الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من فروق بين حماس وداعش؟

ناجح شاهين

2014 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




يبدو أنني لا أعيش على هذا الكوكب. نعم يبدو أنني غفوت مئة سنة ثم عدت. كتب خالد عمايرة الذي يكتب للمثقفين فقط: "متى سيزحف الحوثيون المجوس إلى مكة ... الحوثيون الروافض المشركون عباد الأئمة على وشك السيطرة على صنعاء عاصمة اليمن ووجهتهم التالية هي مكة المكرمة ...الخ" لم أصدق عيوني: إن كاتباً فلسطينياً يمثل فكر حركة فلسطينية مقاومة ينبري إلى التحريض بأقسى لغة ممكنة ضد جماعة إسلامية يختلف معها في بعض الاجتهادات الدينية، فيصفها بالمجوسية والشرك دون أن تطرف له عين. لا مكان للاختلاف أبداً. ترى أين موقع المسيحي والعلماني والشيوعي وغيرهم وغيرهم في عقل هذا الفكر وقلبه وضميره؟ هل من مكان لأحد في وطن يمكن أن يسيطر عليه أصحاب هذا الفكر؟ كأنما الإفلاس السياسي يلد تطرفاً في الفكر الديني والاجتماعي.
الفكر الديني فكر كلياني مطلق الصحة لا مكان فيه للاختلاف. أنا أتفق مع الكاتب عمايرة في غضبته. ولكن المشكلة أن كل فكر ديني هو فكر مطلق لا مكان فيه للقبول بأية اختلافات. هل يمكن في باب البراغماتية السياسية والاجتماعية التظاهر بقبول الآخرين من أجل أن تستمر الحياة على هذه الأرض؟ أليس الحوثيون مقتنعين بأن "دينهم" هو الدين الصحيح من بين "الأديان" كلها؟ أليس الشيعة الزيدية على قناعة مطلقة بأنهم على حق وأنهم الفئة الناجية من بين فرق الشيعة جميعاً؟ أليس الروم الأرثوذكس على إيمان لا يتزعزع بأنهم أصح إيماناً من الكاثوليك والبروتستنت والمنونايت؟ أليس الزن بوذيون مؤمنين بأنهم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في مواجهة البوذيين؟ إنها معضلة لا حل لها: يجمع أصحاب كل فرقة دينية على أنهم الحق كل الحق، وأن غيرهم الباطل كل الباطل. ما العمل لحل المعضلة؟ إما أن يقتل الناس بعضهم بعضاً كما يفضل داعش والقاعدة ومن لف لفهم، وإما أن يقبل كل طرف بضلال باقي الأطراف ويترك أمر الفصل في هذا النزاع إلى خالق البلاد والعباد وهو أحسن الحاكمين.
كنت أظن مخلصاً أن حركة المقاومة "حماس" تتبنى الخيار الثاني، أعني خيار الآية الكريمة:"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون." وبهذا الشكل يمكن لها أن تتعاون في مشروع المقاومة من أجل دحر الاحتلال مع فصائل وطنية علمانية مثل فتح، أو فصائل علمانية يسارية يعرف عنها الاتجاه الإلحادي والاشتراكي بهذا القدر أو ذاك، من قبيل الحزب الشيوعي والجبهتان الشعبية والديمقراطية. لكن هذا الهجوم المرعب على فئة مسلمة لها اجتهاد مختلف في فهم الدين يثير القشعريرة في النفوس. إن الرفض المطلق للآخرين وصولاً إلى تصفيتهم جسدياً إن لزم الأمر على طريقة داعش هو ما توحي به هذه اللغة النارية. والصحيح أن اللغة المستعملة لا تسمح لنا بالتماس أي تفسير ينفي التماهي بين الفكر الديني في فلسطين ونظائره الداعشية. يقول النص نفسه: "إن الله سيبعث خنازير الشيعة ليسوؤوا وجوه آل سعود الكالحة..." طبعاً الرجل غاضب من آل سعود الذين يريدون المشاركة في الحرب الأمريكية ضد داعش. وهنا يتبنى الكاتب صراحة هذا الاتجاه بوصفه "أهل الحق": "فمن سيقف في وجه المجوس غير أهل الحق والتوحيد الذين يحاول آل سعود القضاء عليهم بحجة الإرهاب والتطرف؟"
لست في سياق مناقشة السياسية الاستعمارية في المنطقة وموقع المقاومة منها، وما يمثله "الروافض" من حزب الله، وإيران، والحوثيين، وسوريا بالنسبة للاستعمار بوصفهم لبنة أساس في المشروع الكوني ضد الهيمنة الاستعمارية. ولا بد أن الدكتور الزهار يكفيني مؤونة ذلك لأنه ينوه منذ بعض الوقت بدور "الروافض" في دعم المقاومة بما فيها حماس. كما أنني لا أريد أن أناقش إسهام "أهل الحق" من قبيل داعش وغيرها في النضال ضد الصهيونية والاستعمار الأمريكي. من الواضح أن هذا نقاش عابث لأن الناس كلها باتت ترى بعينيها أن ثوار النصرة وداعش يتلقون العلاج والرعاية الكاملة في مشافي الاحتلال الإسرائيلي ويحظون بزيارات عيادة المرضى من نتانياهو شخصياً.
ليس موضوع البحث هنا هو السياسة. إنما تساؤل عن بقية من عقل: هل قرر الإسلاميون من "أهل الحق" فتح بوابات الجهاد ضد المجتمعات العربية الكافرة بغرض قتل أبنائها المسيحيين، والعلمانيين، والمختلفين في المذهب الإسلامي ذاته، وإرجاء المعركة من أجل فلسطين، والمعركة ضد الاستعمار، إلى ما بعد الانتهاء من ذبح الإخوة "الكفار"، أو تهجيرهم باعتبار هذه خطوة أكثر أهمية من الناحية الجهادية؟ لا جرم أن فوزي منصور على حق: إنهم إن قرروا ذلك، يكتبون الصفحات الأخيرة في كتاب "خروج العرب من التاريخ." فهذا الجنون العدمي لا يذهب بأهله ومجتمعه إلا إلى الانقراض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من شابه اباه فما ظلم!!!.
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 9 / 24 - 05:12 )
لا فرق بين حماس وداعش بل لا فرق بين اخوان غزة واي اخوان اينما تواجدوا والفرق في التكتيك فقط. اما لخالد عمايرة اقول : اذا كنت تعتقد بان الحوثيين الشيعة هم مجوس فان احتلالهم لمكة لاجل الاحتلال غير وارد لان الجيوش الامريكية والاسرائيلة لا تسمح بذالك واما اذا كان الاحتلال لاجل التخريب فهذا غير وارد ايضا لان لا فرق بين مكة ومعابد النار والطقوس في المعبدين هي طقوس وثنية.لكن انه من الؤسف حقا ان الجيش البدو الاحتلالي قضى على ثقافة المجوس عند احتلاله بلاد فارس وارغام اهلها على اعتناق دين البداوة ولو بقوا على مجوسيتهم لكان اشرف وانبل لهم والدليل ان نبل وشرف وسلوك وانسانية المجوس الفارين الى الهند لا يقارن بسلوك المسلمين وبالاخض الحركات الارهابية وكتاب المجوس الـ Avista خير دليل. اما عبادة الشيعة للائمة فالائمة هم اهل بيت النبي وهم اولى بالعبادة من ابنأء ذوات الاعلام .اما لـ ابي مازن اقول: لا امل لقيام دولة فلسطينية في ظل فقه الضرورات تبيح المحظورات وهو يعني التحالف مع الشيطان ان اقتضت الضرورة او ابادة نصف سكان غزة لضمان بقاء الاخوان في السلطة.اما للشعب الغزي المظلوم نقول:انتم كيش فداء لـ حماس


2 - هل من فروق بين حماس وداعش والصهيونية؟
سمير آل طوق البحراني ( 2014 / 9 / 24 - 06:23 )
كلا يا اخي لا فرق بين حماس وداعش والصهيونية وكل حركات الاخوان لان مبدا كل تلك الحركات هو الغاية تبرر الوسيلة وكلها تستعمل الدين لتبرير غاياتها وهو الاحتلال والاستيلاء على ممتلكات الغير لاجل السلطة فقط.اما اذا كان الشيعة مجوس فالذنب هو ذنب حكومة خادم الحرمين التي سمحت لهم بدخول مكة لاداء مناسك الحج.الغريب في الامر ان امثال خالد عمايرة يعتبرون الصهيونية دولة احتلال وفي الوقت ذاته يدافعون عن داعش التي تربطها علاقات وثيقة مع الصهيونية ولقد رأيتا زيارة نتانياهو لهم في مشافي اسرائيل.سؤآلنا لماذا لاتقاتل داعش لتحرير فلسطين وتاجيل قتل المجوس والروافض الى حين الانتصار؟؟.ام انه لا فرق بين داعش والصهيونية الا بالاسم؟. اما لاهالي غزة نقول هل تحققت تنبؤات المتنبي عندما صوتتم لحماس؟
ستبدول لك الايام ما كنت جاهلا * وتاتيك بالاخبار ما لم تزود.

لا دبن في السياسة. هي المصلحة فقط.
تحكم باسم الدين كل مذمم ٍ * ومرتكب حفـّتْ به الشبهاتُ
وماالدين الا ّ آلة ٌ يشترونها * الى غرض يقضونه وأداة ُ
وخلفهم الاسباط تترى ، ومنهم* لصوصٌ ومنهم لاطة ٌ وزناة ُ
فهل قضت الاديان ان لاتذيعها * على الناس الا هذه النكرات


3 - فرق نوعي
أحمد عليان ( 2014 / 9 / 24 - 21:59 )
كعلماني ملاحظ ؛ أرى فرقا نوعيا أساسيا بين حماس و داعش .. و هو كما يفسره سياق الوقائع كالتالي ؛ حماس نشأت معادية لاسرائيل ، و داعش نشأت لخدمة اسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر. فشتان بين الحركتين ..

اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446