الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبب الافتراضي الذي يصلح تفسيرا لكل أزمة ويريحنا من جهد التفكير الجاد!!!

إسماعيل أحمد

2005 / 8 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقول الحكاية أن أحد الطلاب رسب في مادة التعبير!! مما أثار استهجان المدير والمدرسين أن يتم ترسيب الطالب في مادة سهلة كالتعبير !
مدرسه قال: ببساطة هذا الطالب جد متعب!! لا يركز أبدا فيما هو مطلوب منه، في كل مره أعطيه موضوعا ليكتبه فإذا به يخرج عنه إلى غيره!!
قالوا اعطنا عينات من مواضيع التعبير التي كتبها ..
فقال المدرس: على سبيل المثال، طلبنا منه مره كتابة موضوعاً عن فصل الربيع، فكتب الطالب الاتى:
"فصل الربيع من اجمل الفصول في السنة ، تكثر فيه المراعي الخضراء مما يتيح للجمل ان يشبع من تلك المراعي ، والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش اياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة ويسر. يربي البدو الجمل ، فهو سفينة الصحراء ، فينقل متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لاخرى .. والجمل حيوان اليف … الخ.ويستمر الطالب في التغزل في الجمل ، وينسى الموضوع الرئيسي!!
فقال المدرسين قد يكون قرب موضوع الربيع من الجمل وارتباطه بالرعي هو الذي جعل الطالب يخرج عن الموضوع ..
فقال المدرس: ل..أبدا... خذوا على سبيل المثال هذا الموضوع الآخر:
-اكتب عن الصناعات والتقنية في اليابان ..
فكتب الطالب الاتى:
"تشتهر اليابان بالعديد من الصناعات ومنها السيارات ، لكن البدو في تنقلاتهم يعتمدون على الجمل ، والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش اياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة ويسر. ويربي البدو الجمل ، فهو سفينة الصحراء ، فينقل متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لاخرى .. والجمل حيوان اليف..إلخ .
قال المدرسين هل هناك موضوع آخر؟
فقال المدرس كل موضوع يبدأ فيه لنصف سطر ينتهي بصفحات عن الجمل!!!.
وهذا موضوع بعيد جدا عن الجمل ..
-اكتب موضوعا عن الحاسب الآلي وفوائده..
فكتب الطالب الاتى:
الحاسب الآلي جهاز مفيد يكثر في المدن ولا يوجد عند البدو لأن البدو لديهم (الجمل) والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش اياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة ويسر. ويربي البدو الجمل ، فهو سفينة الصحراء ، فينقل متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لاخرى .. والجمل حيوان اليف …
وعندما علم الطالب بأنه رسب فى مادة التعبير تقدم بشكوى يتظلم فيها لوزير التعليم ، وفيما يلي خطاب الشكوى:
سعادة وزير التربية والتعليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقدم لمعاليكم تظلمي هذا وفيه اشتكي مدرس مادة التعبير لأني صبرت عليه صبر الجمل ، والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش اياما ، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة ويسر .
ويربي البدو الجمل ، فهو سفينة الصحراء ، فينقل متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لاخرى .. والجمل حيوان اليف ، وكما يعلم سعادتكم ان الجمل يستمد طاقته من سنامه الذي يخزن فيه الكثير من الشحوم ، اما عيني الجمل ففيها طبقة مزدوجة تحمي العينين من الرمااال والعواصف
آمل من سعادتكم النظر في تظلمي هذا وظلم المدرس لي مثلما ظُلم الجمل في عصرنا هذا بأكل كبدته في الفطور في جميع الوزرات والدوائر الحكومية
ولكم مني خالص الشكر والعرفان

انتهت الحكاية الظريفة، ولكن صداها في مخيلتي لم ينته!!!

رأيت أن الليبرالين والعلمانيين مؤدلجين بنفس الطريقة لتبرير أحداث الكون وأزماته...

هناك سبب افتراضي يمكننا أن نضعه كجمل ذلك التلميذ!!

هذا السبب هو الإسلام....نكباتنا وأزماتنا وجميع مآسينا تحل لو نحي الإسلام عن الحياة!
لو طرقت أزمة اقتصادية ما، فتحت بطريقة أو أخرى الأبواب لبيان أن الأزمة بدأت منذ أن وضعنا العراقيل في وجه الاقتصاد الحر باسم اسلمة الاقتصاد، حتى صار المال مال الله، وهذه الأسلمة تعني الوصاية على الناس واحتكار الإسلام وتقييد الحريات وتكفير المجتمعات بما يتبعه من إقصاء واستباحة للدماء وفتنة وفساد عريضين، وعدم الأخذ بأسباب التقدم، والجمود على نصوص مضى عليها أربعة عشر قرنا!

لو طرقنا أزمة اجتماعية حول جنح الأحداث مثلا، لقيل لنا أن هذه الجنح مصدرها الكبت الذي يمارس باسم الإسلام ويعزل فيه الجنسين عن بعضهما، وهذه الأسلمة تعني الوصاية على الناس واحتكار الإسلام وتقييد الحريات وتكفير المجتمعات بما يتبعه من إقصاء واستباحة للدماء وفتنة وفساد عريضين، وعدم الأخذ بأسباب التقدم، والجمود على نصوص مضى عليها أربعة عشر قرنا!

لو طرقنا أزمة عسكرية لسنا طرفا فيها حول مشكلة عدم نزع أسلحة الدمار الشامل في كوريا الشمالية مثلا لقيل لنا: هذا التعنت الكوري مبني على حالة من الشحن ضد أمريكا، تسببت به حالة السعار الأمريكية التي نتجت من هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، هذه الهجمات التي خاضها الإرهابيون باسم الإسلام، ظنا منهم أن الطريق لهيمنتهم هو الأسلمة! وهذه الأسلمة تعني الوصاية على الناس واحتكار الإسلام وتقييد الحريات وتكفير المجتمعات بما يتبعه من إقصاء واستباحة للدماء وفتنة وفساد عريضين، وعدم الأخذ بأسباب التقدم، والجمود على نصوص مضى عليها أربعة عشر قرنا!

ماذا أيضا، حقوق المرأة، حقوق الإنسان، بناء الجدار الأمني الإسرائيلي، سقوط بغداد، مذابح الصرب، سقوط آل غور ونجاح بوش، احتلال الكويت، مجزرة قانا، مجزرة جنين، أزمة السكان بمصر، ارتفاع نسبة الأمية بالوطن العربي، الجمرة الخبيثة، مرض الأيدز، الزلازل، البراكين، الفيضانات، اختراق طبقة الأوزون، تلوث البيئة، البطالة، الاستبداد السياسي، هجرة الأدمغة العربية للغرب، انهيار العملة، ارتفاع نسب الطلاق، الشذوذ الجنسي، حمى الوادي المتصدع، هبوط نيزك فوق غابات غيانا في أمريكا الجنوبية !!

هذه الأدلجة الخفية ممن يفترض فيهم انهم أعداء لكل طرح أيديولوجي، آفة لا أظلم الآخرين بزعم أنها خاصة بالعلمانيين والليبراليين في وطننا العربي، فهناك في الصف الإسلامي الذي أنتمي له من يعود بأسباب كل شيئ إلى الخروج على النص القرآني الذي جعله الله تبيانا لكل شيئ وهدى ورحمة وتفصيلا!

فإن قلت له أن الجهل أو الفقر أو المرض أو فتنة ضربت في عمق المسلمين قال لك: هذه جنود الله يبتلي بها عباده لعلهم يرجعون، لا حل إلا بالتوبة الاستغفار والإنابة إلى الله!

طيب يا مولانا، ما هو برنامجك الإصلاحي الذي تريد أن تعيد به الناس إلى باريهم، فتحل به كل مشكلاتهم، يقول لك: ومن يتق الله يجعل له مخرجا! لو توكلنا على الله حق التوكل لرزقنا من حيث لا نحتسب، ولو نصرناه لنصرنا! طيب يا مولانا كيف ننصره لنحل مشكلات الإسكان والبطالة والأمية والفساد الاقتصادي وتدهور الأوضاع الصحية والاستبداد السياسي والتخلف التقني والاستلاب الحضاري وخطر العولمة المحيق بنا وووو

وحدوه......في إيمانك دخن يا هذا، توكل على الله وهو حسبك!!! كل أزمتنا من كيد اعداء الإسلام –حتى ما كان منها داخليا محضا!!- ولو نصرنا الله لنصرنا!

خطاب علماني مؤدلج، مبني على سبب افتراضي، يقابله بنفس التطرف خطاب أصولي مؤدلج بأسباب افتراضية مضادة

كل من الطرفين يحلو له أن يلقي بالكرة إلى ملعب الآخر...

وكل منهما يبري نفسه من دائرة الخطأ...

والسؤال : بما أن كلا من الطرفين يعمل جاهدا للبناء كما يتوهم فلماذا حالنا هو نفس الحال لا يتغير؟!!
هل السبب هو الآخر....أم هضمنا لوجود الآخر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي