الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإيدز والإرهاب : فقدان المناعة وفقدان الخطاب الإنساني

التهامي صفاح

2014 / 9 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المسلم به في علم البيولوجيا الآن أن فيروس الإيدز أو السيدا virus HIV (مسبب داء فقدان المناعة البشري) يهاجم اللمفاويات تي 4 T4) ( هؤلاء الحراس الشداد للجسم البشري. T4 هي خلايا متخصصة في المناعة النوعية حين تفشل أنواع المناعة الأخرى أي المناعة عن طريق الحواجز الطبيعية للجسم كالجلد والمخاطيات و غيرها أو المناعة غير النوعية التي تلتهم كل ما جاء في طريقها عن طريق البلعمة (من إبتلاع) بواسطة البلعميات و هي خلايا تلتهم كل شيء غير ذاتي في الجسم .يمكن تسمية هاته البلعميات بأجهزة النظافة الحضرية التي تكنس الطرقات دون التفريق بين حجم النفايات صغيرا كان أم كبيرا أونوعها.
المناعة النوعية سميت كذلك لأن الخلايا المتخصصة تتعرف أولا على المواد الدخيلة أو المايكرويات المسببة للأمراض ثم تنتقل للقيام بمايلزم إما بإنتاج مضادات أجسام قوية ملائمة أو بتحريك خلايا متخصصة تسمى الخلايا القاتلة killers.
تشكل اللمفاويات T4 80% من مجموع اللمفاويات الموجودة في كل مكان بالجسم .
يمكن القول بصفة عامة أن جهاز المناعة ، فيما يخص المؤهلات الذاتية للكائنات الحية ، و التغذية والتناسل و التطور البيولوجي للآلة الحية عبر الزمن والدفاع الميكانيكي على وسط العيش بالإضافة للعوامل البيئية الملائمة كمؤهلات خارجية كلها آليات لإستمرار الحياة .جهاز المناعة أو الإصلاح الذاتي الذكي للماكنة البشرية وغيرها الغيرموجود في أي من مصنوعات الإنسا ن دليل على وجود خالق للكون .لو تعمقنا أكثرفي التفاصيل التي لا يسمح بها حيز المقال غير الموجه للمتخصصين بالضرورة لَظَهَر الأمر من وجهة نظري أكثر من وا ضح .
المهم ، يُفهم مما سبق أن تدمير الخلايا T4 هو تخريب لوسائل الدفاع المتطورة للجسم البشري وبالتالي هوإضطراب خطير في توازنه و صحته. فيصبح عرضة للتلف والموت بأبسط المايكروبات التي كانت في السابق لا تشكل أي خطر عليه .بل تتكالب عليه هذه الأخيرة من كل جانب وكأنها كانت تنتظر فقط هذه اللحظات الذهبية للإنقضاض .إنها تشبه تلك الضباع التي تنتظر أن تنتهي الأسود من فرائسها لتمر للمرحلة الأخيرة من تتميم إتلاف الغنيمة .و من هنا خطر داء الإيدز.
يمكن تشبيه مجتمع يعيش حالة من الإستقرار و السلام وتدبير الخلافات بالحوار الديموقراطي البعيد عن لغة السلاح والعجرفة بجسم صحته جيدة .وكما شبهت المايكروبات البسيطة بالضباع فيمكن أيضا تشبيه الإرهابيين بهذه المايكروبات البسيطة التي تنتظر مختبئة في مكان ما ضعف وإنهيار الحكم المركزي في كل البلدان المستهدفة في شمال افريقيا والشرق الأوسط لتنقض على الجميع كغنيمة ، ليس إحتقارا لهم لأنهم إنسان بل بسبب وهم إنسان إنحدروا لمستوى الحيوان .لأنهم لم يتلقوا التربية التي يستحقونها كإنسان ويكونوا مفكرين أومدافعين بالسلمية ، فضاعوا .
و هذا أبو محمد العدناني كما جاء في فيديو منسوب له كناطق رسمي بإسم داعش يقول فيه بالحرف (تجد أيها القارئ الكريم رابط الفيديو أسفله ) وهو يهدد ما يسمى الصحوات في العراق و سوريا بعد نيل هذه الأخيرة من داعش في هذه السنة 2014 :
"لا تغتروا بعد أن أصبتم منا غرة جبانة غادرة .فقد طعنتمونا من الخلف ومقراتنا فارغة إلا من بعض الحراس. ولو كنتم شجعانا لأنذرتمونا . ولكنها شنشنة الصحوات وديدنها . يا من وقعتم على قتال المجاهدين توبوا ولكم منا الأمان والعفو والصفح والإحسان . وإعلموا أن لنا جيوشا في العراق و جيشا في الشام من الأسود الجياع . شرابهم الدماء و أنيسهم الأشلاء ولم يجدوا فيما شربوا أشهى من دماء الصحوات . فوالله سنسحبهم ألفا ثم ألفا ثم والله لن نبقي منكم ولن نذر و لنجعلنكم عبرة لمن إعتبر." إنتهى كلام العدناني .
هل الأسود تعبير لائق ومناسب ؟ فهي تبقى حيوانات لن ترقى أبدا لمستوى الإنسان العاقل أم أنه يريد زرع الرعب في مخاطبيه؟ كان يمكنه أن يتحدث بخطاب أكثر إنسانية .لكن أنى له ذلك ؟ ففاقد الشيء لا يعطيه.
فهل فقدان مثل هؤلاء للخطاب الإنساني الحكيم جاء من الفراغ ؟ أو ليست هناك أسباب موضوعية منها انخفاض مستوى التعليم و أرض خصبة لوجود ونمو الآلاف من المنخرطين في هذه الحركات الإرهابية التي تنطلق من حقائق في الواقع أفرزت هذه الظاهرة المشينة في جبين عصر المنطقة ؟
لا يمكن التذرع ، إنطلاقا من حقيقة أنهم أقلية (إذ الأغلبية لا تتبع مثل هذه الحركات) ، بكونهم إنخرطوا في هذه المنظمات الإرهابية فقط لأنهم أشخاص عدوانيين رغم صحة هذا القول ثم الإعتقاد أنه يمكن حل الإشكال . كما لايمكن ممارسة الإستبداد والإرهاب المتلون بشتى أنواع المساحيق ثم الزعم بمحاربة الإرهاب حتى ليبدو المرء كالكاريكاتيرسكران وهو ظاهر للعيان يقول للناس لا تشربوا الخمر أو أنه يحارب تناول الخمور. هذا تناقض صارخ يفسد هذه المزاعم .
هناك إستبداد وجهل و أمية وتعدي على الناس وهناك فقر و إفقار و هناك تعليم مترد و هناك مظالم و هناك وهناك .....
وكخلاصة حتى لا يطول المقال يمكن القول أنه لايمكن حل الإشكال في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط بغير الحرية الفردية والجماعية والتربية والتعليم الصحيحين ومنع الإرهاب كسلوك وكقانون عام على الجميع مهما كانت مواقعهم و منع الخطابات الإرهابية والتكفيرية في الفضاء العام بالقانون ..و ترشيد الفعل السياسي بإحترم العقل (الذي يعني كنتيجة إحترام المشاعر) وذلك عبر الإنتخابات النزيهة و بناء الدولة القانونية (العلمانية) بمعنى بناء المؤسسات الديموقراطية و الإعتراف بحقوق الشعوب في سيادتها و حقوقها الشرعية في التوزيع العادل للثروة وكل الحقوق الدولية وحل إشكال بناء الدولة الحديثة التي تعتمد على دعم الشعب والشرعية الديموقراطية لينخرط الجميع في بنائها وتجديدها بإستمرار بوعي و مسؤولية.
محاربة الإرهاب بكل أشكاله ليست مهمة سهلة ولا بسيطة .إنها تشبه إعادة الإعمار للشخصية الإنسانية .فهل سيكون مسؤولو بلدان شمال إفريقيا و الشرق الأوسط في موعدهم المحدد مع التاريخ؟
إذا تم هذا بالفعل فستكون المنطقة ذات مناعة نوعية متطورة و بصحة جيدة متعلمة ومتقدمة وحرة ومستقلة بالفعل لا تدنو منها المايكروبات البسيطة التي تتكالب على الأجسام المصابة بالإيدزكما بيننا .
و تحياتي للجميع .
مرفقات : رابط داعش التي تهدد فيه الصحوات
https://www.youtube.com/watch?v=uDcC-mL-W_o








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي


.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟




.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من


.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصم