الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاجة للآخر ..ضرورة!!

اسعد الامارة

2005 / 8 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اعتاد الناس في اي مجتمع من المجتمعات الانسانية ان يضعوا لانفسهم معايير يتفقوا على احترامها والالتزام بها طواعية،وان يجدوا في القيم التي توارثوها اجتماعياً مؤشراً نحو الضبط الاجتماعي،ويقول علماء النفس الاجتماعي ان للمعايير الاجتماعية فعلاً اثار قوية على السلوك حتى ولو لم يكن يدرك الافراد ذلك،ففي معظم المواقف واللقاءات الاجتماعية نجد الناس يشتركون في الاراء والافكار بما يجب ان يقولوه او ان يفكروا به او حتى يشعروا به وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية التي تجد في احيان كثيرة مواقف الاتفاق فيها اكثر من مواقف الاختلاف في المناسبات وهذا ينبع اساساً من تكوين الشخصية العربية وحبها في التواصل والالتقاء بالاخرين وتقديم العون والمساعدة واقامة صلات التعارف مع الغريب والعلاقات الاجتماعية.هذا السلوك تحكمه القيم عموماً واشباع الحاجات الاساسية بشكل خاص لذا فالقيم ونظامها السائد في اي مجتمع ينبع في الاساس من بيته الذي نشأ فيه. ان ما يتعامل به اي شخص يعد المحرك والدافع لطموحه ولسلوكه وهو في آن معاً يظهر مدى الاشباعات النفسية التي تحققت له في طفولته وكم اثرت فيه لاحقا في المستقبل حتى قيل ان السلوك يتم تطبيعه في الاسرة اولا ومن ثم يجد طريقه الى التطبيق في المجتمع عبر عملية التنشئة الاجتماعية بعد ذلك.
القيم هي اكتساب الفرد سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لادوار اجتماعية معينة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بينما الحاجات(الحاجة)هي احساس الفرد بافتقاد شئ ما داخليا او خارجياً يؤدي الى بواعث معينة ترتبط بهدف او موضوع الحافز،كلها تؤدي الى استجابة تخفض التوتر او تزيده.اذن من خلال ذلك نستنتج ان القيم تعد مؤشر للسلوك،والحاجة مؤشر للسلوك ايضاً،وتكون في النتيجة القيم تساوي الحاجة وتحركها فأذا لم تكن هناك قيم قوية عند الفرد وحاجات مشبعة لن يتحقق التوافق الاجتماعي في اي مجتمع كان ولن يتقبل الفرد الآخر .ان الحاجات النفسية عديدة منها الحاجة الى الانتماء والاستقلال والحاجة الى الامن والحاجة الى الحب والحاجة الى السلطة والحاجة الى التقدير،وما يهمنا في هذا الصدد هو الحاجة الى التفاعل الاجتماعي.
ان ما يربط الناس بعضهم ببعض هي الحاجة الى التقارب والتفاعل الاجتماعي،فالتفاعل الاجتماعي هي تلك العملية التي يؤثر فيها الناس على بعضهم البعض من خلال التبادل والتوافق المشترك للاراء والاتجاهات والافكار والمشاعر،فالافراد في المجتمع الواحد يكمل بعضهم البعض خصوصاً في المواقف الحياتية الصعبة،هذه المشاعر تغذيها الاسرة الصغيرة لدى ابنائها وتنشأ معها وتنمو حتى تصبح احد توافقات المجتمع الانساني فحينما تلقى التدعيم والاشباعات الخاصة من الاسرة بعد بلوغ الابن او البنت،حيث يتكون سلوك القبول لا الرفض من الشاب للفتاة التي يود ان يقترن بها ويتزوجها،هو احد نتائج هذا التقبل وكذلك هو الحال مع البنت فأشباع الحاجات النفسية وتدعيم القبول للآخر يعد مؤشر لحجر الاساس السوي للفرد والمجتمع،فاشباع الحاجات النفسية الاجتماعية في الاسرة لدى ابنائها يقلل لديها عقدة الشك في الاخر والريبة منه حتى يبدو له في الحالات السلبية انه عدو اكثر منه متمم او مكمل في مسيرة الحياة الطويلة للفتى او الفتاة. ان حياة البشر بالضرورة حياة اجتماعية ونحن نحدد مدى سويتها او مرضها،ففي الحالة الصحية السوية يتوافق الافراد بدون منغصات بينما في الحالة المرضية تكون الصورة سوداوية مظلمة يسودها الشك في الآخر وفي نواياه ،ينتابه في كل لحظةالشك في الاخرين،ولا يتقبلهم اما لمعتقداتهم تارة او انتماءاتهم او لدينهم او لاتجاهاتهم تارة اخرى حتى وان كانت اتجاهاتهم الفنية او السياسية او الدينية موضع خلاف كما يعتقد ، فهو يكاد يكون منغلق ،رافض الاخرين بينما القاعدة الاساسية الانسانية هي ان الناس بحاجة الى الناس ،والبشر يقدم كل منهم للآخر اعظم مواقف العون والمساندة في المسرات وفي الاحزان حتى غدا الادراك الاجتماعي لجميع البشر سمة تميز التحضر والتوافق مع الاخرين والتفاعل معهم هي الاخرى سمة المجتمعات الانسانية وكلما ازداد التفاعل يستمر البناء الاجتماعي ،وكلما ازدادت المكافآت من الاخرين بالتدعيم والاثابة يزداد التوافق والانسجام بين افراد المجتمع، الذي يؤدي كل ذلك الى تقليل الحالات الشاذة في المجتمع الواحد مثل السرقة والقتل العشوائي او المنظم او الاغتصاب او التهجم على الاخر ،فالاسرة التي تشبع حاجات ابنائها النفسية،تقلل لديها من نزعات العدوانية ويقول علماء النفس الاجتماعي ان نظام القيم السائد في كل مجتمع والقائم في كل بيت وعند كل شخص هو المحرك والدافع لطموح الانسان ولسلوكه.
ان الاديان السماوية والفلسفات الانسانية المعتدلة دعت معتنقيها الى التقارب والآلفة والتفاعل مع الاخرين في جميع انحاء العالم دون النظر الى انتماءاتهم او ما يحملون من افكار بقدر ما تربطهم من نزعات انسانية خالية من التعصب او التطرف فاعجاب شعب بآخر يعد بحد ذاته دعوة للانفتاح وقبوله او الاعجاب الفردي لدى البعض هو الاخر دعوة مماثلة لتقبله على الرغم ان البشر يختلفون في الكثير من العادات والقيم والاعراف ولكن اشباع الحاجة يعطي الاولوية للجانب الانساني في الفطرة الداخلية لاي منا حتى نتقبله كما هو دون النظر الى نقاط الاختلاف بيننا وبينه،فالافراد الذين يلتقون مع الاخرين تربطهم عوامل جذب منها بعض السمات المرغوبة او بعض سمات الاعجاب او ما شاكل ذلك من عناصر تقوية هذه الروابط فتتعزز من كلا الطرفين فتنشأ اواصر العلاقة والتفاعل الناجح لاسيما ان الناس جميعا يرغبون في تقبل العواطف والاحاسيس اللطيفة والناعمة ويرفضون السلوك الخشن والعنيف لان الاحاسيس تجعل للحياة قيمة والجو الاجتماعي القائم على الثقة والتفاعل السليم وتقبل الاخر كما هو دون النظر الى ما يميزه في معتقده وهو يعد مؤشرا سويا في الحياة الاجتماعية.ان الناس جميعا تتطلع الى نظام اجتماعي يسوده الأمن والتفاعل مع الاخرين ويحقق لهم الفهم والمعرفة الواسعة لجميع الاقوام والاعراق والشعوب وعاداتها وما تحكمها من معايير وقيم والتوافق معها وهو من احد شروط الانتماء للمجتمع الانساني،اما الافراد الذين يبدون صعوبة في تكوين علاقة مع الاخرين في المواقف الاجتماعية عبر مسيرة الحياة فأن هناك عقد لم تحل في حياتهم الاسرية وفي تنشأتهم الاجتماعية، التي لم تلقى الاشباع الكافي لحاجاتهم النفسية الاجتماعية ولم تلقى التدعيم المناسب من الوالدين حتى نشأوا في ريبة وشك في الآخر وتوجس من كل ما يصدر منه من تصرف وسلوك ينعكس بالكامل على علاقته الزوجية مع زوجته مستقبلا وعلاقته مع الاخرين التي غلب عليها نفي الآخر ورفضه وعدم الاعتراف بوجوده باعتباره نقيض له لا متمم له في الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ثمن الاتفاق الدفاعي بين السعودية وأمريكا وهل ستصبح الرياض


.. تحدي الثقة بين مريانا غريب وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. السعودية.. الأندية الأكثر حاجة لإيدريسون وكاسيميرو بحال رحيل


.. سوناك يعلن تنظيم الانتخابات العامة في 4 يوليو المقبل | #رادا




.. اختتام تدريبات الأسد المتأهب في الأردن بمشاركة 33 دولة | #مر