الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالف الاسلام السياسي الشيعي بين فكي كماشة

سمير عادل

2014 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي بأنه لن يسمح لقوات برية اجنبية في العراق ليس اكثر من جعجعة اعلامية، ومحاولة لتحريف الانظار وطمأنة حلفائه الاخرين في تحالف الاسلام السياسي الشيعي المعروف بالتحالف الوطني وعرابه الجمهورية الاسلامية. فالعبادي قبل غيره يدرك بدون وجود قوات برية اجنبية لا يمكن دحر دولة الخلافة الاسلامية واعادتها الى عقر دارها في قطر وتركيا والسعودية. والمبعث على السخرية حقا هم الكتل السياسية الشيعية التي تحاول الضحك على نفسها قبل الضحك على ذقون غيرها عندما تطلب تدخل قوات الجمهورية الاسلامية، وتستنجد بالولايات المتحدة الامريكية لتنفيذ اتفاقية الاطار الاستراتيجي المبرمة بينها وبين العراق وتبارك القصف الجوي الغربي على مواقع داعش، وترحب بارسال البيت الابيض المئات من عناصر القوات البرية تحت عنوان "المستشارين العسكريين"، بينما تدلي بتصريحات وتطلق بيانات منافقة وكاذبة حول عدم سماحها لوجود القوات البرية الاجنبية.
سقوط الموصل في 10 حزيران دق اسفين في صفوف التحالف الاسلامي السياسي الشيعي، فمثلما اختلفوا على اسقاط المالكي، يختلفون اليوم على وجود القوات البرية الغربية وخصوصا قوات الولايات المتحدة الامريكية، لان المشكلة ليست مرتبطة بوجود تلك القوات بقدر ارتباطها بالاستراتيجية الامريكية لمحاربة داعش التي في طياتها هو ضرب النفوذ الايراني في العراق وسوريا وعموم المنطقة.
ان المفارقة في مواقف كتل تحالف الأسلام السياسي الشيعي تكمن بأنها ترفض وجود القوات البرية الغربية وبالذات الامريكية لكنها رحبت بكل حماسة وحرارة بالحرب على العراق واحتلاله في عام 2003. وهذا الموقف الانتهازي نابع من ان الجمهورية الاسلامية أوعزت لكتل الاسلام السياسي الشيعي بأن غزو العراق مقدمة لالحاق الهزيمة العسكرية النهائية بالتيار القومي العروبي، ويفتح المجال لصعود تيار الاسلام السياسي الشيعي الى السلطة في العراق.
ان الكتل السياسية الشيعية بالرغم من ان قادتها مثل هادي العامري ومقتدى الصدر وغيرهما لبسوا الزي العسكري مثلما فعل البعثييون في الحرب العراقية - الايرانية الذين لبسوا الزيتوني انذاك، وبالرغم من تهليلهم وتهوليهم للحشد الشعبي الذي هو مليشيات جديدة، فهم لم يستطيعوا ان يسترجعوا قرية صغيرة من عصابات داعش الا بمساعدة القوات العسكرية الامريكية، مثلما فعل صدام حسين باسترجاع الفاو بدعم رادارات طائرات اواكس والمساعدات العسكرية الاستخباراتية الامريكية التي قدمت له. وجميعهم على علم بان تصريحاتهم ليس اكثر من زوبعة اعلامية في فنجان ومحاولة لصياغة هوية "وطنية" لا تقدم ولا تأخر، في زمن لا يعلو صوت فوق صوت الهوية المتهرئة والبندقية الصدئة الطائفية لتحل محل القومية والوطنية الزائفة والشوفينية.
اي بعبارة اخرى ان الاسلام السياسي الشيعي في وضع لا يحسد عليه، حيث فشلوا وطوال هذه السنوات في بناء دولة وادواتها القمعية مثل الجيش والشرطة والاجهزة الامنية. ولذا العبادي اكثر من غيره يدرك لا يمكن الاستعانة بالحرس الثوري الايراني لان بدخوله بشكل رسمي وعلني الى العراق يعني فتح نار جهنم على الاسلام السياسي الشيعي، ووقودها تلك الدول التي دعمت داعش لضربه وتقويض نفوذه ونفوذ الجمهورية الاسلامية، وفي نفس الوقت لا يمكن الاستغناء عن وجود قوات عسكرية اجنبية على الارض، لذلك ستكون سياسته في قطع دابر داعش هي القشة التي ستقصم ظهر البعير. فداعش لم يترك المجال كي يمسك العبادي العصا من الوسط مثلما فعل المالكي طوال ثمان سنوات من ادارته للسلطة السياسية، ولذا ستتفاقم الازمة داخل تحالف الاسلام السياسي الشيعي بين معارض ومؤيد للتحالف الدولي الذي عنوانه وظاهره انهاء داعش، ولكن ماهيته تغيير قواعد اللعبة السياسية والتوازنات السياسية واستراتيجية جديدة امريكية لالحاق الهزيمة بالنفوذ الروسي في المنطقة، والاعلان من جديد بأن الولايات المتحدة الامريكية هي من تقود العالم ولا يمكن الاستغناء عن قيادتها في محاربة الارهاب مثلما اعلن اوباما قبل ايام. وهكذا تعيد الى الاذهان استراتيجية بوش بعد جريمة الحادي عشر من ايلول في تشكيله لتحالف دولي لغزو افغانستان وضرب القاعدة على غرار تحالف اليوم لضرب داعش.
والجمهورية الاسلامية وادواتها في العراق تدرك بأنها بين فكي كماشة، فمن جهة لا يمكن السماح لدولة الخلافة الاسلامية التي تقودها داعش من التمدد في المنطقة، وفي نفس الوقت ان اعادة انتشار القوات الامريكية في العراق على شكل مستشارين او جنود رسميين والقصف الجوي الامريكي في سورية، يعني مقدمة لصياغة معادلة سياسية جديدة في العراق والمنطقة اولها تقليم اضافر الجمهورية الاسلامية في تلك المعادلة.
بالنسبة لنا نحن الشيوعيين والطبقة العاملة والقوى التحررية، فأن الحاق الهزيمة بدولة الخلافة الاسلامية يحتاج بنفس القدر الحاق الهزيمة بسلطة الاسلام السياسي الشيعي، فالامن والسلام لن يعم على العراق والمنطقة دون انهاء نفوذ الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، وهذه مهمة الشيوعييون والطبقة العاملة بالدرجة الاولى وليس مهمة اوباما وتحالفه الدولي، الذي كان وراء خلق تنظيمات ارهابية مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام وغيرها....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا