الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عروض التكوين في الجامعة الجزائرية وكارثة ارتجال المناهج الدراسية في العلوم الإنسانية

العربي عقون

2014 / 10 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي


اذا كان التعليم بأطواره في بلادنا كثيرا ما يوصف بأنه منكوب وهو فعلا كذلك فإن مؤشر النكبة لا يزال في تصاعد ولن يوقفه أحد حتى تقع الفأس في الراس والفأس وقعت فعلا في الراس وفي باقي الأعضاء الكريمة في جسد التعليم.
الوضع يذكر بأيام التسيير الاشتراكي للمؤسسات عندما يقف مسؤول العمال وهو لا يفقه شيئا ليفرض رأيه الأخرق على المهندسين والتقنيين وفي التعليم العالي الأمر لا يختلف كثيرا منذ أن منحت الأولوية في قيادة الجامعات لتخصصات الميكانيكا والأشغال العمومية واعتبرت العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية - المسؤولة عن تنمية الفكر عموما - تخصصات ليست لها مصداقية ... عندما تركوها سلعة كاسدة في جراب الممرنين القادمين من امتحانات اثبات المستوى وهم دون مستوى سوى بطاقة الانخراط في الحزب الواحد اولئك الذين غزوا أقسام العلوم الانسانية وحولوها الى زوايا وتكايا وكتاتيب بائسة ثم فرخوا جيلا على شاكلتهم ما عدا القليل القليل الذي نجا من لوثتهم وازداد الأمر سوءا عندما جاء آخرون من تخصصات الميكانيكا وهندسة الطرقات ليخلطوا بين تخصصات العلوم الانسانية والاجتماعية التي تقود العالم المتقدم وبين اولئك الممرنين وهم في واقع الحال لا يختلفون عنهم وكما قيل : الجميع خارج تخصصاتهم عوامّ !
الكلام هنا عن عروض التكوين في الليسانس والماستر والدكتوراه التي تركت لمبادرات لا تحكمها ضوابط لأساتذة ليس لهم اطلاع كافٍ على المناهج وعلى برمجة المقررات الدراسية تراهم يخبطون خبط عشواء وقد وجد بعض المؤدلجين منهم الساحة فارغة فبرمجوا ما يوافق نزعاتهم ومذاهبهم ولنأخذ مقررات التاريخ في الليسانس والماستر حيث قادتنا الرغبة في الاطلاع ونحن بصدد إعداد مقرر ماستر تاريخ إلى الابحار في النت فاطلعنا على عدد من المقررات المبرمجة في الجامعات الفرنسية حيث وجدنا أن أغلبها تتمحور حول تيمة كأن تكون التيمة مثلا هي التاريخ الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي دون التقيد بعصر من العصور وفي هذه الحالة لن يقصى أي موضوع بحث مهما كانت فترته لكن الذي حدث في جامعاتنا هو محورة المقررات حول عصر ورأينا ماستر تاريخ وسيط وماستر تاريخ حديث ... مما يجعل الطالب الذي يرغب في العمل في تيمة من التاريخ القديم – مثلا – مقصيا. وفي حالة كهذه يزداد عدد المقاييس في تخصص وسيط أو حديث مما يتطلب توفر عدد كاف من الأساتذة وحيث أن التوظيف محدود جدا وتاطير الماستر يتطلب ليس فقط توظيف أساتذة لتغطية الحجم الساعي لكن يتطلب كفاءات وخبرة مما يتسبب في تخبط لا حدّ له.
من من هؤلاء درس المناهج؟ ومن له خبرة في اعداد المقررات الدراسية؟ ومن يمكنه ربط المقرر برؤية بلدنا لاختيار مفردات تعكس فلسفة وطننا وانتماءنا له، أقول وأؤكد وطننا لأنني اطلعت على مفردات مقررات معتمدة وهي تدرّس ليس فيها انتماء للجزائر بالقدر الكافي... ولا نبالغ ان قلنا ان بعض مفرداتها سعودي وهابي وبعضها سوري بعثي وبعضها مستوحى من خطب المرحوم القذافي والغريب أن مقاييس متعلقة ببلدان أخرى تمنح لها الأفضلية ونجدها تتصدر وحدات التعليم الأساسية والنتيجة أن هذه المقررات أريد لها أن تقدم تاريخنا كما هو في عين الآخر وأن تقدّم المادّة التاريخية عموما كما يراها الآخرون خارج بلدنا !
لا ريب أن هذه المقررات عرضت على لجنة لكن لا ندري كيف يتم تعيين أعضاء هذه اللجان ولا ريب أن الأمر يسير كما في كل القطاعات بطريقة الزمر حيث تختار كل زمرة زبائنها طالما أن منطق الزبائنية هو التقليد الذي يجري به العمل.
يقوم إعداد المناهج الدراسية على أهداف مستلهمة من دستور البلد وفلسفته وعلى حسن اختيار مادة رصينة لرفع مستوى التحصيل العلمي ولتكوين نخبة معتزة بذاتها وفية لوطنها لكن ما نراه هو تدريس لتاريخ الشعوب الطارئة على البلد وتمجيد البعض منها منذ الفينيقيين إلى الفرنسيين وقد رأينا أن البعض من الأساتذة يلقي درسه على طلبته وهو في قارب فينيقي قادم لتعليم "البربر" المتخلفين الذين لا يسميهم باسمهم بل يسميهم : سكان ومحليون، يعني بلغة "فافّا" أنديجان وبعضهم يلقي درسه وهو يمتشق سيفا أمويا متقمصا شخصية عبد الله بن أبي سرح الذي ارتد عن الاسلام وأهدر النبي دمه لولا شفاعة الصحابي عثمان بن عفان كما هو معروف.
لقد كنا من الذين تلقوا تكوينا في المناهج والتقييم التربوي عندما كنت أستاذا للتكوين في معهد تكنولوجيات التربية Institut des technologies de l’éducation المعروف اختصارا باسم : L’ITE وخلالها تعرفنا على أهمية إعداد المقررات الدراسية على أسس منهجية وعلمية وأن أي إخلال بها يمكن أن يفتح الباب على مصراعيه لانحرافات خطيرة تعصف بالبلد ويخطئ من يظن أن الأمر يتعلق بإعداد مقررات التعليم الثانوي بل إنّ المقررات والمناهج الدراسية مهما كان المستوى ينبغي أن يعدّها خبراء ومن الخطأ الفادح تركها للارتجال.
الموضوع يمكن ان نكتب فيه كتابا وحيث أن ذلك يتطلب الكثير من الوقت والجهد نكتفي الآن بهذه الكلمة الموجزة عساها تجد آذانا صاغية ولا ريب أن الآذان الصاغية على قلّتها موجودة ويمكن أن تقوم بشيء مفيد وفعّال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برافوووو
الشهيد كسيلة ( 2014 / 10 / 11 - 16:40 )
...... وقد رأينا أن البعض من الأساتذة يلقي درسه على طلبته وهو في قارب فينيقي قادم لتعليم -البربر- المتخلفين الذين لا يسميهم باسمهم بل يسميهم : سكان ومحليون، يعني بلغة -فافّا- أنديجان وبعضهم يلقي درسه وهو يمتشق سيفا أمويا متقمصا شخصية عبد الله بن أبي سرح الذي ارتد عن الاسلام وأهدر النبي دمه لولا شفاعة الصحابي عثمان بن عفان كما هو معروف.
Bravo ! cest magnifique professeur

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟