الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل التنصير جريمة؟

طوني سماحة

2014 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"وزير الدين في الجزائر يجرم التنصير الاجنبي" عنوان خبر نشرته العربية بتاريخ 17 أكتوبر 2014.
اعتبر وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، أن الذين يقومون بدور التنصير"جناة يجب طرحهم خارج البلاد، أما إن كانوا جزائريين فيجب معاقبتهم بالسجن وغرامات مالية لأنها جريمة يعاقب عليها القانون."

من الطبيعي أن يكون للسيد عيسى غيرة على دينه، وأنا لا ألومه أو ألوم أي مسلم على ذلك. أما عندما تكون غيرتنا قد تقولبت بمفاهيم عنصرية وتصرفات إرهابية، تكون قد سقطت فكريا وإنسانيا.

ترى ما الذي يريد السيد عيسى قوله لنا من خلال تصريحه؟ إنه وبكل بساطة يقول للإنسان الجزائري أولا، وللمسلم ثانيا، ممنوع عليك الحوار. ممنوع عليك النقاش. ممنوع عليك الاستماع للآخر. ممنوع عليك المقارنة. ممنوع عليك التحليل، ممنوع عليك التفكير. وإن كان لا بد من التفكير والتحليل والمقارنة والاستنتاج، فنحن سوف نقوم بكل ذلك بدلا عنك. لكن وبالمقابل واجب عليك أن تبشر بدينك، وأن تجذب الآخرين إليه، وأن تجاهد في سبيله. ونتساءل في ما بعد عن سبب الجهل العربي وانتشار الغباء الفكري وصعود التنظيمات الاسلامية الارهابية منذ بدايات القرن الماضي وحتى تاريخه، حتى أنه كلما أتانا تنظيم نظنه الأكثر تطرفا، نفاجأ بعده بغيره يتخطاه في التطرف بأشواط.

سيدي الوزير،
دعوني أورد لكم هذه القصة. صديقي (---------) مغربي يحيا في الغرب. قرر اعتناق المسيحية في الغرب. حاربته زوجته ووالدته واجتمعتا عليه وهما لا تتفقان أصلا وتكره واحدتهما الأخرى حتى الموت. قررت أمه أن تعلمه درسا. استأجرت شابين قاما برميه من الطابق الثاني. لم يمت صديقي، لكنه مقعد منذ عشر سنين. ساءت أوضاع صديقي نظرا لتأثير الصدمة عليه وانعدام حركته مما أدى الى إصابته بالسكري وأمراض أخرى. ترى سيدي الوزير، من هو المجرم الحقيقي في هذه القصة؟ بالطبع الأم هي المسؤول الاول امام القانون (وإن كان قانون الغرب لا يطالها لأنها تسكن في المغرب، فيما قانون الشرق يبرئها)، لكن هناك مسؤول أكبر ألا وهو الفكر التكفيري السائد في بلادنا المتخلفة. فلا عجب إن كنا نرى بعد ذلك نمو الفكر الاصولي الارهابي المتمثل بالقاعدة والاخوان وغيرهم وصولا الى المسخ الداعشي.

سيدي الوزير،
كان يجدر بكم وانتم أصحاب الفكر السديد، وإلا ما كان لكم ان تحملوا حقيبة وزارية كتلك التي تحملونها، كان يجدر بكم أن تقارعوا الحجة بالحجة، والفكر بالفكر، والدليل بالدليل، والسؤال بالجواب المقنع بدل أن تجرموا ثلة من الناس لم يحملوا سكينا ولا يوما دعوا لفصل رأس عن جسده.

سيدي الوزير،
المسيحية (أو النصرنية كما تسمونها عن جهل) التي تخشونها، تشهد هجمة شرسة ليس في الشرق فقط، بل في الغرب أيضا. أما كان يجدر بكم أن تضموا أصواتكم الى أصوات الذين يعادونها كيما تقوّضوا أركانها؟ ودعوني أقول لكم أن الفكر الرافض للمسيحية في الغرب أساء إليها بينما سياسة الحديد والنار التي تتبعونها في الشرق، وخير دليل على ما أقول هو تهجير المسيحيين في الموصل وسوريا، استجلب عطف الناس لها من الكثير من المسلمين في الشرق ومن الناس عموما في الغرب. أما كان يليق بكم وأنتم الوزير العلامة أن تظهروا مساوءها حتى ينفر الناس منها دون الحاجة لتجريم أتباعها وإرهابهم؟ دعوني أقول لكم، سيدي الوزير، أن الحديد والنار يقمعان الجسد لكنهما يعجزان عن قمع الفكر، خاصة في عصرنا الحاضر حيث التكنولوجيا تدخل كل منزل دون أن تستأذنكم.

سيدي الوزير،
سياسة الحديد والنار لن تنتج سوى أجسادا مشوّهة وإرهابيين لا قلوب لهم. آن الاوان لمن هم مثلكم في الشرق من رجال سياسة ودين أن تعملوا على تأسيس فكر حضاري يقارع الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق وإلا لسوف يستمر أولادنا بدفع فاتورة الجهل والتخلف والموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التنصير اصلا حرام
سعيد العليطي ( 2014 / 10 / 20 - 02:44 )
نعم التنصير جريمة لانه سينقص عدد المسلمين الذين سيتمتعون بحور العين في الجنة غدا يوم القيامة، وايضا عدد المسلمين الذين سيشربون انهار الخمر المعتق وعدد الذين سيلبسون اساور الذهب والفضة مثل الحريم؟؟؟؟؟؟


2 - سيد Yazan Alkhlif
طوني سماحة ( 2014 / 10 / 21 - 23:07 )

أشكرك على الاسلوب الراقي وان كنت لا اتفق معك من حيث المبدأ. فلو أني اتبعت المنطق الذي تتكلم به، لكان من المقبول ايضا ان تمنع الدول الاسلام لان الكثير من المنظمات الاسلامية في الشرق والغرب تدخل الدول تحت غطاء ديني ومن ثم تمارس أعمالا ارهابية
علاوة على ذلك ماذا نصنع بالمسلم الذي اختار تغيير دينه عن اقتناع ومن دون اي تأثير آخر؟ هل نجرّمه؟
شكرا


3 - التنصير جريمة: نعم ولكنها نصف الحقيقة
ليندا كبرييل ( 2014 / 10 / 22 - 03:27 )
الأستاذ طوني سماحة المحترم

شخصياً أرفض الإرشاد الديني في كل المذاهب، فهو يقولب الإنسان في عقلية محددة تمنعه من اجتراح الجديد لحياته ولخير المجتمع

عليه حينذاك أن يعمل وفق الذهنية الدينية التي ينتسب لها
وليس التنصير فحسب، كذلك الدعوة الإسلامية ، وكل جهود الأديان الجديدة التي بدأنا نسمع باسمها وقويت على الساحة الدولية، البهائية، المورمون، شهود يهوة، هي ليست جديدة تماماً لكنها حديثة الظهور نسبة للديانات الكبرى الثلاث
كل هذه الجهود تعمل على استعباد عقل الإنسان

التنصير جريمة.. حسناً وكل دعوة دينية أخرى جريمة أيضاًَ وليس التنصير فحسب

كتبتُ مقالاً قديماً

المسيحية ليست ( باراشوت ) نهبط بها فوق كنيسة

والأديان كلها ليست باراشوت

الوزير الجزائري قال نصف الحقيقة

تفضل تحيتي وسلامي


4 - سيدتي العزيزة ليندا كبرييل
طوني سماحة ( 2014 / 10 / 24 - 03:18 )
أوافقك الرأي على أن الدين يقولب الانسان. ولكن علينا ألا ننسى أن الدين هو عصارة فكر (بغض النظر عن كون هذا الفكر انسانيا ام الهيا) ولا بد للفكر ان يقولب الانسان ثقافيا ام اجتماعيا ام فلسفيا أم دينيا. فالمعضلة إذا، بجسب رأيي ليست في الدين، بل في الفكر الذي يحتويه الدين. أعطيك على سبيل المثال الام تريزا.لا يستطيع أحد أن ينكر أن هذه السيدة الوقورة أنقذت الآلاف
من براثن الموت والتشرد لأنها تأثرت بفكر السيد المسيح وبالتالي اختارت ان تسير على خطاه.

بحسب رأيي المتواضع، أنا كانسان مسؤول عن اعتناقي لاي فكر، دينيا كان ام لم يكن.فإن كان
هذا الفكريشجعني على إرهاب الاخر تحت مسمى الدين او غيره، يتوجب علي رفضه وإلا لا يحق لي تجريمه.
وهذا الامر ينطبق بالنسبة الي على التنصير والاسلمة او الدعوة لاي دين آخر، وإلا فما قيمة الحرية؟
ولك من كل الشكر

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah