الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعجم الكيميائي الجامعي – تأليف الدكتور مجيد محمد علي القيسي

بهجت عباس

2014 / 10 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لا غرابة إن كانت المعاجم العلمية العربية قليلة أو نادرة، ولا عجب إن احتوت على مصطلحات
أو كلمات يجدها القارئ عسيرة الفهم، ذلك إنّ الكلمات الأصلية أو بعضها قد يكون أسرع للفهم
لتداولها ولتكرارها في الكتب الأجنبية المنتشرة والمتوفرة في المكتبات أو على الإنترنت. ثم إنّ
دراسة العلوم تكون عادة باللغة الإنكليزية في الجامعات العربية، وتحديث هذه العلوم وترجمتها
إلى اللغة العربية ليس أمراً سهلاً. ولكنْ في بعض الأحيان يعسر على القارئ العربي فهم كلمة
علمية بلغتها الإنكليزية وقد يُدركها بسرعة عندما يعرف معناها بلغة الأم. هذه الكلمات العلمية
لا توجد في المعاجم العربية الاعتيادية. لذا يكون المعجم العلمي ضرورة في هذه الحال.
ولكنّ تأليف مثل هذا المعجم العلمي يتطلّب جهداً أو جهوداً ووقتاً ليس بقصير للقيام بمهمة هذا
التأليف. ومن هنا جاء الباحث والعالم الكيميائي والأديب الدكتور مجيد القيسي بمعجمه الرائع
(المعجم الكيميائي الجامعي) بعد تتبّع وبذل جهد وصبر سنين عديدة ربما جاوزت العشرين ،
ليُصدره باللغتين الإنكليزية والعربية وليشتمل على منهجية التسميات الكيميائية الدولية والعربية
وليضمَّ اثني عشر ألف مصطلح تقريباً في 685 صفحة من الورق الأبيض الصقيل ذي حجم
متوسّط، ومسجّل أيضاً على سي دي لقراءة ما فيه على الحاسوب.
لا يحتوي المعجم على الكلمات الإنكليزية المترجمة وحسب، بل ثمة شرح وافٍ لمفاتيح الرموز والاشارات
والكلمات المنتهية بلواحق مثل : -ase و –ite و – meter وأسماء الأمراض الناجمة عن الخلل
الأيضي والمنتهية بالرموز المصدرية مثل –emia و –ism و –sis أو الكلمات المسبوقة
بــ hypo- و per- وغيرها. وأخذت كتابة الهمزة (ء) والـ (لا) النافية للجنس المستخدمة مقابل
الكلمات الإنكليزية a, in, an, non والمشتقّات العربية الكثيرة مقابل نظيراتها الإنكليزية ومعانيها
المتعدّدة، والرموز الكيميائية ، إنكليزياً وعربياً، والكتلة والعدد الذريّ، وتراكيب المواد الكيميائية
ومكوّناتها، وتسمية الأيونات والجذور، والقواعد النتروجينية، والأطوار البلّوريّة Crystalline Phase
والحوامض على أنواعها، والأملاح البسيطة والمزدوجة والثلاثية ، والتراكيب العضوية، ووحدات القياس
الأساسية الدولية ورموزها وغيرها حيزاً كبيراً من الكتاب وفي الصفحات الأولى من المعجم
حيث تجاوزت المائة والأربعين صفحةً ، وهي دراسة متقنة مما تكون دراسة مفيدة شاملة لدارسي الكيمياء
العضوية وغير العضوية والحيوية. هذه المعلومات التي تنمّ على علم غزير ومعرفة لا حدود لها في مجال
البحث والتأليف في اختصاصه الذي واظب عليه الدكتور مجيد القيسي منذ الخمسينات من القرن العشرين.
ولا غرو في ذلك، فالدكتور مجيد القيسي أنهى دراسته في كلية الصيدلة والكيمياء الملكية (فرع الكيمياء) عام
1952 وحصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الاشعاعية التحليلية من جامعة (كْوينزْ – بلفاست)عام
1962. ومُنح زمالة الوكالة الدولية للطاقة الذريّة في مختبرات (أوكْ رجْ ) الوطنية في الولايات المتحدة
Oak Ridge National Laboratory عام 1966. عمل أستاذاً (بروفيسور) في كلية العلوم جامعة بغداد،
ومن قبل عميداً لها، وكان خبيراً في المجمع العلمي العراقي عام 1978 وعضواً في لجنة الكيمياء ومناصب
حيوية أخرى كثيرة لا مجال لتعدادها.
كما قام بتأليف بتأليف ونشر معاجم متخصصة في الكيمياء الجامعية، وكما لا يأخذكم العجب إذا عرفتم
أنه ألف معاجم في اللغة العامية البغدادية والعراقية، فهو موسوعة حقّاً.
أمّا هذا المعجم الكيميائي الجامعي، فهو بحر عميق الغور، ولا يمكنني أنّ أخوض في غماره بغير هذا
الاستعراض البسيط أو التعريف الموجز به. احتوى هذا المعجم على ألوف من الكلمات العلمية التي لا
يوجد معظمها في المعاجم الإنكليزية/العربية المألوفة والمتداولة في الأسواق، لذا يكون متمّماً لها. وقد
حاول الدكتور الفاضل مجيد القيسي أن يعرّب أسماء بعض الخمائر ذات التراكيب المعقدة والمتكونة
من أسماء عدة، فنجح في الكثير منها. إنَّ ذكر الترجمة العربية لأسمائها بجانب الاسم الأصلي باللغة
الإنجليزية، تكون فائدة للقارئ في حال تتبّعه إيّاها باللغة الإنكليزية. وكمثال على هذا، مادة
Glucosylceramide التي ترجمها بـ (سيراميد سُكريل العِنَب) وبجانبها (سيراميد الكَلوكوزيل).
غير أنّ بعض المصطلحات العلمية تتعقّد عند ترجمتها العربية وقد يتعذّر على القارئ هضمها، وخير مثال
هي هذه الخميرة Alpha-1,4-glucosidase-deficient glycogenesis (خميرة يسبب عَوَزُها
تراكم الكلايكوجين في لايزوم الخلية ، فتتحطّم الخلية ومن ثمّ الأنسجة) ، فترجمتها العربية كما جاء
في المعجم هي: (مَرَضُ مُوَلِّدِ سكّر العِنَبِ لنقص ألفا-1، 4 – خميرة سكريد العنب) – ولربما تكون أسهل
لطالب العلم أن يقرأها (تكوّن الكلايكوجين لنقص خميرة ألفا-1، 4 كَلوكوسايديس) وهي نتيجة خلل جيني
وكذلك ترجمة
Glucose -6 – phosphate dehydrogenase (خميرة يسبب نقصانها تلف كريّات الدم الحمر
ومن ثمّ فقر الدم – خلل جيني يكثر عادة في الأمريكان السّود) التي جاءت : (خميرة هِدروجين 6 – فُسفات
سُكرِ العِنَب النازعة)، فهي تُزيح ذرّة هيدروجين. ففي رأيي ، لو كُتبتْ في العربية كما هي في الانكليزية
(خميرة كلوكوز -6-فوسفات ديهايدروجينيس) لهضمها القارئ أكثر حيث يستطيع تـتـبُّـعَها من لغتها
الإنكليزية. الواقع إنّ كثيراً من أمثال هذه الأسماء من الخمائر و المركبات الكيميائية تُكتب في اللغات الأجنبية
كالألمانية والفرنسية والأسبانية وغيرها بأسمائها الأصليّة أو ما يقرب منها حسب طبيعة اللغة . على أنّ
هذا لا يؤثّر على قيمة المعجم فنيّاً وعلميّا ، فهي بعدد أصابع اليد. وأجمل ما في هذا المعجم أنّ فيه
معانيَ عدّةّ للكلمة العلمية المُترجَمة ، وللقارئ اختيار ما يراه ملائماً.
ألف شكراً للصديق العالم الباحث الدكتور مجيد القيسي على رفده الثقافة العربية والمكتبة العربية بهذا المعجم
النفيس وعلى إهدائه أيّاي نسخة منه سأعتزّ بها دوماً.
----------------------------------------------------------------
المعجم الكيميائي الجامعي (إنكليزي – عربي) – المؤلف الدكتور مجيد محمد علي القيسي
دار الكتاب الجامعي –العين – الإمارات العربية - الطبعة الأولى – 2015.
عدد الصفحات 685 – متوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية