الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ كَلِمَاتِي

مزوار محمد سعيد

2014 / 9 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ كَلِمَاتِي

"... هناك أناس يرضون ان ماتوا حبا...أولئك أناس متسامحون علمتهم التجارب و قوتهم لدرجة ان يتقبلوا خسائرهم.... اعترفوا بخوفهم تصالحوا مع وجودهم... اشفقوا على انفسهم و على.. كل وجود أدركوا تناهيه.. كانوا في نظر الكثيرين مخطئين.. لن يدرك عظمتهم سوى من محظوظون سيرضون في مرحلة ما من حياتهم أن يموتوا حبا..."
(الأميرة التي تفلسفت في حبها، مواقع التواصل الاجتماعي، في 19/09/14)

تبدأ المشاعر الإنسانية وتنتهي من بيت الذين هم مقتنعين بأنهم ينتسبون إلى سلة الإنسان الشريفة، إنّ الأمر ليس سرا أن يتخذ الفرد الإنساني سبيل المحبة كاختيار خجلا من ذاته، لكن الكلمات قد تعجز في وصف بعض مستلزمات الحياة، لا لأمر سوى أن العالم قد استسلم أمام جبل الكراهية الذي صمد في وجه الإنسان، وجعله يتمرّد على كلّ ما من شأنه حفظ معنوياته اليومية.
من المهم أن يولد الإنسان محبا لكيانه قبل أي أمر آخر، لكن من الأهم أن يحب تواجده قبل وجوده، ففي صيغة الإنسان الأولى أمور عالقة من حيث السكون والحركة، فارتبط السكون بالموت والشؤم، وارتبطت الحركة بالحياة والمحبة، وعليه بدأت المحبة ذاتها الأخذ بمعايير الترجمة الحرفية لانفعالات الناس كمعبر مرخص لاتصال الإنسان بالعلاقات المختلفة.
سلام على من أحبوا المحبة وساروا على نورها الواضح للكل، سلام ما بعده سلام على من آمنوا بما يملكون من قوة تعبر عن مكانتهم الذاتية بين صخب الموجودات السلبية، لأنّ الرماد وإن كان نتيجة الجمر إلا أنه قادر على تكفله باستعمالات نفعية عديدة، فما فائدة الوجود بلا ورود، بلا عيون، بلا أمراء وسلاطين، بلا أباطرة وقياصرة؟
يحكى قديما أنّ المحبة قد ولدت من رحم غريبة عن عالم الأشقياء، فكان أوّل موضع لها هو ذاك الذي ضم الأنبياء والعارفين والأتقياء، تلك البنت الشقية عن الحياة والبشر، تلك التي جعلت الناس عناوين مجريات يحاول كل واحد منهم مبايعتها دون جدوى، تحاول عبثا التخلص من مرضاة أزعجتها، تحاول في قلب كل مؤمن العودة إلى الكفر، فتارة هي تستخدم لغة التودد وتارة تستخدم لغة العنفوان، ليصير أو يسير العمر كنغمة هاربة على شاطئ رمليّ حارق، كموجة ظلت طريقها بين عباب البحار، كفيلسوف نسي مقدمة من مقال، كمن استحدث كونه الخاص ثم انبرى يعزي قلبه عن عشيقة لم تعد موجودة سوى في عالم الخيال.
لقد سبقتني إلى موعدنا الحالم، أدهشتني بخفة روحها المنهكة، وصلتُ متأخرا وقبل أن أبحث عنها، هي التي اتصلت بي، فعرفها هاتفي قبل أن أتعرف عليها، ليصيح في ضميري برنته أن تهيأ، فالتي أتعبتك بأحلامها الجليلة هي الآن تبحث عن حلم تشاركه وإياك، حلم أرادته بأب هذه المرة، وقد اختارتك لأن تكون أباه، حلم يعذبها كلما نظرت إلي عينيك ولكنها لا تتوقف عن النظر إليك، أنت أيها المحتال الأنيق فكريا، العابث واقعيا، أنت أيها الذي تخطف الفتاة من زمنها لتجعلها تعيش كل ما من شأنه توقيف الأزمان، أنت يا سارق القُبَل.

لقد خطفتني تلك الساحرة بلا سحر، جعلتني أدخل حياة لم يعتدها الفيلسوف الحالم، لربما لسان العاطفة هو غريب عن الفلاسفة، لكن عندما يلتقي المرء بفتاة، تلك التي قتلت سقراط، وعاقبت غاليلي، وجعلت أغسطين يندم، وورطت ابن رشد، كما أنها هي التي حكمت بالنفي على ناصر أبو زيد، فتاة تفهم ما معنى أن تتحد بفيلسوف، هي تتحول إلى فلسفة في حد ذاتها، وذاتها تكون ممزوجة برغبة جامحة، لكنها تتلون بلون الخوف العميق، عمق يكون مغيرا لمجرى الهواء، مغيرا لأحداث بابتسامة أيلول، فتاة تحاول عناق مشاعر زمن طويل من الترهل والمشاكسة الفكرية ضد النساء، جعلت الذي قال للنساء يوما: فلتذهن إلى الجحيم، جعلته يقول: أحبكِ، أريدكِ وأفهمكِ دون كلام.
يمر الحديث معها، كلحظة لقاء ابن سينا بأنجلينا جولي، لقاء بحديث عبر الأزمنة، شفتاها تحكي الكثير للفيلسوف لو أنهما اتحدتا بشفتيْه، كلماتها تبدوا رائعة وهي تتحدث عن معانيها بلا حرج، كون أن العالم هو لئيم، لكن حذرها من العالم كان ماكرا، مكرها له مكان خاص في ملكوت فردوس لا يحمل مفاتيحها سوى هي، هي وفقط، بقرب عاصمة الحياة، أو في المقابل لمبنى عاصمة اللغات، تمت اللحظة التاريخية، لحظتنا معا، حيث بدا الفيلسوف في قمة ضعفه، بينما هي ازدادت قوة، قوة منحتها ثقة التغلب عليه، ربما هي أدركت أنه يكون ضعيفا للغاية، وهو يدور في حلقتها التي تسيطر عليها.
في يوم ما، في ساعة سبقت خضوع القمر للفلاسفة، تمرّد فيلسوف على فلسفته، جعل الكيد الذي يفر منه، ولطالما نظّر لمقاومته، جعل كيدها هدفا ومتعة لا يستغني على أحدهما، إنّ العالم الفلسفي لا يجدي نفعا أمام فاتنة بسيطة، تمسك بخيط قلب ثار على عقله، قلب أراد طريقا أخرى في مواجهة الخوف، قلب تجرأ وقال للعفن لا، قلب ليس ككل مودة أو ككل رحمة وُجدت منذ أن نام الصديق في حضن عطر الشعر. فيا له من ضغط، ضغط الحب العجيب.
سألتني أكثر من مرة عن ماذا أريد منها، وإجابتي: أنا لا أريد أيا من التغييرات عليك يا حبيبتي، لا أريدك أن تتغيرين، أو بالأحرى أن تتغيري بسببي، لأنّ حبك خرج منك لا مني، خرج من طبيعتك لا من طبيعتي، ففي الوقت الذي يئست من حب جزائرية ها أنا اليوم أعلن وفاتي بحبك، أعلنه في وقت اليأس، هو يأس يولد من بأس، وأؤكد لكِ أن بؤس العظماء والأنبياء أشد وقعا من حب المحبة التي تعشق الصفاء. هي حب الحب.

جعلتني في ثانية أحاول أن أتحدى محمود درويش
أيها العجوز الفلسطيني يا معاصر قريش
تريد خطف روح حبيبة أمير
بصولجان من الزمرد والريش؟
أنصحك بالذهاب مكتفيا بالبقشيش
حبيبها فيلسوف الصراع
يجيد القتال والتفتيش
يا محمود لا تتحداه، هو يحترمك،
يسمح لك بأن تكون جليسا لها،
لكن طمعك في مكانه: مافيش.

"... إذا أشارت المحبة إليكم فاتبعوها، وإن كانت مسالكها صعبة متحدرة. وإذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها، وإن جرحكم السيف المستور بين ريشها... "
(جبران خليل جبران، النبي، دار تلانتيقيت-الجزائر، ص: 28)

مهما يكن فأنا مسؤول عن أفعالي، مغامراتي هي ملكي وحدي، أعيش ضغطا مضاعفا بسبب محبتي، وهي التي تجعلني أوفر العناء كلما تذكرت العبء الذي أحمله مضاعفا إن كانت مشاعري متعلقة بشخص أحبه، مهما بلغ حبي له فإن حمايته من نفسه هي أولوية عندي، فما بال حمايته من الآخر؟! لا يهمني ما يقال عني، لأنني سأكون الأحمق والمجنون الذي أحب بمجون، هي فلسفتي في الحياة: الثواني لا تعود، وكل ثانية هي ملكي لن أضيعها في رسم الخطط والتحضير لمستحيل قد لا يحدث، أعيش اللحظة، وفي ما سوى ذلك هو غير مهم بالنسبة لي.
الحب في اعتقادي هو نوع من الراحة، راحة أزلية متقلصة في زمن محدود، هو نوع من نشر الخير بين الناس، هؤلاء المتجسدين في جسد واحد، جسد حبيبتي الذي يزود نجوم الشرق بأنوارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن