الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(عراق واحد) ذهب ولم يعد

سمير عادل

2014 / 10 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يدلي القادة السياسيين في الغرب وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية ان القضاء على دولة الخلافة الاسلامية يحتاج الى وقت طويل وستستغرق سنوات قد تصل الى 30 سنة، بينما اسقطت دولة الخلافة الاسلامية لطالبان في افغانستان في اسبوعين واسقط نظام صدام حسين خلال 3 اسابيع ونظام القذافي بشهرين، فلا عجب من ذلك، لان في ذلك حسابات سياسية ليس لها علاقة بالقضاء على داعش بقدر مالها علاقة في تقليم اضافر حكومات المنطقة، للتأقلم مع المعادلات السياسية الجديدة التي تريد الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص صياغتها. كما ان اردوغان الذي يستشيط غضبا ضد الولايات المتحدة الامريكية لتقديم الدعم العسكري لمقاتلي كوباني والتدخل العسكري في العراق، ويسأل لماذا لم تدعم اي الادارة الامريكية بنفس الطريقة الشعب السوري ضد نظام الاسد، يدل اما على نفاق مفضوح يريد ان يخفي من ورائه تورطه في تقديم كل اشكال الدعم لدولة الخلافة الاسلامية لوجستيا وعسكريا وماديا، او على غبائه لعدم فهمه الاقتصاد السياسي الذي يشرح لنا مكانة العراق في الاقتصاد الرأسمالي العالمي. ومن هذه النقطة ندخل الى العراق وتياراته الطائفية والقومية المتصارعة ومكانة داعش في هذا الصراع.
لقد اثبتت تجربة احدى عشر عاما من الاحتلال وتأسيس العملية السياسية بأن البرجوازية كطبقة سياسية لم تستطع التخلص من تشرذمها ولم تستطع توحيد صفوفها. ويكشف تأريخ العراق الحديث منذ تأسيس الدولة العراقية بأنه اشتهر بسقوط عشرات الوزارات، وثلاثة انقلابات عسكرية بعد سقوط النظام الملكي. والدرس الذي اراد ان يتعلمه حزب الدعوة بقيادة المالكي من البعثيين بقيادة صدام حسين هو القضاء على التشرذم السياسي داخل البرجوازية بالحديد والنار وتصفية المعارضين. الا ان المالكي فشل بجدارة، بالرغم انه استخدم أساليب سلفه صدام في القمع والاستبداد السياسي واقصاء حلفائه من القوميين الاكراد والتيار القومي العروبي، حتى الوصول الى القضاء او الاحتواء في احسن الاحوال لرفاقه في الاسلام السياسي الشيعي مثل التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى، نقول انه فشل بالقضاء على التشرذم السياسي للبرجوازية في العراق.
ان مشروع الحفاظ على "عراق واحد" ذهب مع ادراج الرياح، ذهب بذهاب البعث الذي كان يقود التيار العروبي، ذهب ولم يعد. ومن سخرية "العراق الجديد" ان التيار العروبي الحامل لراية "وحدة العراق" استبدل هويته "الوطنية" الى هوية طائفية وصنف نفسه "بالسنة" كي يتلائم مع واقع العملية السياسية التي بنيت على اسس المحاصصة القومية والطائفية. ولا تقف سخرية "العراق الجديد" عند حدود التيار العروبي وحده، بل اصبح التيار الطائفي الشيعي هو الذي يحمل مشعل "العراق الواحد" والهوية "الوطنية" لسبب بسيط، وهو ان التيار الشيعي يسيطر على السلطة السياسية ولا يريد مشاركة اي طرف من الاطراف السياسية الاخرى في الأستحواذ على ثروات المجتمع والامتيازات والنفوذ، وهذا لن يكون الا في "عراق واحد". بينما "السنة" الذين كانوا من الوحدويين و"الوطنيين" وصلوا الى قناعة تامة واقصد النخبة السياسية منها لا يمكنها التعايش في ظل عراق واحد مع "التحالف الشيعي" ومع القوميين الاكراد، وانها ترضى بقسمة في منطقة فيدرالية، افضل لها ان لا تحصل الا على فتات في "عراق واحد". واستطاعت الهيئة الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية ان تستقرء الاوضاع السياسية في العراق بشكل جيد فلذلك صوتت على قرار بالرغم انه غير ملزم في عام 2005 في الكونغرس الامريكي على مشروع بايدن لتقسيم العراق الى اربعة فدراليات، وهي فدرالية الجنوب والفدرالية الغربية وفدرالية كردستان وفدرالية بغداد، هذا اذا نضيف اليها الفدرالية الخامسة وهي فدرالية كركوك التي ليس هي محل صراع بين الشمال والجنوب فحسب بل هي محل صراع بين الحزبين القوميين الكرديين. ويجب ان نشير الى "السنة" الذي رفضوا مشروع بايدن من قبل يستقتلون اليوم من اجل فدراليتهم. وما داعش الا اداة لتحقيق تلك الفدرالية.
ان الادارة الامريكية تطبخ استراتيجيتها على نار هادئة في سورية وبشكل خاص في العراق. انها لا تستعجل بالقضاء على داعش، ولكنها ابعدت خطر تهديد انتاج النفط الذي يصنف العراق في تقسيم الانتاج الرأسمالي للنظام العالمي الذي لم يفهمه اردوغان. ومن جهة اخرى تحاول ان تفرض مشروع التقسيم الفدرالي كأمر واقع على التحالف الشيعي من خلال التهديد بخطر داعش، ووضع خطط عسكرية بعيدة المدى لطرد داعش من الموصل في العام القادم وليس العام الحالي، وادلاء التصريحات من قبل المستشارين العسكريين المرسلين من قبل البنتاغون بأن الجيش العراقي غير مؤهل الان للقيام بعمليات هجومية.. تحاول من خلال هذه المناورات كسب عامل الوقت لاقناع المنظمات السنية المسلحة من البعثيين والجيش الاسلامي والمجلس العسكري للثوار...الخ عن طريق مفاوضات سرية في عمان واربيل واسطنبول للاندماج في مشروع العراق الفدرالي يضمن لـ "السنة" حصة من النفوذ والامتيازات والثروات. لقد بات واضحا ان تأسيس الاقاليم او الفدراليات هو الطريق الوحيد الباقي امام البرجوازية التي قد تلبي حاجتها حيث تتقاسم فيما بينها النفوذ والسلطات والامتيازات.
ان الشيوعيين ينظرون الى الفيدرالية بأنه مشروع البرجوازية لانهاء الصراع بين اجنحتها وتوحيد صفوفها لترسيخ عبودية العامل بالدرجة الاولى، وعلى الصعيد الاجتماعي ستعمل بكل عقلانية على ترسيخ الطائفية والقومية والمناطقية في وعي المجتمع. وان مشروع "العراق الواحد" نناضل من اجله وندافع عنه لا من وجهة نظر البرجوازية التي حمل رايتها البعث لفترة من الزمن وحزب الدعوة لفترة اخرى، بل من وجهة نظر توحيد صفوف الطبقة العاملة على مستوى العراق، وان يكون فيه دولة علمانية وغير قومية تعرف البشر بهويته الانسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعايق - الى عراق واحد
ايدن حسين ( 2014 / 10 / 28 - 06:38 )

العراق الموحد .. او العراق المجزأ

ما الذي استفدناه من وحدة العراق

و ما الذي سنخسره اذا انقسم العراق

و ما الذي سنستفيده اذا توحدت العراق و الشام كما تريده او تدعيه داعش

لا يمكن ان نتصارع على حصة الاسد ( لا اقصد بشار الاسد ) .. بل منذ اربعين سنة ونحن نتصارع من اجل الفتات

فحصة الاسد هي لاميركا

اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا