الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوحنا الاسكتلندى و فلسفته (2)

يوسف شوقى مجدى

2014 / 10 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لنكمل حديثنا عن يوحنا الاسكتلندى .. كان الاخير يؤمن بالارداة الحرة للانسان فكان هناك مشكلة جدلية شائكة فى ذلك العصر و هى الخلاف الذى نشب حول مبدأ الجبر(ان الانسان مصير و ليس مخيرا) و الارادة الحرة .. و كان مؤيد مبدأ الجبر راهب يدعى "جوتسشوك" .. اما الذى كان يؤيد مبدأ الارادة الحرة فكان رجلا من اهم رجال الدين و هو رئيس اساقفة ريمز يُدعى "هنكمار" و كان "يوحنا " فى صف رئيس الاساقفة و أيده فى رسالة بعنوان "فى الجبر الالهى" و لكن كان التأييد زائدا على الحد فهذا الموضوع كان شائكا و قد تناول القديس أغسطين (موضوع الارادة الحرة) فى كتابه عن "بلاجيوس" و كان من عدم الحكمة الاسراف فى تأييد "اغسطين" و ايضا الاسراف فى رفض رأيه .. و لكن ما أثار الاستهجان على "يوحنا" هو طريقته الفلسفية فى تنوال الموضوعات فكان يقول دائما "ان العقيدة الصحيحة هى بعينها الفلسفة الصحيحة" و كما نعلم .. كانت الفلسفة فى ذلك العصر شىء من الكفر و الزندقة ..فأصدر مجمعان دينيان حكمهما على كتابته هذه بالكفر و ذلك فى عامى 855،859 .. أطلق المجمع الاول من هذين ، على تلك الكتابة اسم .. و مع ذلك فقد نجا من ذلك بمساعدة الملك "شارل الاصلع".. و قام يوحنا بعد ذلك بترجمة كتاب فيه محاكاة لشخص يُدعى "ديونيسوس الاريوباجيتى" و يُرجح ان هذا الشخص كان من الناس الذين تعلقوا ببولس الرسول عندما وعظ فى اثينا و لهذا اكتسب ذلك الكتاب شهرة عظيمة فى العصور الوسطى..و لسنا نعرف كثيرا عن ذلك الرجل (ديونيسوس الاريوباجيتى) و لكن قد عرفت العصور الوسطى عنه كثيرا ..فقيل انه سافر الى فرنسا و أنشأ دير "القديس دنيس" هكذا ما يوريه لنا "هلدوين" الذى كان رئيسا للدير.. و قيل ايضا انه كان مؤلفا لكتاب يوفق بين المسيحية و بين الافلاطونية الجديدة .. و لكن تاريخ هذا الكتاب مجهول فيرجح كتابته قبل سنة 500 و بعد أفلوطين .. و يأخذ هذا الكتاب شهرة و اعجاب فى الشرق و لكن فى الغرب لم يُسمع عنه كثيرا.. حتى جاء الامبراطور " ميخائيل " سنة 827 فارسل نسخة منه الى "لويس التقى" الذى ارسله الى هلدوين (رئيس الدير الذى تحدثنا عنه ) .. فترجمه "يوحنا" و كان فرحا لان اراء ذلك الكتاب كانت تتوافق مع اراءه ..و أعظم مؤلفات يوحنا كتاب اسمه "باليونانية" .. و هو كتاب لو جاء فى عصر المدرسيين (الاسكولائية) لوصف بأنه واقعى.. فهو يذهب الى ما ذهب اليه أفلاطون و هو ان المعانى الكلية تأتى قبل الجزيئات و قد ادخل فى الطبيعة ماليس له وجود الى جانب ما هو موجود .. فالطبيعة كلها تقع فى اربعة أقسام ..1-ما يخلق ولا يُخلق ..2- ما يُخلق و يخلق .. 3-ما يُخلق و لكنه لا يخلق ..4- مالا يُخلق و لا يخلق و بديهى ان القسم الاول هو الله .. و الثانى هو المُثل الافلاطونية الكائنة فى الله و الثالث هو الاشياء الكائنة فى الزمان و المكان و الغريب انه يجعل القسم الرابع دالا على الله ايضا .. و لكن ليس كانه خالق بل كأنه غاية او نهاية كل شىء فكل الاشياء هى من الله و تعود الى الله ..فذلك تكون نهاية الاشياء هى البداية .. و القنطرة التى تصل "الواحد" بالكثرة ، هى الكلمة (اللوغوس).. و يقول يوحنا انه لا احد يعلم ما هو جوهر الله و لا البشر و لا الملائكة بل يصل ايضا ليقول ان الله نفسه لا يعرف ما هو جوهره !! ..و يقول ايضا اننا من الممكن ان نرى الله فى كل شىء حولنا و فى النظام داخل الكون و نلاحظ تقارب مذهب يوحنا الاسكتلندى و بين سيبينوزا .. و وجود الله هو "الاب" و حكمته هى "الابن" و حياته هى "الروح القدس" و هناك لاهوت ايجابى فى مذهبه فى تخيل الله هو الحق و الخير و الجوهر ..و مصدر الخطيئة هو الحرية لان الانسان اتجه لنفسه بدل من ان يتجه نحو الله .. و ليس للسر اسباب من الله ، لان الله لا يحتوى على فكرة الشر ، فالشر هو لا كائن و ليس له اساس لانه لو كان ذا اساس يصدر عنه لكان ضرورة محتومة ، انما الشر فهو حرمان من الخير..و الكلمة "اللوغوس" هى المبدأ الذى يُرجع الانسان الى الله فهى اذا (مخلص) العالم و باتحاد الانسان بالله ، يصير جزؤه الذى يحدث هذا الاتحاد جزءا الهيا ..و يقول ايضا ان قصة الخلق و خروج ادم كانت على سبيل التشبيه ..و هو يتبع المذهب القائل لأوريجن أنه حتى الشياطين ستجد خلاصها فى النهاية ، و لو أنها ستتأخر فى ذلك عن سائر الناس .. و ينتهى ذكر يوحنا الاسكتلندى كأى رجل رفض الاصولية .. فقد قرر البابا أونوريوس الثالث بحرق كل كتب يوحنا سنة 1225








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 3 - 06:15 )
للقدر أنواع 3 , و هي :
الأول : نوع لا قدرة على دفعه أو رده، ويدخل في ذلك نواميس الكون وقوانين الوجود، وما يجري على العبد من مصائب وما يتعلق بالرزق والأجل والصورة التي عليها وأن يولد لفلان دون فلان.
الفيزياء تؤكد هذا , راجع :
https://www.youtube.com/watch?v=tbqaLqhpxCM
و
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52577-التاريخ-المصمم
الثاني : نوع لا قدرة للعبد على إلغائه ولكن في إمكانه تخفيف حدته، وتوجيهه ويدخل في ذلك الغرائز والصحبة، والبيئة.
الثالث : نوع للعبد القدرة على دفعها وردها، فهي أقدار متصلة بالأعمال الاختيارية والتكاليف الشرعية فهذه يتعلق بها ثواب وعقاب وتستطيع ويدخل في قدرتك الفعل وعدم الفعل معا، وتجد أنك مخير ابتداءً وانتهاءً. فالصلاة والصيام باستطاعتك فعلها وعدم فعلها، فإذا أقمتها أثابك الله وإذا تركتها عاقبك، والبر بالوالدين باستطاعتك فعله بإكرامهما وباستطاعتك عدم فعله بإيذائهما.

اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو