الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخذير الأضحية قبل ذبحها..واجب شرعي وإنساني

رشيد لبيض

2014 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يتبقّ على حلول عيد الأضحى بالدّيار الإسلامية إلا أيام معدودات، هذا التقليد الذي دأب المسلمون على إحيائه في اليوم الموافق العاشر من ذي الحجة من كلّ سنة هجرية، اليوم الذي أخذ تسميات مختلفة بحسب اختلاف الأقطار العربية، فنجد من تسمياته عيد الحجاج، عيد القربان، العيد الكبير، يوم النحر...

ولعلّ ما يميّز هذا العيد عن باقي الأعياد الدينية الأخرى أنّه عيد للنحر، حيث يعمد المسلمون بعد أداء صلاة العيد إلى ذبح ما تيسر من الماشية اقتداء بسنة محمد (ص) والذي أخذها بدوره عن نبي الله ابراهيم، ولعل قصة ابراهيم مع ابنه إسماعيل والكبش الذي فدى اسماعيل غنية عن كلّ تعريف، والتي كانت سببا مباشرا في إحياء وإعادة بعث هذه السنة بين المسلمين إلى عامنا هذا.

وللإشارة فإن مقالنا هذا لن يخوض في ما هو غيبي ميتافزيقي، ولن يخوض في مقاصد العيد ولا في غاياته ولا في مشروعيته، لأن العيد تحصيل حاصل تعوّد المسلمون على إحيائه وسيستمرّون في ذلك، ولكننا سنناقش الوجه الطقوسي للعيد عبر تحليل موضوعي لطريقة التضحية عند المسلمين وهي المتعارف عليها ب "الذبح".

إن محاولة مناقشة ظاهرة الذبح في عيد الأضحى تستدعي من المسلم وضع مسافة موضوعية بينه وبين فعل دأب وترعرع على رؤيته وممارسته منذ كان طفلا، فقد يكون التعوّد والتكرار قد قتل لديه الإحساس بالشفقة على كائن يتعذّب. وما لم يلتزم بمسافة من الموضوعية لن يستطيع التمييز بين البشاعة والجمال وبين الرحمة والوحشية وبين الإنساني واللاإنساني. ولا يمكن البثة لمن يتوفّر على حسّ إنساني سليم ألا يرى في طريقة الذبح إلحاق أذى بالغ بكائن يشاركنا الحياة على هذا الكوكب لا يستحق إلاّ رأفة ورحمة به.

ولعلّهم سيقولون أنها الطريقة نفسها التي ذبح بها رسول الله متبعا هدي جدّه إبراهيم وما نحن إلا متّبعوا الرسول وهدي إبراهيم، سنجيبهم آنذاك بسؤال: أولا تتبعون محمدا؟ سيقولون : بلى، سنرد عليهم إذا بأقوال محمد وحكمة محمد: ففي صحيح مسلم من حديث شدّاد بن أوس قال: "إثنان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "إن الله كتب الإحسان في كلّ شيء، فإذا قتلتهم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"". وفي مسند الإمام أحمد من حديث معاوية بن قرّة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله إنّي لأذبح الشاة وأرحمها، فقال صلى الله عليه وسلّم: والشّاة إن رحمتها رحمك الله".

سيقولون وما الجديد في كلامك فنحن نعمل بوصية رسول الله، سنرد بأن وصية رسول الله كانت الرحمة بالأضحية وهي الغاية والمنتهى، ويعلم النبي جيدا أن لا مناص للأضحية من العذاب، ولكنه أوصى بما يحقق أقل درجة من الأذى، ولا تهمنا التفاصيل التي أوصى بها النبي بقدر ما تهمّنا الغاية منها، فالغاية هي الرحمة، وكلّ ما من شأنه أن يجلب الرحمة لهذا الكائن الذي حكم القدر بموته فهو واجب بمنطق النبي نفسه.

وغير بعيد عن موضوعنا فقد أتاح التقدم التكنلوجي والعلمي في عصرنا هذا عديدا من الإمكانات التي كانت مستحيلة في عهد سالفينا، فالمجال الطبي وهو ما يهمنا بالذات، عرف قفزة تكنلوجية عالية مكنت الانسان من مصارعة مختلف الأمراض وغالبا ما يخرج من الصراع منتصرا، ولعلّ من الوسائل الطبية الناجعة التي يستفيد منها الإنسان": تقنية التخدير التي تسبق أي عملية جراحية والتي يبقى الهدف منها بالأساس تجنيب الإنسان للألم...فكيف يا ترى وبأي منطق يستفيد المسلم من تقنية التخدير عند خياطة جرح ألمّ به تجنبا للألم ؟ وكيف يسمح لنفسه أن يذبح كائنا حيّا بدون تخدير متسببا له في أذى رهيب؟

إن تخدير أضحية العيد قبل ذبحها صار ضرورة ملحّة في عصرنا هذا، خصوصا وأنه لا يتنافى مع منطق الشريعة الإسلامية، وقد رأينا كيف أن محمدا (ص) أوصى بالرحمة بالأضحية، وهكذا سنكون منسجمين على الأقل مع إنسانيتنا بأن لا نرضى العذاب لمخلوق لا ذنب له إلا ما حمّلناه تاريخيا. ولعلّ المسؤولية الكبرى تقع على كاهل "علماء المسلمين" الذين التزموا الصمت طوال هذه المدّة دون أن تحرّكهم إنسانيتهم لإصدار فتاوى بهذا الشأن، بل ما نخشاه حقيقة أن يقفوا معارضين أمام هذا الطرح إن ولج يوما ما إلى ساحة النقاش العام...

نختم وبكلّ حسرة بالقول : "كم تمسّنا الحاجة إلى تجديد الفكر الديني الإسلامي..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فف
rami ( 2014 / 9 / 28 - 17:50 )
قبل فترة اقرت الحكومة الجزائرية هذا الامر في الماذبح الوطنية للدجاج و الابقار فتارت ثائرة اتباع الدجال و كفروا الامر ما اضطر الحكومة للتراجع

يا رجل هم ذبحوا الانسان فهم يرحمون الحيوان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 28 - 23:32 )
فائده ثقافيه :
- أسرار ومقاصد الحج :
http://www.islamweb.net/ahajj/article/136140/index.php
- الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده :
http://www.binbaz.org.sa/mat/8437
- الحج وحكمته وكيفيته :
http://www.saaid.net/mktarat/hajj/186.htm


3 - تعقيب عن اسرار ومقاصد الحج المنقولة عن الجاهلية
john habil ( 2014 / 9 / 29 - 17:39 )
الدكتور سيد القمني ( الآسطورة والتراث
الكاتب العراقي جواد علي (المفصل
كان الحج قبل الاسلام يسمى الحك ( الإحتكاك بالحجر الأسود لأجل الخصوبة ، وكان الناس يطوفون حول الكعبة وهم عراة ( وكان عبد المطلب جد الرسول) يرفض طواف العراة ،وكانوا يفيضون من مزلفة ويذبحون بين اساف ونائلة وينادون لبيك اللهم لبيك ويرمون الحجارةوجاء في القرطبي وابيح لنل خاصة زواج المتعة في الحج
إذا ماهو سر وحكمة الله من الحج طالما هو شعائر وثنية أخذها الاسلام ويطبقها بحذافيرها حتى اليوم ما عدى الطواف عراة ؟؟؟

اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا