الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل أن تنحر أخاك المسلم ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء الثاني عشر

نبيل هلال هلال

2014 / 10 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




والحاكم(الخليفة) يمثل نظريا سلطة الجميع , فإذا تجاوز حدود الدستور تسقط شرعية تمثيله للناس , فالسلطة هي مجموع إرادات الأفراد وليست مستقلة عنهم , والطاعة للخليفة ليست أبدية وغير مشروطة , فلا حق له في طاعة الناس إن خالف أحد شروط العقد الاجتماعي المبرم معهم, وإذا انتفت المصلحة بتعاقد الحاكم مع المحكوم كان من حق الناس-بل من واجبهم- الخروج على السلطان الجائر , وهو خروج غير مجرَّم إذا لم يحقق السلطان مصالح الناس , وهو واجب حتى وإن ترتب عليه الإضرار "ببعض" الناس , فذلك من باب اختيار أهون الشرين , فشر إراقة الدم بالخروج مؤقت وظرفي , أما فساد المستبد فشر دائم يترتب عليه ضياع"كل"الناس .وفي هذا المقام لا يفوت الفقيه السلطاني استخدام واحدة من حيله الفقهية اسمها"درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة", فهو لا يجيز الخروج على ولى نعَمه بدعوى أنه "قد" يترتب على ذلك شرور من جراء الاقتتال والمدافعة , وهي في نظره محض مفاسد حتى وإن لبت الغاية من ورائها , وذلك كله دون نظر إلى حجم "المفسدة" أو"المنفعة" ! وإذا تلاشى الشعور الإنساني بالمساواة ووجوب العدل , كان من اليسير ركوب طبقة فوق أخرى دون أن تجد الطبقة المستضعَفة مبررا قويا للثورة واستعادة حقوقها , ولذا فإن التسليم بقدسية الخليفة النبوي ينفي من الوجدان الشعبي الشعور بالمساواة , وأمكن للسلطان الظالم أن يفعل بهم ما يشاء دون استنكافهم , وهم في ذلك مذنبون كل الذنب ويتوعدهم الله بجهنم لقاء استخذائهم , واسمعه يقول :{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء97 . والأمم التي حازت الشعور بالمساواة هي التي ناهضت الظلم والطغيان , وهو شعور أكد عليه الإسلام نظريا غير أنه قد حيل بينه والتطبيق العملي بمساعي من السلطان والكاهن والملأ . والعلاقة بين الحاكم والمحكوم رسمتها بدقة شديدة الآيتان الكريمتان 58, 59 من سورة النساء , فاسمع الله يقول:
{إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً{58} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{59}: فالآية تحدد واجبات على الحاكم تنفيذها دون إخلال فهي أمر من الله , إن الله "يأمركم" , أمر بأداء الأمانات إلى أهلها , أي أداء حقوق الناس في الحرية والعدالة والمساواة والحفاظ على أموال الأمة ببيت المال , ووصفها الله بدقة شديدة إذ يقول إنها أمانات إلى"أهلها"أي أصحابها. ويقول :
"وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ", ومن يقضي بين الناس له سلطة ونفوذ , فعليه مراعاة العدل بكل صوره , فدين بلا عدل ليس بدين وإن كثرت معابده . كان ذلك أمر الله للحاكم فماذا عن المحكوم ؟ ترد الآية التالية مباشرة- النساء 59: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{59}, وما دام الحاكم على ما وصفته الآية من أداء حقوق الناس والحكم بينهم بالعدل , فعلى الناس في المقابل الطاعة , وماذا لو تجاوز أي من الطرفين - الحاكم أو المحكوم - تفريطا أو إفراطا , هنا يكون الاحتكام إلى الله(دستوره في القرآن),والاحتكام إلى النبي , والنبي ينتهي عمره كسائر الناس , فيكون الاحتكام والاسترشاد بما أرساه من قواعد ومبادئ للحكومة النبوية المثال التي تحدد العلاقات بين السلطات الثلاث : التشريعية والقضائية والتنفيذية, وهي الحكومة النبوية التي ترأسها النبي بتوجيهات من الله .وتتابُع الآيتين المذكورتين على نحو ما جاءتا به في المصحف ليس عفويا , فهو اختيار إلهي يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم .لكن فقيه السلطان لا يفوته صرف الأنظار عن تلك المعاني, فيصطنع سببا ساذجا لنزول الآية الكريمة :{إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلًِ} النساء 58,
فيزعم أنها نزلت لمّا أخذ عليّ رضي الله عنه مفتاح الكعبة قسرا من عثمان بن طلحة الحجبي سادنها عام الفتح , وقال طلحة لعلي : لو علمت أن محمدا رسولُ الله لم أمنعه , فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد المفتاح إليه وقال : هاك خالدة تالدة . فعجب طلحة من ذلك فقرأ له عليٌّ الآية , فأسلم وأعطاه عند موته لأخيه شيبة فبقي في ولده . أي أن السماء تأبه لشخص من يحتفظ بمفتاح باب الكعبة فينزل جبريل من السماوات العُلى بوحي يُسجل في كتاب الله ويُقرأ إلى يوم القيامة من أجل رد مفتاح ! وهو نفس الفقيه الذي يقول بحذف ونسخ آيات من القرآن"نصا" مع الإبقاء عليها حكما .(يُتبع)-من كتابنا ؛خرافة اسمها الخلافة-لنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا


.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين




.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا