الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيداغوجيا المشروع

عبدان عبدالفتاح

2014 / 9 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي


إن الرهانات التي تختزلها فكرة مشروع المؤسسة تتخذ أهمية خاصة في وقت تستأثر فيه المسألة التعليمية باهتمام الرأي العام ويتعرض النظام التعليمي لانتقادات صادرة عن جهات مختلفة. وبقدر ما يتوفق خطاب – الأزمة- في تشخيص الاختلالات والكشف عن العوائق، بقدر ما يتعثر خطاب – الاصلاح- الذي غالبا ما يركن إلى العموميات ويقتصر على إعلان النوايا.
وبقدر ما تسهم الأسرة التعليمية في إغناء النقاشات الدائرة حاليا عن واقع وآفاق المدرسة المغربية. بقدر ما يترسخ الوعي لدى العاملين في حقل التربية والتعليم بالدور المنوط بهم كفاعلين مباشرين. لتجاوز العوائق والنهوض بالمؤسسة التعليمية.
ومن منطلق هذا الوعي يفتح مشروع المؤسسة آفاقا واسعة تسمح بتشخيص العوائق وتحديد الحاجيات على مستوى استكمال التكوين والخبرة. وذلك بموازاة انتقاء الأنشطة وتدقيق الإجراءات التقويمية. إن الدلالة الأساسية لفكرة المشروع إضافة لكونها تسعى لتحقيق الانتقال إلى مستوى الممارسة الراغبة في تغيير المحيط المؤسساتي أو تعديل النشاط الذاتي وفق غاية محددة. تكمن كذلك في كونها دعوة للتفكير الجماعي ووسيلة لتحقيق التشاور والانسجام بين مختلف الفاعلين التربويين لوضع خطة تربوية شاملة لمؤسسة معينة تحظى بمساندة الجميع وتسهم في تحقيق الأهداف الوطنية.
تنطلق بيداغوجية المشروع من المقاربة التربوية لجون ديوي المتمثلة في جعل المدرسة بمثابة مقاولة للتربية والتعليم، إذ هي طريقة تقوم على تقديم مشروعات للتلاميذ، في صيغة وضعيات تعليمية تدور حول مشكلة اجتماعية واضحة، تجعل التلاميذ يشعرون بميل حقيقي لبحثها وحلها حسب قدرات كل منهم، وبتوجيه وإشراف المدرس، وذلك اعتمادا على ممارسة أنشطة ذاتية متعددة في مجالات شتى. وتنطلق هذه الطريقة من تجاوز الحدود الفاصلة بين المواد الدراسية، حيث تتداخل هذه المواد لكي تتمحور حول مجموعة من الأنشطة الهادفة، وبهذا تصبح المعلومات والمعارف مجرد وسيلة لا غاية في ذاتها . ويصير المشروع وضعية إدماجية حقيقية ومناسبة لكل القدرات والكفايات التي اكتسبها المتعلم في جميع المواد الدراسية، وذلك من أجل استثمارها في تجاوز كل العقبات التي تعترض تنفيذ المشروع أو أحد مراحله، مما يجعل المتعلم يكتسب المعارف من خلال البحث والتعلم الذاتي، علاوة على أنه يصير قادرا على الاندماج في المحيط الاجتماعي والاقتصادي لبيئته.

1- ما هو مشروع المؤسسة؟
تحيل مختلف الدلالات القاموسية واللغوية لمصطلح المشروع إلى النوايا والأهداف المزمع تحقيقها مستقبلا باعتبارها ترسم صورة عن الوضعية أو الحالة المرغوب فيها. وبالتالي إن المشروع ممارسة تتوخى تغيير المحيط الخارجي أو تعديل النشاط الذاتي وفق غاية محددة. ويتخذ مصطلح المشروع في القاموس التربوي دلالة خاصة تحيل إلى مجموع الأهداف المستقبلية ومختلف الأنشطة الكفيلة بتحقيقها، وبالتالي فإن المشروع التربوي مجموع الإجراءات التي تعتمدها مؤسسة معينة لتحديد أهدافها الخاصة ونوعية الأنشطة المستهدفة والتي يتم إنجازها وتعديلها دوريا بمساهمة التلاميذ ومختلف الأطر التربوية وكذا آباء وأولياء التلاميذ من هذا المنطلق يتوخى المشروع تجديدا تربويا يسمح بتجاوز مجموع العوائق التي تم رصدها. إنه خطة عمل تساهم جميع الأطراف المعنية في بلورتها وترمي إلى تجسيم مشروع مدرسة الغد على مستوى المؤسسة معتبرة خصوصياتها ومحيطها، وهو بمثابة عقد تلتزم هذه الأطراف بتنفيذه على مراحل.
2- لماذا مشروع المؤسسة؟
يرمي مشروع المؤسسة إلى:
-;- تفعيل دور المؤسسة كحلقة أساسية في المنظومة التربوية.
-;- إشاعة روح المسؤولية لدى كل الأطراف المعنية وضمان مساهمتهم في تحقيق الأهداف المرسومة.
-;- تحسين مكتسبات التلاميذ والارتقاء بنتائجهم إلى مستوى المعايير العالمية.
-;- تطوير الحياة المدرسية وتحسين المناخ داخل المؤسسة التربوية.

3- ماهي وظائف المشروع التربوي؟
يمكن اعتبار المشاريع من حيث مضامينها البيداغوجية وطرق تنفيذها التي تعتمد على الممارسة الفعلية تؤدي إلى ارتقاء المتعلمين معرفيا وتربويا وفكريا، وكل ذلك يحصل من خلال التشبع بالمبادئ والقيم التي يكتسبونها، فتفعيل المشاريع التربوية داخل المؤسسة يجعل المتعلمين يدركون الروابط الموجودة ما بين المواضيع المتمايزة والعالم الخارجي. كما أن بيداغوجيا المشروع تعلم التلاميذ كيف ينظمون في مجموعات من أجل مباشرة أعمال فردية أو أعمال مشتركة، وكيف يخططون وقتهم الخاص، وكيف يعملون وفق برنامج معين.
ولا شك أن المشاريع تعطي للمتعلمين فرصة التفاعل بين بعضهم البعض وتسمح لهم أيضا بأن يأخذوا بين أيديهم زمام تكوينهم الذاتي.
4- من الأطراف المعنية بمشروع المؤسسة؟
يعنى بتنفيذ المشروع التربوي كل الفاعلين التربوين الذين يسهمون في تدبير الفضاء المدرسي ومراقبته، ونعني بذلك الأساتذة والإداريين والتلاميذ والآباء والمفتشين وكل الشركاء الخارجيين.
5- ماهي مقومات نجاح مشروع المؤسسة؟
• انخراط كافة الأطراف المعنية؛
• التوظيف الأمثل للإمكانات المتوفرة؛
• الالتزام بالأهداف المرسومة للمشروع؛
• انسجام أهداف المشروع مع مشروع مدرسة الغد.
6- ما هي مراحل إنجاز مشروع؟
يمر المشروع من عدة مراحل يمكن إجمالها فيما يلي:
أ- اختيار المشروع وتحديد أهدافه: ويتم ذلك بإشراك التلاميذ والتشاور معهم في شأنه، وينبغي أن يكون المشروع متوافقا وميولات التلاميذ ورغباتهم، ويجب أن يتناسب المشروع مع القدرات العقلية والعضلية للمتعلمين، ثم ينبغي أن يثير المشروع أنشطة متعددة ويمس مجالات عمل متنوعة وقريبة من مواضيع المقررات المدرسية التي يشتغل عليها التلاميذ.
ب- تخطيط المشروع وتنظيمه: يقوم المدرس بمعية التلاميذ بتخطيط المشروع وتنظيمه في ضوء الاحتمالات الممكنة، وذلك لضمان عدم الاخفاق في تنفيذه، حيث يجب تحديد الأهداف، وتقسيم المشروع إلى مراحل واضحة وخطوات محددة، وتقسيم العمل، ثم بيان وسائل وموارد التنفيذ ( الزمن، الواد، التكلفة...)
ج- تنفيذ المشروع: أي تنفيذ المشروع حسب ما تم الاتفاق عليه وصياغته خلال مرحلتي التخطيط والتنظيم.
د – تقييم المشروع: مناقشة إنجازات المتعلمين وتقييم مدى نجاعتهم في عمليات التخطيط والتنظيم والتنفيذ والنتائج، حيث يتعرفون على مواطن الضعف وأماكن الخطأ، ثم العمل على بلورة النتائج بصورة علمية منظمة توضح جوانب الظاهرة التي شكلت موضوع المشروع.
ويمكن تحديد الأهداف التربوية العامة لاستراتيجية المشروع في النقط التالية :
- الربط بين العمل والنظر والممارسة والفكر.
- التوافق مع ميول المتعلمين وقدراتهم.
- تأسيس التعلم على النشاط الذاتي للمتعلمين.
- تعديل السلوك واكتساب عادات وخبرات جديدة ومواقف إيجابية.
- ربط التعلم بمواقف الحياة الاجتماعية.
- تعويد المتعلمين على اتباع الأسلوب العلمي في التفكير وفي حل المشكلات التي تعترضهم.
- تكوين مواقف التعاون والعمل الجماعي والاعتماد على النفس.
- التدريب على التخطيط والتنظيم وعلى القدرة على جمع المعلومات والبيانات وتوظيفها.
7- تقويم مشروع المؤسسة
تتخذ مختلف الإجراءات المتعلقة بتقويم المشروع أهمية خاصة باعتبارها تكون مندمجة في مراحل بحيث تمكن من قياس إنجاز الانشطة المبرمجة ومن القيام بالتعديلات والتصحيحات الضرورية. كما تتخذ هذه الإجراءات بعدا استكشافيا وتروم قياس فعالية مختلف الأنشطة التربوية.
إن التقويم إذن يشمل مجموع المشروع فإنه يسمح بتعديل هذا الجانب أو ذاك بغية تحقيق انسجام أفضل بين مختلف الأنشطة المقررة. ومن هنا ارتكازه على مجموع المؤشرات التي تمكن من قياس سير الأنشطة والنتائج المتمخضة عنها. وإن ملاحظة مختلف تلك المؤشرات لتبرز نوعين من الفروقات أحدهما يشير إلى الفارق بين الوضعية الأولية وقبل انطلاق المشروع والآخر يحيل إلى الفارق بين الوضعية الراهنة والهدف المنشود.
مقترح لمشروع تربوي يمكن إنجازه رفقة التلاميذ: مشروع تربوي تحسيسي بالسلامة الطرقية
المدرسة: الإمام علي
النيابة : نيابة آسفي
المستويات المستهدفة: المستوى الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس إبتدائي
موضوع المشروع: السلامة الطرقية
الهدف المتوخى من المشروع: تحسيس المتعلمين بأخطار الطريق وحتهم على احترام قانون السير.
المسؤول عن تنفيذ المشروع: الأساتذة- الإداريون- التلاميذ- الآباء – المفتشون-....
المدة الزمنية لانجاز المشروع:أسبوع من 16 إلى 22 فبراير 2010
الوسائل المعتمدة للتنفيذ : الإشارات الطرقية – الصور – أشرطة وثائقية...
الأنشطة المزمع إنجازها:
-;- أنشطة داخل القسم: - تخصيص 5 دقائق من كل حصة للتطرق إلى قانون السير.
- تكليف التلاميذ بإنجاز بعض العروض حول التعريف بمخاطر الطريق.
-;- أنشطة خارج القسم: - البحث عن صور لحوادث السير وتحديد أسبابها.
- البحث عن قانون السير المغربي
- تفسير بعض معاني الإشارات الطرقية
-;- أنشطة تهم المدرسة ككل:
- مسابقة ثقافية: اختيار تلميذ من كل قسم، وإجراء مسابقة ثقافية في قانون السير.
- معرض للرسم: تكليف التلاميذ برسم لوحات تشكيلية تحسيسية بمناسبة 18 فبراير (اليوم الوطني للسلامة الطرقية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال