الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان و القضية، الإنسان قضية

ابراهيم فيلالي

2005 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كل واحد منا داخل هذا المجتمع أو ذاك و في مسار حياته الفردية الخاصة مطالب بإعطاء معنى ما لحياته و لوجوده، و إلا فانه سيتيه حتى النهاية و يصبح ملكا للآخرين بهذه الصيغة أو تلك، فينو جد و يعبر بالمعنى الذي يعطيه الآخرون للحياة. يمر في الظل و لا يملك يوما ما الجرأة الكافية لرؤية الشمس و معانقتها.

أن تعطي معنى للحياة معناه أن تطرح أسئلة فلسفية تحدد المعنى و الحياة والموت و الوجود والعشق و الحرية... فتنتفض و تفجر في داخلك، في أعماق أعماقك طبقات متراكبة و متراكمة من الثقافات( قيم و معايير و ادوار و أنماط السلوك) تركت رواسب هي بصمات في تفكيرك و أسلوب حياتك حتى أنها بديهية لا تناقش. "تتبنى" أفكار إيديولوجيات لا تعرفها، مواظب على ممارسة طقوس لا معنى لها مادامت هي جزء من إيديولوجيات لا تفهمها، مستلب حتى النخاع لا تعير أي اهتمام بما حولك و لو انه يمس في العمق كرامتك و كبرياءك كانسان. تجربة الحياة كتجربة الموت كل واحد منا يمر منها بحواسه و مشاعره و قدرته على التفكير و الصمود أو العجز و الخنوع و الموت الرمزي. قد لا تكون تجربة الموت – أي الانتقال إلى العدم- مرة و صعبة لمن مات قبل ذلك أو لم يحيا أصلا، و لكنها موت/ ميلاد لمن يعشق الحياة و يحب الإنسان باعتناقه لقضاياه التي تعطي معنى لحياته و وجوده لأنها ترتقي به و تأخذه إلى أعماقه ليجد أن القضية التي يعانقها و تحملها إلى حقيقتها في أعماقه هي الوضع المشترك، هي قضايا الإنسان، هي أن تكتشف فيك الإنسان.

ما أجمل هذا الإقليم ما أغناه !! و لكن هل من حقنا أن نعتز و نفتخر بأشياء لم نخترعها؟ هل من حقنا أن نتاجر بهذا الجمال و الغنى الطبيعي و نعلق صوره في لوحات اشهارية تجذب السواح و السينمائيين و كل من يريد أن يستمتع بهذا الجمال؟

ما أطيب إنسان هذا الإقليم الكريم، يحسن استقبال الزائرين، يفتح فمه ضاحكا حتى اذنيه كي لا يقنط الزوار، يستحضر تقاليده كل ليلة في الفنادق بضاعة لهواة الخمر و السمر و الحديث الليلي، لا يؤرق نفسه في التفكير لحظة واحدة، لا يدرك أن ما يدفعه للتملق اليومي و الضحك على نفسه هو مجرد وهم لان تحت أقدامه ما يحرره من عبودية الضحك و هو يختزن بركان غضب دفين، ما يحرر من عبودية يؤجر من خلالها بعضا منه أو كله للآخرين. الوضع المشترك/ القضية هي بؤس هذا الإقليم أحزانه، معاناته و حاجياته.

القضية هي فك التناقض بين الخزان الهائل من الثروات و الفقر الاجتماعي مع هشاشة أو انعدام البنية التحتية من طرقات و ماء صالح للشرب و كهرباء و خدمات أخرى كالتطبيب و التعليم ...

القضية هي التصدي للجهل و الأمية والخوف و العنف المادي و الرمزي و التهميش و الإقصاء، بكلمة واحدة القهر الطبقي.

القضية هي النزيف المادي و البشري.

القضية هي الأرض والحرية. فهذه الأرض لنا و لن نقبل أن نتحول إلى عبيد و منسيين و متسولين و ورثة الأعمال الطفيلية، لن نقبل أن نرى أطفالنا يلمعون أحذية المارين، لن نقبل أن تتشابه أيامنا كأننا مجرد كتلة لحم تتدحرج هنا و هنا.

و لكن ما معنى الدفاع عن قضايا مجتمع مشلول ! ؟

كيف نعيد بناء هذا المجتمع ؟

ابراهيم فيلالي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك