الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عثرات المجتمع المقهور

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بين المهندس المعماري ونجار (البيتون) علاقة بقدر ما تكون صحيحة تنتج بناء أسلم وأجمل ما يمكن،أي أن لغة مشتركة بينهما بقدر ما تكون واضحة ومفهومة لدى الطرفين يكون البناء محددا ومحسوبا ومأمونا للمستقبل.
بين المثقف والمواطن العادي علاقة لا تقل عن مستوى العلاقة الأولى، لكن المشكلة تكمن بالطلاق المنفذ غير المعلن بينهما قبل إتمام الزواج، فاغتراب المثقف عن لغة الواقع التي تشكل ثقافة ووعي المواطن، تبني جدارا بينهما تتعزز متانته وسعته بتعزز دونية المواطن أمامه، هذا المثقف الذي لا يستحق هذا المقام بالمعايير الحضارية النسبية، إذ لا يملك أحد المعرفة الكلية والحقيقة المطلقة، ويتعزز الشرخ أكثر بدونية المثقف الخفية التي يسعى لترميمها عبر زرع الفارق مع المواطن، أي بالحيلة غير الأخلاقية ليبقى حالة نوعية في وعيه قائمة على الكذب المنمق، الذي تكشفه الظروف والمحكات حين يتبين للمواطن ضحالة هذا المثقف، وذلك بتهرّبه من واجباته الوطنية الأخلاقية التي يدفع المواطن من أجلها، ويختبىء هو خوفا من الثمن الذي يمكن أن يدفعه بالمعنى النضالي.
المصيبة في الدونيتين المتصارعتين في الخفاء، إحداهما دونية المواطن البريئة والعفوية والعلنية القائمة على وهم اللامعرفة، والأخرى دونية المثقف السرية/ إذا افترضنا أن المثقف هو حامل الشهادة القارىء/ ذات الطبيعة التآمرية، القائمة على وهم المعرفة والمرجعية والإطلاق.
هذه الشريحة الثقافية التي أسّست للفروق على قاعدة الوهم، حققت خيانة مجتمعها، فلا هي بالحالة النوعية ولا هي ذات القدرة الخارقة، بل قامت على النفاق المعرفي والحواري أيضا، وعلى الخلل الأخلاقي بمعناه التقليدي الذي صار جزءا من ثقافتهم البدوية،وجزءا واضحا على صعيد الممارسة الحياتية اليومية التي قززت النفس بسلوكهم المشين، وهذه الشريحة نفسها التي سرقت النضال من بين أيدي المناضلين، وضيّعت الفرص للتقدم وطنيا، وضيّعت المجتمع بين وهم الحلم وضحالة الإجراء.
بعد عام 2000م توفر في سوريا وفي الوسط المعارض قطيع من هذه الشريحة، التي انكفأت مع المجتمع بعد الفشل الذريع الذي منيت فيه،وذلك نتيجة ركوبها الموجة المستحدثة، وقيادتها المجتمع إلى نهايته المتوقعة عبر الآلية والطرح المؤلمين، اللذين أسسا لهذا الانهيار بسبب الانبهار، وهذا لايدل إلا على افتقار هؤلاء للوعي الوطني الاستراتيجي الذي يحقق الحضور المعارض بقوة في الشارع السوري ، وهم من أسّسوا للنم السياسي والاجتماعي الذي شكل ثقافتهم ووعيهم لكل ماحولهم، والذي ساهم إلى حد بعيد بكل المهاترات التي ظهرت بين المثقفين والسياسيين،وهؤلاء هم من جرّوا المجتمع لوحول الأزمات الداخلية للمعارضة، إذ كان يرى المجتمع فيهم الأبطال، إلى أن تبين أن البطولة هذه كانت للاستعراض وليس للفعل الوطني الاستراتيجي المطلوب.
من مآسي واقعنا أزمة العقل الحزبي الوطني الشعاراتي الذي يزرع البغضاء بين المواطنين على أسس حزبية مريضة، المتشاكس مع العقل الحزبي الوطني الميداني الذي يزرع الحب في كل مكان، وهذا مايدفع نحو طرح سؤالا هاما هو هل يوجد عندنا أحزاب؟ وهذا السؤال نابع من ظاهرة التحزب الخارجة من القبور بتقاليدها وزيها القديمين،اللذين لم يتمكنا بعد من الخروج على عقل الماضي بمؤامراته وفواته الفكري النظري والعملي الميداني الذي يحدد الضرورة التي تقوم عليها أركان الوطن،ولازال البعض من هؤلاء يُفسّر الأخلاق والوطن على هواه وحسب مزاجه دون الرجوع للوطن كوعي ومعرفة وحدود بل يضيع بين الحدود الجغرافية والفضاء المعرفي عبر آلية من التخبط شهدها وطننا العربي أيام الشريف حسين في أوائل القرن الماضي حين غرّبته الوعود فأنسته الحدود والجدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟