الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خامساً البعث الأسدي

نصر اليوسف
(Nasr Al-yousef)

2014 / 10 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بعد أفول حقبة الاستعمار التقليدي، أخذ الحس القومي ينمو ويترعرع. ووسط هذه الأجواء نشأت فكرة "بعث" الأمة العربية، واستعادة ماضيها المجيد.
تبلورت هذه الفكرة على مراحل، إلى أن اتخذت شكل ما يعرف بـ"حزب البعث العربي الاشتراكي".
الفكرة؛ بشعارها (أمة عربية واحدة)، وبأهدافها (وحدة، وحرية، ومساواة "اشتراكية") لا غبار عليها. فهل يوجد عربي حقيقي لا يغريه هذا الكلام؟ لكن أذنابَ أعداءِ ما أسميتُه في مقدمة هذه المقالة بـ "المجتمع الجديد"، سارعوا إلى امتطاء تلك الفكرة النبيلة، فحوّلوها إلى أداة تدمير، تَستكمِل ما بدأته القوى الأربع التي ذكرتها آنفاً.
بدأ تفريغُ فكرة البعث العربي من مضمونها على يد "اللجنة العسكرية"، التي استطاعت أن تهيمن هيمنة تامة على الحزب. وفي خضم الصراع على السلطة داخل "اللجنة العسكرية" نفسها، صفّى أعضاؤها بعضُهم بعضا، إلى أن آلت الأمور إلى أكثرهم خُبثا ومكراً وباطنية ودموية ـ حافظ الأسد.
ومنذ أن استولى حافظ الأسد على القرار السوري برمته، عمل على تحويل المجتمع الشامي (سورية فلسطين لبنان) إلى مجموعات متناحرة، بدلاً من العمل على تحقيق أهداف الحزب في إقامة الوحدة بين شعوب الدول العربية قاطبة.
لقد نجح ـ حافظ الأسد ـ في ذلك إلى حد بعيد، لأنه استطاع أن يحوّل الحزب إلى ستار سميك، وراح ـ وراء ذلك الستار ـ يمارس الدور الدنيء المنوط به، مستعيناً بشلة من الطائفيين الحاقدين، الذين وزعهم على كل مفاصل الدولة.

يقول المثل الروسي: إن في كل شر خيراً.
لاشك في أن الثورة السورية جلبت كمّاً هائلاً من الشرور على سورية؛ كشعب، وكوطن. لكنها تحمل في طياتها خيراً كذلك. لأنها غيرت تغييرا جذرياً في تفكير ممثلي "المجتمع الجديد" الذين يمثلون العمود الفقري لما يسمى بالأمة العربية. لقد كشفت لهم أشياء لم تكن في حسبانهم أبداً. ولهذا فإنهم على موعد مع مستقبل يصنعونه بإيديهم، ولا يأتمنون عليه أحدا غيرهم.
-------------------------------------------
بداية المقالة:

التشخيص الصحيح أساس الشفاء

إن ما نشهده اليوم في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها، هوالمرحلة الختامية من النَّخر المستمر، الذي مارسته القوى الراغبة في تفتيت الجسد العربي على مدى قرون.
لن أتوقف عند تعاريف مفاهيم "الأمة" و"القومية" و"الوطن" و"الفكرة الوطنية"، فهذه المفاهيم أشبِعتْ بحثا وتمحيصاً، وتعاريفها المختلفة متاحةٌ لكل راغب.
لكني أريد أن أعبر عن رأيي بأن التزواج بين "العروبة" و"الإسلام"، قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، أنجب "فكرة وطنية" ساهمتْ في خلق "مجتمع" جديدٍ كبيرٍ غاية في القوة والتماسك، اكتسبت فيه مفاهيم "الأمة" و"القومية" و"الوطن" أبعاداً إنسانية محضة.
لقد كان من الطبيعي أن يصبح هذا المجتمع الوليد هدفاً لكل من تضرر من ظهوره. وهذا ما كان فعلا؛ حيث تعرض هو، والفكرة الوطنية التي قام على اساسها، لهجمات لم تتوقف أبداً بهدف إنهاكه وإسقاطه. لكن نواتَه ـ التي يُطلق عليها حاليا تسمية "الوطن العربي" ـ لا تزال صامدة، تناطح بقرون من عجين.
أما أبرز القوى التي استهدفت "المجتمع الوليد" فهي ـ حسب رأيي:
1 ـ التشيع الفارسي الصفوي،
2 ـ الغزوات الصليبية،
3 ـ الاستعمار الأوروبي،
4 ـ التعصب الطائفي المنظم "الحزب القومي السوري"، "الفرعونية"،
5 ـ البعث الأسدي،
هذا، طبعا بالإضافة إلى عوامل داخلية ـ ذاتية، لا يجوز التقليل من أثرها.
سأخصص لكل "قوة" منشورا خاصاً، أشرح فيه ما أحْدثـتـْهُ من نخرٍ مدمرٍ في جسد المجتمع الجديد.

أولاً ـ التشيع الفارسي ـ الصفوي

قبل الشروع في شرح الأثر الهدام لـ"التشيع الفارسي ـ الصفوي" (على "الفكرة الوطنية" التي ساهمت في تثبيت دعائم "المجتمع الجديد" الذي كان ثمرة تزاوج "العروبة والإسلام") أود أن ألفت إلى حقيقةِ أن "التاريخ" ليس علماً!!! إنه خليط من أحداثٍ حدثت فعلا، وأخرى مختلقـَة. وفي غالبية الحالات يجري سرد وتفسير الأحداث ـ من النوعين ـ بشكل مزاجي، وحسب ما تقتضيه مصلحة المؤرخ.
***
وهكذا،،، فإننا إذا نحّيْنا الخرافات والأساطير جانبا، والتزمْنا بما جاء في القرآن الكريم، وفسرنا معانيه دون تأويل مزاجي، سنجد:
ـ أن النبوة ليست شأنا وراثياً؛ فأبو سيدنا محمد (ص) لم يكن نبياً، وكنعان بن نوح لم يعترف بنبوة أبيه.
ـ وسنجد أيضا أن الله اختار ـ لتبليغ آخر رسائله ـ سيدنا محمداً (ص) حصرا وتحديدا، ولم يختر معه أحداً من ذريته أو أحفاده أو أبناء عمومته، أو زوجاته.
وهذا يعني أن القدسية والعصمة محصورتان في الرسول محمد (ص) فقط، ولا تنسحبان على أي أحد آخر غيره، مهما كانت درجة قرابته منه.
***
تجمع كتب السيرة على أن الرسول (ص) عندما توفي، كان عـُمْرُ أبي بكر حوالي 58 عاما، وعمر عمر حوالي 44، وعمر علي حوالي 31 عاما. من هنا، يستطيع الباحث المحايد أن يجد عدداً كبيرا من الأسباب الموضوعية والمنطقية، التي تجعل الخلافة تؤول إلى أبي بكر دون سواه... وهذا ما كان فعلاً.
وبفضل الانسجام والتفاهم التامّيْن بين أصحاب الرسول (ص)، اشتد عود الدولة الإسلامية، وتضاعفت قوّتها بوتائر سريعة جداً. وما هي إلا سنوات قليلة حتى أصبحت ندّاً قوياً لأعظم امبراطوريتين في ذلك الوقت ـ الرومانية والفارسية.
في عام 636 ميلادي وقعت في منطقة القادسية ( في العراق الحالي) معركة بين جيوش الدولة الإسلامية برئاسة عمر بن الخطاب، وجيوش الإمبراطورية الفارسية برئاسة يزدجرد بن شهريار، حققت الجيوشُ الإسلامية فيها ـ بقيادة سعد بن أبي وقاص ـ انتصاراً ساحقاً على جيوش كسرى، بقيادة رستم فرخزاد. وانتهت تلك المعركة الفاصلة بمقتل كل قادة جيوش كسرى، وتشتت الجيوش الفارسية وهربها، وبالقضاء قضاء مبرماً على الإمبراطورية الساسانية، وبفرار القيصر يزدجرد نفسه، وبسبي ابنته الأميرة شهربانو.
وعندما جيء بالغنائم والسبايا للخليفة عمر، زوَّج السبيّةَ شهربانو للحسين ابن علي بن أبي طالب، عملاً بالأخلاق العربية التي لا تسمح بإذلال أعزاء الأقوام.
***
يَذكُر الكثيرُ من المراجع أن فاطمة ـ ابنة الرسول (ص) ـ كانت ترى أن زوجَها ـ علي بن أبي طالب ـ أحقُّ من الآخرين بخلافة أبيها،،،
هذا ليس مستبعدا تماماً، لأن الزهراء ـ قبل كل شيء ـ امرأةٌ، تتحكم العواطف بأهوائها وبقراراتها. ولا صحة مطلقا ـ من الناحية الدينية ـ لما يتحدث عنه المغالون من عصمتها وعصمة أبنائها، عبر تفسير مزاجي للآية الكريمة "إنما يريد الله أن يُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً".
عند وفاة الرسول كان الحسين بن علي صغيرا في السن، ولهذا كان ملازما ولصيقاً بأمه، ولربما تأثر بأفكارها من ناحية الأحقية في ترؤس الدولة التي وضع أسسها جده لأمه ولأبيه.
وليس من المستبعد منطقيا أن يكون طموحُ الحسين إلى السلطة، نَـما في عقله الباطني بالتوازي مع تقدمه في السن. ولقيت هذه النزعة أجواءً ملائمة للتضخم والنمو في ظل زواجه من الأميرة شهربانو ابنة القصور وسليلة الأكاسرة...
***
يجب الإقرار بأن عامة شعوب الإمبراطورية الفارسية استقبلت الدين الجديد بصدر رحب، ودخلت فيه أفواجاً، وأصبحت مكونا رئيسيا من نسيج الدولة الجديدة، الأمر الذي تؤكده كل المراجع التاريخية.
أما النخبة الفارسية، فكان لها موقفٌ مختلف تماما، حيث مثّل انهيار الإمبراطورية الساسانية لها ضربةً صاعقة. ولهذا راحت تبحث عن سبيل للثأر، واسترداد كرامتها التي داسها العرب "الأجلاف" بأقدامهم "الحافية".
اقتنعت تلك النخبة بأن المواجهة مع العرب ضربٌ من المستحيل، ولهذا قررت الاندساس في عصب الدولة الإسلامية، والعمل على نخره من الداخل. وهذا ما كان... حيث تمكنت من الثأر من عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة، وتمكنت من بث الفرقة والوقيعة بين صحابة الرسول، وورطت الحسين في معركة خاسرة سلفاً، واتخذت من دمه شعارا لا يزال يفتك بالجسد الإسلامي حتى يومنا هذا.
وجدت النخبة الفارسية أن العمل بالدسائس والفتن لم يجلب لها النتائج المرجوة، فقررت بلورة ما يسمى بالـ"فكرة القومية". واجتهد منظرو تلك النخبة على إخراج الفكرة القومية بشكل يضمن لهم انضمام أكبر نسبة ممكنة من الفرس.
وجدت هذه الفكرة أول تجسيد علنيٍّ لها ـ في مطلع القرن السادس عشر الميلادي ـ على يد مؤسس الدولة الصفوية اسماعيل شاه آل صفويان. وكان واضحاً منذ البداية أن هذه الفكرة تقوم على التسخير الفجّ للدين لتحقيق أهداف قومية سلطوية بحتة، لا تخدم الإسلام ولا المسلمين لا من قريب ولا من بعيد.
ومنذ ذلك الحين، اتخذت المحاولات الثأرية الانتقامية الفارسية من العرب ومن "الفكرة الوطنية" التي جعلت من العرب قوة قاهرة، اتخذت طابعا مفتوحاً.
***
أخيراً،،،
إذا كان من السهل تَـفهّم حقيقية أن التشيع الصفوي وجد قبولا وانتشارا في الأوساط الفارسية، فلا يمكن لأي عقل أو منطق أن يتفم قبول بــعــض الــعــرب لهذا التوجه، الذي يقوم في أساسه على فكرة الكره للعرب والرغبة في الانتقام منهم.

ثانياً ـ الحملات الصليبية

لن أغوص كثيرا في أعماق تاريخ منطقتنا، التي تعرف باسم الشرق الأوسط، وأكتفي بالتأكيد على أنها كانت طيلة القرون العشرة، التي سبقت ظهور الإسلام، محط صراع بين الامبراطوريتين العظميين في تلك العصور ـ الإمبراطورية الفارسية، والإمبرطورية الرومانية.
ذكرت في المقالة الثانية، أن الدولة العربية ـ الإسلامية الوليدة تمكنت سنة 636 ميلادي من القضاء على الإمبراطورية الفارسية، ومن استقطاب غالبية سكان الإمبراطورية المنهارة إلى الدين الإسلامي.
وفي الوقت نفسه تقريبا تمكنت الدولة العربية ـ الإسلامية من دحر جيوش الإمبراطورية الرومانية عن غالبية مستعمراتها في ما يسمى حاليا بـ"المشرق العربي".
انكفأ الروم، لكنهم لم يكونوا ليقبلوا بالهزيمة، حيث استمرت المناوشات في مناطق التماس بين الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية الفتية، وبقايا الإمبراطورية الرومانية المندحرة.
في أواخر القرن الحادي عشر، وجدتْ النخبة الأوروبية أن "الجغرافيا" لا تـَصلُح لأن تكون سلاحا معنويا فعالاً يتسلح به المقاتل المسيحي في مواجهة المقاتل المسلم، لهذا أخذت تبحث عن "فكرة جامعة" تستطيع بواسطتها أن تحشد أكبر عدد ممكن المسيحيين للتصدي للإمبراطورية العربية ـ الإسلامية، التي تتنامى قوتها يوما بعد يوم. ولقد قدم الخليفة الفاطمي ـ الحاكم بأمر الله خدمة جليلة لهذه النخبة عندما أمر بتدميركنيسة القيامة سنة 1009م. مثلت حادثة إحراق كنيسة القيامة مقدمة لتبلور فكرة "الحرب الصليبية" التي تهدف ـ حسب زعمهم ـ إلى تحرير الأماكن المسيحية المقدسة من الاستعمار الإسلامي، والتي التفَّ حولها رعايا الإمبراطوريتين الرومانيتين ـ الشرقية (أو البيزنطية)، والغربية.
وباستخدام هذه الفكرة تمكنت النخبة المسيحية من تسيير عدة حملات صليبية، كان آخرها في النصف الثاني من القرن الثالث عشر.
رغم الخسائر المادية الجسيمة التي خلفتها الحملات والحروب الصليبية، إلا أن تأثيرها المعنوي على "المجتمع الجديد" كان محدوداً. ذلك لأن العداء لـ"الفكرة الوطنية" التي قام عليها المجتمع العربي ـ الإسلامي كان ظاهراً واضحاً، على عكس العامل الفارسي ـ الصفوي، الذي يُبطن خلاف ما يُظهر.

ثالثاً ـ الاستعمار الأوروبي

ذكرت آنفاً أن النخبة الفارسية تظاهرت باعتناق الدين الجديد، وبأنها اندمجت في النسيج الاجتماعي للإمبراطورية العربية ـ الإسلامية، لكنها في الحقيقة كانت تعمل بكل خبث ودهاء على نخر عظام جسد ذلك المجتمع.
لقد تمكنت (النخبة الفارسية) من شق صف النخبة العربية الحاكمة وتحويلها إلى فريقين متصارعين. كما تمكنت من تحويل الخلاف الدنيوي إلى خلاف ديني. ووضعت للفريق، الذي سيـّرته في ركبها، أسساً فكرية وعقائدية تتضارب مع الأسس الفكرية والعقائدية التي قام عليها "المجتمع العربي ـ الإسلامي".
ولم تقف (النخبة الفارسية) عند ذلك الحد، بل واصلت جهودها الثأرية الانتقامية. حيث تمكن مُنظّروها من تأسيس "فرق" تقوم في ظاهرها على أسس إسلامية، لكنها في باطنها تضمر للإسلام المحمدي كل عداء.

وعلى المقلب الآخر، لعبت الحملات الصليبية المتتابعة دوراً كبيرا في إضعاف "المجتمع الجديد"، حيث أنها أرغمته على تخصيص جزء كبير من طاقاته للشؤون الدفاعية، إضافة إلى أن منظّري تلك الحملات استطاعوا إقناع جزء من أبناء ذلك "المجتمع" بأنهم جاؤوا محررين ومخلصين، وبأن الذي يجمعهم أقوى بكثير مما يجمع ذلك الجزء بالمجتمع الإسلامي الذي يعيش فيه.

بفعل العاملين السابقين، شاخت الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية قبل الآوان، وتفـتـتـت إلى ممالك ودويلات، وحتى الإمبراطورية العثمانية ـ في أوج قوتها ـ لم تستطع أن تجمع شتات منطقتنا.

ثم جاء الاستعمار الأوروبي ـ ومن ضمنه الاحتلال الاستيطاني الصهيوني ـ ليكمل ما بدأه سلفاه. حيث قونن التجزئة، ووضع لها أسساً ودساتير، وحدودا هي في الحقيقة قنابل موقوتة. وعبث في التركيبة الاجتماعية لتلك الأجزاء.

لقد انسحب الأوروبي ـ ظاهرياً ـ عن مشهد منطقتنا. لكنه في الحقيقة لا يزال صاحب الكلمة الفصل في كل شأن من شؤوننا. إنه يتحكم بكل شاردة وواردة؛ عبر عملائه الرسميين، أو عبر عملاء تأثيره، الذين يتحكم بهم عن بعد. وليس ثمة ما يشير إلى قرب امتلاكنا لزمام أمورنا.

رابعاً ـ التعصب الطائفي المُـنَـظّـم
الحزب القومي السوري وإخوته

لا يستطيع أي منصف أن يـُنكر أن "المجتمع الجديد" تحلّى بتسامح قلّ نظيره في تلك الحقبة. حيث ساوى بين الأعراق والقوميات مساواة تامة،
وترك لكل شخص حرية الاعتقاد. فقد كان المسيحي واليهودي يتمتع بحرية كاملة في ممارسة شعائر وطقوس ديانته.
كما أن التماثيل والنصب المنتشرة على امتداد مساحة منطقتنا، التي تعود لحقب ما قبل الإسلام، وما قبل المسيحية، وما قبل اليهودية، ظلت قائمة دون أن تـُمسَّ بأذى حتى وصلت إلينا.
وتوارثت أجيال الغالبية الساحقة من أبناء منطقتنا هذه الميزة النبيلة...
لكن،،،
لكل قاعدة شذوذ!!!
فعلى مر القرون، ظل الـ"بعض" يشعر بعدم الرضى من وضعه في المجتمع الذي تشكل. ودفعه ذلك إلى التعاون مع كل جهة، كانت تسعى لتفتيت النسيج الاجتماعي القائم. وقد عرف التاريخ مِن أبناء منطقتنا من انخرط في "الحركة الشعوبية" التي لا هدف لها سوى التشهير بالعروبة، وبالدين الذي تعتنقه غالبية من يفترض أنهم إخوتهم. وعرف التاريخ كذلك من تطوّع طابوراً خامساً للغزاة من الشرق أو من الغرب.
ومن هؤلاء من لا يزال حتى يومنا هذا يبث سموم الفرقة بين أبناء المنطقة، ويعمل على تمزيق نسيجها الاجتماعي؛ عبر تشكيل تيارات على أسس "فينيقية" أو "سورية" أو "فرعونية" أو،،، إلخ.
وأشيرُ في هذا السياق إلى أنطون سعادة، الذي نشط في استقطاب حفنة من أبناء "الأقليات" الطائفيين الموتورين، وأسس معهم حزباً، أسماه "الحزب القومي السوري"، الذي يُـضمر، بل يعلن، الكره والعداء للعرب، وللإسلام الذي جاء بهم، وجاؤوا به إلى بلاد الشام.
وأوضح دليل على ذلك، الكلمة التي ألقاها أنطون سعادة ـ في المؤتمر التأسيسي لذلك "الحزب"ـ والتي قال فيها حرفياً:
أعود فأقول؛ إن هذه القوة النظامية /يعني الحزب/ ستغير وجه التاريخ في الشرق الأدنى /يعني بلاد الشام/. لقد شاهد أجدادُنا الفاتحين السابقين، ومشوا على بقاياهم،،، أما نحن فسنضع حد للفتوحات.
ليس لهذا "الحزب" هدفٌ سوى تمزيق النسيج الاجتماعي لأبناء بلاد الشام، واستكمالِ ما بدأه الفرس والغزاة الصليبيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا