الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية حداثة لمغرب الألفية الثالثة (2/3)

حسن البوهي

2014 / 10 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


محمد عابد الجابري: مشروع تحديث التعامل مع التراث
في الطرح المقابل للأستاذ عبد الله العروي يوجد المشروع الإصلاحي للمرحوم الأستاذ"محمد عابد الجابري" من خلال مؤلفاته "العصبية والدولة " سنة 1971 ،"نحن والتراث" سنة 1980، ثلاثيته النقدية "بنية العقل العربي " سنة 1986، "العقل السياسي العربي " سنة 1990، "العقل الأخلاقي العربي" سنة 2001، " الخطاب العربي المعاصر" سنة 1982 ، " إشكاليات الفكر العربي المعاصر" سنة 1988، "المشروع النهضوي العربي" سنة 1996 ثم "مدخل لدراسة القرءان الكريم"…
كرس الجابري مشروعه الفكري خدمة لمسألة الحداثة بالتأصيل لها في ثقافتنا العربية عن طريق تحديث التعامل مع التراث، وفي هذا الإطار يقول "إن الحاجة إلى الاشتغال بالتراث، تُمليها الحاجة إلى تحديث كيفية تعاملنا معه خدمة للحداثة وتأصيلا لها" ، فهو لا يتناول الحداثة بمفردها وإنما في علاقتها بالتراث ليجعل منها قضية واحدة ذات بعدين: حداثي وتراثي، وذلك حتى يتجاوز الفهم التراثي للتراث نحو رؤية جديدة عصرية للتراث، فالحداثة عند الجابري لا تعني رفض التراث ولا القطيعة مع الماضي، بقدر ما تعني الارتفاع بطريقة التعامل معه إلى مستوى ما نسميه ب"المعاصرة"، وتحصل أن الحداثة عند الجابري لها سمتين : - عقلانية إذ لا يمكن تحقيق الحداثة بدون إعمال العقل.
- ديمقراطية إذ تنتفي الحداثة بدون تمتيع الأفراد بالحريات والحقوق، مما يعطي الانطباع أن الحداثة التي يتحدث عنها، هي بالأساس"حداثة سياسية" خلافا للحداثة الثقافية، وتحديث الدهنيات التي تحدث عنها الأستاذ عبد الله العروي، يقول الأستاذ الجابري " نحن نعتقد أنه ما لم نمارس العقلانية في تراثنا وما لم نفضح أصول الاستبداد ومظاهره في هذا التراث، فإننا لن ننجح في تأسيس حداثة خاصة بنا، حداثة ننخرط بها ومن خلالها في الحداثة المعاصرة العالمية، كفاعلين وليس كمجرد منفعلين" ويرى الجابري أن الحضارة الراهنة تختلف اختلافا جذريا عن نمط حياة السلف، والاحتكام إلى النظائر والأشباه لا يجدي، لكون معظم معطيات الحضارة المعاصرة لا أشباه ولا نظائر لها في الماضي، ويدعو عكس عبد الله العروي- القطيعة مع التراث- إلى إعادة التأصيل للتراث لا بالرجوع إلى الأصول، وإنما إعادة تأصيله بفكر منفتح وفق شروط عصرنا، فالثقافة عنده سواء كانت عربية أو غير عربية لا يمكن أن تتجدد إلا من داخلها، والعوامل الخارجية تلعب دورا تكميليا فقط، معتبرا أننا نحي عصر نهضة عربية، والنهضة لا تنطلق من فراغ بل لابد لها من الانتظام في تراثها الخاص لا في تراث غيرها، ومن الشروط الضرورية للنهضة العربية تحديث الفكر وتجديد أدوات التفكير، وصولا إلى تشييد ثقافة عربية معاصرة وأصيلة في نفس الوقت، ومن ثمة فالجابري يرفض الانغماس الكلي في التراث والانسلال الكلي منه، وميز بين لحظتين متلازمتين هما "لحظتا الفصل والوصل".
ينطلق الجابري في ثلاثيته النقدية من فكرة وجود عقل عربي عام ينتمي إلى ثقافة عربية عامة، وهذه الثقافة تتشكل من ثلاثة نظم معرفية:
1- النظام المعرفي العرفاني: وهو تفكير لا عقلاني مستمد من الفكر اليوناني، يمثله في الثقافة العربية الفكر الشيعي والتصوف السني.
2- النظام المعرفي البياني: وهو منهج العقلانية الدينية ويتأسس على القرءان والسنة واللغة العربية.
3- النظام المعرفي البرهاني: منهج العقلانية الفلسفية وتمثله الفلسفة العربية المستمدة من منطق أرسطو.
هذه النظم المعرفية المكونة للثقافة العربية هي التي تحدد طبيعة العقل العربي. وعليه، ألا يمكن اعتبار هذا التفسير تفسيرا تجريديا ميتافيزيقيا بتصورنا لوجود عقل عربي موحد، رغم تعدد الأنماط الفكرية والثقافية والإثنية المكونة للأوساط المجتمعية العربية؟ إذ يستحيل التحدث عن عقل كلي مشترك من حيث منطقه وأسلوب تفكيره في ضل انقسام أفراد الوطن الواحد إلى فئات اجتماعية مختلفة من حيث القيم والأنماط الثقافية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟