الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سايكلوجيا الحرف (25)

سامي فريدي

2014 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سامي فريدي
سايكلوجيا الحرف (25)
عبادة الشخصيّة..
أرى الله يطاوعك في هواك- من كلام عائشة للنبيّ!.
لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة!..
لقد كان محمد كلّ العرب، فليكن كل العرب محمدا!.. (ميشيل عفلق)
والقرآن* أشكل بالانجيل منه بالتوراة وسواها، وذلك لتمحوره حول شخصية مركزية واحدة، يترجم أفكارها ويصوّر رغباتها وانفعالاتها، يستحسن ما يروق له ويستقبح ما يغيظه وينال منه. والعبد الصالح المؤمن فيه هو من أطاع النبيّ وامتثل له وتمثّل به، أما عدوّ الله، الكافر المنافق، فهو الذي لا يصدق شخص (محمد) ويشكك في دعواه، ولا يطيعه ولا يمتثل بتعاليمه وأوامره.
وفي هذا نسج نبيّ الاسلام على منوال (الانجيل) الذي يركّز على شخص يسوع المسيح، يترجم حياته وأعماله وأقواله. وكان لصاحب القرآن اعجاب أيّما اعجاب بشخصية المسيح وما له من سلطان روحي ومكانة عند الله والناس، وما تركه في أتباعه من خصال ومودة وأمانة، فأراد أن ينسخه بحسب رؤيته، ويوظفه لخدمة نرجسيته، فوجد من يساعده في ذلك ويطاوعه ويخدمه - في قليل أو كثير- من أتباع المسيح في زمانه [سرجيوس الراهب، مسلم الحنفي، ورقة بن نوفل وخديجة بنت أسد] ، فاستمكن حتى تمكن، وانقلب عليهم كاشفا عن أنيابه الداخلية.
قال بعض دارسي القرآن بقسمته ثلاثة أقسام: [الاسرائيليات، العبادات والشريعة، خصوصيات محمد مع زوجاته وأقاربه وأعدائه]. لكن التمعن في أصول الخطاب وخلفياته النفسية والاجتماعية، والغرض منه، يكشف هيمنة شخصية محمد وانفعالاته وعوارض نرجسيته الشديدة وراء كلّ ذلك. ويمكن تحديد بعض الأسس المساعدة لكشف هذه الخصوصية وامتحان العامل الشخصي وراءها..
1- الطابع الانتقائي للحدث في الاختيار والمعالجة
2- الغرض من ذكر الموضوع.
3- المنظور الشخصي للعرض وطريقة نقل الخبر.
4- طريقة المعالجة المتسمة بالانفعال والتسرع والاهتياج.
5- محاصرة الخصم في زاوية ميتة [الخطاب القرآني يجمع بين السائل والمسؤول بدون وجود طرف ثالث محايد].
6- الله في القرآن هو محمد بطبيعته ونفسيته وغايته ومعلوماته المشوّهة.
7- أساس الحكم وأداة الفصل فيه هو (ارضاء محمد).
8- استعجال الحكم الفوري والدنيوي مع بعد الأخروي.
9- طابع القسوة والبطش الشديد في الحكم.
10- الاطلاق في الحكم وعدم الفصل بين الشخصية والموقف، وبين الآني والعام. ومن أغاظ محمدا في شيء أو كلمة، ينسحب الحكم على كل شخصه ويرسل إلى جهنم حتى الأبد.
الدراسة الاجتماعية النفسية للخطاب القرآني والتاريخ الاسلامي عموما، ما زالت نادرة وقاصرة وسطحية. وعندما تتوفر هذه الدراسة سوف تتكشف الأستار والبراقع وتتهلهل أساليب المبالغة والعصبية العمياء للمفاخرة والمتاجرة والدفاع المستميت عن الباطل والزور، كما تتهاوي أسوار الفوبيا والتابوات التي أنتجت مجتمعا عبوديا مشوش العقل مضطرب النفس، مستلَب الارادة والرأي الحرّ.
وعلى قارئ القرآن ان يبحث عن ظلال شخصية محمد وراء كل كلمة وجملة ومعنى، وامتحانها في ظل المبادئ والمعايير العشرة السالفة أعلاه. وله أن يمنح نفسه بعض الجرأة ويتحرر من طغيان الغشارة وطابع القداسة الموروث عن القرآن والنبي، لاستكشاف البعد البشري النرجسي المنحرف بين السطور وفي ما وراء الكلمات، وحجم الخراب التاريخي النفسي والاجتماعي والسياسي الذي أنتجه عبر الزمن.
ومع ارتباط الاسلام بالدولة وانتشاره كديانة رسمية، نشأت ثقافة رسمية وشعبية [الشعوب على دين ملوكها!]، واجتهد المتعلمون والمؤلفون، سيما من الدخلاء والموالي، في تدربيج أدب سلطاني وتراث سياسي ديني نتصر لشخص الحاكم ودينه. وللعرب في حاضر زمانهم، انعكاس لصورة الماضي وموجات التملق والتزلف والرياء الاجتماعي بأنواعه على أبواب الحكم وحاشيته. فالصحافة الصفرء والثقافة الرسمية والمدائح السلطانية وجداول النسب الذهبية والمغالاة في شأن الحاكم وأقواله وأعماله، هي امتداد لأسفار السيرة ومجلدات الحديث وتصانيف الفقه والفتاوي والدجل والتزوير الذي أخذ طابع القداسة لتعلقه بالدين. ولم يعن للبعض اتصال الدين بالدولة، وصلة الحاكم بالشجرة النبوية - حتى اليوم-، وسيلة للاستبداد والتسلّط، وطريقة للتعيش والاثراء، وعوارض للبداوة والعصبية المستفحلة لليوم في عقول الناس ونفوسهم، أكثر من حياتهم، حتى استحسن القبيح واستقبح الحسن، واستعظم الوضيع، ووضع الشريف، ولسان حال العالم يقول..
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا تجاهلت حتى قيل أني جاهلُ
ويقول آخر..
الذنب للأيام لا لي فاعتب على صرف الليالي
بالحمق أدركت المنى ورفلت في حلل الجمالِ
أبواق السلاطين والأمراء، ومنائر الجوامع والمساجد انتشرت، وامتلأت آذان الناس بنفاقها ودجلها، بوعود جنانها ووعيد جحيمها وارهاب وحوشها، حتى طغت على أنين الضعفاء وشكاوى المحتاجين والبؤساء. والمجتمع الاسلامي هو أول المجتمعات في الفقر والجهل والظلم والعبودية منذ ظهور الاسلام في التاريخ. وفي كلّ ذلك تتصدر صورة أشرف الانبياء وسيّد الخلق عقل وذاكرة وثقافة الدولة والمجتمع، الفرد والجماعة. فإذا رفعت صورة (محمد) من الاسلام تفككت عراه وتهلل قوامه. وإذا التغت صورة (الاسلام) من حياة العرب، رفع عن كاهلهم ثقل عبء جسيم، ناء على كلكلهم بتبعات العبودية والكراهية وأوضار الجريمة والعداوة، ما لا طائل وراءه، ولا نهاية لشرورها. وما احوجهم اليوم لحياة السويّة، ومؤاخاة البشرية، واستقبال الحياةوالعالم بعيون جديدة وقلوب نقية ونفوس حرة من البغض والخوف وسبق الاستعداء.
لقد كان الاسلام ثورة تاريخية اجتماعية، بحسب بعض المؤرخين، لم تتدرج في النمو والانتشار، وانما أخذت طابعا عسكريا عنيفا، قلب المجتمعات عن بكرة أبيها، أذلّ أعزة أهلها، ورفع أسافلها للقمة. وكما طغت البداوة والوحشية على الحضارة وثقافة العقل والاستئناس، واستبدلت القانون المدني بشريعة السيف والإذلال، أنتجت أكبر جريمة ثقافية اجتماعية - بلا نظير سابق أو لاحق- تاريخيا. فقلبت المفاهيم والقواعد والعقائد والقيم، وأعادت البشرية إلى مرحلة الهمجية والوحشية وقانون العضلة. مستبدلة التفكير السويّ وخصائص النفس السوية، بثالوث العنف والكذب والتمرد، قواعد أساسية للاستمرار في الحياة والتسلط.
لقد عمل - وعاظ السلاطين- وفيالق من العلماء العملاء والشيوخ المرائين، في تضخيم صورة الدين وطابع القداسة وشدّة الغضب الالهي، منسوجا على منوال مركزية الشخصية المحمدية الدينة والكونية، في مرآة نفسية المسلم وعقليته. فجعلت منه شخصا مضطربا أسيرا للخوف من القدر والشيطان والسحر والنحس، يتعوّذ خلال النهار ويلتزم بالستر وتقديم اليمين على الشمال [التشاؤم والتطير والنحس]، وتكرار المعوذات وآيات الحمد المحمدية الشخصية [اسم النبي، نور النبي، حبّ النبي]. علما أنّ العقيدة الاسلامية تعترف بعدم قدرة الايمان الاسلامي على حماية المسلم في يومه، أو خلاصه في موته، كما أنها عاجزة عن تغيير طبيعته، ولا تمنحه االصلاح، ولا تجنبه الشرور، ولا تمنعه عنها.
وقد عاتب - بعض الانكشاريين- معروف الرّصافي أنه لا - يصلعم- عند ذكر (خير الخلق). فإذا تكرر ذكره مرتين في الجملة، وجبت صلعمته مرتين، وإذا تكرر عشر مرّات، وجب أن تتكرر عشر مرّات. ولك أن تحتسب مقدار الوقت المسفوح في تكرار ملفوظات الرياء الديني [ع، ص، رض] بامتداداتها التي يتعمّدها البعض زيادة في التزلف والمراءاة. وكلّ تلك أبواب لترويج العبودية وتحطيم العقول والنفوس وتعطيل البشر عن الابداع وهدر امكانيات التقدم والحياة الانسانية الحرّة الكريمة.
فالاسلام دين عبودية. عبودية للدين. والدين هو الاسلام. والاسلام دين عبودي اقطاعي يحكمه رجال الدين، الذين صنعوا مجتمعا عبوديا اقطاعيا عريقا ، الجالس على قمة هرمه هو النبيّ. والنبي موضع قداسة واجلال في التعليم الاسلامي. وعلى مدى التاريخ استبسل الشيوخ والوعاظ في ترسيخ عقيدة - عبادة الشخصية- المحمّدية. وإحاطتها بكلّ هالات التوقيروالمعصومية والتقديس، فهو خير البشر وأشرف الأنبياء وخاتم المرسلين، رضاه من رضا الله، والجحيم مصير من يعصاه. والمسلم يعيش في خوف دائم في نفسه، خشية غضب نبيّه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (وأنا إنشاءالله مبتدئ هذا الكتاب بذكر اسمعيل بن ابراهيم، ومن ولد رسول الله من ولده وأولادهم وأصلابهم، الأول فالأول،.. تارك ذكر غيرهم من ولد اسماعيل، على هذه الجهة للاختصار، إلى حديث سيرة رسول الله. وتارك بعض ما ذكره ابن اسحق مما ليس لرسول الله فيه ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببا لشيء من هذا الكتاب، ولا تفسيرا له، ولا شاهدا عليه، لما ذكرت من الاختصار)- ابن هشام/ السيرة النبوية- دار الحديث في القاهرة- ط2/ 1998- ج1 ص24. وهو مثل قول (هشام بن سالم عن أبي عبدالله "ع" قال: ان القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد سبعة عشر ألف آية)- الشيخ الكليني في كتابه: الكافي في الأصول. والمعروف أن آيات القرآن - العثماني- لا تتجاوز ستة آلاف آية إلا قليلا. وقد ذكر أبو علي الطبرسي في تفسيره: جميع آيات القرآن ستة آلاف وست وثلاثون آية!. فما فعله أبن هشام في السيرة، كان على هدي ما جرى في القرآن من قبل. وقد تكررت مرّات جمع القرآن منذ عمر وعثمان حتى الحجاج وعبد الملك بن مروان، في صورة - القرآن الرسمي- المعمد وأحرقت بقية النسخ والمصادر. وهذا هو المفهوم من قيل ابن هشام البصري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا