الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقّف العربي والخطر الكوردي

أحمد حاج داود

2014 / 10 / 21
القضية الكردية


لم تكن نظرة المثقّف العربي السوري، للكوردي السوري، في يومٍ من الأيام مستقلّة عن نظرة نظام الحكم في دمشق لمواطنيها الكورد، وبغضّ النظر عن معارضة هذا المثقف للحاكم، أو تأييده له، إلا أنه غالباً ما كان يتبنّى خطاب الحكومة فيما يتّصل بالقضية الكوردية.
التهويل من الخطر الكوردي، والتشكيك بنوايا الكورد وطموحاتهم السياسيّة، كانت مطيّة جميع الحكومات التي تداولت السلطة منذ قيام الدولة السورية، لانتهاج سياسة تهدف إلى تهميش دور الكورد وابعادهم عن المشهد السياسي، مثل هذه المحاولات من الحكومات السورية المختلفة لم تكن مجرد سياسة تنتهجها الحكومة، وإنما كان لها جذورها ووجودها في المجتمع العربي السوري، وبخاصةٍ ذاك المحيط بمناطق وجود الكورد.
فالقيود المفروضة على الثقافة الكوردية، واللغة الكوردية، وجميع سياسات التمييز والإقصاء التي جرت بحق الكورد لم يقابله موقف معارض لها من الشارع العربي في سوريا، ولا حتّى من المثقّفين منهم، باستثناء أصواتٍ خجولة قليلة، وحتى هذه الأصوات وعلى قلّتها كانت تعود لتبنّى نظرة الحكومة إذا ما تعلّق الأمر بالحقوق السياسيّة.
لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، إذ أنّ المثقّف العربي بطبيعة الحال كان يقوم بدور القامع لكلّ تطلّع كورديّ، العشرات من الكتّاب العرب السوريين شكّكوا بالوجود الكوردي في سوريا، وبأصالة اللغة الكوردية، وبتاريخ الكورد في سوريا، هذا كلّه عزّز من فرضيّة الخطر الكوردي في ذهنية الشارع العربي، إلى جانب وجود جيشٍ من كتبة التقارير والمتعايشين مع الكورد في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية...إلخ.
العربيّ السوريّ، والمثقّف بالأخص لم يشأ أن يكون أميناً لمبادئ ثقافته، ولم يكن حيادياً وموضوعيّاً تجاه شريكه الكوردي، بل لجأ للعمل على اعتبار الكوردي السوريّ خصماً له، وهذا ما كشفته الثورة السوريّة، فهو يصرّ على أن الكورد لم يشاركوا في الثورة بالشكل المطلوب، وذهب بعضهم للقول بأن الكورد استغلّوا الثورة لتنفيذ أجنداتهم، أي ما يعني أن التهويل للخطر الكوردي والتشكيك بالنوايا قد استمرّ، وهذه المرة من قبل مثقّفي الثورة، رغم أن المدن الكوردية كانت سبّاقة للمشاركة في الحراك الثوري، ورغم تأكيد الحركة الكورية على مبادئها الوطنية والأخوّة الكوردية العربيّة.
ومع بروز الدور السياسي الكوردي في سوريا، وظهور التنافس السياسي الكوردي في سوريا، متمثّلاً بالمجلسين الكورديين، فإن المثقّف العربي اعتمد على تأييد طروحات طرف لمحاربة الطرف الآخر، رغم أنه في النهاية لا يتّفق مع الطرفين على طروحاتها فيما يتعلّق بالحقّ الكوردي، وحلّ القضيّة الكوردية في سوريا، أي طرح أنصاف الحقائق فقط، وعدم مناقشة أنصاف الحقائق الأخرى التي لا تعجبها.
الخلل في الموقف – نظرة الشارع العربي والمثقف العربي للكورد وقضيتهم في سوريا- يجب أن يفسّر دائماً في سياقه التاريخي، وقراءته على هذا الأساس، وعلى هذا الأساس أيضاً تُفسّر أمورٌ كثيرة، كتحوّل المناطق المحيطة بالاقليم الكوردي إلى خزان بشري للجماعات التي تحارب الكورد (داعش مثلاً)، وأيضاً تُفسّر الاستغراب والانزعاج العربي السوري من التركيز الإعلامي والعالمي على كوباني في محنتها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين