الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معرفة الله

محمد شرينة

2014 / 10 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- مما لاجدال فيه أنه حتى معرفة الغيبات يجب ان تتم بشكل حسي تجريبي ﻻ-;-نه ببساطة ﻻ-;- يوجد طريق اخر للمعرفة فالطرق اﻻ-;-خرى تصل الى التخيل والتوهم وربما التصور في أحسن اﻻ-;-حوال .
هذا واضح في العصر الحالي و يتفق تماما مع المعرفة البشرية في العصور القديمة فمعرفة الغيبات كانت تتم حسيا من خلال المعجزة، فما الذي حدث في العصور الوسطى؟
لما تعذرت المعجزات لسبب ما (حتى أن الكثيرين يرون أنها أصلا لم توجد في أي زمن) في العصور الوسطى استخدمت المسيحية ثم اﻻ-;-سلام الفلسفة (اليونانية الأصل) ﻻ-;-ثبات الغيبات بشكل غير حسي وغير تجريبي، بشكل فلسفي يفترض أنه منطقي مع ان هذا خارج عن نطاق الفلسفة وهو شبيه ﻻ-;-ستخدام الرياضيات في فلك العصور الوسطى او ما يسمى باﻷ-;-براج.
قد يبدو ان هذا اﻻ-;-ستخدام للفلسفة هو نفس ما فعله افلاطون وارسطو وهما فعلا ذلك ، لكن الفرق بين سياق هؤﻻ-;-ء وطريقة المنظرين الدينيين (مسيحيين ومسلمين) في العصور الوسطى يصل حد التخالف.
العصور الوسطى رغم انها قد ﻻ-;- تكون متخلفة عن العصور القديمة في مجاﻻ-;-ت قليلة اﻻ-;- انها في مجال المعرفة شكلت انتكاسة معرفية هائلة حتى ان كثيرا من المعارف التي كانت معروفة بشكل واسع في العصور القديمة احتيج الى اعادة اكتشافها مطلع العصر الحديث.
بالتالي جميع المنظومات الفكرية التي نشأت في تلك الفترة عكست هذه النكسة.

- حدث في العصر القديم انه وجد في شرق المتوسط نظامان معرفيان:
الأولى هي اليهودية وهي منظومة معرفية تثبت ذاتها حسيا وتجريبيا (من خلال المعجزة المادية المحسوسة بدأ من إبراهيم وحتى المسيح) وتدعي القداسة وانها ملزمة للانسان البسيط العادي من اليهود(ثم المسيحيين الأوائل).
والثانية الفلسفة اﻻ-;-غريقية التي تبرهن افكارها (حول العالم المادي والعالم الغيبي) فلسفيا لكنها ابدا لم تطرح ذاتها على انها مقدسة وﻻ-;- على انها ملزمة. وهي أصلا لم تكن تخاطب اﻻ-;-نسان البسيط الجمهور .
عندما تعذرت المعجزات المادية التي يمكن أن تلاحظ حسيا في العصور الوسطى – لسبب ما - لجأ مفكرو المسيحية ثم الإسلام الى دمج هاتين المنظومتين المتخالفتين قسرا في تلك العصور لايجاد طريقة جديدة تبرهن الغيبيات وعلى رأسها وجود الله بشكل فلسفي وملزم بنفس الآن.
لكن هذا الدمج عاد للتداعي في العصر الحديث لسبب بسيط أن المنطق نفسه أصبح عرضة للانتقاد حيت تبين أنه كثيرا ما يقود الى تناقضات حتى في مجال المعارف المادية المحسوسة ( كمتناقضة راسل ونسبية أنستاين التي تفترض فراغ رباعي الأبعاد لا يمكن تصوره عقليا ناهيك عن ميكانيك الكوانتم) فكيف يصلح اذا للاستدلال على ما وراء المادة.
ويجب أن يذكر هنا أن السبب الأهم لانتشار الفكر السلفي في العالم الإسلامي المعاصر هو أنه رفض منذ البداية الطريقة السابقة: اثبات الغيبيات فلسفيا وحتى مجرد التعامل مع القضايا الدينية بشكل فلسفي.
وما التركيز على أنواع اﻻ-;-عجاز في القرآن لدى المسلمين المعاصرين اﻻ-;- نتيجة لهذا التداعي ولا بد من التنويه أن احدى نقاط قوة الفكر السلفي الإسلامي المعاصر أنه ومنذ البداية رفض هذا البديل الذي سأبين تهافته في السطور التالية.
لكن هذا الأخير ليس اعجاز فالمعجزة أمر حسي واضح لكل احد و ﻻ-;- يقبل اللبس كعدم اﻻ-;-حتراق بالنار وأحياء الموتى وتحويل مجسم طيني لطائر الى طائçڈkCDقيقي.
فما يسميه المعاصرون اﻻ-;-عجاز العلمي او العددي في القرآن وكذلك اﻻ-;-عجاز البلاغي في القرآن عند قدماء علماء الاسلام واضح بشكل بديهي انه ليس اعجاز.
لأن كل ما يحتاج التحقق منه الى عملية فكرية ليس معجزة لأسباب كثيرة أذكر منها هنا ثلاتة أسباب شديدة الوضوح.
1- اي عملية فكرية من الصعب ان لم يكن من المستحيل تجردها عن هوى او ميل المفكر.
2- وهي معرضة للخطأ مهما كانت بسيطة فكل تاجر ولو صغير او محاسب بعد اجراء حساباته – مهما كانت بسيطة - يتأكد من صحتها بمطابقتها لما معه من نقود ويعيد تلك الحسابات مرارا حتى تطابق الواقع.
هذه المطابقة التجريبية تحد كثيرا من اﻻ-;-نحراف الناتج عن الميل او الخطأ وﻻ-;- تلغيه كليا. لكنها غير ممكنة عندما يتعلق اﻷ-;-مر بالغيبات. هذان سببان.
3- الثالث ان الخطاب الديني ليس كالحساب ، انه موجه لكل الناس وفي مقدمتهم بسطاء الناس الجمهور وهؤﻻ-;-ء ﻻ-;- يمكنهم التأكد من ما يُسمى باﻻ-;-عجاز العلمي او العددي او البلاغي وهذا بالتالي تكليف بما ﻻ-;- يُطاق . وقبولهم ذلك لثقتهم بالعالمين تقليد و ليس ايمان وما الفرق بين قبولهم هذا(بسطاء المسلمين) وقبول عوام الهندوس مثلا مذهبهم لثقتهم بعلمائهم. بعكس المعجزة الحسية كاحياء الموتى فهي جلية واضحة للعالم والبسيط .
وهكذا فان القول بأن المعجزة الحسية المادية دامغة وبالتالي ملزمة للبسطاء وهم أكثر الناس معقول اما القول بأن اﻻ-;-عجازات النظرية ملزمة للجمهور فلا يخفى تهافته.
بكل بساطة هي ليست من اﻻ-;-عجاز في شيء .
أخيرا هل يعني هذا أن طريق اثبات الغيبيات وفي مقدمتها وجود الله قد سُد تماما؟
الجواب نعم اذا كان الاثبات المطلوب عام يفترض أن يتفق عليه كل البشر ، ولا اذا كان الاثبات المطلوب شخصي يعتمد على التجربة الذاتية الصوفية للمؤمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا


.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي




.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية