الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية ذكرى 21 أكتوبر لدى الصوماليين

خالد حسن يوسف

2014 / 10 / 19
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


مع إستيلاء مجموعة الضباط ال 25 في 21 أكتوبر 1969 على الحكم, أصبح اليوم المذكور بتاريخ مفصلي في حياة الشعب الصومالي لما يصل إلى 21 عاما من الزمن, حكم فيها أولئك العسكر الصومال وحلفائهم من التكنوقراط, هم وأتباعهم, حينما أسسوا لماكينتهم السياسية التي فرضت على الجميع بدوران في إطارها التنظيمي(الحزب الاشتراكي الثوري الصومالي), والسياسي (حكمهم لمؤسسات الدولة الصومالية).

وفي إتجاه آخر اصبحت ذكرى 21 أكتوبر بحاضرة في ذاكرة الشعب الصومالي, لاسيما ممن عايشوها مرحليا, وهؤلاء بدورهم جمهور عريض مختلف الرؤى بشأن ماهية الذكرى وما تحمل من بصمات تاريخية إيجابا وسلبا, ومنقسمون ما بين منتفعين ومتضررين, مؤيدين وناقمين وآخرين قدموا مصداقية تاريخية وارتفعوا بها عن الغبن الذي وقع في حقهم, وبتالي أنخرطوا في الإسهام بعجلة مسيرة الوطن تنمويا وأمنيا.

فاذكرى الانقلاب أو الثورة, كما هي في عُرف التباين على تقييمها, كانت قد خلقت أناس أنتفعوا من ميلاد النظام الجديد, إما بالولاء له والعمل معه أو بالتأييد القبلي لأعضاء النظام, إلى جانب وجود تأييد قطاعات شعبية كبيرة كانت قد أستفادت من بعض الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي قام بها النظام.

وفي الإتجاه المضاد فإن الذكرى ونظامها السياسي كانت قد ولدت لدى آخرين حالة من النقمة والسخط المعارض وخلقت واقع نفور قبلي وشعبي مشروع وغير مشروع, نظرا لتباين المواقف المبدئية ومصالح القبائل الصومالية وقطاعات جماهيرية, وفي المحصلة فإن ذلك النفور القبلي الغير مشروع قد أثر في قطاعات شعبية كبيرة, بحيث اصبحت تشكل معه بقوة مضادة صريحة لحركة 21 أكتوبر والتي سلبت هؤلاء طموحات نخبهم في الوصول إلى الحكم, وبدورهم السعي إلى التسلط!.

كما أن الذكرى ونظامها قامت على جثثت قطاعات كبيرة من الشعب الصومالي والذي قمع ونهبت خيراته من قبل النظام, في حين أن هؤلاء لم يستفيدوا بشكل جذري من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي وظفها النظام, وأستفادت منها مناطق سكانية تحديدا, أو عناصر كثيرة كانت ذات إرتباط عضوي مع النظام.

وأسست حركة 21 أكتوبر الانقلابية بدورها لإرث التطلع للوصول إلى السلطة أما بالقوة المسلحة وهو يعد ماثلا في تجربة القادة عينانشي Caynaanshe- جابيري Gabayre في عام 1971, وفي سياق آخر مماثل في حركة 9 إبريل 1978 الانقلابية والتي قادها كل من العقيد محمد شيخ عثمان(عيرو), والعقيد عبدالله يوسف أحمد . وعلى صعيد آخر مع تجربة مجموعة السياسيين السبعة والمنحدرين من قبائل الدارود,الهويي والاسحاق في عام 1982 والذين بدورهم أرادوا تنحية رأس النظام.

ناهيك عن صراع الخلافة على كرسي الرئاسة في عام 1985 ما بين مجموعتي الدستوريين Dastuurlay و التوريث Dhaxaltooyo والتي قاد الأولى كل من الفريق محمد علي سمتر والعميد أحمد سليمان عبدالله وبدعم من النخب السياسية والعسكرية الصومالية, في حين قاد العقيد مصلح محمد سياد بري, المجموعة الثانية عبر دعم النخبة السياسية والعسكرية المنتمية لقبيلة المريحان وبعض القيادات المرتبطة بعائلة الرئيس, والتي كانت ترى في تأمين الحكم لها في حال عدم عودة تشافي الرئيس من تأثير وتداعيات حادث السير الذي تعرض له في عام 1986 والذي نقل على أثرها إلى المملكة العربية السعودية, أو في مصادرة الحكم في حال وفاته.

وقد مارس العسكر من خلال نظامهم تكريس حتمية أهمية يوم 21 من أكتوبر في وجذان العقل الجمعي الصومالي, وهو ما تم محاولة ترسيخه عبر كتابة تاريخ الصومال الحديث, أكان من خلال مناهج تعليمية وكتب أخرى روجت لأهمية هذا اليوم المشهود!, أشعار مديح, أغاني ومسرحيات صاحبها إيقاعات الفلكلور والرقص الشعبي, والذي سُخر بدوره لتمجيد الحركة الانقلابية ويوم ميلادها والعمل على إظهار الإبتهاج المستمر لأجلها عنوتا.

ولكن جُل الغرابة تتمثل في أن يوم 21 أكتوبر قد اصبح بيوم بديل للمناسبات الوطنية والتاريخية, بحيث أنه قام بالتغطية والتشويش عليها إعلاميا,سياسيا واجتماعيا, بل أنه اصبح بوضوح اليوم الأول في الذاكرة الصومالية الحديثة أثناء حكم النظام. كما سُخرت كل الجهود السياسية,التنظيمية والقدرات البشرية والمالية للدولة الصومالية, في سبيل الإحتفال بهذه المناسبة وإظهار مشاعر الولاء إجباراً.

أسفر ذلك إلى إجراء حالة تحضيرات وتنظيم مسبق لذكرى من قبل مؤسسات الدولة لطيلة شهر كامل, في حين أن تلك الإستعدادات كانت تشمل إقحام مؤسسات القوات المسلحة من جيش,شرطة وأمن, بالإضافة إلى تسخير مؤسسات العمل الجماهيري ذات الطابع الشمولي من المرأة,الطلاب,العمال والفلاحين,خدمات الصحة والتمريض وقطاعات شعبية أخرى, إذ كان إستعدادهم للمناسبة يصل لفترة الأسبوعين أو أكثر, وذلك من خلال تنظيمهم وتعبئتهم من قبل لجنة منظمة للمناسبة, وغالبا ما كانت تكلف من قبل القيادة السياسية لنظام الحاكم.

وشملت صلاحية اللجنة التحضيرية المسؤولة عن إحتفالات ذكرى 21 أكتوبر الإعداد للإحتفال بالمناسبة في كل محافظات جمهورية الصومال الديمقراطية, وذلك عبر تشكيل اللجان التحضيرية والتي كانت تتلاقى كل تسيهلات الدعم المعنوي, التنظيمي والمادي من قبل مؤسسات الدولة ممثلة بالوزارات والهيئات الرئيسية وعلى دعم المحافظين ومسؤولي المراكز الرئيسية في المحافظات, وفروع ولجان الحزب الاشتراكي الثوري الصومال في عموم البلاد.

مُنح الإحتفال بذكرى حركة العسكر برمزية إستثنائية على مدار 21 عاما من حكم نظامهم السياسي, إلى أن الأيام الوطنية كمثال ذكرى26 يونيو في عام 1960 يوم إستقلال المحميات الصومالية وسلطنة الورسنجلي,مستعمرة الذولباهنتي عن بريطانيا, وذكرى 1 يوليو كيوم للوحدة وإستقلال المستعمرات الصومالية عن إيطاليا, ناهيك عن عدم الاهتمام بأيام وطنية أخرى لم يتم منحها حقها من التقدير والذاكرة, ومنها يوم تأسيس (جامعة الشباب الصومالي S.Y.L ) .

ولم يقف الأمر عند حد تمجيد يوم 21 أكتوبر, بل أن الأمر قد تخطى ذلك وأصبح اليوم ذاته مقترنا بالرئيس محمد سياد بري, والذي أنتهى به الحال في أن أصبح بصاحب اليوم المشهود, والذي لا يشاركه فيه أحد من الشركاء العسكر, والذين أنتهوا إلى أن أصبحوا بمجرد أتباع للرجل الأول يمنحهم ما يشاء, ويمنع عنهم ما يشاء!

فرض الرجل ذاته على الآخرين وكتبت الأغاني والأشعار فيه, علقت صوره في مؤسسات الدولة والملكيات التجارية الخاصة, وكل من تقاعس أو أمتنع صراحتا عن تمجيد صوره ناله قسط من العقاب, منازل المواطنيين والمطلة على الشوارع فرض على سكانها طلائها باللون الأبيض من قبل هيئة البلدية العامة, ا, من قبل قوات رواد نصر الأمة Ciidankd Guulwadayaasha Ummadda, وذلك كجزء من المساهمة في طقوس إظهار الفرحة والسرور إجبارا.

وفي الوقت الذي فرض فيه الرئيس محمد سياد بري, نفسه على المجتمع والدولة, بدورها فرضت مجاميع الشرطة العسكرية والتي لعبت الدور الأساسي في حراسته الشخصية وحراسة أركان نظامه السياسي, في أن تفرض ذاتها على عموم المؤسسة العسكرية, رغم أن مهمتها الأصلية كانت هي مراقبة أي تحركات مشبوهة داخل القوات المسلحة كجهاز عسكري قومي, إلى أن أمرها أنتهى كحراسة شخصية لرئيس والنخبه من أركان حكمه!

21 أكتوبر يمر كل عام منذ سقوط نظام العسكر كيوم للعبر والألم, والتحسر عليه من قبل البعض إنطلاقا من دوافع شتى, ولكن الأمر المفارقة هو وجود واستمرار واقع تحاول فيه النخب السياسية الصومالية معه بتكريس ذاتها, على غرار الرئيس محمد سياد بري ونظامه, وهذا ما يولد مرارة الحكماء من الصوماليين, وفي المقابل التبرير السطحي من قبل البعض وتحسره على تلك الأيام الخوالي, والتي حكمهم فيها الرئيس وأعوانه بالحديد والنار, متناسين أن ما كان قد تحقق من إنجازات فيما مضى كان بعرق جبينهم وتضحياتهم والتي لم يتعامل معها النظام بمنطق التقدير.

وقد كانت الأعوام التي فات على النظام الصومالي الإحتفال فيها بذكرى 21 أكتوبر, هي أعوام 1981 - 1982 و 1990 نظرا لحالة التخوف الأمني والتي فرضها حادث إغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات, والذي كان يمثل بحليف سياسي بارز لرئيس الصومالي محمد سياد بري,"بالإضافة لحالة الخلل الأمني في العاصمة مقديشو في عام 1990 ." (1)
- هوامش:
- حسن محمد حاج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف كان أداء الرئيس الأمريكي ومنافسه ترمب في مناظرتهما الرئا


.. المجلس الوزاري الأمني بإسرائيل يقر إجراءات طرحها سموتريتش تس




.. حاملة طائرات أمريكية تستعرض عملياتها في البحر الأحمر


.. شاهد| المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جو بايدن و




.. مدير حملة ترمب يعلن النصر عقب انتهاء المناظرة