الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشريح العقل العربي

علي رمضان فاضل علي

2014 / 10 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


ليس المقصود بالتشريح هنا التشريح البيولوجي لبيان وظائف أعضاء المخ ولكن المقصود بالتشريح في هذا المقال بيان المدخلات التي تؤدي إلي صياغة العقلية العربية , ويكون نتيجة لتلك المدخلات ولهذه الصياغة مخرجات فكرية ,وعقائدية وتوجهات سياسية واقتصادية , وعادات اجتماعية , وأعراف علي النحو الذي نعيشه في بلادنا العربية في هذه الأيام.
مدخلات صياغة العقلية العربية
هناك الكثير من المدخلات التي تؤدي الصياغة العقلية العربية علي النحو الذي نراه في هذه الأيام , ومن تلك المدخلات:
1 – الحكايات والمرويات الدينية الغيبية
العقل العربي يتم صياغته عن طريق سرد الحكايات والمرويات التاريخية الدينية الغيبية التي في بعض الأحيان ترتقي لدرجة الخرافة , وتلك الحكايات والمرويات الغيبية لا يمكن التحقق والتثبت من صدقها أو كذبها لأنها خارجة عن نطاق الفرض العلمي الذي يمكن التحقق منة بأدوات التحقق والتثبت العلمية. فالحكايات ,والمرويات الدينية الغيبية تقع تحت ما يسمي الفروض العدمية. نتيجة لهذه المدخلات فأن التفكير يكون خرافياً قابلاَ كل ما يقال حتى ولو كان يتنافي مع العقل والفطرة السليمة. وفي نفس الوقت فأن العقلية التي تتشبع بتلك المرويات والحكايات الغيبية لا تعرف للتجريب طريق وتظل محصورة في نطاق ضيق للغاية , نطاق الصراع مع من يري أن تلك المرويات والحكايات الغيبية تقبل كل التصورات وليس تصور واحد فقط .
2 – العقاب المؤجل والثواب المؤجل
عندما كنا نرتكب الأخطاء ونحن صغار مثل الكذب , أو السرقة مثلاً كانت أمهاتنا يقولون لنا " لا تفعلوا ذلك لكي لا تدخلوا النار , وعندما كنا نسلك سلوكا حسنا مثل قول الصدق أو الإحسان للجار كانت أمهاتنا يقولون لنا " إذا تعودتم علي هذا السلوك سوف تدخلون الجنة. ولأننا لم نذق للجنة التي تحدثت عنها أمهاتنا طعم , ولم نعرف للنار التي تحدثت عنها أمهاتنا لون أو شكل , فأن عقولنا تمرست علي إخراج الأفكار البعيدة كل البعد عن الواقعية . انظر إلي الدراسات التي يجريها الشباب العربي في كل المجالات ودقق جيدا في المقترحات التي تذيل تلك الدراسات سوف تراها بعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيشه. انظر جيدا في الحلول التي يقدمها الساسة والاقتصاديين والاجتماعيين العرب للقضايا ألكبري التي نعاني منها جميعاََ كالبطالة, والأمية, والفقر والمرض سوف تري أن كل تلك الحلول لا تصلح لأنها غير واقعية.
3 – تقديس الذوات
من المدخلات العربية التي تصوغ عقولنا تقديس الذوات والأشخاص ومحاولة رفعهم إلي درجات العلي وخلع الصفات البشرية عنهم وإلباسهم لباس الملائكة ,وفي بعض الأحيان لباس الإلوهية .نتج عن تشبعنا بهذه الحالة أننا أصبحنا لا نفكر في مستقبلنا بقدر تفكيرنا في الشخوص الماضوية وزمانهم ومحاولة إحيائهم وإحضارهم للحاضر لكي يحكموننا بمقاييس ومعايير زمتنهم ومتطلباته الفكرية , والاقتصادية , والسياسية والاجتماعية والدينية حتى أصبح الماضي أسلوب حياة ومنهج ينبغي السير علية .
4 – الصح المطلق والخطاء المطلق
نحن العرب تربينا ونربي أولادنا علي أفكار الحق المطلق, والخطاء المطلق والابتعاد كل البعد عن النسبية في التفكير... أصبحت عقولنا العربية لا تقبل سوي هاتين الصورتين, ويكون بالقطع الصواب المطلق لمن ينتمي والخطاء المطلق لمن لا ينتمي. التشبع بهذا الأسلوب التربوي يؤدي إلي صياغة عقلية متطرفة, اقصائية أحادية متعصبة لا تعرف النسبية في التفكير , والوقع العربي يشهد بأننا وصلنا إلي ذروة التشبع بهذه المخلات , فالصراع الديني والمذهبي المحموم في بلادنا العربية ما هو إلا نتيجة لهذه المدخلات.
5 - الولاء للدين والمذهب قبل الولاء للوطن
من اخطر الأفكار التي تربينا عليها وتعلمتاها ونحن صغار ونربي أطفالنا عليها أن الولاء ينبغي أن يكون للدين أولا وللمذهب ثانيا ويأتي بعد ذلك الولاء للوطن حتى أصبح الوطن فكرة في عقولنا يمكن التخلي عنها واستبدالها بأفكار هلامية مطاطية . هذه المدخلات الفكرية الشاذة نتج عنها مخرجات متطرفة للدين وللمذهب وضاع الوطن وتمزق. انظر جيدا للعراق تراها ضاعت أو في طريقها للضياع , ولسوريا وما حدث فيه , وللسودان وما حدث فيها , والي مصر وما يحدث فيها ألان تري أن هناك مدخلات صاغت عقولنا وجعلتها تفكر بهذا الشكل الذي يسهل علي من يريد تحقيق مصالحة من خلال تلك المخرجات العربية الفكرية يستطيع ذلك بسهولة.
6– المؤامرة
من المدخلات التي غٌرست فينا ونحن صغار فكرة المؤامرة , فنحن العرب ننظر للكل علي أساس أنهم متآمرون علينا , حتى أصبحنا نشك في أنفسنا , فالسني يتعامل مع الشيعي من منطلق هذا المدخل والشيعي كذلك , أصبحنا لا نريد سوي العيش منفردين في هذا العالم . أصبحنا مشغولين بهذا النهج ألتأمري ومحاولة كشفة حتى أصبحنا معدومي الثقة بقدرتنا علي مواجهة تحديات العصر وفقدنا القدرة علي المبادأة , والإقدام وأصبحنا ننتظر الضربات الموجعات التي تقع علي رؤوسنا من كل جانب وبررنا فشلنا الذريع في حل قضايانا بالمؤامرة . هذا لا يمنع أن كل الأمم والشعوب تسعي لتحقيق مصالحها ومصالح مواطنيها ومن لا يدرك هذه الحقيقة لا يلوم سوي نفسه , وتشرشل قال ليس هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل هناك مصالح دائمة ينبغي السعي من اجل تحقيقها بكل وسيلة ممكنة.
7 – الاعتماد عل الموعظة في بناء الشخصية العربية
في بلادنا العربية يتم الاعتماد علي المواعظ الدينية في بناء الشخصية ومن دراسة التاريخ ثبت فشل الموعظة في بناء الفرد العربي. هذه المدخلات الوعظية الهلامية الغيبية صاغت العقلية العربية وجعلته غارق في الخرافة حتى أذنيه , وجعلته لا يبالي بما يدور حوله من أحداث .
تلك المدخلات هي التي صاغت العقلية العربية , وإذا كنا نرغب في صياغة جديدة للعقلية العربية حني تدرك ذاتها , وتستيقظ من ثباتها , ومن غفوتها التاريخية التي استغرقت وقتاً طويلا علينا ان نعيد النظر في تلك المدخلات حتى تخرج عقولنا أفكارا تتواكب مع مقتضيات العصر والواقع , وبدلاً من التحليق في السماء تنزل بقدميها لأرض الواقع....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 1 - 03:26 )
في عام 1927 وضع (هايزنبرج) مبدأ (عدم اليقين) أو مبدأ (الريبة) , وهو مبدأ فيزيائي من المباديء التي تحكم الكون , ينُص هذا المبدأ على (أننا ممنوعون من معرفة الحقيقة الكلية , وليس لنا أن نختار إلا نصف الحقيقة أما الحقيقة الكاملة فنحن ممنوعون عنها) .
يعتبر مبدأ (عدم اليقين) لـ(هايزنبرج) قانون صارم من قوانين الطبيعة ولا يرتبط بأي شكل ببعض القصور الموجود في أجهزتنا , وهو مبدأ يُعلمنا أنه ليس في وسع الانسان إلا المعرفة الجزئية أما المعرفة الكُلية فهذه حكمة لم يُسمح لنا بالاطلاع عليها .
ويعتبر هذا المبدأ من أعظم المبادئ أثراً في تاريخ العلم الحديث حيث أنه يضع حداً لقدرة الإنسان على قياس الأشياء.

اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون