الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهجرة ... انطلاق الامة الاسلامية

طاهر مسلم البكاء

2014 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



مع ان هجرة الرسول لم تكن امرا ً جديدا ً فقد سبقه الكثير من الرسل الى الهجرة بحثا ًعن اماكن خصبة يكون للدعوة فيها نصيبا ًوافرا ً ،غير ان هجرة الرسول محمد (ص) قد تميزت بامور مهمة منها انه لم يزد عدد المسلمين طيلة الثلاثة عشر سنة التي أمضاها رسول اللة في مكة ، عن بضع مئات ،ولكن السنوات التسع التي أمضاها في المدينة بعد الهجرة ،كانت هي سنوات الانطلاق للدعوة ،حيث دخل الناس في الدين الحنيف أفواجا.
لقد كانت الهجرة ،فاصلة بين مرحلة الصبر وتحمل الاذى بكافة أنواعه ،الى مرحلة أخرى هي مرحلة مواجهة طغاة ذلك العصر، ومن مرحلة كانت الدعوة الاسلامية مقيدة في مكة تدافع فيها عن النفس ، الى مرحلة متقدمة حيث نشأت قاعدة أنطلاق الدين الحنيف عبر كون ذلك الزمان :
{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .{ 125 النحل}
وكأن الرسول الكريم لم يكن قد تخطى تلك المسافة البسيطة بين مكة والمدينة ( تقرب من 400 كيلومتر) ، بل أنه تخطى كل حواجز الجغرافية على
الارض ،ناشرا" أريج الرسالة عبر أثير الكون ليشمل أعظم أمبراطوريات ذلك العهد ،رغم وسائل الاتصال البدائية والمسافات الشاسعة .
لقد كان (ص)يدرك أن العمر قصير وأن المهمة الموكلة عظيمة ،فكانت هذه السنوات لاتقاس بعمر الزمن ،وكان نتاجها لايمكن قياسه بالمعايير البشرية فقد عمّت الارض شرائع ونظم ،هي خاتمة الرسالات المنزلة.
وقد تميزت ببروز مواقف بطولية لأفتداء الرسالة وقائدها كما في موقف علي بن ابي طالب الذي نام بفراش الرسول وبما في هذا الموقف من خطورة حيث كانت قريش تأتمر لقتل رسول الله ،كما ترك المهاجرون اعز ما يملكون وغادروا برفقة رسول الله .
وكان هناك موقف من المهم التوقف عنده وهو اعتماد الرسول الكريم في الطريق الى المدينة على دليل لم يكن مسلما ً ، وهذا يجيب على الكثير من التسائلات حول الأستعانة عند الحاجة بغير المسلمين عند الوثوق منهم .
لقد اصبح الدخول في الدين الجديد افواجا ً ولقد تخلل الدين الجديد نفوسهم وسار في عروقهم ، فأعطى زخما" جديدا" وأهدافا" عظيمة لأولئك الوثنين الذين كان كل فخارهم أن يغزو بعضهم البعض الاخر فينهب ويسلب ثم يمتدح فعله ذلك بالشعر الرائج في ذلك الزمان ، فأذا هم اليوم، مع رسول اللة، يتجهون بأبصارهم الى السماء ينتظرون نزول كلام اللة ليستبشروا بالاقتداء به وينذرون النفس والمال وأعز ما يملكون لأعلاء شأن الرسالة الجديدة وقائدها المسدد من اللة ،فهانت لديهم الصعاب وذلت أمامهم أعتى قلاع التجبر والكفرفي ذلك الزمان ، مثل وثنية مكة وأمبراطوريات فارس وروما .
وكان لليهود ، بما عرف عن تاريخهم من حقد وغدر وأطماع ، دور في مواجهة الدين الناشئ والدولة التي بدأت طلائعها تبدو لكل ذي بصيرة ،فبدأحقدهم ودسائسهم منذ اليوم الأول الذي أستقبل فيه أهالي يثرب رسول اللة بما يليق به من أستقبال ،فناصبوا الدين الحنيف ورسول اللة العداء وكان( ص) يستقرأ ما يدور في أذهانهم ، فثبت العلاقة معهم بمعاهدات سرعان ما تجاوزوا عليها وتناسوا ما أتفقوا فيه مع الرسول( ص) وخاصة تحالفهم سرا" مع المشركين ضد المسلمين وهكذا قرر الرسول الكريم اقتلاعهم (بمختلف طوائفهم )من المدينة كلها ،والى اليوم مع الاسف لايزال هناك من العرب ، من يصدق أن لليهود ذمة وعهد فيقيمون معهم معاهدات السلام ،والتي سرعان ما ينقضونها وفق مصالحهم وأهوائهم .
وأقتداءا" بهجرة جده المصطفى ، هاجر الحسين( ع) لمواجهة الفساد الذي بدأ يستشري في أركان الدولة الأسلامية وأغتصاب قيادة الامة من قبل الطلقاء والمنحرفين وما كان يشكله ذلك من خطر على الدين الحنيف وتعاليمه السامية ، فرفع لواء الثورة والجهاد،فكان القدوة و القائد الابدي لكل المحرومين والثوار في أرجاء المعمورة، حيث أصبح علما" يقض مضاجع الظلمة والفاسدين في كل عصر وحين والى قيام الساعة .. فهي ثورة الخلود الأزلية التي يصعب أستمكان دروسها وعبرها في عصر أو حين .
واليوم والامة الاسلامية تمر بظروف قاسية حيث تفكك أجزاءها ونهب خيراتها وأستشراء الفتن والبدع في أوصالها ، حري بها الاقتداء برسولنا الكريم( ص) ،لكسر الحواجز والتحديات المصيرية التي تواجهها ،وأن تبدأ بتوحيد صفوفها وتخرج من كبوتها وتصلح ما فسد من أحوالها ،فأعدائها الذين يستهدفون ثرواتها وأرضها ومياهها ومستقبلها ، واضحون وضوح الشمس في رابعة النار ،وأن ابتدعوا طرائق حديثة للنيل من الدين الحنيف وتشويه ما جاء به الى البشرية من مبادئ سمحاء ، انهم يحاربون الدين الأسلامي من الداخل بانتحال صفة الدفاع عن الأسلام ، والأسلام براء منهم ومن افعالهم ومن افكارهم المصنوعة في دهاليز المخابرات المعادية والمتشحة برداء الوهابية المنحرفة .
لم يكن في الأسلام اي تمييز او انتهاك لحقوق فهو يخاطب الناس جميعا ً ،وكان في المجتمع الأسلامي الأول من الأصول الرومية كصهيب وفيهم الفارسي كسلمان والحبشي كبلال وكان فيهم الثري كعبد الرحمن بن عوف والفقير كعمار بن ياسر وفيهم من علية القوم وفيهم من الغمار وفيهم الشباب وفيهم الشيوخ ،فهم كانوا نموذجا ً انسانيا ً متميزا ً امتلك عوامل مقارعة الكفر والظلم والعبودية وتمكن من هزيمة قلاعها العتيدة باتجاه تكوين مجتمع انساني تسوده العدالة حيث نستمع الى الرسول الكريم في خطبة الوداع يقول :
( لافضل لعربي على اعجمي ،ولالأعجمي على عربي ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الاّ بالتقوى ،ان اكرمكم عند الله اتقاكم )
لقد كان محمدا ً رحمة للعالمين ولم يكن نذيرا ً فقط بل كان بشيرا ً ايضا ً حيث بشرنا ان (رحمة الله وسعت كل شئ ) وقد ابطل الأسلام حروب العصبية الدينية .. ( لااكراه في الدين ) ، وهذا معاكس لما تشحن به عقول الشباب اليوم من تكفير للاخرين وقتل وتهجير بالمجان .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني