الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل أن تلقي زجاجة المولوتوف ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء العاشر

نبيل هلال هلال

2014 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



وهناك معايير لتقييم الحُكم يُنظر إليها من ثلاثة وجوه : الحاكم والمواطن والوطن :
أولها , الحاكم : ومعياره الأول كيفية وصوله إلى العرش ( بالانتخابات النزيهة أم بشرعيات موهومة كشرعية قريش أو بالتعيين وولاية العهد) , وهل يسمح بتداول السلطة ومشاركة قوى المعارضة في الحكم أم يلاحقها فلا تنطق , وما هي قدراته على إدارة شؤون الحكم , وما علاقته ببيت المال , وهل يحترم القانون والصحافة , وهل الحقوق التي يكتسبها تزيد على حقوق المواطن ؟ وما هي ثروته قبل تولى الحكم وبعده ؟ وهل يوصي بالحكم لأبنائه أو أحد أعوانه منعا للملاحقة وحرصا على استمرار المكاسب ؟ وهل يحرص على غياب صف ثان قوي إلى جانبه خشية سلب الحكم ؟ وهل يواصل خداع شعبه بالحديث عن معدلات تنمية وهمية ومستقبل قريب زاهر ويستمر الوعد بالمستقل الزاهر طوال حكمه دون أن يتحقق شئ , وما علاقته بالديمقراطية والشورى , وعلاقته بالمثقفين وأصحاب الرأي والمفكرين وأهل الثقة وأهل الخبرة , وهل يسن قوانين تصونه وتهدر حقوق المواطنين كالتعديلات الدستورية المستمرة المراد بها تثبيت العرش مثل قوانين الأحكام العرفية وفعاليات زوار الفجر وقانون العيب ! وهل أرواح الناس معلقة في طرف إصبع السلطان , إن شاء عفا وإن شاء قتل , وهل السلطة القضائية مِلك يمينه وتأتمر بأمره ؟ وهل يأخذ جنودُه المعارضين بالظنة ؟ وهل تلفق لهم اتهامات وهمية بقصد عقابهم أو على الأقل شل نشاطهم المعادي ؟ أما عن المواطن : ولا أقول المسلم وحده , فالمواطنة حق لكل من يعيش في كنف الدولة ويدين لها بالولاء , ويؤدي ما عليه لها من واجبات : هل تحقق للمواطن العدل- العدل بمعناه الجامع الشامل : العدل الاجتماعي , والعدل السياسي , والعدل الاقتصادي , والعدل الإنساني -والمساواة والحرية مع سائر المواطنين دون النظر إلى الدين أو الجنس أو العرق , وما مدى ضمان سلامته وأمنه : سلامته النفسية والبدنية , وهل يهان في أقسام الشرطة ؟ وهل تصادر حقوق المواطن - أي مواطن - في المشاركة في حكم بلده ؟ لقد تم ترويض المواطن في دولة الخلافة , إذ وُعظ حتى مل , وقُهر حتى ذل , وتل جبينه لذابحه , فأصبح عاجزا عن مجرد إدراك أنه مظلوم , وانعدم وعيه بوضعه الطبقي , وأوهمه فقيه السلطان أن الطبقية هي قدَر الله فالناس منازل ودرجات في الدنيا والآخرة , وأن الدنيا راع ورعية : فالسلطان هو الراعي , وسائر الناس هم الرعية , كان ذلك هو التصنيف الطبقي العنصري للأمة في نظر الفقهاء وواضعي الأحاديث , ففي الوجدان العربي وهو مجتمع رعوي يكون الراعي فيه هو سيد الأمر على ما يرعاه وهم الغنم والماشية . ومفهوم الراعي والرعية يصنع مسافة هائلة بين السلطان والمسلم , مماثِلة للمسافة بين الراعي وبهائمه . وهذا المواطن المغلوب على أمره مسؤول عن جرم تهاونه في حق نفسه , فالله يصف فرعون وشعبه - كما أسلفنا - بقوله تعالى : {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } الزخرف54 - 55 , فالله أنزل بهم عقابه بسبب مقابلتهم استخفاف الفرعون بالطاعة وقبول الضيم . ذلك هو كلام الله المغاير في وضوح كلام نصابي الوعاظ ممن قالوا بمهادنة الفرعون وإن نهب وقتل , وحسَّنوا للمسلم إعطاء خده الأيمن للسلطان , وخده الأيسر للكاهن , ولم يبق له سوى قفاه يلطمه عليه رجال الشرطة والعسس . والظلم الذي عانى منه الإنسان في جاهلية ما قبل الإسلام , لا يقل عنه في إسلام الفقيه الذي زيف الدين خلف جدران معبده , فالظلم الذي عانى منه إنسان ما قبل دعوة محمد ,لم يحمل علامة الله التي وضعها عليه الفقيه العميل . أما عن الوطن : هل زادت فيه الفجوة بين الطبقات والمستويات المعيشية للناس - في بعض المجتمعات تحصل الصفوة على طعامها من الخارج بالطائرة وآخرون يأكلون من صناديق القمامة , والبعض ينفق ملايين الجنيهات على حفل زواج ابنه أو ابنته , في حين تفشت ظاهرة العنوسة بسبب الفقر الشديد وضيق ذات اليد - وهل نشأت فيه طبقات سيادية أخرى تعلو فوق القانون وسائر الناس وتحظى بامتيازات طبقية كرجال الأعمال ممن يحتكرون الصناعة ويستولون على أراضي الدولة ويسيطرون على البورصة ودنيا المال والأعمال؟ وهل فيه مجموعات مصالح ترقص على أنغام الحاكم وهى ظهيره من باب الحرص على استمرار حصولها على الامتيازات والمكاسب .وماذا عن معدلات البطالة والفقر والعنوسة وهل تنصرف جهود الشرطة لتأمين النظام وملاحقة المظاهرات وسحق المعارضين بدلا من مكافحة الجريمة والفساد ؟ وماذا عن تفاقم مشاكل الإسكان وانهيار النظام التعليمي , والزيادة الفاضحة في نسبة الأمية الأبجدية فضلا عن أمية استخدام الحاسوب , وماذا عن بؤس مستوى البحث العلمي , والعجز عن توفير حد الكفاف للناس لا حد الكفاية , والفشل الذريع في تحقيق اكتفاء ذاتي زراعي , وانهيار الصناعة الوطنية وماذا عن الغلاء وانفلات الأسعار؟ وهل يتم غض الطرف عن ملاحقة المفسدين والتراخي في ملاحقتهم بل وتسهيل هروبهم من البلاد خشية الكشف عن تواطؤهم مع الصفوة أو لأنهم من أصحاب الحظوة السلطانية ؟ وهل عم الفساد بحيث استحال معالجته دون هدم النظام كله ؟ (يتبع)من كتابنا خرافة اسمها الخلافة-لنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم! نعم! نعم!
سيف بن ذي يزن ( 2014 / 9 / 29 - 22:42 )
السلام عليك أخي نبيل للأسف الجواب الوحيد لكل تساؤلاتك هو نعم نعم نعن.
لقد أرجعتنا إلى الأسس و الأوليات التي نسيها معظم الناس هذا إن لم يكن كلهم!
أسئلة جوهرية و ذكية نسينا كيف نسألها!

الأمل دائما بأجيال المستقبل.
أراك بخير دائما

اخر الافلام

.. الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة


.. احتفال نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من الإخوة المسيحيين بقدا




.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية