الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القراءة والبقاء

علي المدهوش

2014 / 10 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ثمة عناصر ضغط أجدها حاضرة أمامي حين الشروع في كتابة مقالة أتناول فيها موضوعة من الموضوعات ، وأهم تلك العناصر هي محاولة مراعاة عدم الإطالة والزيادة والسعة في ما أكتب، خوفآ من أعراض القرّاء والمتلقين له، لاسيما وأن السمه السائدة لشريحة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي هي المرور السريع على الموضوعات والقراءه السطحية والسريعة وغير المركزة، والابتعاد عن قراءة النصوص الطولية نسبيآ، وبعبارة أخرى كأن لسان الحال يقول ، نحن في هذا العصر لايمكننا أن نتوقف لدقائق أمام نص أو منشور، بل يجب على الكاتب أن يختصر ويشير الى الفكرة ونأخذ الزبده منه كما يقال في المثل ، وهذا ما أسمعه كثيرآ من الاخوة وفي مختلف المستويات ، ويختصر ذلك ماسمعته من أحدهم حيث يقول :(عندما أشاهد نص طويل نسيبآ ، فأن القرار لن يتأخر في الاعراض عنه أو قراءة أول سطرين منه، أو اعطاء أعجاب لصاحبه مجاملة وكفى، بصرف النظر عن محتوى النص والقيمة الادبية والفكرية والموضوعية التي يحتويها)،!!
ولم يكن هذا النمط للمجتمع في التعاطي مع القراءه ناتج من حالة طارئة القت بضلالها فجاة على المشهد الثقافي العربي عموما والعراقي بوجه الخصوص، وانما بلحاظ تداعيات جمة وتحولات أجتماعية كان اللاعب الاكبر فيها، دخول مؤثرات العولمة والتطور التكنلوجي الكبير، وظهور شبكات الانترنيت مع السياسات الخاطئة للمؤسسات التربوية والمجتمعية في كيفية الاهتمام في الكتاب والقراءه، لتظهر لنا الأن ثقافة جديدة تطفو على السطح بائنة بشكل جلي. وهي الثقافة السمعية وثقافة المشافهه، التي تبتعد عن المنهج العلمي، والتحقق من المعلومات ، وهي الثقافة المستمدة من الاستماع للأخرين والتي تتعامل مع الجانب الوجداني والانفعالي دون الجانب العلمي والعقلي، للدرجة التي أصبحت فيها الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم فضلا عن المكذوبات والاقاويل، بل ويبنى عليها أثر واتخاذ قرارات وعندما تسأل احدهم من أين جئت بهذا الخبر فانه سيقول لك:(قالوا- يقولون- سمعت)!!، ليصبح المجتمع ظاهرة صوتية وبأمتياز، وهكذا ما هو مؤكد ومؤشر بطبيعة الحال، وأتذكر أحد الاخوه الذي نقل بعض تفاصيل زيارته ورفاقه الى أحدى الدول وكانوا ضمن بعثه لتطوير المهارات والقابليات، قائلآ ؛(بأن الاساتذه اشادوا بمثابرتنا وتفاعلنا ولكنهم قالوا، أن ما يعيبكم أنكم حين تتحدثون فان مجمل كلامكم ومصادر الحديث لديكم واستنتاجاتكم مبنيه على ماسمعتموه فقط)،!!! أنتهى كلام الاخ.
لهذا نجد من الضروري بمكان أعادة الحياة الى نطاق ومجال القراءة والكتابة، وأزالة عناصر القطيعة والفجوة بيننا وبينها، ولابد لنا من ذلك ، لأنه الدواء الذي يجب تناوله، لكي نتعافى، وخير من أشار الى الدور المهم والخطير لاهمية القراءة في حياة الشعوب، هو القران الكريم حيث نزلت اولى أياته المباركة وهي تقول:( أقرأ بأسم ربك)!،وليس بغريب هذا الأمر، وفي القراءه سياحة للعقل البشري بين رياض الحاضر وأثار الماضي وبقاياه وأمال المستقبل،لانها الينابيع الصافية لخبرة كل مجرب يضعها بين يدي القارىء وبكل سهولة ويسر، وكما قيل بأن الكاتب يأخذنا الى قمم الجبال ثم ينزل بنا الى الاودية ويسير بينا بين الرياض الخضراء ثم ينتقل بنا الى الصحاري الجدباء،ورحم الله القائل
( نعم المحدث والرفيق كتاب..
تلهو به إن خانك الاصحاب...
لامفشيا للسر إن أودعته..
وينال منه حكمة وصواب..)...
وفي الختام فأن البصيرة التي يبحث عنها كل أنسان دون استثناء أحدى أهم أبوابها الواسعة هي ثقافة المطالعة والقراءه والتوجه الى الكتاب، لان ثقافة المشافهه والصوتيه هي ثقافة أحادية الأبعاد تتجه بالأنسان لتسطيح التفكير، لهذا ومن أجل البقاء تحديدآ يجب ممارسة القراءه كما نمارس الرياضة التي لامناص منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف