و بالشُّخوصِ الضامنة للتأمين و المانعة من الخوف، و لقد كانت أعظمها شخصية َ الأب. و من هذا المحيط، أي من جوهر "السياق الخبراتي" و "الخلفية المعرفية" و "الفضاء الوجودي"، استنهضَ البشريُّ الأولُ تصوره:

- فهو مُحتاج
- و خائف
- و يريد أن يكتفي
- و ينشدُ الأمان
- بينما يلاحظُ قوى الطبيعة القاهرة و يشعرُ بالعجزِ أمامها
- و لذلك َ و كما أنه يستطيع ُ تأمين مُتطلبات الحاجة بدرجات
- و كما أنه يستطيع أن يدفع الخوف بدرجات
- فلا بدَّ إذا من وجود "كيان ٍ" أو كيانات ٍ فائقة ِ الطبيعة
- هي أيضا ً قادرة على الكفاية و المنعة و توفير الأمان
- هذا الكيان أو هذه الكيانات تشبه الأب الذي يعرفه و تتصفُ بصفاته.

و من هنا جاء دين الإنسان، من ترجمة ِ غريزة ِ البقاء التي جعلته يفكر فيما وراء الأحداث حتى و إن لم يكن من ورائها أي شئ، و هو ما يوضحهُ الفيلسوف و الكاتب ُ و عالم الوعي و الباحثُ في شؤون البيولوجيا التطورية: دانيال دينيت، مُسلطا ً الضوء َ على العلاقة ِ بين البيولوجيا و الوعي، مُبينا ً دور العقل الذي هو تمظهُرُ الدماغ في ترجمةِ استحقاقات ِ الطبيعة ِ البشرية و الغريزة الضرورية ِ لحفظ ِ النوع. )أنظر هذه المحاضرة َ الجميلة: http://www.youtube.com/watch?v=ql2yz7XDs2A)

كان ذلك هو الدين الفردي الذي حدَّث َ الإنسانُ به نفسه، ثم أقرانَهُ، الذين حدثوا فيه أنفسهم و بعضهم، حتى استتبَّ لكل مجموعة ٍ ديُنها الصغير البدائي ُ الضروري لجمعها و إعطائها هويتها و حفظها في وجه الخطر جامعا ً إياها كيانا ً واحدا ً يُميِّزها، قبل أن يعرفَ الإنسانُ الزراعةَ أو القرية َ أو المدينةَ أو الدولة. حتى إذا ما عرف الدولة َ بعدها، كان لها دينُها و سادنُها و هيكلُها و مُؤسستُها، و تحالف رجل الدين فيها مع رجل ِ المال و رجل ِ السياسة، من أجل مكاسب َ شخصية، يضمنُ استدامتــَها تقديس ُ و طقوسٌ و عبادات ٌ و هلوساتٌ تُوضعُ في نصوص، و تُعزى إلى القوى الخفية التي أخذت أشكالا ً أبوية ً أكثر تهذيبا ً من سابقتها البدائية، و صار لها قصصها و كائناتها و تاريخها، بعد أن تجرَّد الدين الفرديُ من أجملَ ما فيه، و هو الوجدان الصوفي الهيامي الأول، ليلبس ثوب المؤسسة، ثم ليتطور إلى أداة للسيطرة ِ و ضمان ِ التوافقِ و الانسجام ِ و الصبغة ِ الواحدة ِ الكارهة ِ للاختلاف، تلك الصبغة ِ التي تُدرك أن الاختلاف َ الذي يصدرُ عن الوجد و الوجدان و الصوفية و الهيام، هو في الحقيقة ِ تهديدٌ لكيان ِ الجماعة الاقتصادي و السياسي بفعل فرديتِه و تميُّزه الشخصي و عدم توافقه مع المجموعة لخصوصيته، فيتكلمُ عندها الإله، و يدوِّنُ سدنته و أنبياؤهُ نصوص الكشفِ الإلهي، ليتم الإعلانُ أنَّ الردة هي خيانةُ للجماعة و إضعافٌ لقوتها، و أنها خروجٌ عن طاعة الإله، و عداء ٌ لمن والاه، و بالتالي فلا يمكن أن يكون جزاؤها سوى الموت و العار.

ما قبل مأسسة ِ الدين، كان الإنسان، و كان الخوف ُ و العوزُ و الحاجة ُ و الكفاية ُ المحدودة، و شخصُ الأب، و كان الموتُ و الحلمُ و الرغبة في الاستمرار، فجاءت بوتقة ُ التاريخ كله لتجمع َ في نفسها المسير و المسار التطوري الأنثروبولوجي للجنس البشري في كلمة واحدة اخترعها الإنسان هي: الإله، لتكون َ هي صرخة الاعترافِ بالواقع، و أداة َ الهروب ِ منه، و الوسيلة َ الدفاعية َ في وجهه.

من أجل الإنسان كتبت، فمن كان له عقل ٌ ليفهم فليفهم!


--------------------------------------------------------
الجزء الأول: قراءة في اللادينية – الإلحاد كحركة دينية مُجدِّدة.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=423050








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انه تعريف الماء بالماء
nasha ( 2014 / 9 / 23 - 03:14 )
تحية طيبة اخي العزيز نضال
اقتبست من ما كتب فرويد في بداية موضوعك هذه الفقرة: لكن الآن و بعد أن بلغت الإنسانيةُ أشدها (تمام نضجها)،
يجب أن نتركه وراءنا.
كيف عرف فرويد وكيف اثبت ان الانسانية في تمام نضجها ؟
فرويد عاش في اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وتوفي قبل بداية الحرب العالمية الثانية بأيام . اي قبل 75
سنة ولم يكن العالم يعرف شيئاً عن الفضاء وفيزياء الذرة والتكنولوجيا الرقمية والهندسة الجينية ....الخ
استاذي العزيز مستوى المعرفة والعلم والتكنولوجيا ثبت بان لا حدود لها وخصوصاً بعد اختراع الكومبيوتر الذي يحفظ كميات هائلة من المعلومات وبامكانه حل معادلات رياضية كان من المستحيل حلها يشرياً
ومع ذلك يبقى سر الوجود غامض وغير معروف وسيبقى نظرية او معادلة عصية على الحل .
لا فرق كبير بين ما اعتقده اجدادنا وما نعتقده نحن الان.
الفرق المهم ليس بما هو الله او ما هو الالحاد الفرق المهم هو ما هي اخلاقيات الله وما هي اخلاقيات الالحاد .


2 - النضوج بحسب فرويد - 1
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 23 - 15:51 )
الأخ العزيز و المفكر الجميل Nasha،

أجد أن أفكارك عملية يهمها النتيجة و تعتني بالأهداف النهائية و تقيس الاختلاف من باب الفائدة أكثر من باب الوصف، و هذا نضوج له قدرة على أن يساهم في الوعي التنويري، فأشكرك عليه.

يا صديقي النضوج الذي نعنيه هنا هو القدرة على فهم النفس البشرية و الدوافع و الأسباب وراء الأحداث و الإرث الإنساني، و من هذا الباب تكلم فرويد ليشرح ما هو الدين و من أين أتى و ما هدفه، و كلامه معناه هنا أننا نستطيع التعامل مع الداخل البشري بأساليب حديثة متطورة تدرك حقيقته و تلبي حاجات الأمان و تجيب على أسئلة عن الحياة و نهايتها، دون أن نعزوها لمسبب غيبي لا دليل عليه، يعني بعبارة أخرى:

بما أننا قد عرفنا سبب اختراع الأديان فلا داعي الآن أن نتركها تكبل حياتنا و تمنعنا من التفكير الحر و يجب أن نعيش انسانيتنا كاملة و نحقق كل استحقاقاتها لنصل إلى مستوى وعي أعظم و بالتالي إلى حلول مفيدة لمشاكل العصر.

يتبع في التعليق القادم


3 - النضوج بحسب فرويد - 2
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 23 - 15:57 )
تابع من التعليق الأول

عندما قرأت تعليقك ابتسمت لأنني أحسست أنك قد قرأت جزءا ً من أفكاري، فلقد كنت أنوي أن يكوني مقالي عن -الإلحاد المفارق- و أقصد به -سلبية- الكثير من الملحدين في عدم رغبتهم في الالتقاء مع بعضهم و تعاظم إحساسهم الفردي بطريقة مبالغ فيها تشبه الطريقة الدينية، لكن مع فرق أن المتدينين لهم مرجعية يمكن أن تجيشهم في جماهيرية خطيرة جدا ًبينما يفتقر الملحدون إليها.

عبر البروفسور ريتشارد دوكنز عن هذه الفكرة يوما ً حين قال أن تجميع الملحدين يشبه -جمع القطط- Herding Cats و من المعروف أن القطط لا يمكن تجميعها في قطيع لفرديتها و خصوصيتها الواضحة، و مربو القطط الأليفة يعلمون مقدار الاختلاف بين تربية قط و تربية كلب مثلا ً من ناحية ولاء القط و ولاء الكلب.

لكني عدلت عن ذاك المقال لأن وقته لم يحن بعد، لكنه سيأتي :-)))))))

أهلا ً بك دوما ً.


4 - تصحيح
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 23 - 16:11 )
القارئ(ة) الكريم(ة)،

كتاب: تاريخ الإله A History of God هو للكاتبة البريطانية كارن أرمسترونج، و ليس كما ذكرتُ في بداية المقال.

أما الاقتباس فهو كما ورد، لسيجموند فرويد بدون أي تغير على مجتوى المقال.

أعتذر عن هذا الخلل الذي تنبهتُ إليه اليوم عندما أعدت قرآة مقالي للإجابة على الأستاذ Nasha، و أشكر سعة صدركم.


5 - لا حول و لا قوة الا بالله
ايدن حسين ( 2014 / 9 / 23 - 19:09 )
باللهجة العراقية . بشرفك . انت تؤمن بهذا . هل حقا ان الايمان بالله بدات للشعور بالامان . هل فكرة جهنم توحي لاحد منا بشيء و لو قليلا بالامان .


6 - الأستاذة أيدن حسين
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 23 - 19:54 )
تحية طيبة أستاذة أيدن،

موضوع مقالي عن الدين قبل أن تظهر المؤسسة الدينية، أي الدين الفردي ثم الجمعي.

فكرة الجنة ظهرت بعد أن انتقل الإنسان من مرحلة المشاعية نحو مرحلة فقدان السيطرة على وسائل الإنتاج و الخضوع لسلطة عليا هي سلطة الدولة الصغيرة ثم الدولة الأكبر، و من ثم أصبح يتوق للعدالة المفقودة و من هنا أتى مفهوم الجنة.

كذلك مفهوم النار لم يكن موجودا ً قبل مأسسة الدين، و هو مفهوم اخترعه الإنسان عند ظهور الديانات المؤسسية الكبرى و اولها الزرداشتية، فعذاب الإسلام مقتبس من جحيم الزرداشتية و التي هي من أوائل الديانات التوحيدية و عمرها 3500 عام.

ساهم في اختراع مفهوم النار رغبة السلطة الحاكمة في أن يقوم العمال و الموظفون بالعمل بأمانة دون سرقة أو تخريب لأملاك السيد، و بما أنه من المستحيل أن يوضع شرطي لكل مواطن، فكان لا بد من اختراع النار لتخويف الناس من الإهمال و السرقة.

و ساهم في اختراع النار احساس الإنسان بأن الظالم و السيد سعيد يعيش في الرفاهية بينما هو يتعذب، فكان لا بد من اختراع دار للعقاب تحقيقا ً للعدل.

كل هذا في الفترة بعد تلك التي يتناولها مقالي.

أهلا ً بكِ.


7 - تحياتي لكاتب المقال ولكن
أحمد فتحي ( 2014 / 9 / 23 - 21:52 )
تحياتي لكاتب المقال ولكن أود لفت نظر حضرتك أن فجر الدين هو الألوهة المؤنثة والربات والإلهات
وليس الأب/ الإله

رجاء مراجعة رواية ظل الأفعى
للكاتب المصري د. يوسف زيدان


8 - الأستاذ أحمد فتحي
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 24 - 06:06 )
تحية طيبة أخي أحمد،

يرى فرويد أن الطوطم هو أول ما يمكن أن نُطلق عليه -دين- بالمعنى القريب لما نعرفه، و أن عبادة الأب (تقديس، تمجيد، لا عبادة بمفهومها المتطور) سابقة للطوطم، فبعد أن كان الأب المسيطر على كل شئ، حتى على نساء القبيلة، قام الأولاد الكبار بقتله و أكله (في عصور سحيقة جداً) و تولدت لديهم عقدة فظيعة من جراء هذا العمل الهمجي، و بعد غيابه استعادوا وجوده و استدعوا هيبته عن طريق إسقاط مشاعر القوة الخاصة به على الطوطم (لاحظ أن البدائين يقولون أن الطوطم هو أصل القبيلة أي بعبارة أخرى أبوها).

يرى فرويد أيضا ً أن الطوطم سابق لعبادة الأم الكبرى. فالأم الكبرى هنا عبادة على مشارف الاستقرار و البناء و بدايات الحضارة (10 آلاف عام قبل الميلاد و بعدها) بينما نتحدث عن الأب و بدايات الطوطم في عصور سحيقة ما قبل ذلك ذلك (50 ألف عام قبل الميلاد).

يتفق مع فرويد كثيرون و يعارضه كثيرون لكن المهم هو أن ننظر إلى جوهر الدين كتعبير إنساني عن مكنون النفس البشرية المحتاجة بفعل بشريتها إلى ضمان في وجه قسوة و عبثية الوجود.

يمكنك مراجعة مقالاتي عن عشتار الأم الكبرى في أرشيفي.

أرحب بحضورك و ملاحظاتك.


9 - الهمجية لم ولن تنتهي ابدا بل زادت
مروان سعيد ( 2014 / 9 / 24 - 21:04 )
تحية للاستاذ نضال الربضي المحترم
وتحية لفكرك ولكن لاتعتمد كثيرا على المفكرين القداما اعتمد على الواقع المرير الذي نعيشه بعد النهضة العلمية
نعم هناك كثير من الشعارات الرنانة من دمقراطية وحرية وحقوق انسان لكن الواقع غير ذلك وانه هدوء يسبق العاصفة
الانسان زادت همجيته
في القديم ويدايات الانسان كان يخاف الجوع والبرد فقط ولايخاف الوحوش لاان الوحوش كانت تخافه وتبتعد عنه
اما الان زاد خوف الانسان بسبب الحروب والقنابل الذرية والهدروجينية والارهاب الدولي وتفجيرات العصر وتعرف كم مليون قتل بالحرب العالمية الثانية انه اكثر من 60 مليون
وكل هذا يسب الطمع والاحتكار والتكبر ونكران وجود الاب السماوي الذي سيحاسب الانسان يوما على زنوبه
ولان هناك خطركبير بنشوب حرب عالمية ثالثة وانتهاء العالم
وكما قال انشتاين اني لااعرف مالاسلحة التي ستستخدم بالحرب العالمية الثالثة ولكني اعلم بان لاسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الرابعة وهي العصي
وللجميع مودتي


10 - أصبت َوترا ً حساسا ً
نضال الربضي ( 2014 / 9 / 24 - 22:20 )
أخي مروان أيها العزيز الطيب لقد أصبت َ وترا ً حساساً في نفسي و أثرت َ قضية ً تشغلني.

أسأل نفسي دائماً: ما الفائدة مما أكتب؟ أنا أقول للناس عن أصل الأشياء لكن المجتمع و الحياة تمضي، و الاستهلاكية المادية وحش لا يعادله في البشاعة سوى التطرف الديني، كلاهما فك لكماشة تطحن الإنسان.

ماذا استفدنا من كل علومنا؟ من كل استنارتنا؟ ماذا أنجزنا للبشرية؟ ربما تحسين مستوى المعيشة من صحة و علوم و تطور، لكن قيمة الإنسان ما زالت كما كانت يوم انحدر من الشجرة ليمشي على قدمين!

يقول الإنجيل: إن ملكوت الله في أنفسكم، و يقول القرآن عن النفس البشرية: و من أحياها فكانما أحيا الناس جميعا، و يقول أعمدة الإلحاد أنهم يعملون لتحرير الإنسان، لكنهم كلهم جميعا ً يستعبدونه بكل الطرق.

أصبحت ُ أجد هدوءا ً و سلاما ً عظيمين عندما أختلطُ مع الأطفال و المراهقين، فأرى فيهم البراءة و الإنسانية و أحس أننا كبشر فقدنا هذا حينما كبرنا.

يقول نجيب محفوط: و ستفتح الحياة أبوابها يوما ً لمن يخوضها ببراءة الأطفال و طموح الملائكة.

أتمنى أن لا نفنى قبلها.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah