الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه فاسد أم فكر شرير (اقرأ...)

هبة عبده حسن

2014 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كتاب المرحوم الدكتور فرج فودة "نكون أو لا نكون" - وهو عبارة عن مجموعة من مقالات تم نشرها سابقاً في صحف مصرية وعربية ودولية - وبالتحديد في الصفحة رقم 158 وتحت عنوان "جذور التطرف في نفوس الشباب" وهو المقال الذي نشر في العام 1978 يقول أن نقطة البدء التي تنتهي بالتطرف لدى الشباب هي مناهجنا التعليمية، ويسوق مثالاً لذلك بدرس من كتاب القراءة والمحفوظات المقرر على الصف الخامس الابتدائي وعنوانه "نشيد النصر" أتى فيه أنه من واجب مصر أن تشكر الله كثيراً وتعرف فضله عليها، فقد نصرها في حرب رمضان كثمرة للإيمان الصحيح والعزم القوي والصبر والعمل المتصل، ويستعرض الدكتور فودة مستخلصاً (باستنكار طبعاً) أن العامل الحيوي في النصر (وهو العمل) قد دفع عمداً وقصداً إلى المرتبة الأخيرة في سلسلة عوامل النصر (أو أي عمل ناجح آخر) ويتساءل بأي ذهنية إذن سوف يجيب مدرس التلاميذ في الصف الخامس الابتدائي لو سأله أحدهم: وكيف وقعت حادثة ثغرة الدفرسوار إذن؟ هل كنا أقل إيماناً؟ هل كان العدو أكثر إيماناً؟ هل تخلى الله عنا؟

إجابة الأسئلة الافتراضية السابقة والتي كان محلها العام 1978 هو في المعركة العجيبة الدائرة الآن في الساحة الإعلامية والصحفية وفضاء شبكات التواصل الاجتماعي في مصر المحروسة بين مسؤولي وزارة التربية والتعليم (لاحظوا الاسم!) وبعض الشخصيات والاتجاهات الفكرية المختلفة والتي يغلب عليها التقدمية بطبيعة الحال، ويعلق عليها الشعب في فضاء الواقع الافتراضي في الفيسبوك وتويتر وغيره. موضوع الصراع هو أن الوزارة قد أخذت على عاتقها تأريخ أحداث 25 يناير و 30 يونيو في كتب التاريخ المقررة على المرحلة الابتدائية. وبغض النظر عن اسم ما حدث في التاريخين وإذا ماكان مؤامرة أو مغامرة، ثورة أو انقلاب، انتفاضة جماهير أم انتفاضة حرامية فالمهم أن وزارة التربية والتعليم (لاحظوا الاسم مرة ثانية) تقوم بتأريخه بناءً على رواية بعينها وتذكر أسماء أفراد وجماعات وأحزاب إسلامية (كحزب النور السلفي) على أساس أنهم من الثوار الأحرار مؤيدي انتفاضات الجماهير. وقبل احتفالات عيد الأضحى خرج علينا المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم قائلاً إن الوزارة لا تقبل ان يغضب حزب النور (السلفي) منها لأنهم جزء من هذا الوطن فهم إخواننا وزملاؤنا.

لا اعتراض لدي على عاطفة الأخوة بين المسؤولين في الإدارة التنفيذية في مصر وبين الأحزاب الدينية ولكن ليكن تعاطفهم هذا ومشاعر التآخي بعيداً عن أدمغة الصغار الذين هم مستقبل بلد يعاني بشدة جرّاء مثل هذه التبادلات التي لا خير فيها تلك التي أنتجت لنا ما دمّر دولاً كالعراق وسوريا. أنا أشعر بالخوف الشديد على مستقبل مصر بعد قراءة رد المتحدث باسم الوزارة خاصة لأنني أعلم يقيناً أن مدخلات العملية التعليمية هي في الأساس ما صنعت ما نعانيه الآن وسنعانيه لعقود قادمة.

كلنا يعي أن السيطرة على وعي الشعوب هو أقصر الطرق للسيطرة على مقدراتها، وكلنا يعي أن السيطرة على وعي الشعوب يكون بتمهيد العقول في الصغر سواء لقبول روايات السلطة عن أحداث آنية أو عن طريق تسطيحها بترديد أساطير غير مقبول مناقشتها من نوع أن الملائكة كانت تحارب إلى جانب الجيش المصري ولذلك أتانا الانتصار في حرب 73 فنحن لم ننتصر لأن مئات الآلاف من الجنود والقادة فكروا وتدبروا وتدربوا وعملوا وأبدعوا... ونحن لم ننتصر لأن ملايين المصريين تبرعوا بالمال والدم لإعادة بناء الجيش... لا لا لا... لقد انتصرنا لأننا مؤمنون ولا مناقشة!

هناك مشهد كوميدي بديع وبليغ للفنانين: محمد صبحي، عبلة كامل وهاني رمزي وآخرين في مسرحية اسمها "وجهة نظر" وهي عمل فني جميل تم إنتاجه في التسعينيات من القرن الماضي. المسرحية كانت محمّلة بالإسقاطات السياسية (وهي السمة التي ميزت الأعمال الدرامية والأدبية في تلك الفترة). وبالعودة لذلك المشهد... فعلى خشبة المسرح كان هناك مجموعة من المكفوفين في معهد للتأهيل ذا إدارة سيئة ومجحفة وكان المكفوفون يحاولون إثبات هذه الحقيقة للعالم الخارجي فقام أحدهم بسرقة خطاب رسمي من الإدارة وجلسوا جميعاً حول الشخصية الوحيدة التي كان بإمكانها القراءة (وهي التي أدتها عبلة كامل)... تلك الشخصية كانت ضعيفة النظر ولكنها ليست فاقدته.... وفي ذلك المشهد كانت عبلة كامل تحاول قراءة ذلك الخطاب الرسمي لزملائها فاستغرقت وقتاً طويلاً في الحرفين الأولين للكلمة الأولي في أول سطر من سطور الخطاب، وبعد معاناة خلصت بأن الحرفين هما إما "باء" أو "تاء" وإما "سين" أو "شين" أو كما قال محمد صبحي في المسرحية متسائلاً بأسى: (يعني يا إما بس يا إما تش؟)... إبداع المشهد ليس فقط في كم الضحك الذي صحبه واستدعاه ولكن في كونه يصف حالنا نحن شعوب "اقرأ"، فنحن يا "إما بس يا إما تش" ولا حول ولا قوة إلا بالله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يجب تطهير وزارة السلفيه والتعتيم من الاخوان
حكيم العارف ( 2014 / 10 / 5 - 22:26 )
استاذه هبه كتبت :
وقبل احتفالات عيد الأضحى خرج علينا المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم قائلاً إن الوزارة لا تقبل ان يغضب حزب النور (السلفي) منها لأنهم جزء من هذا الوطن فهم إخواننا وزملاؤنا.

أنا أشعر بالخوف الشديد على مستقبل مصر بعد قراءة رد المتحدث باسم الوزارة خاصة لأنني أعلم يقيناً أن مدخلات العملية التعليمية هي في الأساس ما صنعت ما نعانيه الآن وسنعانيه لعقود قادمة.
----------------

انت تشعرين بالخوف رغم انهم مسلمين ... و نحن نشعر بالامل لانه يوجد امثالك لاتوافقين على وجودهم فى المشهد ...

يجب الضغط على الحكومه لتنفيذ القوانين ... بدلا من الاكتفاء باللطم على الخدود و النواح على شهداء الجيش و الشرطه ... اللذين قتلوا على ايدى هؤلاء المتطرفين ..

عجبا على امه تترك التطرف امام عينها وتبحث عن الشبح (السلفيه - المتخلفه(.


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 6 - 17:34 )
على دولة مِصر الشقيقه الحذر من (الكنيسه) و تعاليمها , فالتاريخ الأرهابي لهذه الديانه ثابت تاريخياً , على القُراء الكرام مُتابعة التالي :
- ورطة المسيحيه! :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=434479
- شريعة (يسوع الناصري) في الميزان :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=434122
- المسيحيه تُطبق (العهد القديم) عملياً! :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432900
- محاكمة (يسوع الناصري) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432375


3 - بديع وطريفة
HAMID SAYADI/Kirkuky ( 2014 / 10 / 7 - 10:45 )
دمتم والله أضحكتنا من رغم جراحي لأخوتي في كوباني سوريا الجريحة المنكوبة! أين الله السمسار في هذا العالم المرعب ؟

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah