الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح من المنهج النقدي عند حسام محيي الدين الآلوسي

رائد عبيس الحسناوي

2014 / 10 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ملامح من المنهج النقدي عند حسام محيي الدين الآلوسي
كلمةٌ ألقيت بمناسبِة الذكرى الأولى لوفاة الفيلسوف العراقي حسام محيي الدين الآلوسي

"كل ما يقلق نفسي أنها ستموت وأن كل ما تعرفه بيقين أنها ستموت"
حسام الآلوسي

الدكتور رائد عبيس الحسناوي

بدأ الألوسي حياته الفكرية بالتساؤل الذي فتح له باب نحو الفكر والفلسفة ,فقد كان يبحث في جدلية علاقة الانسان والكون ولعل هذه البداية عمقت من ذلك السؤال الذي كان يكتبه شعراً ونثراً ,فالتساؤل الفلسفي المبكر الذي كان يلح على ذهنه ذاتياً وعلى مجتمعه موضوعياً ,جعله يعيش في صراع نفسي أدى به الى الانطواء والكآبة الذي لم يفصح عنها بقول وإنما فصح عنها ذلك الوجه الذي أتسم بالصرامة , ومن المفارقات أن تلك الصرامة البادية على وجه الألوسي كانت لا تتناسب مع جسمه النحيف , الذي كان عليه وهو في مقتبل العمر حتى قال مدير مدرسته لوالده إجلبوا معه "كاروكا " وبعد ما سافر إلى انكلترا عام 1961 أخذ جسمه يتغير نحو السمن والامتلاء .
لعل ذلك كان بأثر الضغط النفسي الذي يسببه لنفسه نتيجة انطوائه مع التفكير والأسئلة الكونية ,كانت أسئلته تفوق مستواه العقلي وباحثا بجدل عن طبيعة المتناقضات الكونية بين الخير والشر , فكان لا يحسن الظن بالحياة والدنيا ويشكك بكل ما تمنحه له . وعلى الرغم من ذلك لم يؤثر هذا التفكير المتشائم والأنطوائي سلباً على علاقته الأسرية والاجتماعية ,فقد كانت حياته الزوجية ناجحة وعلاقاته محترمة في كل مجتمع يتواجد فيه سواء في العراق أو الكويت أو انكلترا أو ليبيا أو اليمن .
ابتدأ الآلوسي أفكاره النقدية الهدامة والبناءة في الوقت نفسه بتصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة مثل تلك التي لا تقول بأصالة الفكر العربي و الإسلامي أو التي تقول بأن الفلسفة العربية و الأسلامية هي نسخة يونانية . فقد حارب الراحل التفوق الرسي للفلسفة ,بمنهج عقلاني حداثي و بإستعمال المنهج الجدلي التاريخي الاجتماعي ,إذ كان يؤمن بأصالة السؤال الذي يظهر أفكار أبداعية جديدة تتلائم مع عمق الإشكالات , وهذا بحسب الآلوسي يحتاج إلى مزيد من الحرية لدى الفرد العربي والمسلم . لذلك عمل الآلوسي جاهدا إلى إعادة السؤال الفلسفي ولا سيما النقدي إلى أجواء الثقافة والفكر في ظل غياب وصمت ساهمت به عوامل كثيرة وأبرزها هو عدم الاهتمام بالدرس الفلسفي والسؤال الفلسفي , كسؤال يطرح إشكالات مسكوت عنها.
وليس هذا وحسب بل أعاد إلى أسماع العالم لقب الفيلسوف العراقي المفقود ومنذ أمد طويل , وهذا جاء من مقارنات الآلوسي مع أوضاع أخرى للفلسفة في بلدان عربية مثل مصر التي شهدت بها الفلسفة نمواً وأزدهاراً .ومن خلال المنهج النقدي لديه أو الرؤى النقدية التي بدأ بها فلسفته لم يتضح عند أغلب قراءه أنه كان مقلدا وحتى كتبه لم تكن في تاريخ الفلسفة بقدر ما كانت تبحث في إشكالات تاريخية تفضي إلى ما نحن عليه اليوم من إشكالات معاصرة على مستوى الفكر والعقيدة والواقع الاجتماعي . لذلك لم يجد الآلوسي قناعة في أن يكون الماضي حلا للحاضر , وهذا كان واضحا في شعره المتشائم وقصصه الكئيبة بسبب الوعي الذي يحمله عن الوجود والكون وربما هذا ما جعله يذهب إلى كتابة أطروحته للدكتوراه عن مشكلة الوجود . فقد نقد العقاد في كتابه الفلسفة القرآنية و اهتمامه بشخصيات قلقة مثل المتنبي وأبي العلاء جعله ذات فكر نقدي يبحث في جزئيات مختلفة جعلت من فكره مثير للجدل والنقاش لاسيما كتابه ذو الطابع النقدي الصريح وهو حوار بين الفلاسفة والمتكلمين الذي نقد فيه الأدلة العقلية والمنطقية المستعملة فيه فضلا عن عدم اهتمامهم بالنقد العقلي العلمي , هذا وينقد أيضا في فلسفته التاريخية والحضارية نظرية الدورات والنظرية العضوية لاشبنجلر ونظرية المراكز الحضارية أو الدوائر الحضارية النسبية المطلقة لتوينبي . ويرفض أيضا النظرية اللاهوتية كنظرية العصور الذهبية ونظرية السقوط لأوغسطين وكذلك نظرية المدرسة المثالية المطلقة عند هيجل , إذ كل نتاج الآلوسي الفلسفي يوضح أنه كان يجمع بين المنهج التاريخي الجدلي والنقدي الذي أتضح بدراسته عن التراث العربي وعن العقل العربي الكلامي وعن تجليات هذا العقل وفاعليته بين التراث والمعاصرة , وعلى الرغم من ذلك فقد ناقش مناهج أخرى مثل الميتافيزيقي والسلفي والماركسي والليبرالي والإبستمولوجي التي نظر فيها إلى العلاقة بين الفكر الإسلامي وبين الفكر الغربي التي تنطلق من مفهوم التكامل والتواصل بين الجانبين. فهو من ناحية يعتمد مفهوم التقدم "الخطي" للإنسانية، وهو مفهوم حداثي. ولكنه من ناحية أخرى يعارض مفهوم المركزية الأوروبية وهو مفهوم حداثي أيضا. وفي مقدمة كتابه "الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم"، الصادر عام 2005، يعرض لقضية العلاقة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي. ويرى أن كل من الفكر الغربي الحديث والفكر المسيحي الوسيط قد اخذ الكثير من التصورات الفلسفية من الفلسفية الإسلامية، خصوصا في قضية الزمان وأدلة وجود الله وقدم العالم والعديد من المشكلات الأخرى.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء ومعاناة نفسية وذكريات جميلة.. تفاصيل مراحل مختلفة عاشته


.. فرنسا تدعم مسعى الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قاد




.. ما رمزية وتداعيات طلب مذكرة توقيف بحق نتنياهو؟


.. إيران تبدأ تشييع رئيسي.. ومجلس خبراء القيادة يعقد أول اجتماع




.. الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية في محافظة البيضاء| #الظه