الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف من استمرار الوجود -2-

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2014 / 10 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


....


"لا يمكن أن لا يكون هناك أي شيء"....

لماذا؟ ... لماذا هنالك شيء بدلا من لا شيء؟.... اللاشيء النظري ليس مستقرا ...... العدم النظري لا يلبث أن ينهار ليفسح مجالا للوجود ...

وما هذا الموجود الضروري؟ ... إن كونه الموجود الضروري يجعله مصدر كل شيء... لذا يمكن إجابة السؤال "ما هذا الموجود الضروري" بأنه "كل شيء".... هو الوعي الرياضي الخالص الذي سيشكل أساس الكتلة والطاقة، الانفعال والفعل، ويدشّن الحركة..... كل شيء خياله وفكره.... كل شيء هو خاطر من خواطره.... هو الحالم وكل شيء حلمه...

لو أن هذا الوعي اختار السكون..... السكون الذي لا تشوبه فكرة.... فهذا يشبه أن يغفو كل موجود سواه .... لا يمكن أن لا تكون هناك يقظة ...

لنعد إذا إلى هذه الحقيقة الفينومينولوجية "لا يمكن أن لا يكون هناك أي شيء".... التي تبرز أمام سؤال "لماذا هنالك شيء بدلا من لا شيء".... هل يمكن أن ينهار العدم ليفسح الوجود لشيء غير واع... هل يمكن أن لا يكون هنالك وعي في الوجود....

إن العدم ينهار أمام "وعي"... وعي بأنه "هناك شيء" .. وعي بأنه "هأنذا"... وعي بأنه "ممكن"... حالة إدراك لا تلبث أن تخلق شيئا لتدركه... تنبثق عنها كتلة ساكنة، لا تلبث أن تتخلخل، وتنبثق طاقة.....

لو نام كل شيء، فقد كل شيء وعيه، يبقى هذا الوعي المناوب....

هذا الوعي الإلهي تتنازعه رغبة في الفناء ورغبة في الاستمرار.... وهذا ما يجعله كاملا .... مرونة إرادة الشيء ونقضيه .... هذا فقط ما يتيح التسامح الكامل ... اجتماع الرغبة ونقيضها ..... لذا فهو يقف خلف خطاب الفناء وخلف خطاب الاستمرار اللذان تحدثت فيهما في المقال السابق...

وكل ما هو موجود يتحول وينتقل من شكل لآخر، وسنة الأشياء هي تمسكها بأن تبقى على حالها، رغبة بقاء على نفس الحالة مصدرها الرغبة في الفناء، ولكن رغبة الاستمرار تجعلها تتحول من شكل لآخر... هناك تحولات صغرى ضمن نفس النطاق، إنسان يولد طفلا ويتحرك باتجاه الشيخوخة، وهناك تحولات من إنسان إلى إنسان ومن ذاكرة إلى ذاكرة، أو من إنسان إلى حالة وعي أخرى.... رغبة الاستمرار في نفس الحالة مصدرها مركب من رغبة الفناء ورغبة الاستمرار اللتين تجتمعان في نفس الفرد... رغبة السكون في نفس الحالة ونفس الشكل ونفس العائلة ونفس الذاكرة ولكن مع حركة نسبية....

هذا مأزق لأي وعي صحا على حالة معينة فأحبها وأحب من فيها...

"فأن لا يعود هو" هي مأساة، مأساة يفقد فيها هوية أحبها وارتبطت بأناس أحبهم وبذاكرة أحبها.... "وأن لا يعود" ينازع رغبة أصيلة بالاستمرار..... وكذلك أن يظل في نفس الحالة مع نفس الناس ينازع رغبة الاستمرار، كون السكون في نفس الحالة يفضي من حيث لا يعلم هو إلى رغبة الفناء...... رغبة الفناء هي كالمكابح لرغبة الاستمرار، ولكن الحركة تستمر "بالضرورة"... ضرورة أن يكون هناك "وعي"... ... فرغبة الفناء تهدئ فقط من شدة رغبة الاستمرار... لتذكرها بالأصل الواحد لكل شيء.... والحركة تستمر لأن هناك قوتين متكافئتين تؤثر كل واحدة باتجاه عكس الأخرى....... وهذا يشبه قانون نيوتن الأول للحركة ....

ولكن لنعد للمأزق.... وكل ما هو مؤلم، لا بد له من علاج، والمواساة لا تكفي، فالوعي الإلهي المناوب اليقظ يشهد هذا الألم... ألم إنسان يريد أن يظل هو نفسه ضمن نطاق معين للحركة....

إن كل ما قد حدث يمكن استرجاعه ..... تشغيل هذا الدي في دي مرات ومرات..... والانتقال ذهابا وإيابا من الحالات والأكوان.... مع بهجة عبور الذاكرة القديمة وكأنها تحصل أول مرة "من جديد" فيما هو أيضا يمارس حالة جديدة، وكأنه يجزئ وعيه بين حالات لا نهاية لها ..... إذ أن قسمة شيء محدود عددا لا نهائيا من المرات مستحيلة وضرورية كتناقض ظاهري الكلام فيه قديم على الأقل قدم زينون الاليلي وحديث على الأقل حداثة هيجل.....

معنى أنك كنت "فلانا"... وعشت كفلان.. ابن فلان وفلانة... وزوج هذه ووالد هؤلاء..... يجعل استرجاع هذه الحالة ممكنا..... بسهولة تفوق بكثير سهولة إعادة تشغيل فيلم سبق تشغيله.... ولتنطلي عليك حيله الإخراجية والسينارستية، يكفي أن تنساه قبل تشغيله...

إن الرغبتين الجوهريتين في الفناء والاستمرار اللتين تخلقان حركة ظاهرها غير مستقر من جانب ومستقر من الجانب الآخر وباطنها مستقر من جانب وغير مستقر من الجانب الآخر، تتحققان... ليبقى كل شيء متوازناً ذلك التوازن الباهت والمغري في نفس الوقت، المؤلم واللذيذ في نفس الوقت، الساكن والمتحرك في نفس الوقت

الواعي والغافي في نفس الوقت

يتبع........................

http://1ofamany.wordpress.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا لبؤس هذا الوعى المطلق
مصطفى ( 2014 / 10 / 15 - 22:06 )
يا لبؤس هذا الوعى المطلق فهو يعانى من حالة فظيعة من الملل لذلك فلم يجد مفر الا بان ينسى نفسه

اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة