الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالأمس الهاجاناه واليوم داعش!

باسل مهدي

2014 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منظمة الهاجاناه وهو اسم بالعبرية ويعني الدفاع (بتشديد الدال) تأسست سنة 1921 في مدينة القدس وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، وكان نواتها مجاميع من المهاجرين اليهود الحاملين لجنسيات مختلفة، هذا المنظمة حين تأسست كان لها هدف معلن وهو الدفاع عن المستوطنين اليهود وممتلكاتهم، لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عمدت منظمة الهاجاناه بشنّ حملة مناهضة للقوات البريطانية في فلسطين، فقامت بتحرير المهاجرين اليهود الذين احتجزتهم القوات البريطانية في معسكر "عتليت"، وقامت بنسف سكك الحديد بالمتفجرات ونظّمت حملة هجمات تخريبية استهدفت مواقع الرادار ومراكز الشرطة البريطانية في فلسطين. وهذه المنظمة صارت فيما بعد حجر الأساس للجيش الإسرائيلي الحالي.
هذه المنظمة قامت بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1948 وما بعده بعدد كبير من المذابح بحق سكان المدن والقرى الفلسطينية ودفعتهم الى الفرار وترك مدنهم وقراهم، بدأوها بقتل جميع سكان قرية "حواسة" وتلتها جرائم وبوحشية قل نظيرها، اقتحموا قرية "بلدة الشيخ" وذبحوا 600 إنسان بينهم العديد من الأطفال والنساء، نسفوا 20 منزلا بساكنيه في قرية "سعسع الجليل"، وتوالت جرائم القتل والذبح على أيدي هذه المنظمة ولعل أشهرها مذبحة دير ياسين والتي قتل فيها 360 فلسطيني، والتي قال عنها مناحيم بيجن في كتابه بأن هذه المذبحة هي التي دفعت العرب الى الفرار مذعورين. قتلوا الأطفال وكسروا رؤوسهم، دفنوا الناس في حفر كبيرة وهم أحياء أطلقوا النيران على كل الساكنين في القرى ومثلوا بجثثهم. وكان شعارهم إنشاء دولة الدين "الدولة اليهودية".
الأعلام ساهم وقتها وبشكل مدروس وممنهج بتضخيم حجم تلك العصابات وتضخيم قدرتها وجرائمها والتركيز على وحشيتها وبربريتها، كان المراد من هذه المنظمة هو بث الرعب والخوف في صفوف الناس لحثهم على ترك مدنهم وقراهم والفرار بحياتهم، فحدثت وقتها واحد من عمليات التهجير الكبيرة، فهاجر الفلسطينيون نحو الأردن وسوريا ومصر والعراق اللذين فتحوا أذرعهم ورحبوا بالمهجرين ونصبوا لهم الخيام، وكالعادة لم يفت من عضد الدول والمنظمات العالمية من تقديم المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء للمهجرين من بطش الهاجاناه.
واليوم داعش لا تختلف عن الهاجاناه في التأسيس وتقترب منها في الشعار في أعادة أنشاء دولة الدين "الخلافة الإسلامية"، وتتخذ نفس الطريق في مشوار القتل والوحشية والأعلام هو نفس الأعلام في عرض الوحشية وتضخيم قدرات الهاجاناه. كانت المنظمات والدول تكتفي بإصدار بيانات الشجب والاستنكار ووصف الجرائم بالمرفوضة، لكن مع داعش المنظمات الدولية أصدرت قرارات والدول شكلت تحالفا للحرب ضدها وبدأوها بالقصف الجوي، وأمدوا بعمرها الى عشرات السنوات القادمة للقضاء عليها حسب تصريح قادتهم العسكريين، لكن يبدوا أن داعش لا يعنيها أمر التحالف الدولي في شيء ولا يعنيها بداية معركتهم الجوية، فقط يعنيها أن تحالف الحرب الدولي قرر لها عمرا جديدا يستمر لعشرات السنوات القادمة، فلا زالت قواتها تهاجم وتحتل مدن وقرى جديدة في العراق وسوريا تحت لهيب القصف الجوي ومرأى تحالف الحرب. ولا زالت تذبح وتغتصب النساء وتهجر السكان ولازالت أحضان تركيا وكردستان العراق مفتوحة للمهجرين من بطش داعش.
الهاجاناه بعد عشرات السنوات من بيانات الشجب والاستنكار ووصف جرائمها بالمرفوضة، تحولت الى مؤسسة عسكرية وتقود جيشا على رأسه وزير ويحيط به المئات من جنرالات القتل والجريمة ويمتلك أسلحة فتاكة. وأصبحت جرائمها ووحشيتها مقنونة ولا تحتاج الى بيانات شجب واستنكار من الدول والمنظمات العالمية، صارت جرائمها تدار عبر دولة دينية الوجه والطابع والمحتوى ويبرر نفس الأعلام لها جرائمها بخانة محاربة الإرهاب والإرهابيين..
الحرب على داعش وشماعتها القضاء على الإرهاب تحمل نفس جدية وطابع بيانات الشجب والاستنكار وتسمية الجرائم بالمرفوضة. لكن الفرق بين بيانات الشجب والاستنكار على الهاجاناه وبين الحرب على داعش. هو أن بيانات الشجب والاستنكار لم توقف جرائم الهاجاناه بحق ساكني المدن والقرى الفلسطينية، لكنها في نفس الوقت لم تساهم في قتل وتشريد وتهجير الساكنين،.. أما الحرب على داعش فهي الأخرى لن توقف جرائم داعش لكنها في نفس الوقت ستساهم في قتل وتشريد وتهجير الساكنين في مناطق تواجد داعش.
وبين هذا وذاك يمتد اجرام ديني بكل معنى الكلمة، اجرام يفرض على البشرية ان تفكر جديا بماهية التيارات السياسية الدينية ومكانة الدين في حياة الانسان اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم...نعم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2014 / 9 / 29 - 10:34 )
تحياتي
كان القصد التهجير بأثارة الرعب بأسلوب الذبح و الهتك
و اليوم داعش بنفس الاسلوب
و ما دعوة البغدادي للمهاجرين من كل العالم الا مثل تلك الدعوة السابقة
اعتقد لن تنجح مهما طال الزمان
اكرر التحية

اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-