الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بئس المواجهة الثقافية والفكرية والايديلوجية

سمير عادل

2014 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتعالى الاصوات اليوم في الغرب الحكومي ومؤسساته السياسية في الحرب على دولة الخلافة الاسلامية التي يقودها ابو بكر البغدادي بالمطالبة في مواجهتها ثقافيا وفكريا وايديلوجيا. وقد طلب جون كيري وزير الخارجية الامريكي من حلفائه السعودية والامارات وقطر واخرين من الدول العربية في التحالف الدولي ليس مواجهة داعش عسكريا وامنيا فحسب بل المواجهة الثقافية ايضا. كما عبر عن ذلك ايضا اوباما في اجتماعه مع القادة العسكريين الذين قدموا من 21 دولة في العالم قبل ايام.
لكن لم يشرح لنا لا كيري ولا اوباما ولا اي شخص من المسؤولين في الادارة الامريكية ولا في التحالف الغربي ما هو نوع تلك المواجهة؟ وهل ستتضمن المواجهة نقد الفكر الاسلامي الوهابي الذي تنتجه السعودية وهو الايديلوجية التي تستمد دولة الخلافة الاسلامية شرعيتها منه، او نقد فكر الاسلام الازهري الذي تستند عليه الدولة العسكرية لمصر بقياد عبد الفتاح السيسي، او نقد الاسلام السياسي الشيعي ومراجعه الدينية في النجف وقم الذي يدير السلطة السياسية في العراق، او نقد الاخوان المسلمين الذي يعتبر حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان احد فروعه كما هو الحال لقطر ايضا الذي تحتضن قاعدة امريكية، وهما الاثنين معا اي تركيا وقطر كانوا وما زالو عرابي داعش وسفاحي دولة الخلافة الاسلامية.
المواجهة الثقافية والفكرية والأيدلوجية مع الفكر الاسلامي الذي يوجه نصاله ضد الغرب وحلفائه في الشرق هي مقولات جديدة وتطرح لاول مرة في الخطاب السياسي الغربي وخاصة في خطاب الهيئة الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية. ان محاولة تجزئة الفكر الاسلامي الى فكرين، احدهما فكر وايديلوجية دولة الخلافة الاسلامية والاخر الفكر الذي تستند عليه السعودية الوهابية وقطر وتركيا الاخوان المسلمين وحسب المصالح السياسية، ومن ثم تنظيم اطار ثقافي وفكري وايديلوجي لكل واحد منهما، هي محاولة للتنصل من مسؤولية الغرب الحكومي الذي يقدم الدعم السياسي والدبلوماسي للدول المصدرة لداعش مثل السعودية وتركيا وقطر.
ان الغرب الحكومي تعامل في الحرب الباردة في مواجهة الشيوعية السوفيتية بفكر وايديلوجية اسلامية واحد دون تجزئته ثقافيا وفكريا، فأسلام الجمهورية الاسلامية في ايران والاسلام الوهابي في السعودية كانا رزمة واحدة في مواجهة الفكر الشيوعي والالحاد في المنطقة. ولذلك غض الغرب الحكومي بمؤسساته الامنية والسياسية عن التمويل الذي كانت تقدمه السعودية في دعم الدراسات الاسلامية في الجامعات الغربية، وطبع الآلاف من الكتب وتوزيعها اما مجانا او بيعها بأسعار رمزية، وانشاء مئات الجوامع والمساجد لنشر الفكر الوهابي في الدول الغربية، مرشد دولة الخلافة الاسلامية في العالم الغربي، وبموازاة ذلك على سبيل المثال لا الحصر وجهت الحكومة البريطانية نقدها لسلمان رشدي عندما اصدر الخميني مرشد الجمهورية الاسلامية فتواه في قتله بسبب روايته الايات الشيطانية بدل من الدفاع عنه مهما كان الثمن، لان المصالح الاستراتيجية للحكومة البريطانية وعموم الغرب الحكومي هي الاولوية. لذا فكلا الاسلامان كانا في خدمة الغرب الحكومي ومؤسساته الامنية والسياسية والايديلوجية الذي كان يحارب ضد الفكر الشيوعي ابان الحرب الباردة. اما اليوم فيحتاج الغرب الحكومي الى تجزئة الفكر الاسلامي الذي غض النظر على تمدده الى اطارين لمواجهة واحد منهما، لانه يدرك وهو على صواب لا يمكن القضاء على دولة الخلافة الاسلامية دون نسف الاسس الفكرية والايديلوجية التي يستند عليها. بيد انه اي الغرب وبشكل منافق يتناسى بأن الجذور الفكرية والايديلوجية لدولة الخلافة ومنابعها هي السعودية الوهابية.
ان الادارة الامريكية وحلفائها الغربيين مثلما ليسوا جادين بالقضاء عسكريا على دولة الخلافة الاسلامية بقدر جديتهم في اعادة تقسيم المنطقة وصياغة معادلات سياسية جديدة، مستخدمين داعش ذريعة لتمرير سياستهم في المنطقة، نقول ليسوا ايضا جادين في المواجهة الثقافية والفكرية والايديلوجية لدولة الخلافة الاسلامية. ان المواجهة الثقافية والفكرية الحقيقية لدولة الخلافة الاسلامية تبدء في دعم حرية الرأي والتعبير والمعتقد وفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم في المنطقة. ان المواجهة الثقافية تعني فسح المجال للاعلام الغربي بدل التعتيم المدفوع الاجر بأموال النفط في فضح جرائم المملكة السعودية اتجاه حقوق الانسان، في قطع الايادي والاعدامات وممارسة التمييز الجنسي ضد النساء وتصفية المعارضين وقمع كل اشكال الحريات الانسانية تحت عنوان الحفاظ على الاسلام ومقدساته مثلما تفعل داعش في الرقة والموصل. ان المواجهة الفكرية والايديلوجية هي ان يكف الغرب الحكومي عن دعم الاسلام السياسي بجميع تلاوينه وقطع كل اشكال التمويل عنه. ان المواجهة الثقافية تعني اعادة العمل بقوانين الهجرة والمهاجرين وتنظيم برامج لادماجهم بالمجتمعات الغربية وتعليمهم على مبادئ حقوق الانسان الشاملة التي يجب ان لا تتجزء مهما كانت الاسباب والذرائع، والغاء ترهات الثقافة النسبية والخصوصية الحضارية التي تكرس التمييز الجنسي ضد المرأة وتشوه عقول الاطفال، التي بالتالي تعزلهم عن المجتمع وتعرضهم فريسة سهلة لمنظمات ارهابية ومجرمة مثل داعش وغيرها. ان الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني هو معادي للماهية الانسانية وليس هناك لا اسلام معتدل ولا متطرف فهو يتناقض تناقضا كليا مع تطلعات واماني واحلام الانسان في العيش بحرية ورفاه وكرامة. ان المواجهة الثقافية هي بتحويل السعودية الى فاتيكان اسلامي اسوة بالفاتيكان المسيحي في روما، للقضاء على الاسس الفكرية والايدلوجية لدولة الخلافة الاسلامية وقطع الطريق على احياء اعداء الانسانية والبشرية. ولن يكون الغرب الحكومي وحلفائه في الشرق اهلا للمواجهة الثقافية والفكرية والايديلوجية، لذا ان نقد الفكر الاسلامي دون اية مجاملة، نقد فقه وتاريخه هو مهمة الشيوعين والتحررين بالدرجة الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا