الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق الاسطورة

فهد احمد ابو شمعه

2014 / 9 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


شكلت الاسطوره ظاهره ثقافيه انسانيه وجزءا لا يتجزأ من التراث الفكري للبشريه , ومثلت انعكاسا تصويريا للوعي واللاوعي للانسان البدائي , دعت اليه قديما حاجات نفسيه وماديه في آن واحد , تتعلق بوجوده وشكلت وعاءا فسر من خلاله كيفية وسبب وجوده وعلاقته بالطبيعه والكون , كما هيأت له شكلا من الحمايه والطمأنينه والتآلف مع ظواهر الطبيعه المتعدده كالرعد والبرق والصواعق والرياح والزلازل والشمش بحركتها وضوئها ودفئها والقمر باطواره والحياه والموت والمرض وغيرها الكثير من الظواهر والامور التي كان ينظر اليها بمنتهى الرهبه والتي بهرته احيانا , وارعبته وصدمته احيانا اخرى , وكانت تشكل بالنسبه له احاجي والغاز عجز عن فهمها وتفسيرها , فلجأ لمعالجتها بخياله الفردي كفرد والجمعي كمجتمع ,وكانت علاقة الفرد او المجتمع بالاسطوره هي علاقه انفعاليه ,هدفها ارضاء واشباع الجانب العاطفي , دون التفات الى الجانب العقلاني التحليلي .
يصعب تعريف الاسطوره بشكل محدد ووافي وذلك اولا لنزوعها للمطلق الذي لاحدود له وثانيا لتعدد اشكالها ومواضيعها مما يوجب تعدد وتنوع تعاريفها , يقول الطبيب والعالم النفسي فرويد (الاسطوره هي نتاج عمليات اللاشعور لدى الانسان ), ويقول المفكر السوري فراس السواح بان ( الاسطوره هي مغامرة العقل الاولى للانسان البدائي وقفزته الاولى نحو التعليل والتفسير والتحليل) .
وارتبط تطور الاسطوره عبر التاريخ بالتطور النفسي والعقلي للانسان ,فتعددت اشكال الاسطوره وتشعبت ,وجاءت بعضها كنصوص ادبيه نظمت بعنايه فائقه , وشكل فني وصيغ مؤثره , وسحر بيان , ورسخت وتعززت في بعض المجتمعات وعند بعض الامم في حقب تاريخيه معينه وتراجع بعضها وتهاوى في حقب اخرى .
تكمن خطورة الاسطوره في تركز وكثافة حضورها كثقافه جماعيه لشعب ما , وحين تحاط بقدسيه , وتلعب كائنات غيبيه ادوارا اساسيه فيها ,ويصبح لها سلطان وسطوه على نفوس وعقول البشر وتتحكم في سلوكهم كأفراد وجماعات ,وحين يستخدمها دين ما او معتقد ما , فتدخل في تكوينه لتثبيت معتقداته وتنظيم طقوسه ويفرض على معتنقيه الايمان المطلق بصحتها وصدقها , فتوظف وتستخدم في اخضاع الشعوب واستغلالها واستعبادها باسم الالهه او القائمين باعمالها على الارض كما كان يحدث ايام الفراعنه القدماء وغيرهم , وتكمن خطورتها ايضا حين تعطي لنفسها الحق المطلق في التعليل والتفسير الذي لا يقبل الشك للاحداث والظواهر الكونيه والطبيعيه , والبدايات التكوينيه , فيحظر اخضاعها للنقد وللمنهج العلمي التحليلي لتشكل بذلك معيقا ومازقا يصعب الخروج منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من