الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الشفافية في كتاب هكذا تكلم زرادشت

محمد احمد الغريب عبدربه

2014 / 10 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في كتابه هكذا تكلم زرادشت، يحدثنا نيتشة عن مأساة الانسان، يزيل طبقات الزيف والصراع والمعادلات الحسابية للاقنعة من علي الذات الانسانية، فهو بذلك يصل الي اعمق نقطة في الانسان، فاحدث انقلابا كبيرا في منظومة الاخلاق، وفلسفة المعرفة، وما يعيه الفكر البشريمن ترسبات فكرية واخلاقية منذ فجر الانسانية..

هذه الشفافية المطلقة التي تسيطر علي نيتشة في كتابه هذا لا تعبر سوي علي بؤس الحياة والوجود، وتؤكد ان كل شئ ملئ بالصراع والزيف والالم، فمثلا يفكك فكرة الصديق او القريب، ويصفه بأنه ألد الاعداء وافضلهم للاحترام، فاصعب الحروب هي الحرب مع الصديق، ولديه المنطق السيكولوجي المهم، وهذا المنطق كان ممهد لتأسيس علم النفس والتحليل النفسي، ولذا هو يطلق علي نفسه اهم خبير سيكولوجي شهدته البشرية.

وكان يحتاج نيتشة الي اداة عدمية ضخمة للوصول الي عمق الذات بهذا التصور الجديد والمفزع، ولكنه لا يكتفي عن حد العدمية، فينتقل من هذه النقطة ليصف بؤس الذات الممتدة من مراحل الداخل الي العالم الخارجي، فيؤكد ان الايدولوجيات مثل الاشتراكية والديمقراطية والليبرالية لا تعبر عن الذات البشرية، فهي اقكار حمقاء، فمثلا الليبرالية تعني المساواة، وهذا مفهوم مغلوط وفق نيتشة فالانسان الفرد حياته مبنية علي الصراع والتنافس، واذا احتكمنا الي الليبرالية فهو لاهداف سياسية كاذبة..

كما يؤكد ان الديمقراطية ايضا ضد ارادة الانسان الفرد، فكل انسان لديه مساحة من السلطة والارادة والتفكير والذاتية الفردية، لا يمكن ان يخضع لفكرة الديمقراطية، التي تعني المشاركة والتشاور.. فالارادات ستتصارع بين الشعب والسلطة، ليفوز واحدا منهم بسلطة اتخاذ القرار، فمثلا لا يمكن ان نتخيل وجود ديمقراطية بين شخصين علي الاقل، فهناك اراداتين يتصارعان.

وبهذه الرؤية النقدية اللاذعة الشاملة الواعية، لا يمكن ان نصف نيتشة بأنه عدمي، او أنه تخريبي، او انه يدعو الي الحروب والانسان الاعلي والارتقاء، هو يفكك ويفسر الذات الانسانية وعمقها، وما انتجته من افكار وفلسفات سياسية واجتماعية واقتصادية، فهو ليس كالفيلسوف هيجل يدعو الي الدولة القومية ونهاية التاريخ بظهور الليبرالية وحرية الانسان، او ميكافيلي الذي كتب عن خبايا السياسية واسرار السلطة التحكم.

فكل دعواته في هذا الكتاب الي كراهية الصديق، ونبذ المرأة، والانسان الاعلي، والاحتكام الي الشر والصراع ليست سوي تعبيرا عن واقع الانسان وبؤسه، فلا يمكن لكتابة نقدية وشفافة مثل كتابه نيتشة تعتبر دعوة لشئ، فهي يدعو لهذه الاشياء من باب السخرية بهذا الشكل العلني المستفز، وكل هذه الامور البائسة عبر عنها بشفافية وصدق وهو موجودة في الانسان فليس هناك حاجة لكي نؤكد ان نيتشة يدعو اليه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا