الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرادة الثورية وكسر شوكة داعش

سمير عادل

2014 / 10 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الوحشية وهي اقل ما يقال عن الاعمال التي تمارسها عناصر تنظيم داعش من عمليات ذبح الاسرى وحمل رؤوسهم، والاعدامات في الميادين العامة وفتح اسواق لبيع "السبايا" من النساء والاطفال، هي جزء من عملية ممنهجة لكسر الارادة الثورية للمجتمع الذي يلفظ ويرفض دولة الخلافة الاسلامية جملة وتفصيلا.
ان قوة داعش تكمن في نقطتين وهما الاعمال الوحشية التي تمارسها وتسوقها دعائيا واعلاميا من جهة، وفقدان الامل بنيل حياة كريمة وحرة في عراق اصبح ارخص الاشياء فيه حياة البشر وكرامتهم وحقوقهم. ولكن يجب ان لا ننسى ايضا أن نضيف الاعلام الغربي وخصوصا الاعلام الامريكي كما نوهنا من قبل يقوم هو الاخر بالنفخ في بالونات داعش وقدرتها "الجبارة"، كي تبرر تدخلها العسكري من اجل اعادة ترتيب اوراق المنطقة في ظل الصراع المحتدم مع القطب الروسي - الصيني وادواتهما الاقليمية.
ان انتظار أمل الغيث الذي سيأتي من قبل التحالف الدولي بينما عناصر داعش توسع من اسواق السبايا والعبيد هو الموت وهما. فالتحالف الدولي له اجندات مبيتة واستراتيجية ليس لها اية علاقة بأنقاذ البشر في العراق وسورية، بل ان المهام الانسانية هي اخر حلقة، هذا اذا لم تكن غائبة في الاستراتجية المذكورة. وتعملنا مدينة كوباني عن المؤامرة الدولية الحقيرة التي تقودها تركيا - اردوغان وحزبه الاخوان المسلمين للقضاء على معارضيه من اجل انجاح سياسته القذرة حسب وصف نائب رئيس البرلمان الالماني. ويتحجج رئيس الوزراء اوغلو في مقابلة مع فرانس 24 بأنه من "غير الانساني" و"الاحساس بعدم المسؤولية" في فتح الحدود للمتطوعين ووصول الاسلحة الى المدافعين عن مدينة كوباني، في رده على طلب ديمستورا ممثل بعثة الامم المتحدة في سورية لانه لا يمكن والحديث هنا لاوغلوا من اعادة الذين هربوا من الحرب وهم لاجئين الى الحرب من جديد، وكأن اوغلو ينسى او يتناسى كيف فتح حدوده وبالتنسيق بين مخابراته والمخابرات القطرية والسعودية في تدفق الاسلحة وعناصر داعش من اقصاع العالم الى الاراضي السورية. كما تعلمنا من سقوط الموصل بيد داعش في 10 حزيران بأن الولايات المتحدة الامريكية لم يتحرك لها جفن وراقبت وبدم بارد كيف أن الاسرى المصنفين بالشيعة يقتلون في معسكرات سبايكر، والنساء المسيحيات والايزيديات في سنجار وبعشيقة يباعون في سوق النخاسة. ولم تقدم ادارة اوباما على خطوة الا بعد تنفيذ الشروط الامريكية في اعادة هيكلة حكومة جديدة في العراق، من اجل انتزاعها من احضان الجمهورية الاسلامية.
اما الخطاب الدعائي والسياسي الحكومي الذي يدور في فلك "الوطنية" من اجل تعبئة الجماهير لمواجهة الوحوش القادمة من الكهوف والعصور الغابرة لم يستطع ان يحرك المشاعر للذهاب الى جبهات القتال. فالوطنية كما وصفها الاديب الانكليزي صامويل جونسون بأنها "اخر ملاذ للسفلة والانذال" وهي بالفعل، فالوطنية في العراق كانت ومازالت ملاذا للسفلة والفاسدين، النظام البعثي حملها معه في حروبه الثلاث التي اسماها بالمجيدة وقدم ملايين العراقيين قرابين باسم الوطن والوطنية، كي يصبح العراق قلعة العروبة وقائد الأمة العربية، فصدام حسين حول اموال النفط مقابل الغذاء الى قصور له ولبطانته وجوامع يخدر فيه الملايين من العراقيين الذين سحقهم الحصار الاقتصادي، ويبني فيه مجده ليتوج خليفة للمسلمين وأطلق على نفسه مسمى عبداللـه المؤمن.. واليوم تحول العراق ووطنيته الى مرتعا للفاسدين والمرتشين منذ تأسيس مجلس الحكم بقيادة بول بريمر وانتهاءا بحكومة العبادي التي لن تكون افضل حال من سابقاتها. لتتحول النسبة الأكبر من العراقيين في هذا الذي يسمونه الوطن الى قتلى ومشردين أو يعيشون تحت خط الفقر أو لاجئين في داخل العراق وخارجه، أو تركوا العراق والحياة بما يحملون من اثر عبوة ناسفة او انفجار سيارة مفخخة، او اذا كانوا محظوظين فنجدهم قابعين في احدى المعتقلات أو السجون. والبقية الباقية تنتظر حتفها على يد عصابات الطائفيين من داعش وغيرها من الميليشيات الشيعية والسنية كي يكملوا مسيرة "العراقيون مشروع دائم للشهادة"، التي بدئها النظام البعثي ولازالت مستمرة الى يومنا هذا.

ان كسر شوكة داعش لن يكون عبر التحالف الدولي ولن يكون عبر الحشد الشعبي الذي هو ليس الا مليشيات طائفية ليس لها علاقة بأعادة الكرامة والحرية للانسان في العراق. ان كسر شوكة داعش والقضاء عليه يتم عبر تعبئة قوانا الذاتية والمستقلة كما يحدث اليوم في مدينة كوباني وعندها فقط تستطيع الجماهير أن تسحق دولة الخلافة الاسلامية وبأمكانها ايضا تغيير المعادلة السياسية في العراق. اي بعبارة اخرى ان الارداة الثورية فقط هي السلاح الاولي في اعادة عناصر داعش الى الكهوف التي قدموا منها وهذا ما ترتعب منه ابدا حتى الحكومات التي خلقت داعش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا