الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الله هو المسئول ؟

عمرو اسماعيل

2005 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل الأسلام كدين مسئول عن تصرف أحمق وقاسي لشخص يحمل إسما مسلما .. قديما أوحديثا ..هل الإسلام مسئول عما حدث من قتل للأبرياء في قطارات لندن أو تفجيرات شرم الشيخ
وهل المسيحية كدين مسئولة عما فعله قائد يحمل اسما مسيحيا ويستغل الدين تبريرا لما يفعل ..
وهل اليهودية كدين مسئولة عمافعلته الصهيونية من اغتصاب فلسطين ..
ولو أخذنا هذا المنطق في الحسبان .. فمن الممكن أن يقول قائل أن المسئول الحقيقي عن مشكلة فلسطين هو الله ..
الم تكن أرض فلسطين يعيش عليها شعب آخر ورغم ذلك وعد بني أسرائيل الله بهذه الأرض .. ولنري هذا الموضوع كما يشرحه الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدون) إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ولكن بني إسرائيل لم يستجيبوا لموسى بدعوتهم إلى الجهاد ونكلوا عن ذلك وقالوا لموسى: ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) ولنكوصهم عن الجهاد ولمخاطبتهم نبيهم بهذا العناد حرم الله عليهم دخول الأرض المقدسة فتاهوا في الأرض أربعين سنة بين مصر والشام حتى مات أكثرهم أو كلهم الا من ولدوا في التيه وذكر المؤرخون أن موسى وهارون عليهما السلام ماتا في خلال هذه المدة وخلفهما يوشع فيمن بقي من بني إسرائيل من النشء الجديد وفتح الله عليهم الأرض المقدسة حتى آل الأمر إلى داود وسليمان عليهما السلام فجددا بناء بيت المقدس وكان يعقوب قد بناه قبل ذلك ولما عتا بنو إسرائيل عن أمر الله سلط الله عليهم ملكا من الفرس يقال له بختنصر فدمر بلادهم وبددهم قتلا وأسرا وتشريدا وخرب بيت المقدس للمرة الأولى ثم رد الله تعالى الكرة لبني إسرائيل وأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا ولكنهم نسوا ما جرى عليهم وكفروا بالله ورسله (كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) فسلط الله عليهم بعض ملوك الفرس أو الروم مرة ثانية فاحتلوا بلادهم وأذاقوهم العذاب ثم بقي المسجد الأقصى بأيدي النصارى من الروم من قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلاثمائة سنة حتى أنقذه الله عز وجل من أيديهم بالفتح الإسلامي على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..
ونخلص من هذا الشرح أن مشكلة فلسطين هي في الأصل مشكلة قديمه يعد الله بها من يرضي عنه .. دون أي ذكر لسكانها الأصليون ودون اي اعتبار لهم .. ألم يقيم أنبياء الله داود وسليمان مملكتهم في فلسطين .. أقاموا مملكتهم تنفيذا لأمر الله علي حساب شعب آخر نقول عنهم الآن أنهم كنعانيون عرب كانوا يقطنون هذه الأرض منذ قديم الأزل .. ألم يخرج موسي من مصر ببني يعقوب ليقودهم ألي أرض الميعاد التي وعدهم بها الله .. ألم يعاقبهم الله بالتيه في سيناء لتقاعسهم عن نصرة موسي عليه السلام وتحقيق ما وعدهم به الله ..
وهذا يقودنا إلي الفرض التالي .. ماذا كان سيحدث لو أن بني اسرائيل قد غرقوا في البحر مع فرعون .. هل كانت ستكون هناك مشكلة فلسطينية الآن ..
معاذ الله .. إننا كأفراد مسئولين عن قسوتنا و أطماعنا .. ونحن من نلوي أعناق النصوص الدينية ونفسرها تبريرا لهذه الأطماع .. فعل هذا المتطرفين من كل الأديان قديما ومازالوا يفعلونه حتي الآن .. ولن نصل إلي اي حل لقضية فلسطين إلا أن حولناها إلي قضية سياسية وليست دينية علي الجانبين .. إن التعصب الديني علي الطرفين يعقد القضية .. والقدس هي عقدة القضية لأن الجميع ينظر إليها نظرة مقدسة ويعتبرها ملكه .. والحل هو أن تدول القدس لتصبح عاصمة العالم .. عاصمة كل الديان فيستريح الجميع وتتولي الأمم المتحدة إدارتها ..

إن كل مجرمي الحرب طوال تالتاريخ مسئولين عن أعمالهم وليس المسيحية إن كانوا من أتباع الديانة المسيحية وليست اليهودية إن كانوا يهودا ..كما أن الإسلام بريء مما فعله العثمانيون من فظاعات أثناء احتلالهم لمنطقة البلقان .. فأعاد مجرمي الحرب من الصرب تكرار نفس المآسي في حق مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفو بحجة الإنتقام من الماضي .. كلهم مجرمين و كلهم استغلوا ويستغلون الدين لتبرير أطماع توسعية سياسية واقتصادية ..
والله ليس مسئولا عن قسوتنا و أطماعنا ..

أليس من الممكن أن ينظر الإنسان المتحضر إلي الإسلام من وجهة نظر إنسانية ؟ وأن الله تعالى، قد خلق الناس شعوباًَ وقبائل لكي يتعارفوا، وليس لكي يتخاصموا، وإن الحضارة الإسلامية في محكم الآيات القرآنية تدعو إلى الحوار الحضاري وليس إلى الصراع الحضاري، وتؤكد أن الإسلام يعترف بالشعوب الأخرى وعقائدها وحضاراته .. ويدلل علي رايه بقول الله تعالي :
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم"
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن"

و من الممكن أن ينظر شخص متعصب من وجهة نظر أخري وهي أن الإسلام يرفض الآخر ويدعو إلي قتله وقتاله .. ويؤكد علي كلامه هذا برأي أبن باز التالي :

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال العلماء رحمة الله عليهم : إن هذه الآية ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين والتي فيها الكف عن قتال من لم يقاتل قالوا : فهذه آية السيف هي آية القتال ، آية الجهاد ، آية التشمير عن ساعد الجد وعن المال والنفس لقتال أعداء الله حتى يدخلوا في دين الله وحتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام .
هذا هو المعروف في كلام أهل العلم من المفسرين وغير المفسرين ، كلهم قالوا فيما علمنا واطلعنا عليه من كلامهم : إن هذه الآية وما جاء في معناها ناسخة لما مضى قبلها من الآيات التي فيها الأمر بالعفو والصفح وقتال من قاتل والكف عمن كف ، ومثلها قوله جل وعلا في سورة الأنفال : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ومثلها قوله جل وعلا في سورة براءة بعد ذلك : وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ومثلها قوله جل وعلا : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
فأمر الله سبحانه وتعالى بقتال أهل الكتاب ولم يأمر بالكف عنهم إلا إذا أدوا الجزية عن صغار ولم يقل : حتى يعطوا الجزية أو يكفوا عنا ، بل قال : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، ..

يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى كما قالت الدكتورة وفاء سلطان وهي محقة تماما إلى عقلائهم وحكمائهم ومفكريهم كي يسدّوا الطريق أمام هؤلاء السحرة من جميع الأطراف وينقذوا الأمة من براثن غيلانها!
لنصغِ إلى خطبة الجمعة في أي بلدٍ إسلامي لا على التعيين، ماذا نسمع؟!
اللهمّ دمّر.. اللهم احرق.. اللهم اقتل.. اللهم رمّل.. اللهم يتِّم.. اللهم شـرِّد!.. ماذا يبقى لأمةٍ بتعســكر رجال دينها؟..
وماذا نتوقع رد الفعل من متعصبي الجانب الآخر وهم يملكون الأسلحة ويستطيعون توجيه الضربات الإستباقية ضدنا .. وهذا مايفعله بوش مثلا ..
إن الكثيرين للأسف في الشرق والغرب .. قديما وحديثا ..بين كل الأديان والحضارات .. يلعبون بعقول الشباب بخطاب ديني حماسي ويدفعونهم إلي القتل والقتال ويدعون أنهم يفعلون ذلك باسم الله .. وهم بذلك الخطاب يشجعون الكراهية بين الشعوب والحضارات و الأديان .. ولكن الله منهم جميعا براء .. لأن الله بلا شك لم يخلقنا للقتل والقتال ..بل خلقنا لإعمار الأرض وعبادته والدعوة إليه بالحب والحكمة والموعظة الحسنة ..

إن الله ليس مسئولا .. ولكن نحن البشر القاسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون المسلمون.. ورقة خاسرة للأحزاب المناصرة لإسرائيل بال


.. حسن المستكاوى: وقت الإخوان قالوا لى ملكش دعوة بالسياسة وخليك




.. كواليس جديدة عن ثورة المصريين وتمردهم ضد حكم تنظيم الإخوان ف


.. حسن المستكاوى: مش قادر أنسى الذكريات المؤلمة وقت حكم الإخوان




.. 153-An-Nisa