الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن النصّ الأدبي الجزائري في الكتاب المدرسي ... !!

بشير خلف

2014 / 9 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


البحث عن النـــــصّ الأدبي الجزائري
في الكتاب المدرسي ... !!
بقلم: بشير خلف
تؤدي المنظومة التربوية أدوارًا فعّالة في بناء المجتمع، وغرْس القيم، وتعزيز الهُوّية، وإثرائها، وكذا إعداد الفرد لنفسه ولمجتمعه..
ومن الوسائل التي تعمل على ترسيخ القيم، وتحديد الاتجاهات النصوص التعليمية والتربوية الذي تُــقرّر ضمْن المناهج التعليمية، ومنها المُدرجة في الكتاب المدرسي التي يتلقّاها المتعلم، ومنها النصّ الأدبي، والتي جميعها من المفترض أن تُـسهم في تكوينه السلوكي، والفكري، والذوقي..والسؤال الجوهري في هذا المجال:
ـــ ما مدى حضور النصّ الأدبي الجزائري في برامج التعليم ضمْن المنظومة التربوية؟
ـــ هل يستجيب هذا النص الأدبي الجزائري ضمْن المنظومة التربوية لحاجات الفرد الجزائري كمتعلّم، وكمتلقٍّ، ويخدم أيضًا مقوّماته الحضارية ؟
من بين الأهداف التي تـنصّ عليها أدبيات المنظومة التربوية ببلادنا تدريب التلاميذ على تذوّق ما يقرؤون، ويطالعون، وما يسمعون في كل مراحل التعليم الثلاث: الابتدائي، والمتوسط، والثانوي، ومن الأهداف أيضا تعزيز ارتباطهم بتراثهم، وبالقيم، والثوابت، والمفاهيم السائدة في وطنهم، والعمل على دفعهم إلى تمثّلها، واعتبارها جزءًا من شخصيتهم.
يتضح لنا ممّا سبق أن النصّ اللغوي المكتوب أكان نثرًا، أم شعرا هو من الوسائل الأكثر نجاعة للوصول إلى تحقيق تلكم الأهداف ولو بنسبٍ مقبولة.. فالنص الأدبي لِما يتضمّنه من عمْقٍ في الأفكار، وجماليات في الأسلوب التعبيري، وتعدّد الصور الفنية به، هو بكل تأكيد مصدر للإثراء الفكري واللغوي، والتذوّق الجمالي والفني، ولِما يحوزه من أبعاد إنسانية، وقيم واتجاهات توجّه سلوك المتعلمين.. هذا النص الأدبي الجزائري يُعدّ من أهمّ حصص التعليم التي تجذّر قيم الأمة الجزائرية، وتُــؤصِّل ثوابتها، ومنها بدون منازع اللغة الأم.. اللغة العربية.
لكن واقع الحال أنّ النص الأدبي الجزائري مُغيّبٌ من قديم، وما ظهر منه منذ الاستقلال ظهر على استحياء، فحتى النصوص المقررة في كل محطات النظام التربوي الجزائري، سواء ما كانت قبل المدرسة الأساسية، أو ما بعدها فيما أُطلق عليه النظام التربوي القاعدي أو الموسوم حاليا بمرحلة الإصلاح ..على قلة هذه النصوص لا تقدم صورة مشرفة عن الأدب الجزائري، ولا عن تطوره من خلال نصوص معاصرة أبدع فيها أدباء أحياء معاصرون وكأن المشرفين على البرامج ينكرون بروز هذه الأقلام، أو يريدون حجبها عن الناشئة.. النصوص المقررة لا تسمح بالتقاط نبضات الوجدان الجزائري، وخصوصيته الإنسانية. غالبا ما نجدها نصوصا نمطية للوطنية والحماسة، وإبراز مآثر الثورة والمجاهدين.. هذا نعم ونؤكد عليه بدورنا وندعّمه، لكن هذا لا ينفي أن الإنسان الجزائري له واقع يعيشه، وله نوازع إنسانية يبغي إشباعها من خلال النص الأدبي الجميل، وليس الوصفي أو التاريخي فحسب.
وحتى لا يكون كلامنا نظريا نُعـطي الدليل على تغييب النص الأدبي الجزائري استنادا إلى إحصاءات رسمية قمنا بها، ففي بداية السنة الدراسية 2011/2012 وفي عهد الإصلاح التربوي الذي أسّس له الفيلسوف الكبير ابن زاغو، وجماعته وضعنا بين أيدينا الكتب المدرسية المقررة من وزارة التربية الوطنية، والمتداولة بين أيدي الأساتذة والتلاميذ، منها ما هو مطبوع في سنة 2010 ، ومنها ما هو مطبوع في سنة 2011 ، قمنا بدراستها، والاطلاع على محتواها وحدة، وحدة لكل سنة من مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي، وواقع حضور النص الأدبي الجزائري.. كانت الحصيلة كالتالي:
1ـــ السنة الأولى متوسط: من بين 95 نصّا مقررا للقراءة والمطالعة الموجهة، نصيب النص الأدبي الجزائري:4 نصوص شعرية، و8 نصوص نثرية.
ـــ السنة الثانية متوسط:3 نصوص شعرية جزائرية،و12نصّا أدبيا نثريا من بين خمسة وسبعين نصا مقررا لهذا المستوى.
ـــ السنة الثالثة متوسط: من بين 61 نصا مقررا في حصص القراءة والمطالعة الموجهة نجد 7 نصوص أدبية نثرية جزائرية و 4 نصوص شعرية جزائرية.
ـــ السنة الرابعة متوسط: نصٌّ شعري جزائري واحد، و4 نصوص نثرية جزائرية من بين 52 نصًّا مقررا لهذا المستوى.
في المستوى الثانوي رغم أن لجان إعداد البرامج ليست واحدة إلاّ أن الوضعية لا تختلف، بل أكثر غُـــبنًا للنص الأدبي الجزائري في هذه المرحلة الهامّة من مسار المتعلم، والتي تعتبر بوّابة التعليم الجامعي.
تتبعنا حضور النص الأدبي الجزائري في كتاب اللغة العربية المقرر لشعب التعليم الثانوي جذع مشترك آداب للسنة الأولى ثانوي والمطبوع سنة 2010 وكذا كتاب اللغة العربية المطبوع في نفس السنة والمقرر للسنة الثانية ثانوي.. تعليم عام وتكنولوجي. ثم كتاب اللغة العربية وآدابها للسنة الثالثة ثانوي المطبوع سنة 2011 شُــعب آداب، فلسفة، لغات أجنبية، وشعب المواد العلمية.
1 ــ السنة الأولى ثانوي: عدد النصوص 39 نصا من بينها 3 نصوص نثرية فحسب إثنان منها للكاتبة القاصة زنير جميلة، والنص الثالث يبدو أنه موضوع ، فالمؤلف مجهول ،ويخلو الكتاب من أيّ نص شعري جزائري.
2 ــ السنة الثانية ثانوي: كما أن عدد النصوص 39 نصا بهذه السنة إلاّ أن النص الأدبي الجزائري يكاد يخلو منه الكتاب، إذْ يوجد إلاّ نص شعري جزائري واحد يعود إلى القرن الثالث الهجري بعنوان " استرجعت تلمسان"، والنص النثري الوحيد بعنوان استقلال بلاد المغرب.
3 ــ السنة الثالثة ثانوي، اللغة العربية وآدابها.. شعبة آداب وفلسفة: من بين 60 نصا في صيغها الثلاثة: النص الأدبي، النص التواصلي، المطالعة الموجهة نجد نصا شعريا واحدا للطبيب الشاعر المرحوم محمد الصالح باوية، و14 نصا نثريا جزائريا متفاوتة الأزمنة.
شخصيا أرى أن تغييب النص الأدبي الجزائري من قٍــــبل مُعدي البرامج التعليمية في بلادنا يعود بالدرجة الأولى إلى فترة تكوينهم الثانوي والجامعي التي لم يدرسوا فيها الأدب الجزائري في كل مراحله دراسة وافية شاملة سيّما المعاصر منه، وكذا جهلهم التام بحراك المشهد الثقافي الإبداعي الجزائري، ومنه هذه الإصدارات الكثيرة المتسارعة في شتى مجالات الإبداع الأدبي، كما يعود إلى عدم احتكاكهم بالكُتاب والمبدعين الجزائريين إنْ كأفراد، أو خلال الملتقيات الفكرية والندوات، أو في جلسات الاستضافة وتقديم الإصدارات، كما أنني أضيف أن العديد ممّن يُـــنتدبون إلى هذه اللجان هدفهم الابتعاد من عناء التدريس ،ومجابهة المتعلمين في وضْعٍ صار فيه المتعلم لا يحترم أستاذه، كما اللحاق بهذه اللجان فرصة ثمينة لأخذ العلاوات، والمنح التي تحسّن مستوى الدخْل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في