الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش و السؤال الصعب

هانى مراد

2014 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سألني صديق عزيز بغضب و أسف في آن واحد:" كيف يسمح الله بما تقوم به داعش من عمليات ذبح وحشية لابرياء و في بعض الأحيان لأطفال و اغتصاب للنساء ؟"
"كيف لا يتدخل الله و يمنع هذه الجرائم؟"
"ما ذنب هؤلاء الأبرياء الذين ذُبحوا و الفتيات اللاتي أُغتصبن ؟"

بداية.. لا أدعي امتلاكاً لأجوبة جاهزة سابقة التعليب لمثل هذه الأسئلة الصعبة.

و لكننا غالبا ما نزيد الأمور تعقيداً بانطلاقنا من فرضيات خاطئة و نحن نبحث عن إجابات لتلك المعضلات.

يوجد اعتقاد راسخ لدي أصحاب الديانات التي تعرف بالسماوية بأن الله متحكم و صاحب الأمر في كل كبيرة و صغيرة تحدث علي الارض...
و هذا الإيمان غير قابل للنقاش لأنهم يعتبرون اي تشكيك فيه هو طعن مباشر في قدرة الله و سلطانه و بالتالي تشكيك في ألوهيته ذاتها...
و هذا المنطق عينه هو ما يدفع الكثيرين علي الجانب الأخر لاتخاذ موقف سلبي من هذا الاله الذي يري كل هذه الجرائم الوحشية و لا يتخذ موقفاً لمنعها ووقف سفك الدماء و الاكتفاء بلعب دور المتفرج رغم صلاحياته و قدرته علي إيقاف هذه الفظائع ، مما يدعو أولئك للكفر به و عدم التصديق بوجوده أو يسقطونه من حساباتهم في الحياة.
في اعتقادي انه لا يمكن القول الا بوجود صراع رهيب بين الخير و الشر في عالمنا اليوم.
وان المعركة محتدمة و مستمرة بين القوتين..
يمكن القول بان الشيطان استطاع الاستيلاء علي مناطق نفوذ
هائلة نتيجة سقوط الانسان.
ففى البداية أعطي الله الانسان الحرية في طاعته او عصيانه .
و أخذ الانسان للأسف اتجاها بالتمرد و العصيان ضد الله و ابتعد عن صانعه و سلك في طريق مستقل..
و مع أول أخوين في تاريخ البشرية
قتل أحدهما الأخر..
كانت هذه آثار السقوط
لماذا قتل قايين أخيه؟
لأن الشيطان ملأ قلبه.. و لأن الشيطان قتالاً للناس من البدء.
ما ذنب الأخ البرئ؟
لا ذنب له..هو برئ.
لماذا سمح الله بقتله؟
هذا سؤال خاطئ..
الله لم يعطي ضوءاً أخضر للأخ القاتل بارتكاب جريمته ضد أخيه.
الله أعطي الانسان الحرية من البداية.
عندما ابتعد الانسان عن الله مصدر النور و الحياة صار مظلماً و قاتلاً..
لا يمكن ان نفترض ان الله يقوم بتمثيلية و لا يعطينا حرية حقيقية تتبعها آثار فعلية و حقيقية أيضاً .
علي الانسان ان يتحمل نتيجة قراراته و اختياراته و التي منها قتله أخيه و قتل خالقه و تدمير نفسه.
إستقلال الانسان عن الله و انفصاله عن الحياة كان نوعاً للتدمير لنفسه و للآخرين من حوله.
لا يمكن للإنسان استعاده التوازن و الحياة مرة اخري بنفسه ، فكان لابد لله ان يأتي بنفسه و يفتدي الانسان بدم ثمين و يعيد له كل ما فقده بسبب الخطية و يعيد له صورته الأولي التي شوهها الشيطان القاتل.
يعود علي صورة الله مانح الحب و الحياة بدلا من صورة الشيطان الملآنة حقداً و قتلا للآخرين .
وهنا تأتي المعضلة الكبري التي في كثير من الأحيان لا يفهمها البعض.
ان كان الانسان اخطأ و فقد سلطانه بغواية من ابليس فلماذا لا يعيد الله للإنسان ما فقده بكلمة.
مادام الله يحب الانسان و يريد ان يغفر له ذنوبه فلماذا لا يأمر فيكون؟!
اذا فعل الله ذلك فانه يكون قد تجاوز المبادئ و القوانين التي وضعها هو بنفسه.
لا يمكنه مصادرة حرية الانسان او إلغاء ما قام به الانسان من اخطاء و الا يكون الله غير حقيقي او كأنه يقوم بتمثيلية هزلية.
لكن الله خلق إنساناً حقيقياً و منحه حياة و حرية حقيقية..
اختيارات و أفعال البشر هي ايضاً حقيقية و نتائجها كذلك يجب ان تكون حقيقية.
فعندما يقوم إنسان بقتل أخيه الانسان او يغتصب اخت له في البشرية فان لذلك عواقب حقيقية يحصرها القاتل و المغتصب و تحصدها البشرية جمعاء.
لذا عندما أراد الله أن يتدخل في وضع البشرية الساقط و يعالج الموقف لم يكن باستطاعته أن يعالج الموقف بكلمة بل بتقديم حياته..
فقام الله بالتجسد و جاء في صورة إنسان و دفع ثمن خطايا البشرية كاملة كي يكفر عن كل ذنوبها و يمنح لكل من آمن به غفراناً و حياة أبدية.
و يبقي الصراع قائماً علي الارض و علي الانسان..
فالشيطان لا يزال يصارع لامتلاك إرادة الانسان عن طريق ذهنه و عواطفه و بالتالي يقوده للكراهية و القتل و التخريب.
و الله علي الجانب الاخر يريد تحرير الانسان من كل تأثير شيطاني و يعيد له الكرامة و المجد اللذان خلقه عليهما.
نعم.لم يكن من الممكن لله ان يغفر للانسان خطيته و يخلصه من سيطرة ابليس و الخطية بمجرد كلمة و لكن بدفع ثمن الخطية ألا و هو الموت.
أحياناً يكون علي الانسان ايضاً دفع أثماناً مقابل استرجاعه لأمور سُلبت منه.
المسيح دفع الثمن الذي لا يمكن لأحد غيره أن يدفعه لأنه يفوق ببساطة كل إمكانيات البشر.
دفع المسيح ثمن حياة الانسان و حريته.
لايزال الشيطان يحارب لكي يدمر أكبر عدد ممكن من البشر و علي الطرف الاخر قد حسم المسيح المعركة لصالح الانسان بموته علي الصليب و قيامته و صار لكل إنسان نصيباً في هذا الانتصار و لكن الشيطان يريد ان يصرف باي ثمن أبصار الناس عن المسيح بشتي الوسائل.
تبقى دائماً الاجابة ليست سهلة عن سؤال الانسان حول الوجود و الألم
و يبقى المسيح الاله الانسان هو الاجابة الوحيدة الممكنة لكل هذه المعضلات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 10 - 01:38 )
الشر أكبر دليل على وجود الله , و هو أكبر دليل على خطأ الإلحاد :
https://www.facebook.com/permalink.php?id=690222041050398&story_fbid=690621977677071


2 - بداية النهاية للإسلام في كوباني
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2014 / 10 / 10 - 08:23 )
العد التنازلي لإندحار الإسلامي بدأت في كوباني!

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج