الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائب البريد المثقوبة!

عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري

(Adel Attia)

2014 / 9 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع





هِمت في كتابة الرسائل، منذ عرفت كيف أكتب، وكانت كلمة: "بوسطة"، ولا تزال، من أحب الكلمات إلى نفسي، حين ينطق بها موزّع البريد، الذي ما ان أراه، حتى أتهلل في قلبي، وكأنه "بابا نويل" يأتيني كل صباح؛ ليعطيني هداياه الرائعة!
تمر السنين، ولم أعد ألتقي كثيراً بموزع البريد؛ لأسباب عدة.. ولكني حين أعود إلى بيتي، وألمح المغلفات البريدية، بأشكالها وألوانها وأحجامها، من وراء زجاج صندوق البريد المثبّت في مدخل اقامتي؛ حتى اسرع إلى فتحه، فإذا بها ترتمي على راحة يدي، وكأنها كانت تنتظرني على شوق متبادل!
ولكن منذ زمن ليس بقصير، ابتدأ البريد يجافيني ولا يصافيني، رغم حبي المتيّم لحفيف أجنحته المرفرفة، ورغم شدة معاناتي في سبر أغوار ذاكرتي؛ لعلي أعثر على ما يُذكّرني، بانني اسأت إليه، ولو بنظرة عتاب وامضة!..
فلم أعد أسمع، مجدداً، كلمة: "بوسطة"، التي يتميّز بنطقها، حامل البريد!
ولم أعد أجد ولو مُغلّفاً بريدياً واحداً، ينتظرني في صندوقي البريدي الساحر، رغم التأكيدات التي تصلني، ممن أرسلوا لي الكثير من المُغلّفات البريدية!
الأقسى، لي ولغيري، أن صناديق هيئة البريد، التي كانت منتشرة في أماكن عدة بكل حي، أختفت الواحدة تلو الأخرى ـ وكأن البريد المصري قرر أن يحمل خيامه، ويرحل إلى جهة غير معلومة، لاعناً اعجابنا بالبريد الالكتروني؛ فلم يعد ـ على سبيل الذكرى ـ، سوى صندوق واحد.. بينه وبين الصندوق الآخر: مسافات بعيدة!
أضع رسائلي في هذا الصندوق الأقرب إليّ، والذي أصل إليه بعد خمسة عشر دقيقة، فلا تصل هذه الرسائل أبداً إلى من أبردتها إليهم ـ وكأني أسقطتها في بئر "يوسف الصديق" ـ، إلا التي حباها الله، خاصيّة "السبعة أرواح"، كالقطط ؛ فتصل، بمعاناة، بعد شهر، أو يزيد!
أين رسائلنا، أين صحفنا ومجلاتنا، أين كتبنا، التي استودعناها، كأمانة، لدي البريد المصري، فأختفت بلا دليل؟!..
هل أصبح البريد المصري، يُثقّف نفسه بمطبوعاتنا، وعلى حسابنا؟!..
وهل تخلى ساعي البريد، عن مهمته المقدسة؛ ليُحي ذكرى ما فعله نظيره "عباس حسين"، في رواية: "البوسطجي" للكاتب "يحيى حقي"؟!..
هل لنا أن نعرف السر وراء هذا التبدّل، والتغيّر "البريدي" المريب؟!..
أم أن البريد المصري، لا يُسأل عن اشياء ان تبد لنا تسوءنا؛ لأنه:
فوق الدواب، االذي أخذ اسمه من صبرها، واحتمالها، وما تقطعه من مسافات!
وفوق الحمام الزاجل، الذي أخذ من قدرته، وإخلاصه، وامانته: رسمه وشعاره!
وفوق الاتحاد البريدي العالمي، الذي من المفترض انه ينضم تحت لوائه؟!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24


.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع




.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة


.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو




.. حزب الله: مقاتلونا استهدفوا آليات إسرائيلية لدى وصولها لموقع