الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهل اعتنقنا الأسلام أولا .. حتى نرتد عنه ؟

الشربيني عاشور

2005 / 8 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنطلق بعض الدراسات حول ( حد الردة في الإسلام ) من أنه لا أساس له في القرآن الكريم إذ لا توجد أية واحدة صريحة تنص على قتل المرتد ، وكل ما في الأمر أن الفقهاء استندوا في قولهم بوجوب قتل المرتد إلى حديث ورد في ( البخاري ) نصه ( من بدل دينه فاقتلوه ) . بالإضافة إلى أن النبي لم يقتل مرتدا لأنه ترك الإسلام وإنما قتل المرتد الذي حارب الإسلام بالسيف ومن ثم فالقتل كان بسب الحرب على الإسلام .وليس بسبب اعتناق فكر مغاير أو دين آخر.

وقد استطاع الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور أحمد صبحي منصور في كتابه في بحثه ( حد الردة المزعوم ) تفنيد الحديث المذكور والمنسوب إلى النبي فضلا عن تفنيده لحديث آخر رواه عكرمة مولى عبد الله بن عباس وأغفلته بعض الدراسات التي عالجت الموضوع يقول د.أحمد منصور :

(إن ما يعرف بحد الردة يقوم على حديثين فقط ، ورد أحدهما في البخاري وهو الذي يدعو إلى قتل من بدل دينه، وورد الآخر في صحيح مسلم وهو الذي يقول أنه لا يحل دم المسلم إلا بثلاث : قتل النفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .



والحديث الأول رواه عكرمة مولى عبد الله بن عباس والآخر أعلنه الأوزاعى بدون سند وبدون رواة في موقف عصيب .. ثم ما لبث أن رواه مسلم فى "صحيحه" بعد أن منحه السند والعنعنة..

كما يؤكد د. أحمد منصور الذي فضح سيرة عكرمة والأوزاعي وأتى بما يدلل على أنهما لم يكونا من الثقاة فالأوزاعي رجل مخترع متقول على الله والنبي وقد استفاد من عهدين سياسيين هما العهد الأموي والعهد العباسي وهنا يبرز الدكتور منصور رواية عن الأوزاعي تكفي لإقامة الحد عليه إن كان واحدا من زماننا يقول الأوزاعي "رأيت رب العزة في المنام فقال أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فقلت بفضلك يا رب، ثم قلت: يا رب أمتني على الإسلام، فقال: وعلى السنة"

وبالطبع فان أحدا لم يسأل الأوزاعي عن شكل الله كيف كان ؟ خاصة أنه استخدم لفظ ( رأيت ) ، كما أن الأوزاعي نفسه لم يصف لنا رب العزة الذي رآه وكيف أنه يرى الله ثم لا يقوم من نومه مفزوعا بل الغريب أنه يدور بينهما حوار مرتب يبدأ بهذا السؤال العجيب ( أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ) .. كأن الله لا يعرفه أو يحتاج إلى التعرف عليه .. ولاحظوا هنا التمجيد الذي يصبغه الأوزاعي على نفسه كآمر بالمعروف ناه عن المنكر !!

ويعلق الدكتور منصور على هذه الرواية بقوله : هنا وحى كاذب يدعيه الأوزاعي لنفسه ويقبله منه عصره ! ويورد أن الذهبي ذكر في كتابه "ميزان الاعتدال" قول مسرور بن سعيد عن الأوزاعى "غمزه ـ آي هاجمه وطعن فيه - ابن حيان، فقال: يروى عن الأوزاعي المناكير الكثيرة !!


أما عكرمة الذي روى حديث "من بدل دينه فاقتلوه" الوارد في البخاري فيقول عنه الدكتور أحمد منصور : المحصلة النهائية لسيرة عكرمة العلمية والشخصية هي افتراؤه لأحاديث ادعى أنه رواها عن سيده عبد الله بن عباس ومنها حديث ( من بدل دينه فاقتلوه ) ونتوقف من ناحيتين أساسيتين في تاريخ عكرمة: مذهبه، واتهامه بالكذب .

فقد كان عكرمة من الخوارج، وذلك ما قاله المحققون في بحث سيرته وإن اختلفوا في تحديد الفرقة الخارجية التي كان عكرمة يميل إليها، حيث لم تكن الفوارق الفكرية بين طوائف الخوارج قد تحددت وتميزت في عصر عكرمة . وروى ابن المديني أن عكرمة كان أباضياً، ولكن ابن المدينى يضيف فيقول أن عكرمة أيضاً كان يرى رأى نجدة الحرورى..

ويقول أحمد بن حنبل أن عكرمة كان يرى رأى الخوارج الصفرية، وأنه لم يدع موضعاً إلا خرج إليه في خرسان والشام واليمن ومصر وأفريقيا، أى شمال أفريقيا، أي ذهب يدعو إلى مذهب الخوارج دون تعيين لفرقة خارجية معينة.

ويقول يحيى بن بكير "إن عكرمة قدم مصر متجهاً إلى المغرب، فأخذ عنه خوارج المغرب.. أي كان داعية وأستاذاً وإماماً للخوارج فى المغرب .. وكان عكرمة فى تجواله في الأقاليم يخدع الولاة ويدعى أنه يأتي لأخذ العطايا منهم، يقول ابن يسار "رأيت عكرمة جائياً من سمرقند وهو على حمار تحته خرجان فيهما حرير أجازه بذلك عامل سمرقند ومعه غلام له، فقيل له ما جاء بك إلى هذه البلاد؟ فقال الحاجة..".

وبينما كان يحسن الظن به ولاة الأقاليم البعيدة فإن والى المدينة كان يعرف اتجاهه السياسي المناوئ للدولة الأموية، يقول مصعب الزبيرى "كان عكرمة يرى رأى الخوارج فطلبه والى المدينة فتغيب عند دار ابن الحصين حتى مات عنده" وقال معصب الزبيري أيضاً أن عكرمة كان يدعى أن ابن عباس كان يرى رأى الخوارج .. أي نسب إلى ابن عباس بعد موته ما كان ابن عباس يرفضه في حياته..

هذا ما يذكره الدكتور أحمد صبحي منصور وهو كلام موثق منقول من كتب تراثية أصحابها من ذوي الأسماء الرنانة في عالم الفقه والرواية والتراث الإسلامي بصفة عامة فماذا يمكن أن نقول نحن بعد ذلك .

نقول إن قضية حد الردة تحتاج إلى إعادة نظر من زاوية جديدة هي أن الغالبية الساحقة من المسلمين ــ وكذلك الشأن في كافة الأديان الأخرى ــ دخلت الإسلام بالوراثة يولد الطفل فيسميه أبواه ويكتسب عنهما دينه ويشب قليلا فيصحبه أبوه إلى المسجد ويدخل المدرسة وهنا تبدأ عملية التلقين الديني من الخطيب والمدرس فضلا عن البيئة المحيطة في المنزل . وهنا أيضا ينتفي الاعتناق المباشر من قبل الشخص بالعقل المدرك والقناعة الشخصية . وهما المعيار الأساسي في دخول الدين وتحمل تبعاته . بعبارة أخرى انتفت حرية الاعتقاد والاختيار اللذان يشكلان الأساس الصحيح في تحمل مسئولية المعتقد ( بكسر القاف ) تجاه ما يعتقده أولا ثم تجاه الجماعة التي تشاركه اعتقاده ثانيا .

نعم الغالبية العظمى من المسلمين كما المسيحيين واليهود لم تتح لهم فرصة الاختيار لأنهم توارثوا أديانهم . ولم تتح لهم فرصة مقارنة الأديان في كل المراحل الدراسية لأن ما يدرس هو للمسلم هو الإسلام فقط وما يدرس للمسيحي هي المسيحية فقط .. والسؤال هنا : كيف يتم تطبيق حد الردة والقتل على من لم يختر دينه من الأساس ؟!

إن الاختيار يعني الحرية والحرية تعني المسئولية فإذا انتفى الاختيار ضاعت الحرية ومن ثم لا معنى ولا وجود للمسئولية التي يجب أن يتحملها الإنسان في حال اختياره . وهذه الحال تعني وجوب أن تتاح للإنسان مسلما كان أو غير مسلم أولا فرصة دراسة الأديان ثم مقارنتها وإعلان انتمائه بمحض إرادته واختياره على أن يكون هذا الإعلان موثقا في دائرة رسمية !! والى أن يتم ذلك وهو ما لن يتم وفقا لمعطيات المجتمعات الراهنة .. أغلقوا موضوع الردة المزعوم فلا ردة لمن لن يختر دينه من الأساس !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah